لا يُنْكر التّكفير في فكر سيّد قطب إلا جاهل أو معاند
بسم الله الرحمن الرحيم
أطلعني أحد الإخوة في الدين على تعليق في زاوية الرأي من جريدة الرياض العدد 13296 في 5/10/1425هـ (لمن سمّى نفسه يحيى حسن حسني على مقال للأستاذ سعود بن عبد الله القحطاني يحذر من فكر الأخوين سيّد ومحمد قطب التكفيري) تجاوز الله عنهم جميعاً لمعرفته بمقاطعتي الجرايد منذ ثلاثين سنة، جزاه الله خير الجزاء. ولأني لم أقرأ مقال القحطاني فلا يجوز لي الحكم عليه، أما محمد قطب فأكبر ما ظهر لي من أخطائه: إصراره على التجارة بفكر أخيه بعد ما بين كثير من العلماء وطلاب العلم بل ومن المفكرين فساد منهاج سيّد الفكري جملة وتفصيلاً، وأن كثيراً من آرائه: قولٌ على الله بغير علم وبخاصة في كتابه (في ظلال القرآن)، بل لقد أدرك سيّد بعض أخطاء منهاجه في الظلال ووعد بأن يحاول إصلاحها في الطبعة القادمة، ولم يتحقق ذلك حتى اليوم:
أ- ظن الأستاذ يحيى أن (ليس في فكر سيّد خطأ، وإنما الخطأ في القراءة الخاطئة والمتعجلة والمتعسفة، وأنه لم يكفر أحداً بدليل أنه لم يستخدم لفظ التكفير)، وإليه بعض نصوص التكفير في فكر سيد التي استخدم فيها لفظ الردة وهي أشنع من التكفير (الذي يشتمل على أكثر من نوع: الاعتقادي، والعملي، وكفر دون كفر)، فضلاً عن اتهام المسلمين منذ القرون الأولى (بتوقف وجود الإسلام والحياة الإسلامية والخروج نهائياً من دائرة وتعاليم الإسلام في سياسة الحكم)، وفي القرن الأخير (بالدخول في إطار المجتمع الجاهلي، وبالردة، وبالنكوص عن لا إله إلا الله، وبالشرك؛ ولو اعتقدوا بألوهية الله وحده وقدّموا الشعائر التعبدية لله وحده):
1- يقول سيد تجاوز الله عنه: (ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إله إلا الله وإن ظلّ فريق منها يردد على المآذن: (لا إله إلا الله)) في ظلال القرآن ص2009 ط. دار الشروق الشرعية (زعموا).
2- ويؤكد ذلك بقوله : (البشرية عادت إلى الجاهلية وارتدت عن لا إله إلا الله، فأعطت لهؤلاء العباد [الذين شرعوا السياسة والنظام والتقاليد والعادات والأزياء والأعياد] خصائص الألوهية، ولم تَعْد تُوحِّد الله وتخلص له الولاء، البشرية بجملتها بما فيها أولئك الذين يردّدون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها لا إله إلا الله بلا مدلول ولا واقع، وهؤلاء أثقل إثماً وأشد عذاباً يوم القيامة لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد من بعد ما تبين لهم الهدى، ومن بعد أن كانوا في دين الله) الظلال ص1057 ط. دار الشروق.
وفي المثالين السابقين بين سيد أنه يخصّ المسلمين من (البشرية) فهم وحدهم (يرددون على المآذن لا إله إلا الله)، وهم الذي (تبين لهم الهدى، وكانوا في دين الله)، وهم الذين اعتقدوا أن (لا إله إلا الله) قبل اتهامهم بالردة.
3- ويقول: (إنه ليست على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي) الظلال ص2122 ط. دار الشروق [غير الشرعية لأن أكثر الظلال قول على الله بغير علم] أما الشيخ محمد أبو زهرة أحد كبار علماء مصر في حياة سيد فيشيد في كتابه عن أحمد بن حنبل ص356 – 357 (بإقامة الدولة السعودية على شرع الله من فقه ابن حنبل برهاناً على أهلية الشريعة بفهم أئمة القرون المفضلة لبناء الدولة الحديثة عليها، وأن الله عوض ابن حنبل عن قلة أتباعه في الماضي بتوحيد معظم الجزيرة اليوم على مذهبه).
