تويت
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:
{ أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وأن أمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم بعدي فسيري اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة} و في زيادة صحيحة للنسائي رحمه الله :{ و كل ضلالة في النار} و الحديث صححه الألباني رحمه الله برقم: 2549 في صحيح الجامع
فكل أمر دخل إلى هذا الدين و ليس منه فهو مرفوض مردود على صاحبه و العياذ بالله تعالى، و ليت الأمر توقف على الرفض و رد العمل، تدبروا معي هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:
{إني فرطكم على الحوض من مر بي شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم فأقول إنهم مني فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقاًسحقاً لمن بدل بعدي}و الابتداع داخل في المحدثات التي تستلزم الحرمان من ورود حوض النبي صلى الله عليه و سلم و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .
كان ما سبق مقدمة لا بد منها قبل الدخول في موضوع بدعة ما يسمى بالاحتفال بالمولد النبوي، سيقول قائل :" و ما لزوم الحديث عن ضوابط العبادات ؟ و ما هو الضير فيها أياً كانت إذا كانت النية سليمة و خالصة لوجه الله تعالى؟" يُقَالُ لهذا:
يشترط في العبادة أصلان لا غنى عن واحد منهما مذكوران في الآية الأخيرة من سورة الكهف:{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}
فالشرط الأول: انتفاء الشرك، و المقصود بالشرك في هذا الموضع الرياء
و الشرط الناني: أن يكون العمل صالحاً، و صلاح العمل بأن يكون مقيداً بالقرآن و صحيح السنة المطهرة، و يقال لكل من أشكل عليه فهم الجزئية الأخيرة:"هل تستطيع أن تصلي في بيت الخلاء أو الحمام؟، و هل تستطيع أن تحج و تطوف في غير الكعبة و تُقَبِّلَ غير الحجر الأسود؟"، سيقول :" لا" فلا بد إذاً من ضبط مكان العبادة بالأدلة، و يقال له أيضاً:" هل تستطيع أن تصلي الفجر في وقت العشاء؟" سيقول :" لا " ، فلا بد إذاً من ضبط زمان العبادة بالأدلة ، و يُقَالُ لهؤلاء أيضاً:
" هل تستطيعون أن تصلوا فريضة الظهر عشرين ركعة بدلاً من أربع ركعات طالما أن النية سليمة وخالصة لوجه الله؟" سيقولون :" لا" ، فلا بد إذاً من ضبط كيفية العبادات بالأدلة ، و بناءاً على ما سبق، فتخصيص عبادة معينة لزمان أو مكان أو كيفية دون دليل صحيح يدخل في الابتداع المحرم بالضرورة.
نأتي الآن إلى بدعة المولد النبوي ، طيب هل احتفل الصحابة : أبو بكر، عمر ، عثمان ، علي ، رضوان الله عليهم بها؟ لا طبعاً، طيب هل من شكٍّ في صدق محبة هؤلاء لرسول الله صلى الله عليه و سلم !!! و ربنا تبارك و تعالى يقول في كتابه الكريم :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} الأنفال (29)
طيب من أين أتت فكرة الاحتفال بالمولد النبوي؟ كانت بدايتها على يد الدولة الباطنية التي تَسَمَّت بالفاطمية كذباً و زوراً، حيث أن معبود الدروز الحاليين و إلههم هو أحد الحكام الفاطميين المدعو :" الحاكم بأمر الله"، يقول ابن كثير رحمه الله في تأريخه لسنة ثلاثمائة و سبعة و أربعين للهجرة في كتابه(البداية و النهاية):
{وقد امتلأت البلاد رفضاً وسباً للصحابة من بني بويه وبني حمدان والفاطميين وكل ملوك البلاد مصراً وشاماً وعراقاً وخراسان وغير ذلك من البلاد كانوا رفضاً وكذلك الحجاز وغيره وغالب بلاد المغرب فكثر السبّ والتكفير منهم للصحابة وفيها بعث المعز الفاطمي مولاه أبا الحسن جوهر القائد في جيوش معه ومعه زيري بن هناد الصنهاجي ففتحوا بلاداً كثيرة من أقصى بلاد المغرب حتى انتهوا إلى البحر المحيط فأمر جوهر بأن يصطاد له منه سمك فأرسل به في قلال الماء إلى المعز الفاطمي وحظي عنده جوهر وعظم شأنه حتى صار بمنزلة الوزير وممن توفي فيها من الأعيان}
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:{ من سبّ أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين}صححه الألباني برقم: 6285 في صحيح الجامع
قال تقي الدين المقريزي رحمه الله تحت عنوان: ذكر الأيام التي كان الخلفاء الفاطميون يتخذونها عيداً ومواسم تتسع بها أحوال الرعية وتكثر نعمهم، قال: {كان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعياد ومواسم، وهي: موسم رأس السنة، وموسم رأس العام، ويوم عاشوراء، ومولد النبي صلى الله عليه وسلم، ومولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومولد الحسن ومولد الحسين عليهما السلام، ومولد فاطمة الزهراء عليها السلام، ومولد الخليفة الحاضر، وليلة أول رجب، وليلة نصفه، وليلة أول شعبان، وليلة نصفه..} (المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (1/ 490) ).
