إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

شــرح الســنّــة للــمــروزي لفضيلة الشيخ أحمد بن عمر بازمول حفظه الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [صوتية وتفريغها] شــرح الســنّــة للــمــروزي لفضيلة الشيخ أحمد بن عمر بازمول حفظه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم

    قال فضيلة الشيخ أحمد بن عمر بازمول حفظه الله
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
    ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ))
    (( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا واتقوا الله الذي تسآلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ))
    (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) .
    ألا وإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
    في هذا اللقاء المبارك بإذن الله عزوجل سنفتتح مدارسة لكتاب السنّة لمحمد ابن نصر المروزي وقبل الدخول في هذا الكتاب أحببت أن أقدم لبعض المقدمات .
    المقدمة الأولى : التعريف بالمؤلف ، صاحب هذا الكتاب اسمه محمد بن نصر ابن الحجاج المروزي والمروزي نسبة إلى مرو ، ومرو هذه إحدى أو من أكبر مدن خراسان ، محمد بن نصر المروزي كنيته أبو عبد الله ولد ببغداد سنة اثنين بعد المئتين (202 هـ) ، واستقر واستوطن في سمرقند ،طلب العلم على يد كثير من المشايخ ، بل على كبار علماء عصره وقد أدرك أئمة في عصره ، من أشهرهم إسحاق بن راهويه إمام أهل الحديث ، وأيضا ممن أدركهم المروزي رحمه الله تعالى ، الربيع بن سليمان المرادي المصري الشافعي تلميذ الشافعي النجيب ، وأيضا أدرك الإمام المزني صاحب شرح السنّة ، وأدرك أيضا جماعة كثرتلقى على أيديهم العلم وأخذ عنهم السنّة ، والعلم وفي الوقت نفسه أيضا هو أخذ على ـ يعني ـ كبار أهل العلم ـ أيضا تتلمذ عليه من عرفوا بالنجابة ، تتلمذ عليه على سبيل المثال : أبو العباس الأصم من كبار أئمة الحديث ، وأيضا تتلمذ عليه أبو العباس السراج صاحب المسند العالي ، وأيضا تتلمذ عليه غير هذين ، أبو بكر محمد بن المنذر الإمام المعروف ، أثنى على محمد بن نصر المروزي جماعات كثيرة من أهل العلم واتفقت كلمتهم على وصفه أولا بالإمامة في الدين ولذلك الإمام محمد بن نصر المروزي وإن ذكر في كتب الشافعية إلا أنه كان إماما مجتهدا ، ومعروف أن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى كان يقول : إذا صحّ الحديث فهو مذهبي فكان رحمه الله تعالى لا يتقيد بقول أحد ، وإن تفقه على مذهب الإمام الشافعي ونبغ فيه ،وصار إماما فيه ، فاتفقت كلمتهم على وصفه بالإمامة وعلى وصفه أيضا بأنه كان بحرا خاصة علم السنّة والآثار كما قال الإمام محمد بن حزم رحمه الله تعالى ، له كلمة عجيبة في هذا الإمام يقول : أعلم الناس من كان أجمعهم للسنن وأضبطهم لها وأذكرهم لمعانيها وأدراهم بصحتها وبما أجمع عليه الناس مما اختلفوا فيه ثم قال ابن حزم : ما نعلم هذه الصفات بعد الصحابة أتم منها في محمد بن نصر المروزي ، فلو قال قائل ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لأصحابه حديث إلا ما عند محمد بن نصر لما بعُد عن الصدق . انتهى كلامه
    والإمام ابن حزم رحمه الله تعالى معروف بشدته وصلابته ، فوصفه لمحمد بن نصر المروزي ، وصفه بهذا الوصف دليل على مكانة محمد ابن نصر في السنّة وفي علم الأثر ، وهذا أيضا ـ يعني ـ لابد أن نتنبه له ، لأنه مصداق قول النبي عليه الصلاة والسلام ( إن العلماء ورثة الأنبياء والأنبياء لم يورّثوا درهما ولا دينارا وإنما ورّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر ) أو كما قال عليه الصلاة والسلام .