وأما الشيخ مشهور آل سلمان من كبار المحدثين في الأردن فيتبنّى (في كتابه العراق في أحاديث وآثار الفتن ص156) ما ردّ به الشيخ عبد الحق التركماني على نفي سيد الإسلام العملي والفقهي عن وجه الأرض: (وقد كتب [سيد] هذا الكلام وهو يعلم بأن الدولة [السعودية] قد قامت على عقيدة التوحيد وتطبيق الشريعة، لكن لا عجب أن يذهب سيد قطب إلى تكفيرها أيضاً لأنها رفضت المنهج الاشتراكي الذي اعتنقه سيد قطب) ج1 ص156.
4- ويقول سيد عن رواية غير مسندة لخطبة المنصور العباسي في القرن الثاني: (وبذلك خرجت سياسة الحكم نهائياً من دائرة الإسلام وتعاليمه) العدالة الاجتماعية ص168 ط. دار الشروق [غير الشرعية لمخالفتها شرع الله].
5- ويصف الذين زعم أن عثمان آثرهم بالعطاء من الصحابة والتابعين في القرن الأول: (وتنحل نفوس الذين لبسوا الإسلام رداءً ولم تخالط بشاشته قلوبهم) بعد أن وصف الثوار على عثمان رضي الله عنه بقوله: (تثور نفوس الذين أُشرِبَتْ نفوسهم روح الدين إنكاراً وتأثماً) العدالة ص161 ط. دار الشروق [غير الشرعية].
6- ويقول: (يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم أنها مسلمة، لا لأنها تعتقد بألوهية أحد غير الله ولا لأنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله.. [بل] لأنها لا تدين بالعبودية لله في نظام حياتها) معالم في الطريق ص101 ط. دار الشروق [غير الشرعية لمخالفتها شرع الله]. وبمثل هذا التخريف قاد سيّد الخوارج المُحْدثين إلى (ما لم يصل إليه الخوارج الأُوَل من) التكفير بالصغيرة أو ما يراه هو مباحاً ويمارسه حتى لحظة وفاته مثل حلق اللحية والالتزام باللباس الأوربي والأمريكي (البنطلون والجاكيت والكرافتة) وهو شرع بشري في نظام الحياة، فضلاً عن إباحته (أو إيجابه) إلغاء الرّق، والاستيلاء على الممتلكات الفردية الشرعية، وفرض الضرائب على التركات والدخل وغيرها لمواجهة الحاجات العاجلة والمتوقعة. أمّا تكفير من يعبد الله وحده بشرعه ويعتقد بألوهيته وحده؛ فذلك (قمّة) التكفير أو دَرَكه الأسفل من النار.
7- ويرسم سيّد منهجاً تكفيرياً لما يسميه حركات البعث الإسلامي بوصيّة لها (أن تتبين أن وجود الإسلام قد توقّف [منذ فترة طويلة]، فتسير بذلك على صراط الله وهداه) وتحذيرها من: (أن تظنّ لحظة واحدة أن الإسلام قائم وأن الذي يدعون الإسلام ويتسمّون بأسماء المسلمين هم فعلاً مسلمون؛ فتسير وراء سراب كاذب تلوح ليها فيه عمائم تحرّف الكَلِم عن مواضعه وترفع راية الإسلام على مساجد الضّرَار) العدالة ص185 و216 ط. دار الشروق [غير الشرعية].
8- وكما رأى أوائل الخوارج ـ بحجة العدالة الاجتماعية ـ أنّ الحلّ الوحيد هو الثورة على وليّ الأمر، دعا سيد شعب مصر إلى الثورة ـ قبل الثورة ـ: (الآن ينبغي أن تتولى الجماهير الكادحة المحرومة المغبونة [المصطلحات الشيوعية والاشتراكية والثورية الشيعية نفسها] قضيتها بيدها.. إن أحداً لن يقدم لهذه الجماهير عوناً إلا نفسها، فعليها أن تُعْنى بأمرها) معركة الإسلام والرأسمالية ص113 ط. الشروق [غير الشرعية].