و أما فكرة الاحتفال فقد أخذها من تَسَمَّى بالفاطميين من النصارى فقالوا:
" كما أن النصارى يحتفلون بمولد عيسى – عليه الصلاة و السلام- فنحن أيضاً سنحتفل بمحمد – صلى الله عليه و سلم –" و قاموا بإحداث خمسة أعياد :
" مولد محمد ، و فاطمة ، و علي، و الحسن ، و الحسين" عليهم الصلاة و السلام جميعاً.
شبهات المبيحين و الرد عليها
و بعد أن تبين لنا بفضل الله تعالى أن ما يسمى بالمولد النبوي بدعة دخيلة على الإسلام، و أنها تقليد للنصارى و الباطنيين و الرافضة قبحهم الله جميعاً، سننتقل للرد على شبهات المبيحين بعون الله و توفيقه ...
الشبهة الأولى: ما رواه مسلم في ( صحيحه ) عن أبي قتادة أن أعرابياً قال :
يا رسول الله ما تقول في صوم يوم الاثنين ؟"، فقال:{ذاك يوم ولدت فيه وأنزل علي فيه}جواب الشبهة: ليس في هذا الحديث دليل على جواز الاحتفال بالمولد مطلقاً من عدة وجوه .
الوجه الأول: دلالة الحديث واضحة على أنه جاء في فضل صيام يوم الاثنين، و الصحابة رضوان الله عليهم و من تبعهم بإحسان فهموه حق الفهم و هم سادة العلماء و الفقهاء بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم و صاموا الاثنين بناءاً عليه.
الوجه الثاني: رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول:{ذاك يوم ولدت فيه و أنزل علي فيه} و لقد ولد عليه الصلاة و السلام في شهر ربيع الأول، و أنزل عليه في شهر رمضان، فلو كان من يحتفل صادقاً في اتباعه الأعوج لكان يلزمه الاحتفال في شهر رمضان أيضاً !!
الوجه الثالث: عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{ أكثروا علي من الصلاة كل يوم الجمعة فإنه مشهود تشهده الملائكة وإن أحدا لن يصلي علي إلا عرضت علي صلاته حتى يفرغ منها قال قلت وبعد الموت قال إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام}
رواه ابن ماجه بإسناد جيد و قال عنه الألباني في صحيح الترغيب و الترهيب
( حسن لغيره) ،رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر بالصلاة عليه يوم الجمعة لعلة أنه مشهود من قبل الملائكة عليهم الصلاة و السلام، و أمر بصيام يوم الاثنين لأنه يوم وُلِدَ فيه و أنزل عليه فيه، فهل نفهم من الحديث السابق أن نترك الصلاة على رسول الله صلى الله عليه و سلم و الاحتفال يوم الجمعة بشهود الملائكة عليهم الصلاة و السلام! و نحن نرى بأعيننا كيف نسي الناس صيام يوم الاثنين و يحتفلون في شهر ربيع الأول، و هذا مصداق لقول ابن تيمية رحمه الله :" ما ظهرت بدعة إلا و أبطلت سنة"!
الشبهة الثانية : يقول سذاج الصوفية: " لقد رأى أحد المحبين رسول الله صلى الله عليه و سلم في المنام و سأله :( ما حكم الاحتفال بمولدك يا رسول الله – صلى الله عليه و سلم -) فأجابه :( من فرح بنا فرحنا به)" .
جواب الشبهة : بناء الشريعة الربانية على حماقات مثل هذه باطل من عدة وجوه ...
