المطويات الدعوية ...90
قواعد في أدلة الأسماء والصفات
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذه قواعد مختصرة في أدلة أسماء وصفات الله تعالى لخصتها من " القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى" للعلامة ابن عثيمين رحمه الله راجيا من الله أن ينفع بها.
القاعدة الأولى: الأدلة التي تثبت بها أسماء الله تعالى وصفاته هي كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا تثبت أسماء الله وصفاته بغيرهما.
وعلى هذا: فما ورد إثباته لله تعالى من ذلك في الكتاب والسنة وجب إثباته وما ورد نفيه فيهما وجب نفيه مع إثبات كمال ضده.
وما لم يرد إثباته ولا نفيه فيهما وجب التوقف في لفظه، فلا يثبت ولا ينفى، لعدم ورود الإثبات والنفي فيه.
وأما معناه: فيفصل فيه؛ فإن أريد به حقٌ يليق بالله تعالى فهو مقبول، وإن أريد به معنىً لا يليق بالله عز وجل وجب ردّه.
فمما ورد إثباته لله تعالى: كل صفة دل عليها اسم من أسماء الله تعالى دلالة مطابقة أو تضمن أو التزام.
ومنه كل صفة دل عليها فعل من أفعاله، كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والمجيء للفصل بين عباده يوم القيامة، ونحو ذلك من أفعاله التي لا تحصى أنواعها، فضلاً عن أفرادها {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}.
ومنه: الوجه والعينان واليدان ونحوها.
ومنه: الكلام والمشيئة والإرادة بقسميها الكوني والشرعي.
فالكونية: بمعنى المشيئة والشرعية: بمعنى المحبة.
ومنه: الرضا والمحبة والغضب والكراهة ونحوها.
ومما ورد نفيه عن الله سبحانه لانتفائه وثبوت كمال ضده:
الموت والنوم والسنة والعجز والإعياء والظلم والغفلة عن أعمال العباد، وأن يكون له مثيل أوكفؤٌ، أو نحو ذلك .
ومما لم يرد إثباته ولا نفيه لفظ: (الجهة).
القاعدة الثانية: الواجب في نصوص القرآن والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف، لا سيما نصوص الصفات، حيث لا مجال للرأي فيها.
ودليل ذلك: السمع والعقل.
أما السمع: فقوله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}.وهذا يدل على وجوب فهمه على ما يقتضيه ظاهره باللسان العربي إلا أن يمنع منه دليل شرعي.
وأما العقل فلأن المتكلم بهذه النصوص أعلم بمراده من غيره، وقد خاطبنا باللسان العربي المبين، فوجب قبوله على ظاهره، وإلا لاختلفت الآراء وتفرقت الأمة.
القاعدة الثالثة: ظواهر نصوص الصفات معلومة لنا باعتبار ومجهولة لنا باعتبار آخر، فباعتبار المعنى هي معلومة. وباعتبار الكيفية التي هي عليها مجهولة.
وقد دل على ذلك السمع والعقل.
أما السمع: فمنه قوله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ}
وكون القرآن عربيا ليعقله من يفهم العربية، يدل على أن معناه معلوم، وإلا لما كان فرق بين أن يكون باللغة العربية أو غيرها.
وبيان النبي صلى الله عليه وسلم القرآن للناس شامل لبيان لفظه وبيان معناه.
وأما العقل: فلأن من المحال أن يُنَزِّل الله تعالى كتابا، أو يتكلم رسوله صلى الله عليه وسلم بكلام (يقصد بهذا الكتاب وهذا الكلام أن يكون هداية للخلق)، ويبقى في أعظم الأمور وأشدها ضرورة مجهول المعني، بمنزلة الحروف الهجائية التي لا يفهم منها شيء، لأن ذلك من السفه الذي تأباهحكمة الله تعالى، وقد قال الله تعالى عن كتابه: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}.