    فالعلم الذي أثنى الله عزوجل على أصحابه والذي جاء في النصوص الشرعية في الثناء عليه وفي مدح أهله إنما هو العلم الشرعي قال الله قال رسوله ، قال أصحابه الكرام ماهو العلم مجرد فلسفة وكلام وخطرات وأفكار ووساوس وقصص وأناشيد ونحو ذلك ، هذا ماهو العلم الشرعي المطلوب ، ولا هو العلم مجرد أن تجلس للناس تذكرهم ، تخوفهم بلا مستند شرعي ولا العلم خرق الناس في السياسة وإدخالهم في مجالات لا يقدمون فيها ولا يؤخرون ، بل هذا من إضاعة العلم عند أهل العلم ، ولهذا كان الإمام محمد ابن نصر المروزي كان إمام في السنّة شديدا على أهل البدع ، يرد عليهم أقوالهم الباطلة التي تخالف الكتاب والسنّة ،وهنا قضية مهمة وهي أنّ الحق أحب إلى النفس من زيد وفلان من الناس ، والناس أمام الحق والباطل لا يخلون من رجلين ، رجل طلب الحق وتجرد له وعلم أن الحق هوما جاء في الكتاب والسنّة وأقوال الصحابة وتمسّك به ، فأخذ به
    ورجل آخر تعصب للرجال فغضب إذا رُدّ على أهل الباطل باطلهم بقولهم كيف يرد على فلان ؟ وكان الأجدر به أن يقول كيف يخطىء فلان في السنّة ؟ وكيف يرد فلان السنّة ؟ وكيف يعارض فلان السنّة ؟
    محمد ابن نصر المروزي رحمه الله تعالى كما سبق كان شديدا على أهل البدع ، كان رأسا في السنّة وكتابه هذا يقررهذه المسألة ، وله أيضا كتب أخرى تدل على إمامته ، فقد ذكر أهل العلم أن له مجموعة من المؤلفات منها كتابه هذا السنّة ومنها أيضا كتابه الكبيرالمفيد تعظيم قدرالصلاة ومنها أيضا كتاب الإجماع بل له كتاب اسمه القسامة قال بعض أهل العلم : لو لم يؤلف ابن نصر ـ يعني ـ محمد ابن نصر المروزي ـ إلا هذا الكتاب لكان دليلا على شرفه وعلى علمه ، كيف وقد صنف غيره من الكتب ، ومعنى هذه المقولة أنّ هذا الكتاب ، كتاب القسامة أحكمه محمد ابن نصر وأتقنه إتقانا عجيبا ، بحيث أنه لو طول عمره تفرغ لتأليفه وفرغ منه ، كان هذا دليلا على عظم إمامته في الدين ، كيف وله أكثر من ثلاثين مؤلفا منها كما سبق السنّة كتابنا هذا ، ومنها كتاب تعظيم قدر الصلاة ومنها كتاب قيام رمضان وقيام الليل والوتر ومنها أيضا كتاب الإجماع وأيضا له كتاب الرد على ابن قتيبة وله كتب كثيرة تدل على إمامته وعلى فضله في الدين ، وُصف أيضا مع اتباعه للسنّة ، وُصف أيضا بكثرة العبادة والتأله والتوجه إلى الله عزوجل والرغبة إليه وفي هذه فائدة أنّ أهل السنّة ليست عندهم جفاوة وليست عندهم صلابة وليس عندهم بعد عن الرقائق لا ، الله عزوجل ماذا قال : (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )) فأهل السنّة هم أخشى الناس لله عزوجل لأنهم أعلم به ،لأنهم ورثوا العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال عن نفسه : " إني أعلمكم بالله وأخشاكم وأتقاكم له " أو كما قال عليه الصلاة والسلام .
