مصطلح السَّلفية
بقلم:
الشَّيخ توفيق عمروني - حفظه الله
مدير مجلَّة الإصلاح
بسم الله الرحمن الرحيم
لسنا بحاجة اليوم إلى إعادة تقرير أنَّه لا مشاحة في الاصطلاح ، وأنَّ العبرةَ بالمعنى والمدلول ، فالسَّلفيَّة مصطلح معناه منهج علميٌّ عمليٌّ مصدره الوحي – الكتاب والسُّنَّة – على فهم السَّلف - رضوان الله عليهم- ، ودعوة إلى إخلاص العبادة لله وحده ، ولزوم الجماعة ونبذ الفُرقة ، وطاعة وليِّ الأمر ، فكلُّ مَن تبنَّى فكرًا وأسلوبًا مخالفًا لهذَا المنهَج لا يمكنُ صبغهُ ولا وصفُه بالسَّلفيَّة ، فليس من السَّلفيَّة في شيءٍ من اتَّخذ أسلوبَ التَّكفير والقَتل والتفجير ، والاختطاف والتَّرويع ، وسيلة للدَّعوة والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر ، بل إنَّ هذا وأمثاله يسيرون في خطِّ موازٍ للسَّلفيَّة لا يلتقون بها أبدًا ما داموا مُقيمين على ما هُم عليه ، ومع هذا نجد كثيرًا من الأقلام والألسُن الممتطية لوسائل الإعلام المختلفة تستخدم هذا المصطلح في غير محلِّه ، وتنزِّلُه على من ليس من أهله ، فيسحبونه على من ضلَّت بهم السُّبُل وتقطَّعت بهم الأسباب ، وانحرفوا عن الفطرة السَّوية ، فضلا عن السَّلفيَّة النَّقيَّة .
فالعجب لا ينقضي من هؤلاء المسيئين لاستعمال هذا المصطلح ووضعه في غير موضعه مع كثرة توالي البيان من أهل العلم أنَّ هؤلاء ( الثوار ) ، و ( التَّكفيريّين ) و ( الحزبيِّين ) لا تصحُّ نسبتُهم إلى هذه الدَّعوة الميمونه ، ولا يمتُّون إليها بصلة ، لكنَّ ضبابةَ العَجب تنقشع إذا علمنا أنَّ صنيعَهم ليس بريئًا ، وإنَّما القَصد منه تمرير رسالة ، وترسيخ صورة ، وهي تشويه هذا المصطلح وما يحويه من معانٍ صحيحَة ، وأصول سامية راقية ، لتنفير النَّاس من حول علماء هذه الدَّعوة وحَمَلتها ، وفي هذا مسايرةٌ لدوائر غربيَّة من اليهود والنَّصارى أرعبَها عودة الشَّباب في كثير مِن بقاع الأرض إلى لزوم هَذه الدَّعوة المباركة وارتسام خُطاها ، فرأوا أنّ من وسائل صدِّ هذا الزَّحف السَّلفي خلط الأوراق ومزج المعاني والتَّعمية والمغالطة ، للتَّضليل والتَّلبيس ، وتسويغ محاربة السَّلفيَّة تحت مسمَّى تجفيف منابع الإرهاب وقطع دابره ، وإلاَّ فالدِّقَّة الَّتي وصَل إليها العقل الغَربي في علومه الماديَّة لا إخالُها أبدًا تتعثَّر في تحديد مصطلح ظاهر المعاني ، وجليِّ المعالم ، ولكنَّه المكر السَّيِّىء والقَصد المبيَّت ، والحقد الدَّفين على دين الله الحقِّ وسنَّة سيِّد المرسلين صلَّى الله عليه وسلَّم .
ولا يرفع اللَّوم على مَن استَعمل مصطلَحًا إلاَّ بعد أن يدرك معانيه ويفهَم مراميه، ليكونَ صادقا في قوله، عادلا في حكمِه ، أمينا في نقلِه ، وحتَّى لا يكونَ ضالاًّ ولا مضلاًّ لأمَّته .
المصدر: افتتاحية العدد الثَّاني والثلاثون (32) لمجلَّة الإصلاح السَّلفية – الجزائر .