صيانة الإنسان من وسوسة المعتزلة العصريين القائلين بعدم دخول الجان إلى جسم الإنسان
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذه مباحث مختصرة انتقيتها من الشبكة (على عجل ولم أشأ التوسع في البحث ولعله في وقت آخر إن شاء الله) في الرد على المعتزلة العصريين الذين ينكرون تلبس الجني بالإنسان سائلا الله أن ينفع بها .
أبو أسامة سمير الجزائري
أولاً: الأدلة من القرآن الكريم
قال تعالي: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ .
قال الإمام الحافظ ابن كثير:: أي لا يقومون إلا كما يقوم المصروع حالة صرعه وتخبط الشيطان له .
قال الإمام الطبري:: لا يقومون في الآخرة من قبورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ويعني بذلك يتخبطه الشيطان في الدنيا فيصرعه من المس: يعني الجنون .
قال الإمام القرطبي:: في هذه الآية دليل على فساد من أنكر الصرع من جهة الجن وزعم أنه من فعل الطبائع، وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان ولا يكون منه مس .
يقول الإمام الآلوسي :: إن الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا قياماً كقيام المصروع فى الدنيا والتخبط: تفعل بمعني فعل وأصله ضرب متوال على أنحاء مختلفة، أما عن قوله تعالي ﴿مِنَ الْمَسِّ﴾ فيقول: أي الجنون، يقال: مس الرجل فهو ممسوس إذا جن، وأصله اللمس باليد، وسمي به لأن الشيطان قد يمس الرجل وأخلاطه مستعدة للفساد فتفسد ويحدث الجنون(
ثانيا: الأدلة من السنة النبوية
ومن حديث يعلي بن مرة ا قال عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أتته امرأة بابن لها قد أصابه لمم فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أخرج عدو الله أنا رسول الله» قال: فبرأ فأهدت له كبشين وشيئاً من أقط وسمن فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يا علي خذ الأقط والسمن وخذ أحد الكبشين ورد عليها الآخر».
وعن عثمان بن أبي العاص قال: لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الطائف جعل يعرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي فلما رأيت ذلك رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال ابن أبي العاص: قلت: نعم يا رسول الله قال: «ما جاء بك»؟
قلت: يا رسول الله عرض لي شيء في صلواتي حتى ما أدري ما أصلي قال ذاك الشيطان أدنه فدنوت منه فجلست على صدور قدمي قال فضرب صدري بيده وتفل في فمي وقال: «أخرج عدو الله ففعل ذلك ثلاث مرات ثم قال: الحق بعملك»
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الشيطان يجري من الإنسان مجري الدم»
وفي رواية: «فإن الشيطان يجري من أحدكم مجري الدم»
وعن ابن مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل في الصلاة يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم وهمزه ونفخه ونفثه»
قال: فهمزه: الموته: (نوع من الجنون والصرع).
ونفثه: الشعر
. ونفخه: الكبرياء.
وعن خارجة بن الصلت عن عمه أنه أتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأسلم، ثم أقبل راجعاً من عنده، فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد، فقال أهله: إنا حُدثنا أن صاحبكم هذا قد جاء بخير فهل عندكم شيء تداوونه به، فرقيته بفاتحة الكتاب، فبرأ فأعطوني مائة شاة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته، فقال: «هل قلت غير هذا»؟ قلت: لا.
قال: «فخذها، فلعمري لمن أكل برقية باطل، لقد أكلت برقية حق».
وفي رواية: فرقاه بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام، غدوة وعشية كلما ختمها جمع بزاقه ثم تفل .
ثالثا: آراء أهل العلم
1. يقول الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية:: وجود الجن ثابت بالقرآن والسنة وإتفاق سلف الأمة وكذلك دخول الجن في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة، وهو أمر مشهور محسوس لمن تدبره، يدخل في المصروع، ويتكلم بكلام لا يعرفه، بل ولا يدري به.
2. يقول عبد الله بن أحمد بن حنبل:: قلت لأبي: إن أقوامًا يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنس؟
فقال: يا بني يكذبون، هو ذا يتكلم على لسانه.
3. قال الإمام ابن حزم:: وصح أن الشيطان يمس الإنسان الذي يسلطه الله عليه مسا، كما جاء في القرآن يثير به من طبائعه السوداء والأبخرة المتصاعدة إلى الدماغ، كما يخبر به عن نفسه كل مصروع، بلا خلاف منهم، فيحدث الله عز وجل الصرع والتخبط حينئذ كما نشاهده، وهذا هو نص القرآن وما توجبه المشاهدة.