    فأهل السنّة عندهم رقة وخشوع وخضوع وتأله لله عزوجل ،ولكن تأله مضبوط على ماكان عليه النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام ، دمعتهم صادقة وخشوعهم ناطق ماهو افتعال ، إن لم تبك تتباكى ، بعضهم يبكي وهو يضحك ، لا ، كان بكاءهم صادق ويستشعر هذا من حالهم ، بهذا وصف الإمام محمد ابن نصر المروزي وكذلك يوصف أهل السنّة عموما ، أيضا وُصف رحمه الله تعالى بأنه كان ثابتا على السنّة وهذا أمر مهم للمسلمين عموما ولأهل السنّة خصوصا وهي الميزة يتميز بها أهل السنّة كانوا يثبتون على السنّة ، بمعنى كانوا لا يخالفونها لأجل أهواءهم .
    فبالأمس كانوا يذمون التبرج والجلوس مع النساء واليوم هم يجالسون النساء ويبيحون لهم الإختلاط مع الرجال والإنطلاقة مع الرجال .
    بالأمس كانوا يذمون أهل التشيع الروافض ، واليوم يدهم بأيديهم ويجالسونهم ويخالطونهم ويزاملونهم . أما أهل السنّة ، لا ، يثبتون على مبدأ واحد لأن المبدأ الواحد هو الحق ، وكما سيأتينا أيضا من حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خطّ خطا مستقيما وخطّ خطوطا ، طرق ومناهج وسبل ليست ثابتة وليست واحدة .
    فأهل الحق ، أهل السنّة يثبتون على الحق ، لا يتنقلون من مذهب إلى مذهب ولذلك الإمام مالك رحمه الله تعالى لما جاءه رجل وأراد ـ يعني ـ أن يجادله أو يناقشه يريد أن يناقشه في المسلّمات في السنّة فقال له الإمام مالك : إن كنت في شك من دينك فلست في شك من ديني قم عني .
    فأهل السنّة يثبتون على الحق لأنهم عرفوا وعلموا أنّ الحق هوما كان مع النبي عليه الصلاة والسلام وما كان مع أصحابه الكرام .
    توفي رحمه الله تعالى محمد ابن نصر المروزي سنة 294 هـ ـ إذن هو عمّر ما يقارب أو ما يجاوز التسعين سنة على اختلاف في ذلك ، لكن هو رحمه الله تعالى قال : ولدت سنة اثنتين بعد المئتين .
    هذا ما يتعلق بالإمام محمد ابن نصر المروزي وتكفيه كلمة الذهبي رحمه الله تعالى حينما عرّفه قال : هو الإمام شيخ الإسلام محمد ابن نصر ابن الحجاج المروزي أبو عبد الله الحافظ صاحب التصانيف الكثيرة والكتب الجمة ، وكان من أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم في الأحكام . ذكره الحاكم فقال : إمام عصره بلا مدافعة في الحديث ـ انتهى كلامه رحمه الله .
    إذا هذه هي المقدمة الأولى التي تتعلق بترجمة الإمام محمد ابن نصر المروزي وهي ترجمة مختصرة وإلا فحياته رحمه الله تعالى كانت حافلة بالعلم والمسائل المفيدة وليس المحل أو المكان ـ يعني مكان التوسع في ترجمته ـ فقد ذكروا في ترجمته أشياء مفيدة جدا ذكرت أنا بعضها ـ يعني ـ الإشارة تدل على ما ورائها ، فمن أراد الزيادة فليرجع إلى سير أعلام النبلاء ، وتذكرة الحفاظ وطبقات الشافعية للسبكي .
