قال الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة تحت حديث رقم 134
(إن نبي الله نوحا صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة؛ قال لابنه : إني قاص عليك الوصية :آمرك باثنتين ، و أنهاك عن اثنتين ،آمرك بـ ( لا إله إلا الله )؛ فإن السموات السبع و الأرضين السبع لو وضعت في كفة ،و وضعت لا إله إلا الله في كفة؛ رجحت بهن لا إله إلا الله ، و لو أن السموات السبع و الأرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن لا إله إلا الله . و سبحان الله و بحمده فإنها صلاة كل شيء، و بها يرزق الخلق . و أنهاك عن الشرك و الكبر . قال : قلت : أو قيل : يا رسول الله!هذا الشرك قد عرفناه فما الكبر ؟ - قال - : أن يكون لأحدنا نعلان حسنتان لهما شراكان حسنان ؟ قال : لا. قال : هو أن يكون لأحدنا أصحاب يجلسون إليه ؟ قال :لا . قيل : يا رسول الله!فما الكبر؟ قال : سفه الحق و غمص الناس "
رواه البخاري في " الأدب المفرد " ( 548 ) ،و أحمد ( 2 / 169 - 170 ، 225 ) و البيهقي في " الأسماء " ( 79 هندية ) من طريق الصقعب ابن زهير عن زيد بن أسلم قال : حماد أظنه عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو قال :كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من أهل البادية عليه جبة سيجان مزرورة بالديباج فقال : ألا إن صاحبكم هذا قد وضع كل فارس ابن فارس قال يريد أن يضع كل فارس ابن فارس و يرفع كل راع ابن راع . قال : فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجامع جبته و قال : ألا أرى عليك لباس من لا يعقل ، ثم قال :فذكره .
قلت : و هذا سند صحيح . و قال الهيثمي ( 4 / 220 ) :
" رواه أحمد و الطبراني بنحوه ، و زاد في رواية : و أوصيك بالتسبيح فإنها عبادةالخلق ، و بالتكبير . و رواه البزار من حديث ابن عمر ، و رجال أحمد ثقات " .
غريب الحديث :
------------
( مبهمة ) أي محرمة مغلقة كما يدل عليه السياق . و لم يورد هذه اللفظة منالحديث ابن الأثير في " النهاية " و لا الشيخ محمد طاهر الهندي في " مجمع بحارالأنوار " و هي من شرطهما .
( قصمتهن ) . و في رواية ( فصمتهن ) بالفاء . قال ابن الأثير :
" القصم : كسر الشيء و إبانته ،و بالفاء كسره من غير إبانة " .
قلت : فهو بالفاء أليق بالمعنى . و الله أعلم .
( سفه الحق ) أي جهله ، و الاستحفاف به ، و أن لا يراه على ما هو عليه من الرجحان و الرزانة . و في حديث لمسلم : " بطر الحق " . و المعنى واحد .
( غمص الناس ) أي احتقارهم و الطعن فيهم و الاستخفاف بهم .
و في الحديث الآخر : " غمط الناس " و المعنى واحد أيضا .
فوائد الحديث :
-------------
قلت : و فيه فوائد كثيرة ، اكتفي بالإشارة إلى بعضها :
1 - مشروعية الوصية عند الوفاة .
2 - فضيلة التهليل و التسبيح ، و أنها سبب رزق الخلق .
3 - و أن الميزان يوم القيامة حق ثابت و له كفتان ، و هو من عقائد أهل السنة خلافا للمعتزلة و أتباعهم في العصر الحاضر ممن لا يعتقد ما ثبت من العقائد في الأحاديث الصحيحة ، بزعم أنها أخبار آحاد لا تفيد اليقين ، و قد بينت بطلان هذا الزعم في كتابي " مع الأستاذ الطنطاوي " يسر الله إتمامه .
4 - و أن الأرضين سبع كالسماوات . و فيه أحاديث كثيرة في الصحيحين و غيرهما ،و لعلنا نتفرغ لنتبعها و تخريجها . و يشهد لها قول الله تبارك و تعالى :( خلق سبع سماوات و من الأرض مثلهن ) أي في الخلق و العدد . فلا تلتفت إلى من
يفسرها بما يؤول إلى نفي المثلية في العدد أيضا اغترارا بما وصل إليه علم الأوربيين من الرقي و أنهم لا يعلمون سبع أرضين ! مع أنهم لا يعلمون سبع سماوات أيضا ! أفننكر كلام الله و كلام رسوله بجهل الأوربيين و غيرهم مع اعترافهم أنهم كلما ازدادوا علما بالكون ازدادوا علما بجهلهم به ، و صدق الله العظيم إذ يقول : ( و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) .
5 - أن التجمل باللباس الحسن ليس من الكبر في شيء . بل هو أمر مشروع ، لأن الله جميل يحب الجمال كما قال عليه السلام بمثل هذه المناسبة ، على ما رواه مسلم في " صحيحه " .
6 - أن الكبر الذي قرن مع الشرك و الذي لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة منه إنما هو الكبر على الحق و رفضه بعد تبينه ، و الطعن في الناس الأبرياء بغير حق .
