الصّوتية في المُرفقات
السّؤال:أخٌ يقول: جزاكم الله خيرًا، سمِعتُ وأنا خارِج المسجد شخصًا يَسبُّ الجلالـة -نعوذ بالله-، ولقد همَمْتُ أن أضربه ولكنّنِي خشِيتُ أن أُفسِدَ من حيْثُ أردتُ الإصلاح.
فنرجو مِنكم أن توجهوننا إذا سمِعنا هذا الكلام الكُفرِي ما الذي نفعله؟ ونرجو مِنكم أن توجّهوا نصِيحة غاليـة لسُكان الحيّ وبيان حُكم من يقول هذا الكلام.
ونرجو من الإخوة أن يفتحوا المُكبّرات الخارِجيّة حتى يسمع السُّكان هذه النّصيحة التي تبثُّونها، وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
طيِّب، لا شكّ أنّ هذا الفِعل؛ وهو سبّ الله -عزّ وجل- يُعتبر كُفرًا مُخرجًا من المِلّة، وهذا من أفضع الأمـور وأشنَعِهَا أن يَسبَّّ العبد الذي خلقه الله -عزّ وجل- ورزقه وأنعَم عليه وأكْرَمه، الذي خلقه من عدَم وأصْبَغ عليه وافِر النِّعَم، كبّرهُ من صِغر، أغنَـاهُ من فقر، سترهُ، أعطاه، جَعَل لـه أبويْن يرعيـانِه، هيّأَ لـه الخيْر، حمَـاه من الشُّرُور، أكرمه، أَطعَمه، سقَـاه ثمّ بعد ذلك يجرأُ على سبِّ ربِّ العالمِيـن. هذا هو الكُفر والضلال والجُحُود والنُّكْرَان لله -عزّ وجل- ولأنعامِه وفضلِه.
فعلَى العبد أن يتّقيَ الله -عزّ وجل- فإنّ الله شدِيد العِقاب، والله -عزّ وجل- قادِر على أن يقطَع هذه الألسِنة التّي تسبُّه وتجرأُ عليـه، والله -عزّ وجل- قادِر على أن يخسِفَ بهم الأرض، والله قويٌّ قادِر على أن يجعلهم عِبرة لمن يعتبِر! أَفَتجرُأُ على الله -عزّ وجل- وأنتَ الضّعِيف المُهان؟! تجرُأُ على القويّ القادِر؟! فوَالله لو كان إنسـانًا طاغِيّة مُتجبِّرا لما استطعتَ أن تتكلّم بِعُشر كلِمـة، أو أن تَنْبِسَ بِبِنتِ شفة -كما يقولون- لكن غرّكَ إمهالُ الله -عزّ وجل- لك، غرّك أن الله -عزّ وجل- قد تركَكَ لعلّكَ تعُود وأمهلَكَ لعلّكَ ترجِع، وفسَحَ لكَ بالأجل لعلّك تندَم، والله -عزّ وجل- قادِر؛ ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾ [الفَجر: 14]، ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾ [الرّحمن: 31]، فالله -عزّ وجل- قادِر على أن يقْطَعَ هذه الألسِنة التّي تسبّه والتي تتنقصه والتي تجراُ عليه، قادِرٌ ربُّ العالمِين.
فهَذَا يدلُّكَ أيُّهَا الغَافِل على مَدَى إحسَانِ الله لِخلقه، وعلى حِلم الله -عزّ وجل-؛ يسُبُّونه ويُطعِمُهم، يسُبُّونَه ويَرزقُهم، يَسُبُّونه ويَستُرهم، يَسُبُّونه ويُعطِيَهم، ويَسُبُّونه ويَسُبُّونه، هذا يَدلُّكَ على حِلم الله -عزّ وجل- ويَدُلُّكَ على عِظَمِ جِنَايـة هؤُلاء إذْ يجرؤُونَ على ربِّ الأرض والسّمـاء، ولو كان ثمّة شريعة تُقام وحُدُودٌ تُقام ودِينٌ يُقَام لما اجْتَرَأَ هؤُلاءِ وأَمثَالُهم على ربِّ العالمِين.
فأَقُولُ لِهؤُلاء: لا يغُرُّكُم حِلمُ الله -عزّ وجل-، ولا يَغرُّكم إمهالُ الله -عزّ وجل- فإنَّ الله -عزّ وجل- يُملِي للظالِم حتّى إذا أخَذَهُ لم يُفلِته. يَترُكك وأنتَ تسبّه، يُمهِلُك وأنتَ تجتَرِأُ عليه لكن إذا جـاءَ الأجل وجـاء الوقتُ الذّي لا يُعذَرُ فِيه أحد أخذَكَ الله أَخْذَ عزيزٍ مُقتَدِر.
فيـا أيُّهَا الضعِيف! يـا أيُّهَا الضعيف! ﴿وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النّسـاء: 28]، على مَن تتجرّأ؟! وعلى من تُطلِق لِسانك؟! وعلى من تجرُأ؟! إنّه ربُّ العالمين، إنّه القويُّ القادِر، ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾ [البُروج: 12].