    المقدمة الثانية في هذا الكتاب من حيث التعريف به ، طبعا هناك عدة طبعات لهذا الكتاب ، طبعة قديمة جدا طبعت في الهند أو بباكستان والطبعة المشهورة الطبعة التي طبعت بمؤسسة الكتب الثقافية طبعها وحققها أبو محمد سالم بن أحمد السلفي طبعت عام 1408 هـ واستمرت ـ يعني ـ فترات بين يدي أهل العلم وهي أشهر الطبعات عند أهل العلم من حيث التعامل بصرف النظر عن الجودة ،وهناك طبعتان منها طبعة البصيري وطبعة الشذل لكن طبعة الشذل طبعها في قسمين الإعتصام بالكتاب والسنّة للخزاعي وطبعها باسم السنّة لمحمد بن نصر المروزي وسبب طبعه الكتاب بهذين العنوانين لأنه وجد على المخطوطة هذان الإسمان ،ولكن كما نبه أهل العلم الاسم الآخر وهو الخزاعي والاعتصام بالكتاب والسنّة كُتب خطأ وأنّ الصواب هو السنّة للمروزي . هذا الكتاب ألفه محمد بن نصر المروزي لبيان السنّة وبيان التمسك بها ولزومها وأيضا بيان موقف السنّة في الشريعة الإسلامية وخصوصا مع القرآن ، ومما يؤسف له هذا الكتاب على عظيم قدره ـ يعني منزلته ومنزلة مؤلفه ـ إلا أنه سقطت من مقدمته أو من أوله ورقتان من المخطوط أصلا ولذلك سنجد عندما نقرأ بإذن الله عزوجل أنه يدخل في عرض الكلام دون أن يبين شيئا من مقدمته وأيضا نلمس من كلامه أنه يتعلق بكلام سابق والسبب في ذلك أنه سقطت من المخطوطة ورقتان ـ يعني ـ لعل الله عزوجل أن ييسر الوقوف عليها في القريب العاجل .
    المقدمة الثالثة وهي تتعلق أيضا بالمقدمة الثانية أريد أن أبين شيئا من معنى السنّة والمراد بها .
    السنّة في اللغة تطلق على الطريقة حسنة كانت أو سيئة لذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام :" من سنّ في الإسلام سنّة حسنة ، ثم قال ومن سنّ في الإسلام سنّة سيئة " فهي الطريقة حسنة كانت أو سيئة ، محمودة كانت أو مذمومة . والسنّة في الإصطلاح عند العلماء ، كل جماعة من أهل العلم أو كل أصحاب فن من الفنون عرّفوا السنّة بما يتعلق باصطلاحهم ، فالمحدثون عرّفوا السنّة بأنها ما أضيف و نُسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو صفة أو تقريرلأنهم نظروا واهتموا بنقل كل ما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وأهل الأصول عرّفوا السنّة بأنها ما نُقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقريرمن حيث دلالتها على الأحكام ، لأن الأصوليين ينظرون إلى النبي صلى الله عليه وسلم باعتباره مشرّعا فهم يطلقون السنّة مقابلة القرآن والسنّة بنصوصها الدالة على الوجوب أو على الاستحباب ، والفقهاء يعرّفون السنّة ما نُقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أوتقرير ولم يدل على الوجوب لأنهم نظروا إلى السنّة في مقابل الواجب فجعلوها من اصطلاحات المستحب السنّة . والسنّة عند أهل السنّة المراد بها الهدي والطريق العام الذي كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام فهي شاملة لجميع أمور الدين من واجبات أو مستحبات ، من مكروهات أومنهيات شاملة لجميع أمور الدين ، لذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام :" عليكم بسنتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي " ويقول عليه الصلاة والسلام : " فمن رغب عن سنّتي فليس مني " أي طريقتي ، وأيضا يقول عليه الصلاة والسلام :" وخير الهدى هدى محمد " وبهذا الاعتبار فإن السنّة تشمل الأقوال