الكهانة التقنية

[أبو زخار عز الدين بن سالم]

بسم الله الرحمن الرحيم

الكهانة التقنية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فقد دخل كثير من الكهان ممن يدعي علم الغيب بيوت كثير من المسلمين عبر المحطات الفضائية والشبكة العنكبوتية بلا استئذان، واستغلوا ضعف الوازع الدعي وسذاجة الكثير للعب عليهم وسلب أموالهم بالباطل.

هؤلاء الكهان الذين يدعون علم الغيب سواء عن طريق النظر في النجوم أو الضرب بالحصى والخط على الرمل أو عن طريق الأبراج أو قراءة الكف والفنجان أو غير ذلك من صور الكهانة، ويأتوا بهيئة براقة وصورة مشرقة ويتخذون اسماء لامعة شيخ روحاني وعالم روحاني ومعالج روحاني ومدرب روحاني وكشف روحاني وميسر الأمور وكل هذا للضحك على السذج وأكل أموالهم بالباطل، وهؤلاء الكهان على خطر عظيم وجرم جسيم، ومن أتاهم أو دخل على مواقعهم ونظر في قنواتهم فصدقهم كفر.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمد)).
أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني.
من هذا الحديث يتين أن الكهانة محرمة، وكفر من أتي الكاهن فصدقهم، سواء ذهب إليهم في أماكنهم أو دخل على برامجهم ومواقعهم فصدقهم كفر، وأن الكاهن أولى بالكفر، حتى حكم عليه بعض أهل العلم بالقتل.

أما من أتاهم ولم يصدقهم سواء فتح التلفاز على قناتهم أو برنامجهم أو دخل على مواقهم ونظر في حساباتهم لم تقبل له صلاة أربعين يوم.
عن صفية، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أتى عرافا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)).
أخرجه مسلم.

ومما يستشهد به على كفر الكهنة.
عن زيد بن خالد الجهنى رضي الله عنه: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال: ((هل تدرون ماذا قال ربكم؟)).
قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: ((قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب. وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب)).
متفق عليه.

وإنه مما ينبغي أن ينبه عليه ويحذر منه خروج مجموعة من الكهان التقنيين ممن باع دينه بالدرهم والدينار واشترى بالدنيا الفانية العذاب الأليم خروجهم في نهاية كل عام إفرنجي عبر القنوات الفضائية وفي برامج التواصل وخلال مواقعهم العنكبوتية.

فإذا كان سيد ولد آدم وخير البشر ليس له من الأمر شيء ولا يعلم الغيب فكيف لهؤلاء الحثالة والكذبة علم الغيب؟!
قال الله تعالى للنبي عليه الصلاة والسلام: {ليس لك من الأمر شيء} فبطل التعلق بالنبي عليه الصلاة والسلام في جلب النفع ودفع الضر، وهو أيضا مصداق لقول الله تعالى: {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون} [الأعراف: 188].

فمن نظر لهؤلاء الكهان أو وفتح على قنواتهم فعلى خطر كبير إن صدقهم كفر وشاهدهم عبر برامجهم لم تقبل له صلاة أربعين يوم.

والجرم يتضاعف لمن فتح لهم القنوات واستقبلهم في برامجه.
عن جرير بن عبد الله رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء)).
أخرجه مسلم.
هذا وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الجمعة 10 جمادى الأول سنة 1442 هـ
الموافق لـ: 25 ديسمبر سنة 2020 ف