لا إله إلا الله وما يتعلق بها
ومعنى لا إله إلا الله : أي لا معبود بحق إلا الله ودليل ذلك قوله تعالى " ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ "
والعبادة : اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة .
ولقبول العبادة شرطان فلا يقبل أي عمل مما يتقرب به إلى الله عز وجل إلا بهما :
الشرط الأول : إخلاص العمل لله وحده لا شريك له والدليل على ذلك قوله تعالى " وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ "
الشرط الثاني : المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق عليه
2ـ أركان لا إله إلا الله : لهذه الكلمة العظيمة ركنان هما النفي والإثبات فالركن الأول "لا إله" وهو نفي العبادة عما سوى الله والركن الثاني "إلا الله" وهو إثبات العبادة لله وحده وإفراده سبحانه بجميع أنواع العبادة والدليل على ذلك قوله تعالى " فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى " فقوله " فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ " معنى الركن الأول "لا إله" وقوله "وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ" هو معنى الركن الثاني "إلا الله" .
3ـ شروط لا إله إلا الله :هذه الكلمة الطيبة لها شروط يعلق انتفاع قائلها بها وقد دلت على هذه الشروط نصوص الكتاب والسنة واستقراء العلماء ؛ وليس المراد من هذه الشروط حفظها وذكر ألفاظها ولكن المقصود مراعاتها والتزامها فقد تجتمع في شخص ولا يحسن تعدادها وقد يحفظها شخص آخر ويقع بما يناقضها :
1ـ العلم بمعنى لا إله إلا الله كما قال الله تعالى " فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " وقال صلى الله عليه وسلم " من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة " رواه مسلم
2ـ اليقين المنافي للشك قال الله تعالى " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة " رواه مسلم
3ـ القبول المنافي للرد قال الله تعالى " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ "
4ـ الانقياد لما دلت عليه قال الله تعالى " وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى " ومعنى "يُسْلِمْ وَجْهَهُ" أي ينقاد ويخضع ؛ وقال صلى الله عليه وسلم " ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم .. " رواه البخاري ومسلم
5ـ الصدق : وهو أن يقول هذه الكلمة صادقا من قلبه كما قال صلى الله عليه وسلم " من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صادقا من قلبه دخل الجنة " أخرجه أحمد والنسائي وصححه الألباني
6- الإخلاص المنافي للشرك قال الله تعالى " وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ " وقال صلى الله عليه وسلم " من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل الجنة " أخرجه ابن حبان وأحمد وصححه الألباني ؛ وفي الحديث " من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار " أخرجه مسلم
7- المحبة المنافية لضدها من البغض والكراهية لقوله تعالى " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ " وقال تعالى " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " وقال صلى الله عليه وسلم " أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله " رواه الطبراني وصححه الألباني
وقد نظم الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله هذه الشروط فقال :
العلمُ واليقينُ والقبـــــــولُ والانقياد فادر ما أقول
والصدق والإخلاص والمحبة وفقك الله لما أحبـــــه
وأضاف بعضهم شرطاً ثامناً ونظمه بقوله :
وزيد ثامنُها الكفران منك بما سوى الإله من الأوثان قد ألها
الأول : الشرك في عبادة الله قال تعالى "إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ" وقوله " إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ " ومنه الذبح لغير الله كمن يذبح للجن أو للقبور .
الثاني : من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم فقد كفر إجماعاً.
الثالث : من لم يكفّر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر .
الرابع : من اعتقد أن غير هدى النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه أو أن حكم غيره أحسن من حكمه كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر .
الخامس : من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به كفر .
السادس : من استهزأ بشيء من دين الرسول أو ثوابه أو عقابه كفر والدليل قوله تعالى " قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ " .
السابع : السحر ومنه الصرف والعطف فمن فعله أو رضي به كفر والدليل قوله تعالى " وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ " .
الثامن : مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين والدليل قوله تعالى " وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " .
التاسع : من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه الصلاة السلام فهو كافر .
العاشر : الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به والدليل قوله تعالى " وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ " .
ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره وكلها من أعظم ما يكون خطراً وأكثر ما يكون وقوعاً فينبغي للمسلم أن يحذرها ويخاف منها نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه . اهـ من مجموع مؤلفات الشيخ رحمه الله
جمعها وأعدها
أبو صفية
حسام بن أحمد بن عبد الحكيم السوهاجي