القاعدة الرابعة: ظاهر النصوص ما يتبادر منها إلى الذهن من المعاني وهو يختلف بحسب السياق، وما يضاف إليه الكلام، فالكلمة الواحدة يكون لها معنى في سياق ومعنى آخر في سياق، وتركيب الكلام يفيد معنى على وجه ومعنى آخر على وجه.
فلفظ (القرية) مثلاً يراد به القوم تارة، ومساكن القوم تارة أخرى.
فمن الأول قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً}.
ومن الثاني: قوله تعالى عن الملائكة ضيف إبراهيم: {إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ}.
إذا تقرر هذا فظاهر نصوص الصفات ما يتبادر منها إلى الذهن من المعاني.
وأسعد الناس بهذا هم السلف الذين اجتمعوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والذين لا يَصْدُقُ لقب أهل السنة والجماعة إلا عليهم.
وقد أجمعوا على ذلك، كما نقله ابن عبد البر فقال: "أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة، والإيمان بها، وحملها علىالحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك، ولا يحدون فيه صفة محصورة" اهـ.
تنبيه
علم مما سبق أن كل معطل ممثل، وكل ممثل معطل.
أما تعطيل المعطل فظاهر، وأما تمثيله: فلأنه إنما عطل لاعتقاده أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه، فمثل أولاً، وعطل ثانيا، كما أنه بتعطيله مَثَّلَهُ بالناقص.
وأما تمثيل الممثل فظاهر، وأما تعطيله فمن ثلاثة أوجه:
الأول: أنه عطل نفس النص الذي أُثبتت به الصفة، حيث جعله دالاً على التمثيل، مع أنه لا دلالة فيه عليه، وإنما يدل على صفة تليق بالله عز وجل.
الثاني: أنه عطل كل نص يدل على نفي مماثلة الله لخلقه.
الثالث: أنه عطل الله تعالى عن كماله الواجب، حيث مثله بالمخلوق الناقص.
والله اعلم
أعد المطويات: أبو أسامة سمير الجزائري
قدم لها: الشيخ علي الرملي حفظه الله المشرف العام على شبكة الدين القيم
مدونة المطويات الدعوية
قواعد في أدلة الأسماء والصفات
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذه قواعد مختصرة في أدلة أسماء وصفات الله تعالى لخصتها من " القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى" للعلامة ابن عثيمين رحمه الله راجيا من الله أن ينفع بها.
القاعدة الأولى: الأدلة التي تثبت بها أسماء الله تعالى وصفاته هي كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا تثبت أسماء الله وصفاته بغيرهما.
وعلى هذا: فما ورد إثباته لله تعالى من ذلك في الكتاب والسنة وجب إثباته وما ورد نفيه فيهما وجب نفيه مع إثبات كمال ضده.
وما لم يرد إثباته ولا نفيه فيهما وجب التوقف في لفظه، فلا يثبت ولا ينفى، لعدم ورود الإثبات والنفي فيه.
وأما معناه: فيفصل فيه؛ فإن أريد به حقٌ يليق بالله تعالى فهو مقبول، وإن أريد به معنىً لا يليق بالله عز وجل وجب ردّه.
فمما ورد إثباته لله تعالى: كل صفة دل عليها اسم من أسماء الله تعالى دلالة مطابقة أو تضمن أو التزام.
ومنه كل صفة دل عليها فعل من أفعاله، كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والمجيء للفصل بين عباده يوم القيامة، ونحو ذلك من أفعاله التي لا تحصى أنواعها، فضلاً عن أفرادها {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}.
ومنه: الوجه والعينان واليدان ونحوها.
ومنه: الكلام والمشيئة والإرادة بقسميها الكوني والشرعي.
فالكونية: بمعنى المشيئة والشرعية: بمعنى المحبة.
ومنه: الرضا والمحبة والغضب والكراهة ونحوها.
ومما ورد نفيه عن الله سبحانه لانتفائه وثبوت كمال ضده:
الموت والنوم والسنة والعجز والإعياء والظلم والغفلة عن أعمال العباد، وأن يكون له مثيل أوكفؤٌ، أو نحو ذلك .