4. ويقول الإمام ابن القيم الجوزيه:: الصرع نوعان، صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية وصرع من الأخلاط الرديئة وهي التى تسمي الآن عند الأطباء (كهرباء زائدة بالمخ.
5. ويقول الشيخ ابن عثيمين:: ومن عدوان الجن على الإنس أن الجني يصرع الإنسي فيطرحه، ويدعه يضطرب حتى يغمي عليه، وربما قاده إلى ما فيه هلاكه من إلقائه في حفرة أو ماء يغرقه، أو نار تحرقه وقد شبه الله تعالي آكلي الربا عند قيامهم من قبورهم بالمصروع الذي يتخبطه الشيطان كما قال الله عز وجل: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾
قال ابن جرير : وهو الذي يتخبطه فيصرعه.
وقال البغوي :: يتخبطه الشيطان أي يصرعه ومعناه أن آكل الربا يبعث يوم القيامة كمثل المصروع.
6. ومن فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية
سؤال: يمرض الإنسان فيصبح يتكلم بكلام غير عادي فيقول الناس أنه ممسوس بجن هل هذا صحيح أم لا. ويأتون بحافظ القرآن فيقرأ عليه حتى يرجع إلى حالته العادية، وكذلك في الزفاف يربطون العريس بقراءة خاصة لا يستطيع أن يجامع زوجته أثناء دخوله هل هذا صحيح؟
الجواب: الجن صنف من مخلوقات الله ورد ذكرهم في القرآن الكريم والسنة وهم مكلفون، مؤمنهم في الجنة وكافرهم في النار، ومس الجن للإنسان أمر معلوم من الواقع وتستعمل للعلاج من مسه الأدوية الشرعية من الدعاء والقراءة عليه بشيء من القرآن.
ثانيا: أما قراءة شيء ليلة الزواج بحيث يكون العريس مربوطا عن زوجته ليلة الزفاف أو عند العقد فلا يجامعها فهذا نوع من السحر، والسحر محرم لا يجوز تعاطيه وقد ثبت النهي عن تعاطيه في القرآن والسنة، وأن حد الساحر القتل.
وصلي الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرازق عفيفي عبد العزيز بن باز
7. رد الشيخ الألباني :
على إنكار دخول الجان في جسم الإنسان:
فأجاب: :.
وقفت على كتاب عجيب من غرائب ما طبع في العصر الحاضر بعنوان (طليعة استحالة دخول الجان في بدن الإنسان) لمؤلفه أبو عبد الرحمن إيهاب ابن حسين الأثري، كذا الأثري موضه العصر وهذا العنوان وحده يغني القارئ اللبيب عن الإطلاع على ما في الكتاب من الجهل والضلال، والانحراف عن الكتاب والسنة، باسم الكتاب والسنة ووجوب الرجوع إليهما، فقد عقد فصلا في ذلك، وفصلا آخر في البدعة وذمها وأنها على عمومها بحيث يظن من لم يتتبع كلامه وما ينقله عن العلماء في تأييد ما ذهب إليه من الاستحالة أنه سلفي أو أثري كما انتسب مائة في المائة والواقع الذي يشهد به كتابه أنه خلفي معتزلي من أهل الأهواء، يضاف إلى ذلك أنه جاهل بالسنة والأحاديث، إلى ضعف شديد باللغة العربية وآدابها، حتى كأنه شبه عامي، ومع ذلك فهو مغرور بعلمه، معجب بنفسه، لا يقيم وزنا لائمة السلف الذين قالوا بخلاف عنوانه كالإمام أحمد وابن تيمية وابن القيم، والطبري وابن كثير والقرطبي، والإمام الشوكاني وصديق حسن خان القنوجي، ويرميهم بالتقليد على قاعدة (رمتني بدائها وانسلت) ...
وكذلك لم يقدم أي دليل من الكتاب والسنة على ما زعمه من الاستحالة بل توجه بكليته إلى تأويل قوله تعالي المؤيد للدخول الذي نفاه.
﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ .
