قال ابن القيم رحمه الله في الصواعق المرسلة 381
هذا الطاغوت لهج به المتأخرون والتجأ إليه المعطلون جعلوه جنة يتترسون بها من سهام الراشقين ويصدون به حقائق الوحي المبين.
فمنهم من يقول : الحقيقة هي المعنى الذي وضع له أولا ، ومنهم من يقول : الحقيقة هي المعنى الذي وضع له اللفظ أولا، والمجاز استعمال اللفظ فيما وضع له ثانيا، فهاهنا ثلاثة أمور ، لفظ ومعنى واستعمال ، فمنهم من جعل مورد التقسيم الوضع الأول ، ومنهم من جعله الثاني ، ومنهم من جعله الثالث ، والقائلون حقيقة اللفظ كذا ومجازه كذا، يجعلون الحقيقة والمجاز من عوارض المعاني ، فإنهم إذا قالوا مثلا: حقيقة الأسد هو الحيوان المفترس ومجازه الرجل الشجاع ، جعلوا الحقيقة والمجاز للمعاني لا للألفاظ ، وإذا قالوا هذا الاستعمال حقيقة وهذا الاستعمال مجاز جعلوا ذلك من توابع الاستعمال ، وإذا قالوا هذا اللفظ حقيقة في كذا مجاز في كذا جعلوا ذلك من عوارض الألفاظ ، وكثير منهم يوجد في كلامه هذا وهذا وهذا....
ثم قال رحمه الله:
هذا الطاغوت لهج به المتأخرون والتجأ إليه المعطلون جعلوه جنة يتترسون بها من سهام الراشقين ويصدون به حقائق الوحي المبين.
فمنهم من يقول : الحقيقة هي المعنى الذي وضع له أولا ، ومنهم من يقول : الحقيقة هي المعنى الذي وضع له اللفظ أولا، والمجاز استعمال اللفظ فيما وضع له ثانيا، فهاهنا ثلاثة أمور ، لفظ ومعنى واستعمال ، فمنهم من جعل مورد التقسيم الوضع الأول ، ومنهم من جعله الثاني ، ومنهم من جعله الثالث ، والقائلون حقيقة اللفظ كذا ومجازه كذا، يجعلون الحقيقة والمجاز من عوارض المعاني ، فإنهم إذا قالوا مثلا: حقيقة الأسد هو الحيوان المفترس ومجازه الرجل الشجاع ، جعلوا الحقيقة والمجاز للمعاني لا للألفاظ ، وإذا قالوا هذا الاستعمال حقيقة وهذا الاستعمال مجاز جعلوا ذلك من توابع الاستعمال ، وإذا قالوا هذا اللفظ حقيقة في كذا مجاز في كذا جعلوا ذلك من عوارض الألفاظ ، وكثير منهم يوجد في كلامه هذا وهذا وهذا....
ثم قال رحمه الله:
فنقول تقسيمكم الألفاظ ومعانيها واستعمالها فيها إلى حقيقة ومجاز؛ إما أن يكون عقليا أو شرعيا ، أو لغويا أو اصطلاحيا ، والأقسام الثلاثة باطلة ، فإن العقل لا مدخل له في دلالة اللفظ وتخصيصه بالمعنى المدلول عليه حقيقة كان أو مجازانفإن دلالة اللفظ على معناهليس كدلالة الآنكسار على الكسر أو الانفعال على الفعل ، ولو كانت عقلية لما اختلفت باختلاف الأمم ولما جهل أحد معنى لفظ، والشرع لم يرد بهذا التقسيم ولا دل عليه ولا اشار غليه ، وأهل اللغة لم يصرح أحد منهم بأن العرب قسمت لغاتها إلى حقيقة ومجاز ، ولا قال أحد من العرب قط: هذا الفظ حقيقة وهذا مجاز ، ولا يوجد في كلام الخليل وسيبويه والفراء وأبي عمرو بن العلاء والأصمعي وأمثالهم ،كما لم يوجد ي كلام رجل واحد من الصحابة ولا من التابعين ولا تابعي التابعين ولا في كلام أحد من الأئمة الأربعة .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في المجموع (7/62):
وهذا كله يصح لو علم أن الألفاظ العربية وضعت أولا لمعان ، ثم بعد ذلك استعملت فيها ، فيكون لها وضع متقدم على الاستعمال.وهذا إنما يصح على قول من قيجعل اللغات اصطلاحية ، فيدعي أن قوما من العقلاء اجتمعوا واصطلحوا على أن يسموا هذا بكذا ، وهذا بكذا ، ويجعل هذا عاما في جميع اللغات ، وهذا القول لا نعرف أحدا من المسلمين قاله قبل ابي هاشم الجبائي.
وقال أيضا في المجموع (7/65):
ثم يقال ثانيا : هذا التقسيم لا حقيقة له، وليس لمن فرق بينهما حد صحيح يميز به بين هذا وهذا، فعلم أن هذا التقسيم باطل ، وهو تقسيم من لم يتصور ما يقول ، بل يتكيم بلا علم فهم مبتدعة في الشرع، مخالفون للعقل ؛ وذلك أنهم قالوا : الحقيق اللفظ المستعمل فيما وضع له ، والمجاز : هو المستعمل في غير ما وضع له ، فاحتاجوا إلى إثبات الوضع السابق على الاستعمال وهذا يتعذر .
تعليق