الوجه الأول: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في الحديث الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه :{ من رآني في المنام لكأنما رآني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي}و الحديث صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود .
خطاب هذا الحديث موجه إلى الصحابة و أمهات المؤمنين رضوان الله عليهم على وجه الخصوص ، لأنهم رأوه بأم أعينهم و يعرفونه حق المعرفة ، سيقول قائل:
" كيف تقولون مثل هذا الكلام و هدي النبي محمد صلى الله عليه و سلم موجه للدنيا بأسرها؟" الجواب: على سبيل المثال،في الحديث عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:{إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره ولكن شَرِّقُوا أو غَرِّبُوا}صححه الألباني رحمه الله برقم 262 في صحيح الجامع
فلو قلنا بأن هذا الحديث ليس موجهاً للصحابة رضوان الله عليهم في المدينة المنورة بل هو موجه لكل الأمة على صورته هذه، و جاء رجل في الصومال و أراد أن يطبق الحديث و شّرَّقَ بغائط ، فإنه سيستقبل القِبْلَةَ بغائطه لأن مكة المكرمة تقع شرق الصومال، كذلك الأمر بالنسبة لمن يعيش في قطر و الإمارات، عندما سَيُغَرِّبُ بغائط فإنه سيصيب القِبْلَةَ لأنها تقع في جهة الغرب بالنسبة لهم ، و نعود إلى قضية الاستدلال بالمنامات ، فبناءاً على ما سبق، لا يصح أصلاً أن يدعي كل من هَبَّ و دَبَّ بأنه رأى النبي صلى الله عليه و سلم حتى يأتي بأوصافه كما جاءت في كتب السنة المطهرة .
الوجه الثاني: لا يصح مطلقاً بناء عبادة على منام حتى و لو ادعى صاحبها أن من ظهر له في المنام نبينا محمد صلى الله عليه و سلم، لأن نبينا محمداً صلى الله عليه و سلم هو الذي نزلت عليه الآية الكريمة :{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}المائدة (3)وحاشا لرسول الله صلى الله عليه و سلم أن يناقض القرآن الكريم كتاب رب العزة جلّ شأنه!!
منقول بتصرف خفيف
{ أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وأن أمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم بعدي فسيري اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة} و في زيادة صحيحة للنسائي رحمه الله :{ و كل ضلالة في النار} و الحديث صححه الألباني رحمه الله برقم: 2549 في صحيح الجامع
فكل أمر دخل إلى هذا الدين و ليس منه فهو مرفوض مردود على صاحبه و العياذ بالله تعالى، و ليت الأمر توقف على الرفض و رد العمل، تدبروا معي هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:
{إني فرطكم على الحوض من مر بي شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم فأقول إنهم مني فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقاًسحقاً لمن بدل بعدي}و الابتداع داخل في المحدثات التي تستلزم الحرمان من ورود حوض النبي صلى الله عليه و سلم و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .
كان ما سبق مقدمة لا بد منها قبل الدخول في موضوع بدعة ما يسمى بالاحتفال بالمولد النبوي، سيقول قائل :" و ما لزوم الحديث عن ضوابط العبادات ؟ و ما هو الضير فيها أياً كانت إذا كانت النية سليمة و خالصة لوجه الله تعالى؟" يُقَالُ لهذا:
يشترط في العبادة أصلان لا غنى عن واحد منهما مذكوران في الآية الأخيرة من سورة الكهف:{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}
فالشرط الأول: انتفاء الشرك، و المقصود بالشرك في هذا الموضع الرياء
و الشرط الناني: أن يكون العمل صالحاً، و صلاح العمل بأن يكون مقيداً بالقرآن و صحيح السنة المطهرة، و يقال لكل من أشكل عليه فهم الجزئية الأخيرة:"هل تستطيع أن تصلي في بيت الخلاء أو الحمام؟، و هل تستطيع أن تحج و تطوف في غير الكعبة و تُقَبِّلَ غير الحجر الأسود؟"، سيقول :" لا" فلا بد إذاً من ضبط مكان العبادة بالأدلة، و يقال له أيضاً:" هل تستطيع أن تصلي الفجر في وقت العشاء؟" سيقول :" لا " ، فلا بد إذاً من ضبط زمان العبادة بالأدلة ، و يُقَالُ لهؤلاء أيضاً:
" هل تستطيعون أن تصلوا فريضة الظهر عشرين ركعة بدلاً من أربع ركعات طالما أن النية سليمة وخالصة لوجه الله؟" سيقولون :" لا" ، فلا بد إذاً من ضبط كيفية العبادات بالأدلة ، و بناءاً على ما سبق، فتخصيص عبادة معينة لزمان أو مكان أو كيفية دون دليل صحيح يدخل في الابتداع المحرم بالضرورة.