تأويلاً ينتهي به إلى إنكار المس الذي فسره العلماء بالجنون وإلى موافقة بعض الأشاعرة والمعتزلة الذين فسروا المس بوسوسة الشيطان المؤذية وهذا تفسير بالمجاز، وهو خلاف الأصل، ولذلك أنكره أهل السنة كما سيأتي، وهو ما صرح به نقلًا عن الفخر الرازي الأشعري ص76، 78: أن الشيطان يمس الإنسان فيجن ونقلا ص89 عن غيره أنه قال: كأن الجن مسه وعليه خص المس هذا بمن خالف شرع الله ص22 وما كان ليمس أحد.
ولو سلمنا جدلًا أن الأمر كما قال فلا يلزم منه عند العلماء ثبوت دعوى النفي، لإمكان وجود دليل آخر على الدخول كما في هذا الحديث الصحيح بينما توهم الرجل أنه برده دلالة الآية على الدخول ثبت نفيه إياه، وليس الأمر كذلك لو سلمنا برده، فكيف وهو مردود عليه بهذا الحديث الصحيح وحديث يعلي بن مرة المتقدم وبهما تفسير الآية ويبطل تفسيره إياها بالمجاز.
ومن جهل الرجل وتناقضه أنه بعد أن فسر الآية بالمجاز الذي يعني أنه لامس حقيقة، عاد ليقول ص93 واللغة أجمعت على أن المس الجنون ولكنه فسره على هواه فقال: أي من الخارج لا من الداخل قال: ألا تري مثلا الكهرباء وكيف تصعق الماس لها من الخارج هرائه. فإنه دخل في تفاصيل تتعلق بأمر غيبي قياسًا على أمور مشاهدة مادية، وهذا خلاف المنهج السلفي الذي تقدم نقله عنه ومع ذلك فقد تعامي عما هو معروف في علم الطب أن هناك جراثيم تفتك من الداخل كجرثومة (كوخ) في مرحلته الثالثة.
فلا مانع عقلًا أن تدخل الجان من الخارج إلى بدن الإنسان وتعمل عملها وأذاها فيه من الداخل، كما لا مانع من خروجها منه بسبب أو آخر وقد ثبت كلا الأمرين في الحديث فأمنا به، ولم نضرب كما فعل المعتزلة وأمثالهم من أهل الأهواء وهذا المؤلف (الأثري) زعم منهم كيف لا وقد تعامي عن حديث الترجمة، فلم يخرجه البتة في جملة الأحاديث الأخري التى خرجها وساق ألفاظها من ص111 إلى ص 126 وهو صحيح جدًا كما رأيت وهو إلى ذلك لم يأخذ من مجموع تلك الأحاديث ما دل عليه هذا الحديث من إخراجه صلى الله عليه وآله وسلم للشيطان من ذاك المجنون وهي معجزة عظيمة من معجزاته صلى الله عليه وآله وسلم بلا خلاف بين رواية (أخرج عدو الله) ورواية (اخسأ عدو الله) فقد أورد على نفسه ص124 قول بعضهم إن الإمام الألباني قد صحح الحديث (فعقب عليه بقوله) فهذا كذب مفتري .
ثم ساق كلامي فيه، ونص على ما في آخره كما تقدم: وبالجملة فالحديث بهذه المتابعات جيد والله أعلم.
قلت: فتكذيبه المذكور غير وارد إذن، ولعل العكس هو الصواب وقد صرح هو بأنه ضعيف دون أي تفصيل ص22 واغتر به البعض نعم، لقد شكك في دلالة الحديث على الدخول بإشادته إلى الخلاف الواقع في الروايات، وقد ذكرت لفظين منها آنفا، ولكن ليس يخفي على طلاب هذا العلم المخلصين أنه ليس من العلم في شيء أن تضرب الروايات المختلفة بعضها ببعض، وإنما علينا أن نأخذ منها ما اتفق عليه الأكثر، وإن مما لا شك فيه أن اللفظ الأول (أخرج) أصح من (اخسأ) لأنه جاء في خمس روايات من الأحاديث التى ساقها واللفظ الأخر في روايتين منها فقط على أني لا أي بينهما خلاف كبير في المعني، فكلاهما يخاطب بهما شخص، أحدهما صريح في أن المخاطب داخل المجنون والآخر يدل عليه ضمنا.
وفي الختام أقول: ليس غرض مما تقدم إلا إثبات ما أثبته الشرع من الأمور الغيبية والرد على من ينكرها .