والأفعال وتشمل أيضا الاعتقادات ، ولذلك ألف أهل السنّة كتب السنّة التي ضمنوها الاعتقادات أي الأمورالتي يجب اعتقادها مما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    والإمام محمد بن نصر المروزي رحمه الله تعالى في كتابه هذا أراد بالسنّة هنا أي سنّة النبي عليه الصلاة والسلام بالعموم أي بالأقوال والأفعال الواجبة والمستحبة ، والعملية والعلمية الاعتقادية ،وهنا قضية لابد من التنبيه عليها وهي أن بعض الناس يظن أنّه مثلا إذا اهتم ببعض السنن قد يصلي الضحى ويصوم الإثنين والخميس ويقوم الليل يفعل السنن يهتم بالسواك ويهتم بالأمور هذه ، أنه أصبح من أهل السنّة ، سنّيا ، طبعا هو طبّق السنّة ولاشك ، ولكن لزوم السنّة والتمسك بها غير العمل ببعض السنن لأن لزوم السنّة معناه التمسك بها والعمل بها وعدم مفارقتها بالإطلاق ـ فلو جاءنا رجل في ظاهره وفي كلامه يهتم بالسنن ولكن منهجه حركي يتخذ طريقة في الدعوة إلى الله غير طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإن هذا الرجل ليس سنّي بل هو عند أهل العلم من أهل البدع ، طيب ، هو يطبق السنن هو كذا ، نقول ، لا ، تطبيق السنن أمرولزوم السنّة أمر آخر شأن آخر. فتطبيقه للسنن هو عمل بها ولكن لا يسمى سنّيا حتى يلتزم بالسنّة في جميع أفعاله وأقواله ولا يخرج عنها ـ انتبهوا ـ ومعنى الالتزام بالسنّة عدم مخالفتها تعمدا بمعنى أنه يرغب عنها ، يرغب عن السنّة ، يقول صح هذه طريقة النبي صلى الله عليه وسلم ولكن الذي يصلح لدعوة الناس طريقة فلان وفلان ، هنا رغب عنها ، ليس من أهل السنّة ، طيب رجل من أهل السنّة ونَصِفُهُ بأنه سنّي لكن مثلا ما يصلي الضحى ، ما يهتم ببعض السنن مثلا ، أو مثلا دخل المسجد وقدم رجله اليسرى مخالفة دون اعتقاد إنما وقع منه خطأ دون تعمد فهذا يوصف بالسنّة ، إذا علمتم هذا تفقهون معنى قول ابن مسعود رضي الله عنه حينما قال " اقتصاد في سنّة خير من اجتهاد في بدعة " ولذلك العلماء يقسمون سنّة النبي صلى الله عليه وسلم إلى قسمين سنّة فعلية وسنّة تركية .
    السنّة الفعلية هي التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو كل ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم .
    والسنّة التركية هي كل ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله لا هو ولا أصحابه الكرام مع وجود المقتضي لفعل أمر ما ، ما معنى هذا الكلام ، هذا الكلام مهم للتفرقة بين السنّة والبدعة وبين المصلحة المرسلة ، العلماء يقولون السنّة تنقسم إلى قسمين سنّة تركية وسنّة فعلية .
    طيب ، السنّة التركية هي كل ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم ترك فعله أو قوله أو أو الخ مع وجود الأمر الذي يدعو لفعلها . فإذا تركها النبي صلى الله عليه وسلم فهي سنّة تركية .
    أما الأمور المستجدات التي احتاج فيها المسلمون إلى اصدار حكم جديد لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء لا فعلا ولا تركا مع أن المقتضي موجودا ، مثال شيء تركه النبي صلى الله عليه وسلم الأذان لصلاة التراويح مثلا أو النداء لها الأذان والنداء لصلاة الجنازة ، الأذان والنداء لصلاة العيدين مثلا هذا تركه النبي صلى الله عليه وسلم مع الحاجة له ، فمن جاء ونادى بالناس لهذه الصلاة التي ترك النبي صلى الله عليه وسلم النداء لها ، خالف السنّة ولا شك .