فيـا أيُّهَـا المُسلِمون! يا أيُّهَـا المُسلِمون! يـا أيُّهـا الشَباب تجرؤون على ربِّ الأرض والسّموات! تجرؤون على القويِّ الجبَّـار! تجرؤون على فاطِر السّموات والأرض! أين عُقولكم إن لم يكن لكم دِين يردعُكم؟! أنتَ الضعيف وأنتَ المُهان، إنّك أضعف من كلّ شـيء، إذَا أَرَادَ الله -عزّ وجل- أن يَقطع لِسانك قطعه، وإذا أراد أن يذُّلكَ أمام خلقِه أذلّك إنه القويُّ القادِر، ﴿وَمَن يُهِنِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ﴾ [الحج: 18].
أيُّهَـا الشَّبـاب! أيُّهَـا الشَّبـاب راجِعُوا أنفُسَكم، لا تَعْتَرِضُوا وتتعرَّضوا لِرب الأرض والسّموات، والله لو كان سُلطانًا لما استطعتَ، وَوالله لو كُنتَ رجُلاً تخافه لما قدرتَ، ووالله لو كُنت ترجو نوالاً لما تكلّمتََ، فإيَّـاك إيَّـاك! إيَّـاكَ إيَّـاك! إيَّـاكَ إيَّـاك من ربِّ الأرض والسَّموات! من القويِّ القادِر، من الجبَّـار المُنتقِم، إيَّـاك أن يَأخُذكَ على حِين غِرَّة وعلى حِين غفلة! إيَّـاكَ إيَّـاك!
أُأْمُروا بالمعروف وانهَوْا عن المُنكر، خُذوا على أيدِيهم، أسكِتُوا ألسِنتهم، ذكِّروهم بالله -عزّ وجل-، قِفوا أمام هذا الانفلات أمام ربِّ الأرض السموات، لا أحد يسجُن هؤلاء، ووالله الذي لا ربَّ سِواه لو تكلّم فيك لأقمتَ الدُّنيـا وما أقعدتها، ولو سبّك لأقمتَ الدُّنيـا ولانتقمتَ. يُسبُّ ربُّ الأرض والسَّموات بين المُسلمِين وكأنهم ما سمِعُوا شيْئا وكأنهم لم يَدروا عن شـيء، وهكذا يهابونه وهو الجبـان، ويَخافونه وهو المُهان.
فيـا أيُّهَـا النَّاس! يـا أيُّهَـا المُسلمون خذوا على أيْدِي هؤلاء! أوقِفوا سِبابهم لربِّ الأرض والسَّمـاء قبل أن يَأخُذنـا غضبُ الله -عز وجل-، قبل أن يأخُذنـا انتقام الله -عزّ وجل-.
إنّ النّاس إذا رأوْا المُنكر ثمّ لم يُنكِرونه أوشك الله أن يَعُمّهم بِعِقابٍ من عِنده، كيف يُسمح لِهؤلاء أن يَسبّوا ربّ الأرض والسّمـاء؟! كيف يُسمح لهؤلاء أن يصيحوا بِملئِ أفواهِهم في جناب الإله -عزّ وجل-، أَلاَ فليَكُفّوا! ألاَ فليَكُفّوا! وعلى وُلاة أمـر المُسلمين أن يُوقِفوا هذه الجرائِم العظيمة في إطلاق الألسنـة فِي سبِّ ربِّ العالمين.
أسأل الله العَظيم رب العرش العظيم أن ينتقِم مِمن أطلق لِسـانه بِسبِّه، وأن ينتقِم ربُّنـا -عزّ وجل- ممن اِجترأ على سبِّ الله -عزّ وجل- أمام المُسلمِين وفي أسواقهم وفي طُرقاتهم حتّى تجرّأ الصِغار وحتى رُبِّيَ الناشِأة على الجُرأة على ربِّ العالمين. فحسبُنـا الله، حسبُنا الله، حسبُنـا الله.
اللهم إنّ هذا مُنكر لا نرضـاه ونأبـاه ولا نقبلُه، اللهم أسألكَ يا ربَّ العالمين أن تهدِيَ من ضلَّ من المُسلمين وأن يُراجع هؤلاء أمرهم ودينهم وأن يتوبوا إلى ربِّهم وأن يُكثِروا من الأعمـال الصَّالِحات وأن يتوبوا إلى الله -عزّ وجل- وأن يستغفروا الله -عزّ وجل- مِرارًا وأن يُكثِروا من التوبة علّ الله أن يتجاوز عنهم.
أسأل الله العظيم ربّ العرش العظيم أن يعفو عنّـا وعنكم إنه سمِيعُ الدُّعـاء.
تفريغ: أم عبدالرحمن
منقول من البيضاء للنّشر
منقول من البيضاء للنّشر