انتقاه من الشبكة
أبو أسامة سمير الجزائري
9 ذو القعدة 1432
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذه مباحث مختصرة انتقيتها من الشبكة (على عجل ولم أشأ التوسع في البحث ولعله في وقت آخر إن شاء الله) في الرد على المعتزلة العصريين الذين ينكرون تلبس الجني بالإنسان سائلا الله أن ينفع بها .
أبو أسامة سمير الجزائري
أولاً: الأدلة من القرآن الكريم
قال تعالي: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ .
قال الإمام الحافظ ابن كثير:: أي لا يقومون إلا كما يقوم المصروع حالة صرعه وتخبط الشيطان له .
قال الإمام الطبري:: لا يقومون في الآخرة من قبورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ويعني بذلك يتخبطه الشيطان في الدنيا فيصرعه من المس: يعني الجنون .
قال الإمام القرطبي:: في هذه الآية دليل على فساد من أنكر الصرع من جهة الجن وزعم أنه من فعل الطبائع، وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان ولا يكون منه مس .
يقول الإمام الآلوسي :: إن الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا قياماً كقيام المصروع فى الدنيا والتخبط: تفعل بمعني فعل وأصله ضرب متوال على أنحاء مختلفة، أما عن قوله تعالي ﴿مِنَ الْمَسِّ﴾ فيقول: أي الجنون، يقال: مس الرجل فهو ممسوس إذا جن، وأصله اللمس باليد، وسمي به لأن الشيطان قد يمس الرجل وأخلاطه مستعدة للفساد فتفسد ويحدث الجنون(
ثانيا: الأدلة من السنة النبوية
ومن حديث يعلي بن مرة ا قال عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أتته امرأة بابن لها قد أصابه لمم فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أخرج عدو الله أنا رسول الله» قال: فبرأ فأهدت له كبشين وشيئاً من أقط وسمن فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يا علي خذ الأقط والسمن وخذ أحد الكبشين ورد عليها الآخر».
وعن عثمان بن أبي العاص قال: لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الطائف جعل يعرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي فلما رأيت ذلك رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال ابن أبي العاص: قلت: نعم يا رسول الله قال: «ما جاء بك»؟
قلت: يا رسول الله عرض لي شيء في صلواتي حتى ما أدري ما أصلي قال ذاك الشيطان أدنه فدنوت منه فجلست على صدور قدمي قال فضرب صدري بيده وتفل في فمي وقال: «أخرج عدو الله ففعل ذلك ثلاث مرات ثم قال: الحق بعملك»
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الشيطان يجري من الإنسان مجري الدم»
وفي رواية: «فإن الشيطان يجري من أحدكم مجري الدم»
وعن ابن مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل في الصلاة يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم وهمزه ونفخه ونفثه»
قال: فهمزه: الموته: (نوع من الجنون والصرع).
ونفثه: الشعر
. ونفخه: الكبرياء.
وعن خارجة بن الصلت عن عمه أنه أتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأسلم، ثم أقبل راجعاً من عنده، فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد، فقال أهله: إنا حُدثنا أن صاحبكم هذا قد جاء بخير فهل عندكم شيء تداوونه به، فرقيته بفاتحة الكتاب، فبرأ فأعطوني مائة شاة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته، فقال: «هل قلت غير هذا»؟ قلت: لا.
قال: «فخذها، فلعمري لمن أكل برقية باطل، لقد أكلت برقية حق».
وفي رواية: فرقاه بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام، غدوة وعشية كلما ختمها جمع بزاقه ثم تفل .
ثالثا: آراء أهل العلم
1. يقول الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية:: وجود الجن ثابت بالقرآن والسنة وإتفاق سلف الأمة وكذلك دخول الجن في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة، وهو أمر مشهور محسوس لمن تدبره، يدخل في المصروع، ويتكلم بكلام لا يعرفه، بل ولا يدري به.
2. يقول عبد الله بن أحمد بن حنبل:: قلت لأبي: إن أقوامًا يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنس؟
فقال: يا بني يكذبون، هو ذا يتكلم على لسانه.
3. قال الإمام ابن حزم:: وصح أن الشيطان يمس الإنسان الذي يسلطه الله عليه مسا، كما جاء في القرآن يثير به من طبائعه السوداء والأبخرة المتصاعدة إلى الدماغ، كما يخبر به عن نفسه كل مصروع، بلا خلاف منهم، فيحدث الله عز وجل الصرع والتخبط حينئذ كما نشاهده، وهذا هو نص القرآن وما توجبه المشاهدة.