    فمن الأمور ـ يعني ـ ما كان المقتضي لفعلها موجودا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ويمثل العلماء لذلك ، مثلا مسألة جمع القرآن الذي قام بجمعه أبو بكر رضي الله عنه بعد موت كثير من القراء ، وتعلمون أن عمررضي الله عنه توقف في جمعه وقال : كيف نفعل أمر لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم قال : فمازال يراجعني أبو بكرحتى شرح الله صدري أو كما قال رضي الله عنه ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ماذا قال ؟ قال : اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمرففعلهما رضي الله عنهما معتبر شرعا ، ولكن مع ذلك ، مع أن أبي بكر فعله مرتضي شرعا لم يرتضي أن يفعل أمر إلا بعد أن وجد السبب لفعله وكذا عمر وكذا عثمان وكذا علي وكذا الصحابة رضوان الله عليهم لذلك العلماء يدعون إلى الاقتداء بالصحابة فقط ومن سار على منهجهم فقط ، ما يدعون إلى منهج فلان أو طريقة فلان أو فلان من الناس له طريقة جيدة في الدعوة إلى الله ، لا ، لا ،أبدا ما يدعون لهذا لأن الصحابة رضوان الله عليهم معصمون في جملة ما نقلوه من شرع الله ، معصمون في نقل الهدي والسمت العام لهذا الدين ولا أدل على هذا من أن الله عزوجل قال : (( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم )) فوصف من جاء بعدهم بأنهم يتبعونهم فجعل الصحابة رضوان الله عليهم محطة ومنارة للاقتداء ، فمن جعل غير الصحابة محطة ومنارة للاقتداء فقد خالف السنّة ، خالف القرآن أيضا ، فإذا لابد أن نتنبه ، بأن السنّة التركية لها ضابط حتى لا يشوش علينا بعض الناس ويقول : إذن جمع القرآن بدعة ، المجامع الفقهية بدعة ، الكذا ، كذا كذا بدعة لأنها من الأمور المستجدة ، نقول كما قال أهل العلم فرق بين الأمرين ، بين أمر كان السبب لفعله موجودا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله ، وبين أمر لم يكن السبب موجود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما وجد بعد موته وبعد موت أصحابه ثم اقتدت المصلحة لفعله ، وأيضا العلماء ما فتحوا هذا الباب لكل من هب ودب أن يتكلم في شرع الله ويرى أن المصلحة كذا ، لا ، خطأ ، إنما هذا للعلماء الراسخين في العلم ، للعلماء الذين رسخت أقدامهم في دين الله عزوجل ، الكبار المجتهدين ، ما هو كل أحد ، أو ليس لكل أحد التدخل في مثل هذه الأمور،لذلك من الخطأ الشنيع الذي نجده من بعض ـ يعني ـ سواء الدعاة أو بعض المصلحين ، أو من بعض الخطباء أو المدرسين أو الدكاترة حتى في الجامعة أو من بعض من تصدر للدعوة فضلا عن أنصاف المتعلمين ، فضلا عن أشباه طلاب العلم ، من الخطأ الذي نسمعه من الواحد منهم حينما يقول : يا أخي أنا أرى أن في هذا مصلحة ، المصلحة المرسلة فيها نوع تشريع ، فيها نوع الزام الناس بأمر وهذا الباب لا يكون لكل أحد ، هذا الباب يكون للعلماء والعلماء الكبار المجتهدين فقط ، الذين اكتملت عندهم آلة الاجتهاد من لغة وأصول ونحو وتفسير وحديث وسنّة ،والله الواحد الآن يتكلم ويقول مصلحة ، مصلحة وهو لا يفقه شيئا في مقدمات العلم الشرعي فضلا عن أصوله ، لذلك تجدهم يتخبطون ، يتخبطون فضلا عن الهوى الذي يقودهم إلى ما يفعلون ، فتجدهم يتخبطون ، فعلا تنظر إلى أفعالهم بين الأمس واليوم وتنظر إلى أقوالهم ومخالفتها للكتاب والسنّة وتقول هؤلاء كأنهم لا دين لهم ،وإذا تتذكر حال اليهود والنصارى الذين خالفوا واختلفوا على ما جاءت به أنبيائهم .
