بسم الله الرحمن الرحيم
أهل الأهواء والبدع محرومين من الانتفاع بالدعاء الوارد في ليلة القدر-اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) للعلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " قُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ : أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ, مَا أَقُولُ فِيهَا? قَالَ: " قُولِي: اَللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ اَلْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي " " رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, غَيْرَ أَبِي دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَالْحَاكِمُ (1).
الشرح :
قولها ( أرأيت ) : معناها أخبرني إن علمت
( ما) هنا استفهامية
اللهم : يعني يا الله حذفت يا النداء وعوضت عنها الميم والميم تفيد الجمع
قوله ( إنك عفو تحب العفو ) هذا توسل لله عز وجل بهذا الاسم والصفة
العفوّ : هو المتجاوز عن سيئات عباده سواء كان ذلك بالعفو عن ترك واجب أو بالعفو عن فعل محرم لأن استحقاق الذنوب يكون بأمرين إما بترك واجب وإما بفعل محرم
فوائد الحديث :
أن ليلة القدر يمكن العلم بها لقولها ( إن علمت ليلة القدر ) وجه الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرها على ذلك ولم يقل إنها لا تعلم .
حرص عائشة رضي الله عنها على اغتنام هذه الليلة المباركة حيث قالت (أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ, مَا أَقُولُ فِيهَا؟ ) لتغتنم هذه الفرصة .
أنه ينبغي للإنسان أن يسأل العالم عما يخفى عليه .
أن الدعاء يطلق عليه اسم القول لكنه قول مع الله وخطاب مع الله ، ولهذا لو دعى الإنسان في صلاته ربه لم تبطل صلاته لأنه يناجي ربه بخلاف سؤال الغير فإن الصلاة تبطل به .
اثبات اسم العفو لله عز وجل لقوله ( إنك عفو ) .
إثبات المحبة لله لقوله ( تحب العفو ).
بيان كرم الله عز وجل وأن العفو أحب إليه من الإنتقام لأن رحمته سبقت غضبه فهو جل وعلا يحب العفو ، لذلك كان يعرض التوبة على عباده " إن الله يبسط يده بالنهار ليتوب مسيئ الليل ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار .
الرد على أهل التعطيل الذين يمنعون الأفعال الاختيارية لله عز وجل لقوله ( تحب ) ( فاعفو عني ) .
جواز التوسل بأسماء الله وصفاته لقوله ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عني ) وهذا أحد أنواع التوسل وقد مر علينا أنه ستة أنواع والسابع يمكن أن يجعل .
الرد على المتصوفة الذين يقولون لا حاجة إلى الدعاء ويقولون إما بلسان المقال أو بلسان الحال : علمه بحالي يكفي عن سؤالي وهذا إبطال صريح لقوله تعالى " ادعوني استجب لكم " .
احتقار الإنسان نفسه لأنه في هذه الليلة الذي كان من المتوقع أن يسأل خيرا وفضلا ذهب يسأل العفو سؤال المسرف الجاني على نفسه .
الرد على الفلاسفة الذين يقولون إنه لا حاجة إلى الدعاء لأن هذا المطلوب إن كان مكتوب أتاك من غير دعاء وإن كان غير مكتوب لم يأتك ولو بدعاء ، فنقول إن هذا القول يبطل قول الله تعالى " ادعوني استجب لكم " وأيضا يبطل الواقع فإن كثيرا من المرضى يسألون الله عزوجل فيشفون وكثير ممن واقعون في هلكة فيسألون الله تعالى فيستجيب لهم ، ونقول لهم إن هذا الشيء حاصل بالدعاء وأنت قد كتب عليك أن تدعو وأن يأتيك المطلوب هذا أمر لابد منه .
_المصدر : شرح كتاب الصيام من بلوغ المرام - (1 / -122-123) للعلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
___________________
(1) صحيح. رواه النسائي في " عمل اليوم والليلة " ( 872 )، والترمذي ( 3513 )، وابن ماجه ( 3850 )، وأحمد ( 6 / 171 )، والحاكم ( 1 / 530 ). وقال الترمذي: حسن صحيح.
تعليق