ألا يرى المتعصبون لسيد فيما تقدم تكفيراً ولا إثارة للفتنة؟
ب- ظن الأستاذ يحيى: أن الله أنزل في مثل سيد وأخيه قوله تعالى: {منَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب: 23] وبمثل هذا الافتراء على الله وعلى أساب النزول ظن بعض الشيعة أن الله أنزل في علي رضي الله عنه ـ خاصة ـ قوله تعالى: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55] بحجة أنه كان راكعاً يصلي فطلب منه سائل صدقة فأشار إليه أن يأخذ خاتمه من أصبعه، وظن بعض المتصوفة المخرفين أن الله أنزل في مشايخهم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119] وليس لنا إلا أن نقرأ على كلٍّ منهم قول الله تعالى: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12].
ج- ظن يحيى أن عدد طبعات كتب سيد قطب دليلُ خيرٍ له، وأذكره بأن كتاب (ألف ليلة وليلة) تداوله الناس زمناً أطول وعدد طبعاته أكثر وأفخر وأفخم، وقبلهما تداول الناس كتب ابن عربي الفيلسوف الصوفي، وطبعوها، وتقربوا إلى الله بقراءتها ووقفها على المساجد، ومع أن دولة الدعوة إلى التوحيد والسنة في جزيرة العرب حرّمت تداولها في الثلاثة قرون الأخيرة لم يُحَرِّم علماء مصر تداولها إلا منذ سنوات قليلة، وقل مثل ذلك عن الكتاب الأحمر لماوتسي تونك ورأس المال لماركس، ولا أشك أن سيداً نشر من الفكر الاشتراكي أكثر مما نشر من فقة السنة.
هـ- ادّعى يحيى حسني ـ بلا بيّنة ـ أن الشيخ ابن باز والشيخ بكر أبو زيد والشيخ حمود الشعيبي أثنوا على سيّد قطب، والحقيقة أن ابن باز وبكر أبو زيد وأمثالهما من كبار علماء السنة لم يضيّعوا أوقاتهم في الاطلاع على فكر سيّد (وليتهم فعلوا ليكفوا المسلمين شرّه) ولا أستطيع الحزم بما قاله الشعيبي أو لم يقل، ولكنه مثل الشيخ عبد الرحمن الدوسري رحمهما الله لم يُعد من علماء بلاد التوحيد والسنة حتى ظهر له رأي فكري يخالف كبار علماء الأمة ويوافق أهواء الحركيين والحزبيين:
1- أما الشيخ ابن باز (ومثله أبو زيد وكثيرون غيرهما) فربّما صدّق الفرية التي روّجها المتعصبون لفكره وحزبه من أنه أُعْدم لمطالبته الثورة المصرية بتحكيم ما أنزل الله، والحقيقة التي يعرفها كل من يقرأ كتب سيد (الظلال والعدالة والمعركة والمعالم بخاصّة) بلا تعصّب ولا تحزّب: أن سيّد قطب زيّن للقائمين بالثورة الحكم بغير ما أنزل الله بوضعه في قالب إسلامي في كتابيه: العدالة الاجتماعية ومعركة الإسلام والرأسمالية (وكلاهما طُبع قبل إعلان الثورة بسنتين أو ثلاث) وبخاصّة في المعاملات (غير الشرعية) فقد سنّ الثورة طريق الاشتراكية بتحليله للدّولة ما حرّم الله من: (نزع الملكيّات والثروات جميعاً وإعادة توزيعها على أساس جديد ولو أنها قامَتْ ونَمَتْ بطريق شرعي) معركة الإسلام والرأسمالية ـ ص44 ـ ط. دار الشروق.
وادّعى ـ خلافاً لشرع الله ـ أن (حقّ المجتمع مطلق في المال وأن حق الملكية الفردية لا يقف في وجه هذا الحق العام) وافترى على الإسلام أنه (يعطي هذا الحق للدّولة لمواجهة الحاجات العاجلة ودفع الأضرار المتوقعة) المصدر نفسه ص43. وادّعى أن (في يد الدولة أن تفرض ضرائب خاصة غير الضرائب العامة كما تشاء) المصدر نفسه ص39. وأباح للدولة أن (تأخذ من الأفراد نسبة من الرّبح أو نسبة من رأس المال) العدالة الاجتماعية ـ ص123 ـ ط. دار الشروق. وافترى على الإسلام أنه (يَعْدّ العمل هو السبب الوحيد للملكية) المعركة ص40 ـ دار الشروق، ولم يَعْده من الشرع أو القوانين الوضعية إلا الشيوعية والاشتراكية. وحلّل للدّولة ما حرّمه الله من اغتصاب ما ملكه الفرد بغير العمل (المصدر نفسه ص52).
