لتحميل غلاف الكتاب
لتحميل صورة من الفتوى
قال الإمام عبد الله أبا بطين في الرد على البردة ص15: ونقول أيضاً: إنه إذا خوطب الرسول أو غيره من الأموات والغائبين بلفظ من ألفاظ الاستغاثة أو طلب منه حاجة نحو قول: أغثني أو أنقذني أو خذ بيدي أو اقض حاجتي أو أنت حسبي ونحو ذلك، يتخذه واسطة بينه وبين الله في ذلك. فهذا شرك العرب الذين بُعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم كما وضحه الله سبحانه في كتابه في مواضع مخبراً عنهم أنهم يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّه} ِ [يونس: 18] ولم يقولوا: إن آلهتهم تحدث شيئاً أو تدبر أمراً من دون الله.قال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} [يونس:31] ا.ه
وقال في تأسيس التقديس ص 50-52: وقول المستغيث خد بيدي، أو أنقذني، من أبلغ ألفاظ الاستغاثة فلو اعتقد الداعي أن من دعاه وطلبه يقضي حاجته استقلالا من دون الله كان هذا شركا في توحيد الربوبية والألوهية.
ثم قال:
وما احتج به هذا الملحد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أمتي أمتي فيقال انطلق فأخرج من في قلبه كذا وكذا من إيمان" وقوله: فما المانع من إطلاق هذا اللفظ -يعني لفظ الإنقاذ- وطلبه من النبي صلى الله عليه وسلم وهل هذا الإخراج إلا الإنقاذ من عذاب الله.
فالعجب من هذا التمويه، فهل فعل هذا صلى الله عليه وسلم بنفسه أو بأمر الله له بذلك؟! فالله سبحانه هو الذي أكرمه بهذه الشفاعة فهو صلى الله عليه وسلم عبد مأمور لا يشفع إلا بإذن ربه فيمن أذن الله له أن يشفع فيه فقط، لا يتجاسر أن يشفع في غير من أذن له فيه ربه.
ثم انظر قول هذا: إن النبي صلى الله عليه وسلم حي كحاله في الدنيا هو وجميع الخلائق فلا مانع في ذلك اليوم من أن يتسبب ويخرج وينقذ من الشدة لأنه حي حاضر، والنبي وجميع الخلائق ذلك اليوم أحياء حاضرون لهم قدرة فيما يقدرون عليه من الأمور العادية الحسية.
قال: وعند هذا الرجل وأشياعه أن الحي الحاضر له قدرة بنفسه، فكيف ينكر إنقاذ النبي أمته من العذاب ويجعله ممتنعا مع أن النبي حينئذ حاضر له قدرة فيما يقدر عليه ذلك اليوم، ويقدر على ذلك كما هو في حال الحياة الدنيا، كما كان يرمي العدو وهم ألوف بكف من تراب فيعميهم، ويروي الألوف العطاش ويشبعهم بقليل من الماء والطعام.
فلينظر المنصف إلى تقرير هذا المبطل وجعله النبي بل وغيره يتصرفون في ذلك اليوم كتصرفهم في الدنيا، وأنه صلى الله عليه وسلم يخرج وينقذ من الشدة، ويقرر ذلك من هذا التقرير، وأنه صلى الله عليه وسلم يقدر على ذلك أي الإنقاذ، وتعجبه ممن ينكر ذلك فقال وكيف ينكر إنقاذ النبي أمته من العذاب، ويحتج علينا بأنا إذا قلنا إن للحي الحاضر قدرة في الدنيا على التصرف بالفعل بنفسه يقول فيلزمكم أن تثبتوا ذلك في الآخرة لا فرق-ثم قال- ويقدر على ذلك كما هو في حال الحياة الدنيا، وقوله والنبي وجميع الخلائق ذلك اليوم لهم قدرة فيما يقدرون عليه من الأمور العادية الحسية، والمراد بالأمور العادية الأشياء التي يفعلها الحي في العادة، والحسية الأفعال المشهودة بالعيان مثل إعطاء بعضهم بعضا ومعاونة بعضهم لبعض وكذا جناية بعضهم على بعض، والعجب من هذا الضال سوى في هذه الأمور بين الدنيا والآخرة ولم يجعل لإخباره سبحانه بتفرده بالملك والأمر في ذلك اليوم فائدة ولا معنى، وأي محادة لله ورسوله أكبر من هذا؟ ! ا.ه
تعليق