4. ويقول الإمام ابن القيم الجوزيه:: الصرع نوعان، صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية وصرع من الأخلاط الرديئة وهي التى تسمي الآن عند الأطباء (كهرباء زائدة بالمخ.
5. ويقول الشيخ ابن عثيمين:: ومن عدوان الجن على الإنس أن الجني يصرع الإنسي فيطرحه، ويدعه يضطرب حتى يغمي عليه، وربما قاده إلى ما فيه هلاكه من إلقائه في حفرة أو ماء يغرقه، أو نار تحرقه وقد شبه الله تعالي آكلي الربا عند قيامهم من قبورهم بالمصروع الذي يتخبطه الشيطان كما قال الله عز وجل: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾
قال ابن جرير : وهو الذي يتخبطه فيصرعه.
وقال البغوي :: يتخبطه الشيطان أي يصرعه ومعناه أن آكل الربا يبعث يوم القيامة كمثل المصروع.
6. ومن فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية
سؤال: يمرض الإنسان فيصبح يتكلم بكلام غير عادي فيقول الناس أنه ممسوس بجن هل هذا صحيح أم لا. ويأتون بحافظ القرآن فيقرأ عليه حتى يرجع إلى حالته العادية، وكذلك في الزفاف يربطون العريس بقراءة خاصة لا يستطيع أن يجامع زوجته أثناء دخوله هل هذا صحيح؟
الجواب: الجن صنف من مخلوقات الله ورد ذكرهم في القرآن الكريم والسنة وهم مكلفون، مؤمنهم في الجنة وكافرهم في النار، ومس الجن للإنسان أمر معلوم من الواقع وتستعمل للعلاج من مسه الأدوية الشرعية من الدعاء والقراءة عليه بشيء من القرآن.
ثانيا: أما قراءة شيء ليلة الزواج بحيث يكون العريس مربوطا عن زوجته ليلة الزفاف أو عند العقد فلا يجامعها فهذا نوع من السحر، والسحر محرم لا يجوز تعاطيه وقد ثبت النهي عن تعاطيه في القرآن والسنة، وأن حد الساحر القتل.
وصلي الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرازق عفيفي عبد العزيز بن باز
7. رد الشيخ الألباني :
على إنكار دخول الجان في جسم الإنسان:
فأجاب: :.
وقفت على كتاب عجيب من غرائب ما طبع في العصر الحاضر بعنوان (طليعة استحالة دخول الجان في بدن الإنسان) لمؤلفه أبو عبد الرحمن إيهاب ابن حسين الأثري، كذا الأثري موضه العصر وهذا العنوان وحده يغني القارئ اللبيب عن الإطلاع على ما في الكتاب من الجهل والضلال، والانحراف عن الكتاب والسنة، باسم الكتاب والسنة ووجوب الرجوع إليهما، فقد عقد فصلا في ذلك، وفصلا آخر في البدعة وذمها وأنها على عمومها بحيث يظن من لم يتتبع كلامه وما ينقله عن العلماء في تأييد ما ذهب إليه من الاستحالة أنه سلفي أو أثري كما انتسب مائة في المائة والواقع الذي يشهد به كتابه أنه خلفي معتزلي من أهل الأهواء، يضاف إلى ذلك أنه جاهل بالسنة والأحاديث، إلى ضعف شديد باللغة العربية وآدابها، حتى كأنه شبه عامي، ومع ذلك فهو مغرور بعلمه، معجب بنفسه، لا يقيم وزنا لائمة السلف الذين قالوا بخلاف عنوانه كالإمام أحمد وابن تيمية وابن القيم، والطبري وابن كثير والقرطبي، والإمام الشوكاني وصديق حسن خان القنوجي، ويرميهم بالتقليد على قاعدة (رمتني بدائها وانسلت) ...
وكذلك لم يقدم أي دليل من الكتاب والسنة على ما زعمه من الاستحالة بل توجه بكليته إلى تأويل قوله تعالي المؤيد للدخول الذي نفاه.
﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ .
تأويلاً ينتهي به إلى إنكار المس الذي فسره العلماء بالجنون وإلى موافقة بعض الأشاعرة والمعتزلة الذين فسروا المس بوسوسة الشيطان المؤذية وهذا تفسير بالمجاز، وهو خلاف الأصل، ولذلك أنكره أهل السنة كما سيأتي، وهو ما صرح به نقلًا عن الفخر الرازي الأشعري ص76، 78: أن الشيطان يمس الإنسان فيجن ونقلا ص89 عن غيره أنه قال: كأن الجن مسه وعليه خص المس هذا بمن خالف شرع الله ص22 وما كان ليمس أحد.
ولو سلمنا جدلًا أن الأمر كما قال فلا يلزم منه عند العلماء ثبوت دعوى النفي، لإمكان وجود دليل آخر على الدخول كما في هذا الحديث الصحيح بينما توهم الرجل أنه برده دلالة الآية على الدخول ثبت نفيه إياه، وليس الأمر كذلك لو سلمنا برده، فكيف وهو مردود عليه بهذا الحديث الصحيح وحديث يعلي بن مرة المتقدم وبهما تفسير الآية ويبطل تفسيره إياها بالمجاز.
ومن جهل الرجل وتناقضه أنه بعد أن فسر الآية بالمجاز الذي يعني أنه لامس حقيقة، عاد ليقول ص93 واللغة أجمعت على أن المس الجنون ولكنه فسره على هواه فقال: أي من الخارج لا من الداخل قال: ألا تري مثلا الكهرباء وكيف تصعق الماس لها من الخارج هرائه. فإنه دخل في تفاصيل تتعلق بأمر غيبي قياسًا على أمور مشاهدة مادية، وهذا خلاف المنهج السلفي الذي تقدم نقله عنه ومع ذلك فقد تعامي عما هو معروف في علم الطب أن هناك جراثيم تفتك من الداخل كجرثومة (كوخ) في مرحلته الثالثة.
فلا مانع عقلًا أن تدخل الجان من الخارج إلى بدن الإنسان وتعمل عملها وأذاها فيه من الداخل، كما لا مانع من خروجها منه بسبب أو آخر وقد ثبت كلا الأمرين في الحديث فأمنا به، ولم نضرب كما فعل المعتزلة وأمثالهم من أهل الأهواء وهذا المؤلف (الأثري) زعم منهم كيف لا وقد تعامي عن حديث الترجمة، فلم يخرجه البتة في جملة الأحاديث الأخري التى خرجها وساق ألفاظها من ص111 إلى ص 126 وهو صحيح جدًا كما رأيت وهو إلى ذلك لم يأخذ من مجموع تلك الأحاديث ما دل عليه هذا الحديث من إخراجه صلى الله عليه وآله وسلم للشيطان من ذاك المجنون وهي معجزة عظيمة من معجزاته صلى الله عليه وآله وسلم بلا خلاف بين رواية (أخرج عدو الله) ورواية (اخسأ عدو الله) فقد أورد على نفسه ص124 قول بعضهم إن الإمام الألباني قد صحح الحديث (فعقب عليه بقوله) فهذا كذب مفتري .
ثم ساق كلامي فيه، ونص على ما في آخره كما تقدم: وبالجملة فالحديث بهذه المتابعات جيد والله أعلم.
قلت: فتكذيبه المذكور غير وارد إذن، ولعل العكس هو الصواب وقد صرح هو بأنه ضعيف دون أي تفصيل ص22 واغتر به البعض نعم، لقد شكك في دلالة الحديث على الدخول بإشادته إلى الخلاف الواقع في الروايات، وقد ذكرت لفظين منها آنفا، ولكن ليس يخفي على طلاب هذا العلم المخلصين أنه ليس من العلم في شيء أن تضرب الروايات المختلفة بعضها ببعض، وإنما علينا أن نأخذ منها ما اتفق عليه الأكثر، وإن مما لا شك فيه أن اللفظ الأول (أخرج) أصح من (اخسأ) لأنه جاء في خمس روايات من الأحاديث التى ساقها واللفظ الأخر في روايتين منها فقط على أني لا أي بينهما خلاف كبير في المعني، فكلاهما يخاطب بهما شخص، أحدهما صريح في أن المخاطب داخل المجنون والآخر يدل عليه ضمنا.
وفي الختام أقول: ليس غرض مما تقدم إلا إثبات ما أثبته الشرع من الأمور الغيبية والرد على من ينكرها .
انتقاه من الشبكة
أبو أسامة سمير الجزائري
9 ذو القعدة 1432