نأتي الآن إلى بدعة المولد النبوي ، طيب هل احتفل الصحابة : أبو بكر، عمر ، عثمان ، علي ، رضوان الله عليهم بها؟ لا طبعاً، طيب هل من شكٍّ في صدق محبة هؤلاء لرسول الله صلى الله عليه و سلم !!! و ربنا تبارك و تعالى يقول في كتابه الكريم :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} الأنفال (29)
طيب من أين أتت فكرة الاحتفال بالمولد النبوي؟ كانت بدايتها على يد الدولة الباطنية التي تَسَمَّت بالفاطمية كذباً و زوراً، حيث أن معبود الدروز الحاليين و إلههم هو أحد الحكام الفاطميين المدعو :" الحاكم بأمر الله"، يقول ابن كثير رحمه الله في تأريخه لسنة ثلاثمائة و سبعة و أربعين للهجرة في كتابه(البداية و النهاية):
{وقد امتلأت البلاد رفضاً وسباً للصحابة من بني بويه وبني حمدان والفاطميين وكل ملوك البلاد مصراً وشاماً وعراقاً وخراسان وغير ذلك من البلاد كانوا رفضاً وكذلك الحجاز وغيره وغالب بلاد المغرب فكثر السبّ والتكفير منهم للصحابة وفيها بعث المعز الفاطمي مولاه أبا الحسن جوهر القائد في جيوش معه ومعه زيري بن هناد الصنهاجي ففتحوا بلاداً كثيرة من أقصى بلاد المغرب حتى انتهوا إلى البحر المحيط فأمر جوهر بأن يصطاد له منه سمك فأرسل به في قلال الماء إلى المعز الفاطمي وحظي عنده جوهر وعظم شأنه حتى صار بمنزلة الوزير وممن توفي فيها من الأعيان}
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:{ من سبّ أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين}صححه الألباني برقم: 6285 في صحيح الجامع
قال تقي الدين المقريزي رحمه الله تحت عنوان: ذكر الأيام التي كان الخلفاء الفاطميون يتخذونها عيداً ومواسم تتسع بها أحوال الرعية وتكثر نعمهم، قال: {كان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعياد ومواسم، وهي: موسم رأس السنة، وموسم رأس العام، ويوم عاشوراء، ومولد النبي صلى الله عليه وسلم، ومولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومولد الحسن ومولد الحسين عليهما السلام، ومولد فاطمة الزهراء عليها السلام، ومولد الخليفة الحاضر، وليلة أول رجب، وليلة نصفه، وليلة أول شعبان، وليلة نصفه..} (المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (1/ 490) ).
و أما فكرة الاحتفال فقد أخذها من تَسَمَّى بالفاطميين من النصارى فقالوا:
" كما أن النصارى يحتفلون بمولد عيسى – عليه الصلاة و السلام- فنحن أيضاً سنحتفل بمحمد – صلى الله عليه و سلم –" و قاموا بإحداث خمسة أعياد :
" مولد محمد ، و فاطمة ، و علي، و الحسن ، و الحسين" عليهم الصلاة و السلام جميعاً.
شبهات المبيحين و الرد عليها
و بعد أن تبين لنا بفضل الله تعالى أن ما يسمى بالمولد النبوي بدعة دخيلة على الإسلام، و أنها تقليد للنصارى و الباطنيين و الرافضة قبحهم الله جميعاً، سننتقل للرد على شبهات المبيحين بعون الله و توفيقه ...
الشبهة الأولى: ما رواه مسلم في ( صحيحه ) عن أبي قتادة أن أعرابياً قال :
يا رسول الله ما تقول في صوم يوم الاثنين ؟"، فقال:{ذاك يوم ولدت فيه وأنزل علي فيه}جواب الشبهة: ليس في هذا الحديث دليل على جواز الاحتفال بالمولد مطلقاً من عدة وجوه .