وادّعى أن المجتمع المسلم ـ إذا وُجد ـ (قد يحتاج إلى البنوك وشركات التأمين وتحديد النسل) في ظلال القرآن ـ ص2010 ـ دار الشروق. ولذلك (قربه قادة الثورة، وعمل معهم 12 ساعة يومياً مع بداية الثورة، وجعلوه موضع ثقتهم، ورشحوه لمناصب هامّة، وتشاوروا معه في مثل مسائل العمال والحركات الشيوعية التخريبية بينهم وفترة الانتقال والدستور، واستفرق في العمل معهم حتى فبراير عام 1953م، ثم بدأ الاختلاف معهم [إدارياً لا شرعياً] حول هيئة التحرير، ثم انضم إلى حزب الإخوان، وانتهى الأمر بسجنه ومحاكمته وشنقه لاعترافه بالتآمر لقتل رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ومدير مكتب عبد الحكيم عامر، واثنان من قادة الأمن، وتفجير محطة الكهرباء في القناطر، ونسف عدد من الجسور في القاهرة دفاعاً عن الحزب وأعضائه) كما كتبه بخط يده في مذكرة الدفاع عن نفسه التي نشرها أنصاره في جريدة (المسلمون) منذ العدد الثاني، وطبعها أنصاره ضمن سلسلة كتاب الشرق الأوسط بعنوان: (لماذا أعدموني) ص50-60.
وقال فؤاد علام في فصل إعدام سيد قطب ص165 من: (الإخوان وأنا): (وقطع سيّد لحظات الصمت القصيرة الرهيبة بقوله: للأسف الشديد لم ينجحوا في تنفيذ عملية نصف القناطر الخيرية.. لم أشعر في كلماته بنبرة ندم أو أسى). (البراءة للسّناني).
2- لما قرئ على الشيخ ابن باز سب سيد لمعاوية وعمرو بن العاص في كتابه (كتب وشخصيات) ص242-243 قال الشيخ : (كل هذا كلام قبيح وكلام منكر) براءة علماء الأمة من تزكية أهل البدعة والمذمة د. عصام السّناني الأستاذ في جامعة القصيم ص31.
ولما سئل رحمه الله: هل يُعَدّ اتّهام سيّد لهما بالنّفاق تكفيراً؟ أجاب (بأن سبّه لبعض الصحابة أو واحد منهم مُنْكر وفِسْق يستحق أن يؤدب عليه، ولكن إذا سب الأكثر وفسّقهم يَرْتَد لأنهم حملة الشرع، فإذا سبّهم قَدَح في الشرع)، وقال عن كتب سيّد التي سبّ فيها الصحابة رضي الله عنهم: (يجب أن تُمزّق) المصدر نفسه ص32.
ولكن إيران عوّضته بإصدار طابع بريد باسمه وصورته، وهو شرف لم ينله بعد (الآيات) إلا إرهابي معاصر اسمه (نوّاب صفوي) رئيس حزب (فدائيان إسلام)، وكافأته إيران بعدد كبير من التذكارات عرفتُ منها رَفْع اسم سيّد قطب على الطرق الشريعة والشوارع المهمة في سَبْع مُدُن إيرانية اعترافاً بتميزه في الجهر بالسوء على الجميع.
3- ولما قُرِئ على الشيخ ابن باز قول سيد (في الظلال ص2328 و340 عن الاستواء على العرش: (كناية عن الهيمنة) قال: (هذا كلّه كلام فاسد باطل يدل على أنه مسكين ضايع في التّفسير)، وقال عمّن يوصي بقراءة الظلال: (لا.. لا.. غلط، سنكتب عليه إن شاء الله) البراءة للسناني ص28. ولما عَلِمَ أن الشيخ ربيع المدخلي ردّ على كثير من أخطائه اكتفى بذلك وقال: (وهذا زين، الشيخ ربيع إذا ردّ عليه طيّب، جزاه الله خيراً) البراءة للسناني ص17.