فليحذر المسلم أن يتصف بشيء من مثل هذا الكبر كما يحذر أن يتصف بشيء من الشرك
(إن نبي الله نوحا صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة؛ قال لابنه : إني قاص عليك الوصية :آمرك باثنتين ، و أنهاك عن اثنتين ،آمرك بـ ( لا إله إلا الله )؛ فإن السموات السبع و الأرضين السبع لو وضعت في كفة ،و وضعت لا إله إلا الله في كفة؛ رجحت بهن لا إله إلا الله ، و لو أن السموات السبع و الأرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن لا إله إلا الله . و سبحان الله و بحمده فإنها صلاة كل شيء، و بها يرزق الخلق . و أنهاك عن الشرك و الكبر . قال : قلت : أو قيل : يا رسول الله!هذا الشرك قد عرفناه فما الكبر ؟ - قال - : أن يكون لأحدنا نعلان حسنتان لهما شراكان حسنان ؟ قال : لا. قال : هو أن يكون لأحدنا أصحاب يجلسون إليه ؟ قال :لا . قيل : يا رسول الله!فما الكبر؟ قال : سفه الحق و غمص الناس "
رواه البخاري في " الأدب المفرد " ( 548 ) ،و أحمد ( 2 / 169 - 170 ، 225 ) و البيهقي في " الأسماء " ( 79 هندية ) من طريق الصقعب ابن زهير عن زيد بن أسلم قال : حماد أظنه عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو قال :كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من أهل البادية عليه جبة سيجان مزرورة بالديباج فقال : ألا إن صاحبكم هذا قد وضع كل فارس ابن فارس قال يريد أن يضع كل فارس ابن فارس و يرفع كل راع ابن راع . قال : فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجامع جبته و قال : ألا أرى عليك لباس من لا يعقل ، ثم قال :فذكره .
قلت : و هذا سند صحيح . و قال الهيثمي ( 4 / 220 ) :
" رواه أحمد و الطبراني بنحوه ، و زاد في رواية : و أوصيك بالتسبيح فإنها عبادةالخلق ، و بالتكبير . و رواه البزار من حديث ابن عمر ، و رجال أحمد ثقات " .
غريب الحديث :
------------
( مبهمة ) أي محرمة مغلقة كما يدل عليه السياق . و لم يورد هذه اللفظة منالحديث ابن الأثير في " النهاية " و لا الشيخ محمد طاهر الهندي في " مجمع بحارالأنوار " و هي من شرطهما .
( قصمتهن ) . و في رواية ( فصمتهن ) بالفاء . قال ابن الأثير :
" القصم : كسر الشيء و إبانته ،و بالفاء كسره من غير إبانة " .
قلت : فهو بالفاء أليق بالمعنى . و الله أعلم .
( سفه الحق ) أي جهله ، و الاستحفاف به ، و أن لا يراه على ما هو عليه من الرجحان و الرزانة . و في حديث لمسلم : " بطر الحق " . و المعنى واحد .
( غمص الناس ) أي احتقارهم و الطعن فيهم و الاستخفاف بهم .
و في الحديث الآخر : " غمط الناس " و المعنى واحد أيضا .
فوائد الحديث :
-------------
قلت : و فيه فوائد كثيرة ، اكتفي بالإشارة إلى بعضها :
1 - مشروعية الوصية عند الوفاة .
2 - فضيلة التهليل و التسبيح ، و أنها سبب رزق الخلق .
3 - و أن الميزان يوم القيامة حق ثابت و له كفتان ، و هو من عقائد أهل السنة خلافا للمعتزلة و أتباعهم في العصر الحاضر ممن لا يعتقد ما ثبت من العقائد في الأحاديث الصحيحة ، بزعم أنها أخبار آحاد لا تفيد اليقين ، و قد بينت بطلان هذا الزعم في كتابي " مع الأستاذ الطنطاوي " يسر الله إتمامه .
4 - و أن الأرضين سبع كالسماوات . و فيه أحاديث كثيرة في الصحيحين و غيرهما ،و لعلنا نتفرغ لنتبعها و تخريجها . و يشهد لها قول الله تبارك و تعالى :( خلق سبع سماوات و من الأرض مثلهن ) أي في الخلق و العدد . فلا تلتفت إلى من
يفسرها بما يؤول إلى نفي المثلية في العدد أيضا اغترارا بما وصل إليه علم الأوربيين من الرقي و أنهم لا يعلمون سبع أرضين ! مع أنهم لا يعلمون سبع سماوات أيضا ! أفننكر كلام الله و كلام رسوله بجهل الأوربيين و غيرهم مع اعترافهم أنهم كلما ازدادوا علما بالكون ازدادوا علما بجهلهم به ، و صدق الله العظيم إذ يقول : ( و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) .
5 - أن التجمل باللباس الحسن ليس من الكبر في شيء . بل هو أمر مشروع ، لأن الله جميل يحب الجمال كما قال عليه السلام بمثل هذه المناسبة ، على ما رواه مسلم في " صحيحه " .
6 - أن الكبر الذي قرن مع الشرك و الذي لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة منه إنما هو الكبر على الحق و رفضه بعد تبينه ، و الطعن في الناس الأبرياء بغير حق .
فليحذر المسلم أن يتصف بشيء من مثل هذا الكبر كما يحذر أن يتصف بشيء من الشرك