ومما لم يرد إثباته ولا نفيه لفظ: (الجهة).
القاعدة الثانية: الواجب في نصوص القرآن والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف، لا سيما نصوص الصفات، حيث لا مجال للرأي فيها.
ودليل ذلك: السمع والعقل.
أما السمع: فقوله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}.وهذا يدل على وجوب فهمه على ما يقتضيه ظاهره باللسان العربي إلا أن يمنع منه دليل شرعي.
وأما العقل فلأن المتكلم بهذه النصوص أعلم بمراده من غيره، وقد خاطبنا باللسان العربي المبين، فوجب قبوله على ظاهره، وإلا لاختلفت الآراء وتفرقت الأمة.
القاعدة الثالثة: ظواهر نصوص الصفات معلومة لنا باعتبار ومجهولة لنا باعتبار آخر، فباعتبار المعنى هي معلومة. وباعتبار الكيفية التي هي عليها مجهولة.
وقد دل على ذلك السمع والعقل.
أما السمع: فمنه قوله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ}
وكون القرآن عربيا ليعقله من يفهم العربية، يدل على أن معناه معلوم، وإلا لما كان فرق بين أن يكون باللغة العربية أو غيرها.
وبيان النبي صلى الله عليه وسلم القرآن للناس شامل لبيان لفظه وبيان معناه.
وأما العقل: فلأن من المحال أن يُنَزِّل الله تعالى كتابا، أو يتكلم رسوله صلى الله عليه وسلم بكلام (يقصد بهذا الكتاب وهذا الكلام أن يكون هداية للخلق)، ويبقى في أعظم الأمور وأشدها ضرورة مجهول المعني، بمنزلة الحروف الهجائية التي لا يفهم منها شيء، لأن ذلك من السفه الذي تأباهحكمة الله تعالى، وقد قال الله تعالى عن كتابه: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}.
القاعدة الرابعة: ظاهر النصوص ما يتبادر منها إلى الذهن من المعاني وهو يختلف بحسب السياق، وما يضاف إليه الكلام، فالكلمة الواحدة يكون لها معنى في سياق ومعنى آخر في سياق، وتركيب الكلام يفيد معنى على وجه ومعنى آخر على وجه.
فلفظ (القرية) مثلاً يراد به القوم تارة، ومساكن القوم تارة أخرى.
فمن الأول قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً}.
ومن الثاني: قوله تعالى عن الملائكة ضيف إبراهيم: {إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ}.
إذا تقرر هذا فظاهر نصوص الصفات ما يتبادر منها إلى الذهن من المعاني.
وأسعد الناس بهذا هم السلف الذين اجتمعوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والذين لا يَصْدُقُ لقب أهل السنة والجماعة إلا عليهم.
وقد أجمعوا على ذلك، كما نقله ابن عبد البر فقال: "أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة، والإيمان بها، وحملها علىالحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك، ولا يحدون فيه صفة محصورة" اهـ.
تنبيه
علم مما سبق أن كل معطل ممثل، وكل ممثل معطل.
أما تعطيل المعطل فظاهر، وأما تمثيله: فلأنه إنما عطل لاعتقاده أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه، فمثل أولاً، وعطل ثانيا، كما أنه بتعطيله مَثَّلَهُ بالناقص.
وأما تمثيل الممثل فظاهر، وأما تعطيله فمن ثلاثة أوجه:
الأول: أنه عطل نفس النص الذي أُثبتت به الصفة، حيث جعله دالاً على التمثيل، مع أنه لا دلالة فيه عليه، وإنما يدل على صفة تليق بالله عز وجل.
الثاني: أنه عطل كل نص يدل على نفي مماثلة الله لخلقه.
الثالث: أنه عطل الله تعالى عن كماله الواجب، حيث مثله بالمخلوق الناقص.
والله اعلم
أعد المطويات: أبو أسامة سمير الجزائري
قدم لها: الشيخ علي الرملي حفظه الله المشرف العام على شبكة الدين القيم
مدونة المطويات الدعوية
تعليق