4- ولما قرئ على الشيخ ابن باز رحمه الله وصف سيّد لموسى عليه السلام بأنه (الزعيم المندفع العصبي المزاج) ووصفه له (بالتّعصّب القومي والانفعال العصبي) التّصوير الفني في القرآن ص200-203 ط. دار الشروق [غير الشرعية] قال: (الاستهزاء بالأنبياء رِدَّة مستقلة) البراءة للسناني ص29.
وهل يجوز بعد هذا أن يقول يحيى أو غيره عن ابن باز أنه يثني على سيد؟
5- وأما الشيخ بكر أبو زيد شفاه الله فلم ينف عن سيّد حقيقة التكفير (في فكره) لجميع المسلمين (وهو موضع البحث في مقال سعود القحطاني وتعقيب يحيى حسني)، هو ينكر ما دون التكفير من سبّ وتنابز بالألقاب في كتابه (التّصنيف)، وأنكر تكفير سيد بقوله متشابه يوهم [في لفظ محمد قطب نفسه عنه أخيه] وحدة الوجود وخلق القرآن أو إجازة تشريع لم يأذن به الله رسالته المفترى عليه نشرها، وفي هذه الرسالة نفسها ذكر (أنه لم تكن له عناية بقراءة كتب سيد وإن تداولها الناس)، وطلب من الله المغفرة لسيد (كلامه المتشابه الذي جنح فيه بأسلوب وسّع فيه العباره لوصفه كلام الله بأنه من صُنْع الله لا من صنع الناس) وأشار إلى (عثرات في سياقات سيد واسترسال بعبارات ليته لم يتفوّه بها).
وقد ردّ الشيخ بكر على سيد وأمثاله ـ دون ذكر الأسماء ـ سب الصحابة فقال: (أطبق أهل الملة الإسلامية على أن الطعن في واحد من الصحابة رضي الله عنهم زندقة مكشوفه) التصنيف ص26. [وقد طعن سيد في أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه وجعل عهده فجوة بين عُمَر وعلي رضي الله عنهما (العدالة ص159-168 ط. دار الشروق). وسبّ اثنين من كبار الصحابة رواه الحديث (العدالة ص164، وكُتُب وشخصيات 242-243 ـ ط. دار الشروق). ولمز عدداً من الصحابة منهم خمسة من المبشرين بالجنة (العدالة 175)].
وأنكر بكر على سيد وأمثاله ـ دون ذكر الأسماء، في كتابيه: معجم المناهي اللفظية، وفقه النوازل ـ المواضعة في الاصطلاح ـ أنكر المصطلحات الحديثة التي أشاعها سيد وأتباعه في الأمة مثل: (الفكر الإسلامي، التصور الإسلامي، روح الاسلام، موقف الإسلام من الربا، رأي الشرع ورأي الدين ورأي الإسلام، تقنين الأحكام) إلخ.
فهل يجوز ليحيى أو لغيرها أن يدّعي ثناء بكر أبو زيد على سيد بإطلاق؟ وإذا كان يحيى يبحث عن الحق فليتعرَّف على رأي عدد من كبار العلماء والدعاة في فكر سيد قطب:
1- قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تفسير سيّد سورة الإخلاص: (قد قال قولاً عظيماً فيها مخالفاً لما عليه أهل السنة والجماعة يدل على أنه يقول بوجدة الوجود) مجلة الدعوة عدد 1591عام 1418هـ، (البراءة للسّناني ص41).
2- وقال الشيخ صالح اللحيدان رئيس المجلس الأعلى للقضاء عن كتاب سيد في ظلال القرآن: (هو مليء بما يخالف العقيدة فالرجل رحمه الله ليس من أهل العلم) وقال عن كُتُبه عامة: (لا تُعَلم العقيدة ولا تُقرِّر الأحكام ولا يُعْتَمد عليها في ذلك) درس مسجل في المسجد النبوي في 23/10/1418هـ (البراءة للسّناني ص52-53).
3- وقال الشيخ د. صالح الفوزان عن تفسير سيّد قطب لقول الله تعالى: {وفي الرّقاب}: (هذا كلام باطل وإلحاد، [وهو وأمثاله] نعذرهم بالجهل فلا نقول إنهم كفار لأنهم جهال أو مقلّدون، وإلا الكلام خطير لو قاله إنسان متعمداً [عالماً] ارتد عن الإسلام)، (البراءة ص4.
