الرزق والأ جل .. للأمام العلامة شمس الدين ابن قيم الجوزية –رحمه الله -
الرزق والأجل
فرغ خطرك للهم بما إمرت به ، ولاتشغله بما ضمن لله ، فإن الرزق والأجل قرينا مضمونان ،فما دام الأجل باقيا كان الرزق اتيا.
وإذا سد عليك بحمته طريقا من طرقه ، فتح لك برحمته طريقا أنفع لك منه .
فتأمل حال الجنين يأتيه غذاؤه – وهو الدم – من طريق واحدة وهم السرة ،فلما خرج من بطن الأم وانقطعت تلك الطريق ، فتح له طريقين اثنين ، وأجرى له فيهما رزقا أطيب وألذ من الأول لبنا خالصا سائغا ، فإذا تمت مدة الرضاع وانقطعت الطريقان بالفطام ،فتح طرقا أربعة اكمال منها ، طعمان وشرابان ،فالطعامان : من الحيوان والنبات، الشربان: من المياه والالبان وما ي ضاف إليهما من المنافع والملاذ ، فإذا مات انقطعت عنه هذه الطرق الأربعة ...
لكنه سبحانه فتح له –إن كان سعيدا – طرقا ثمانية ،وهي أبواب الجنة الثامنية يدخل من أيها شاء .
فهكذا الرب سبحانه ، لايمنع عبده المؤن شيئا من الدنيا إلا ويؤتيه أفضل منه وأنفع له.
وليس ذلك لغير المؤمن ، فإنه الحظ الأدنى الخسيس ، ولايرضى له به ، ليعطيه الحظ الأعلى النفيس ، والعبد – لجهله بمصاح نفسيه وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه – لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له ، بل هو مولع بحب العاجل ، وإن كان دنيئا ، وبقلة الرغبة في الاجل وإن كان عليا .
ولو أنصف العبد ربه –وأنى له بذلك – لعلم أن فضله عليه فيما منعه من الدنيا ولذتها ونعيمها: اعظم من فضله عليه فيما اتاه من ذلك ، فما منعه إلا ليعطيه، ولا ابتلاه إلا ليعافيه ، ولا امتحنه إلا ليصافيه ، ولا أماته إلا ليحييه ، ولا أخرجه إلى هذه الدار إلا ليتأهب منها للقدوم عليه ، وليسلك الطريق الموصلة إليه ، ف ( جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد يذكر أو أراد شكورا 9 الفرقان ك 62 ( فأبي الظالمون إلا كفورا ) الإ سراء : 99.
والله المستعان
-من عرف نفسه اشتغل بإصلاحها عن عيوب الناس
-من عرف ربه اشتغل به عن هوى نفسيه
-أنفع العمل أن تغيب فيه عن الناس بالا خلاص، وعن نفسيك بشهود المنة فلا ترى فيه نفسك ن ولا ترى الخلق.
كتبه ابو عبد المصور مصطفى من كتاب فوائد الفوائد للأمام العلامة شمس الدين ابن قيم الجوزية –رحمه الله -
من ص :82الى 83
دار ابن الجوزي
م:شبكة الامين السلفية
الرزق والأجل
فرغ خطرك للهم بما إمرت به ، ولاتشغله بما ضمن لله ، فإن الرزق والأجل قرينا مضمونان ،فما دام الأجل باقيا كان الرزق اتيا.
وإذا سد عليك بحمته طريقا من طرقه ، فتح لك برحمته طريقا أنفع لك منه .
فتأمل حال الجنين يأتيه غذاؤه – وهو الدم – من طريق واحدة وهم السرة ،فلما خرج من بطن الأم وانقطعت تلك الطريق ، فتح له طريقين اثنين ، وأجرى له فيهما رزقا أطيب وألذ من الأول لبنا خالصا سائغا ، فإذا تمت مدة الرضاع وانقطعت الطريقان بالفطام ،فتح طرقا أربعة اكمال منها ، طعمان وشرابان ،فالطعامان : من الحيوان والنبات، الشربان: من المياه والالبان وما ي ضاف إليهما من المنافع والملاذ ، فإذا مات انقطعت عنه هذه الطرق الأربعة ...
لكنه سبحانه فتح له –إن كان سعيدا – طرقا ثمانية ،وهي أبواب الجنة الثامنية يدخل من أيها شاء .
فهكذا الرب سبحانه ، لايمنع عبده المؤن شيئا من الدنيا إلا ويؤتيه أفضل منه وأنفع له.
وليس ذلك لغير المؤمن ، فإنه الحظ الأدنى الخسيس ، ولايرضى له به ، ليعطيه الحظ الأعلى النفيس ، والعبد – لجهله بمصاح نفسيه وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه – لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له ، بل هو مولع بحب العاجل ، وإن كان دنيئا ، وبقلة الرغبة في الاجل وإن كان عليا .
ولو أنصف العبد ربه –وأنى له بذلك – لعلم أن فضله عليه فيما منعه من الدنيا ولذتها ونعيمها: اعظم من فضله عليه فيما اتاه من ذلك ، فما منعه إلا ليعطيه، ولا ابتلاه إلا ليعافيه ، ولا امتحنه إلا ليصافيه ، ولا أماته إلا ليحييه ، ولا أخرجه إلى هذه الدار إلا ليتأهب منها للقدوم عليه ، وليسلك الطريق الموصلة إليه ، ف ( جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد يذكر أو أراد شكورا 9 الفرقان ك 62 ( فأبي الظالمون إلا كفورا ) الإ سراء : 99.
والله المستعان
-من عرف نفسه اشتغل بإصلاحها عن عيوب الناس
-من عرف ربه اشتغل به عن هوى نفسيه
-أنفع العمل أن تغيب فيه عن الناس بالا خلاص، وعن نفسيك بشهود المنة فلا ترى فيه نفسك ن ولا ترى الخلق.
كتبه ابو عبد المصور مصطفى من كتاب فوائد الفوائد للأمام العلامة شمس الدين ابن قيم الجوزية –رحمه الله -
من ص :82الى 83
دار ابن الجوزي
تعليق