    أين في دين الله الإختلاط بالنساء ؟ أين في السنّة أن نضع أيدينا في أيدي من يسب ويلعن أبا بكر وعمر ؟ أين في دين الله أن نتفق ونتحد مع من يعتبر الدين رجعيا ؟ أين في دين الله من يرضى أن نضع أيدينا بمن ينادي أن يحكم الناس ـ يعني ـ أن الشعب هو الذي يحكم نفسه بنفسه أو أن الناس هم الذين يحكمون أنفسهم بأنفسهم ما يعرف بالديمقراطية والتي هي كفر بكتاب الله عزوجل ، الآن انظروا وسائل الإعلام ،عبر وسائل الإعلام تجد ، حتى في الإذاعات لوالإنسان استمع يجد أحيانا بعض البرامج يجيء يقول : لقاءات مع الناس ، ما رأيكم في حجاب المرأة ؟ فالناس يتكلمون ـ يعني ـ ما بين موافق و ما بين مخالف وما بين منكر ثم يأخذون النسبة ، إذا المجتمع 70% يرى أن الحجاب كذا و30 % يرى أن الحجاب كذا ،ما للمجتمع وللتشريع في دين الله عزوجل ؟ أما قال الله عزوجل : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) الدين كامل ما نحن بحاجة إلى تحكيم ،ما رأيك في مسألة قيادة المرأة للسيارة وخذ النتائج ما رأيك في الأغاني هل هي كذا وكذا؟؟ ، ما رأيك في كون المرأة تستلم القضاء ؟ ! وخذ من الأمور والأحكام التي يراد بها التخلف عن شرع الله عزوجل ، أمثال هؤلاء كيف يجالسون ؟؟ والله لقد كان الرجل من أهل السنّة ، من السلف الصالح ما يرضى أن يسمع آية من كتاب الله من رجل من أهل البدع ، فكيف بمن يجالس من يرفض الدين أصلا ويعتبره رجعيا ، ولذلك هذه الأمور لا شك أنها من غربة الإسلام ومن غربة السنّة ، ولقد أجاد ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى حينما وصف السنّة والتمسك بها بالغربة الشديدة ، حينما قال رحمه الله تعالى : أهل الإسلام في غربة من أهل الكفر، أهل الكفر لا شك أنهم أكثر وأهل الإسلام أقل ، وأهل العلم في غربة من أهل الإسلام ،العلماء وطلاب العلم كثر في هذا المجتمع لكنهم بالنسبة لعامة الناس أقل ، في غربة ، وأهل السنّة في غربة من أهل العلم ، لذلك تجد أحيانا العالم السني يصف مسألة ويرد بدعة ، فتجد ممن يرد عليه بعض أهل العلم ، بعض أهل العلم إما أنه ما تمسك بالسنّة التمسك التام ، وإما أنه ما فقه معنى السنّة وما معنى الاقتداء بالسنّة وأضرب لكم مثلا بهذا : ذهبنا لبعض أهل العلم وهو الشيخ الفوزان حفظه الله تعالى ، ذهب إليه جماعة من طلاب العلم وسألوه عن هؤلاء الشباب الذين يتجمعون ويتمركزون وعليهم أمير وتنظيمات ،فقال الشيخ الفوزان حفظه الله تعالى قال : لا ، هذا خطأ لماذا يذهبون إلى الخلوات ؟ لماذا لا يذهبون إلى حلق العلم ؟ فقلت له : يا شيخ من فعل هذا والتزم به وألزم الناس به هذا من السنّة أم من البدعة ؟ قال :لا ، من البدعة . وللآخر وهو من طلاب الشنقيطي صاحب أضواء البيان رحمة الله عليه وهذا الرجل عالم وعنده علم وعنده سنّة لا شك ، وتوفي رحمة الله عليه من مشايخنا ، لكن ما أدري كأنه ما فقه معنى السنّة ، لما ذهب إليه بعض الناس وكلموه مثل هذا السؤال قال : هذا مافيه شيء هذا من الخير والمصلحة ما هو صاحب منهج ولا صاحب حركة ، صاحب علم لكنما فقه السنّة ، فأهل السنّة قالوا : هذا خطأ ، وهذا يأتي وهو من أهل العلم ويقول هذا ما فيه شيء .