4- وقال المحدث الألباني رحمه الله معلّقاً بخط يده على كتاب (العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم) للشيخ ربيع المدخلي: (كلُّ ما رَدَدْتَه على سيد قطب حق وصواب، ومنه يتبين لكل قارئ على شيء من الثقافة الإسلامية أن سيد قطب لم يكن على معرفة بالإسلام)، وقال عن سيد: (نقل كلام الصوفية ولا يمكن أن يفهم منه إلا أنه يقول بوحدة الوجود) البراءة ص33 و35.
5- ونصح الشيخ عبد الله الغديان (عضو هيئة كبار العلماء) الشباب بعدم قراءة كتب سيد قطب (البراءة للسّناني ص54).
6- وقال الشيخ عبد المحسن العباد عالم المدينة ورئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً: (سيد قطب ـ كما يتضح من مؤلفاته ـ كاتب من الكتاب وليس من العلماء الذي يعوَّل على كلامهم في المسائل العلمية، وهو عندما يكتب بانفعال وحماس ينفلت منه القلم وتزل به القدم فيقع في أخطاء فادحة كانتقاص موسى عليه السلام والطَّعن في عثمان رضي الله عنه ومَدْح الثورة عليه: (كانت أقرب إلى روح الإسلام من موقف عثمان أو بالأدق من موقف مروان ومن ورائه بنو أميّة) التصوير الفني في القرآن ص162-189 ط. دار الشروق، وطَعْنِه في معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما) 1421هـ، البراءة للسّناني ص55-57.
7- وقال الشيخ حمّاد الأنصاري الأستاذ بالجامعة الإسلامية رحمه الله عن وصف سيّد الإسلام في المعركة ص61 بأنه (العقيدة الوحيدة الإيجابية الإنشائية التي تصوغ من المسيحية والشيوعية معاً مزيجاً كاملاً يضمن أهدافهما جميعاً ويزيد عليهما التّوازن والتناسق والاعتدال) قال: (لو كان حيّاً فيجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتداً ولو مات فيجب أن يبين أن هذا الكلام باطل، ولا نكفره لأننا لا نُقِمْ عليه الحجّة) البراءة للسّناني ص60 عن العواصم للمدخلي ص24.
8- وحذَّر الشيخ صالح آل الشيخ (بقيّة علماء الدعوة) إضافة إلى ما سبق ـ من تقسيم سيّد قطب الفقه (في تفسير سورة يوسف من الظلال) إلى: (فقه الواقع والحركة، أما فقة الأوراق ـ من فقه علماء المسلمين السّابقين فإنه لا بدّ له من مجتمع يطبّقه، فإذا لم نوجد هذا المجتمع فإننا لا نحتاج إلى العناية به). فعلى طالب العلم أن يحرص على دراسة كتب السلف الصالح، أما الكتب المشتملة على الباطل ـ وذكر أمثلة منه في كتب سيّد قطب ـ فإن قراءة طالب العلم المبتدئ فيها قد تُوقِع قَلْبَه ونفسه في شبهه) شرح كتاب مسائل الجاهلية شريط 7 وجه2 (البراءة للسّناني ص75-76).
9- وكان الشيخ عبد الله الدّويش ـ حسب ظني ـ أوّل من دَرس كتاب سيد قطب (في ظلال القرآن) دراسة دقيقة وردّ عليه أهم مخالفاته شرع الله في كتابه العزيز: (المورد العذب الزّلال في التّنبيه على أخطاء الظلال).
10- وكان الشيخ د. ربيع بن هادي المدخلي ـ حسب ظني ـ أوّل من درس فكر سيد قطب ـ بعامّة ـ دراسة شرعية وردّ عليه أخطر مخالفاته كتاب الله وسُنة رسوله وفقه الأئمة المعتد بهم في الدين، وخصص كتب من مؤلفاته لبيان ذلك وأشملها كتابه الفريد (العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم)، هدى الله سعود ويحيى ومحمد وهدانا جميعاً لأقرب من هذا رشدا.
الرياض – شوال 1425هـ.