الوجه الأول: دلالة الحديث واضحة على أنه جاء في فضل صيام يوم الاثنين، و الصحابة رضوان الله عليهم و من تبعهم بإحسان فهموه حق الفهم و هم سادة العلماء و الفقهاء بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم و صاموا الاثنين بناءاً عليه.
الوجه الثاني: رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول:{ذاك يوم ولدت فيه و أنزل علي فيه} و لقد ولد عليه الصلاة و السلام في شهر ربيع الأول، و أنزل عليه في شهر رمضان، فلو كان من يحتفل صادقاً في اتباعه الأعوج لكان يلزمه الاحتفال في شهر رمضان أيضاً !!
الوجه الثالث: عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{ أكثروا علي من الصلاة كل يوم الجمعة فإنه مشهود تشهده الملائكة وإن أحدا لن يصلي علي إلا عرضت علي صلاته حتى يفرغ منها قال قلت وبعد الموت قال إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام}
رواه ابن ماجه بإسناد جيد و قال عنه الألباني في صحيح الترغيب و الترهيب
( حسن لغيره) ،رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر بالصلاة عليه يوم الجمعة لعلة أنه مشهود من قبل الملائكة عليهم الصلاة و السلام، و أمر بصيام يوم الاثنين لأنه يوم وُلِدَ فيه و أنزل عليه فيه، فهل نفهم من الحديث السابق أن نترك الصلاة على رسول الله صلى الله عليه و سلم و الاحتفال يوم الجمعة بشهود الملائكة عليهم الصلاة و السلام! و نحن نرى بأعيننا كيف نسي الناس صيام يوم الاثنين و يحتفلون في شهر ربيع الأول، و هذا مصداق لقول ابن تيمية رحمه الله :" ما ظهرت بدعة إلا و أبطلت سنة"!
الشبهة الثانية : يقول سذاج الصوفية: " لقد رأى أحد المحبين رسول الله صلى الله عليه و سلم في المنام و سأله :( ما حكم الاحتفال بمولدك يا رسول الله – صلى الله عليه و سلم -) فأجابه :( من فرح بنا فرحنا به)" .
جواب الشبهة : بناء الشريعة الربانية على حماقات مثل هذه باطل من عدة وجوه ...
الوجه الأول: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في الحديث الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه :{ من رآني في المنام لكأنما رآني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي}و الحديث صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود .
خطاب هذا الحديث موجه إلى الصحابة و أمهات المؤمنين رضوان الله عليهم على وجه الخصوص ، لأنهم رأوه بأم أعينهم و يعرفونه حق المعرفة ، سيقول قائل:
" كيف تقولون مثل هذا الكلام و هدي النبي محمد صلى الله عليه و سلم موجه للدنيا بأسرها؟" الجواب: على سبيل المثال،في الحديث عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:{إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره ولكن شَرِّقُوا أو غَرِّبُوا}صححه الألباني رحمه الله برقم 262 في صحيح الجامع
فلو قلنا بأن هذا الحديث ليس موجهاً للصحابة رضوان الله عليهم في المدينة المنورة بل هو موجه لكل الأمة على صورته هذه، و جاء رجل في الصومال و أراد أن يطبق الحديث و شّرَّقَ بغائط ، فإنه سيستقبل القِبْلَةَ بغائطه لأن مكة المكرمة تقع شرق الصومال، كذلك الأمر بالنسبة لمن يعيش في قطر و الإمارات، عندما سَيُغَرِّبُ بغائط فإنه سيصيب القِبْلَةَ لأنها تقع في جهة الغرب بالنسبة لهم ، و نعود إلى قضية الاستدلال بالمنامات ، فبناءاً على ما سبق، لا يصح أصلاً أن يدعي كل من هَبَّ و دَبَّ بأنه رأى النبي صلى الله عليه و سلم حتى يأتي بأوصافه كما جاءت في كتب السنة المطهرة .
الوجه الثاني: لا يصح مطلقاً بناء عبادة على منام حتى و لو ادعى صاحبها أن من ظهر له في المنام نبينا محمد صلى الله عليه و سلم، لأن نبينا محمداً صلى الله عليه و سلم هو الذي نزلت عليه الآية الكريمة :{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}المائدة (3)وحاشا لرسول الله صلى الله عليه و سلم أن يناقض القرآن الكريم كتاب رب العزة جلّ شأنه!!
منقول بتصرف خفيف