أحسن الله إليكم يقول: ما رأيكم فيمن يقول: إن التصديق يقابل التكذيب؛ فالإنسان إما أن يكون مصدقا أو مكذبا؛ فعلى هذا فالتصديق لا يزيد ولا ينقص، إنما الذي يزيد هو عمل القلب وعمل الجوارح، كيف نرد على ذلك؟ وجزاكم الله خيرا.
كأن السائل يريد أن الإيمان الإيمان هو التصديق، والتصديق يقابله التكذيب هذا قول المرجئة. الإيمان يكون تصديقا ويكون عملا، فليس الإيمان هو التصديق فقط؛ فالإيمان تصديق بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح، فالتصديق قد يكون تكذيبا، وقد يكون معاداة قد يعاديه ولو لم يكذب، ففرعون مصدق ولكنه استكبر عن عبادة الله، وإبليس مصدق؛ فيكون الإيمان تكذيبا ويكون أيضا استكبارا وإباء، ولو مع التصديق فإبليس هل هو مصدق أم مكذب لله؟ عارض أمر الله بالاستكبار والاعتراض: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) لم يكذب وكذلك فرعون قال ( أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ) فالإيمان لا بد فيه.
الإيمان هو تصديق القلب، والتصديق ليس تصديقا مجردا كما يقول الجهمية بل لا بد أن يكون معه حركة، وهذه الحركة لا بد أن تدفع لسير العمل.
إذن لا بد في الإيمان من أمرين: الأمر الأول: تصديق القلب، والأمر الثاني: عمل، هذا الإيمان والتصديق لا بد لهما من عمل يتحققا به؛ وإلا صار كإيمان إبليس وفرعون، مصدقان مصدق. وإيمان اليهود وأبي طالب عندهم تصديق وليس عندهم عمل، وكذلك العمل؛ الصلاة والصيام والزكاة والحج لا بد له من عمل يصححه، لا بد له من إيمان وتصديق في الباطن يصححه؛ وإلا صار كإسلام المنافقين، فالمنافقون يعملون ويصلون ويصومون لكن ليس عندهم إيمان صحيح، وإبليس وفرعون مصدقان لكن لم يتحقق إيمانهم بعمل، فلا بد من أمرين: الإيمان لا بد له من عمل يتحقق به، والعمل لا بد له من إيمان يصححه، ولا يمكن أن يكون هناك إيمان بمجرد التصديق أبدا. نعم.
---------------------------
المصدر "المختار في أصول السنة" شرح الشيخ الراجحي