الإيمان بما يجري فيه من الأمور من اجتماع الخلائق كلها في صعيدٍ واحد حفاةً عراةً غرلًا بهمًا، كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم إنكم محشرون إلى الله حُفاةً :أي غير منتعلين، عُراةً: غير مستورين، غرلًا: غير مختونين، بُهمًا: لا أموال معكم وإنما العمل إما صالح وإما طالح، ومحاسبة الخلائق التي لابد منها ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾.
وتتطاير الصحف بالأيدي، ثم انقسام الخلق إلى فريقين فريق في الجنة وفريق في السعير وهذا مما يدعو المكلفين أن يبذلوا جهودهم في صالح العمل وأن ينبذوا المخالفات في الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة لأنها سبب الخسران ويحرص العبد أن يستلم صحيفته مملوءة بالحسنات أقوالها وأفعالها ظاهرها وباطنها، يكون مؤمنًا بقول الحق ﴿وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ فهو يقرأ صحيفة عمله لا ينقص منها شيء أبدًا، فطوبى لمن أحسن العمل فإنه يكون مسرورًا يوم القيامة، ومن أساء العمل يكون حزينًا ونادمًا وهيهات أن ينفعه الحزن أوالندم، وهذه الحياة غنيمة من الغنائم، حياةٌ الدنيا القصيرة حياة العمل والمسارعة فيها إلى الخيرات والبعد عن موجبات غضب الله من أقوالٍ وأفعال، حتى يقدُم العبد بعد عمره القصير على الله تبارك وتعالى وقد امتلأت صحيفته بالحسنات وصارت سببًا في رضا الله وفي دخوله ﴿وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَرُسُلِهِ﴾ فوجب الانتباه وإن حصل التقصير قبل ذلك وانتبه العبد إذا ذُكر وتذكر فهو إلى خير وفي خير، ولوبقي من أجله القليل، وقد أغفل الله الآجال على الأمة ليزدادوا من العمل وليكثروا من التوبة والاستغفار ويتلافوا القصور ويبتعدوا عن موجبات غضب الله تبارك وتعالى.
مستفاد من: شرح اللؤلؤ والمرجان - الدرس 02 | للشيخ: زيد بن محمد بن هادي المدخلي
تعليق