    فأهل السنّة في دعوتهم إلى السنّة والتمسك بالسنّة في غربة ، في غربة من أهل العلم ، ثم قال ابن القيم رحمة الله عليه : وأهل السنّة العاملين بها ، الذابين عنها في غربة من أهل السنّة ، يوجد أناس كثيرن يدعون إلى السنّة ولكن العاملين بها والمطبقين لها التطبيق التام ، يجد من يحاربهم حتى من بعض أهل السنّة ولذلك قال جماعة من السلف : من عرف السنّة أصبح غريبا ، وأغرب منه من يعرّفها للناس ،ولذلك السنّة شأنها عظيم ، ولذلك السلف الصالح يقول يوسف ابن أسباط : من نعمة الله على الرجل أو على الشاب أن يوفقه الله إلى لزوم عالم سنّة ،وكان يوسف ابن أسباط هذا كما ذكر هو عن نفسه : كان أبي قدريا وكان أخوالي روافض فنجّاني الله بسفيان ـ أي ـ بصحبة سفيان الثوري طلب العلم على يده ، نجّاني بمعنى ألزمني السنّة .
    أظن أنه بهذه المقدمات نكون قد قدمنا شيء بما يتعلق بقراءة هذا الكتاب ونبتدئ القراءة بإذن الله عزوجل .
    المتن
    بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد ، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين وثبتنا على السنّة يا رب العالمين .
    قال الإمام المروزي رحمه الله تعالى في كتابه السنّة
    بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين حدثنا يحيى حدثنا مسلم بن ابراهيم حدثنا المستمرعن أبي نضرة عن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه في هذه الآية (( واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم )) قال : هذا نبيكم وخيارأمتكم فكيف أنتم ؟

    الشرح
    نعم ، هذا الأثرنلاحظ أنه دخل في معنى يتعلق بشيء قبله هذا السقط، هذا الأثر عن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه في قوله عزوجل (( واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ))
    ( لو يطيعكم ) : يعني لو يجيبكم ويوافقكم لما تدعونه إليه أو لما تطلبونه منه ، وهذا الخطاب لمن ؟ للصحابة الكرام رضي الله عنهم ، لو أجابكم لما سألتموه لعنتم ،
    ، ( لعنتم ) قال بعض أهل التفسير في معناها أي لوقعتم في مشقة لشق عليكم ما طلبتموه إذا وافقكم النبي صلى الله عليه وسلم عليه .
    وقال بعض أهل العلم ( لعنتم ) أي لوقعتم في الحرج أي في الإثم . فإذا كان هذا ، يقول أبو سعيد الخذري إذا كان هذا نبيكم وخيارأمتكم يعني الصحابة الكرام فكيف أنتم ؟ فكيف أنتم إذا عملتم بآراءكم وأهواءكم ؟ وكيف أنتم إذا أردتم أن تتفهموا دين الله من تلقاء أنفسكم ؟ فلا شك أنكم ستخطئون وأنكم ستخالفون ،وأنكم وأنكم ، ولذلك فكأن المعنى فيما سبق من كلام الإمام محمد بن نصر المروزي كأنه سيق لبيان أهمية الاقتداء واتباع ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والتوقف عنده . نعم .

    المتن
    قال أبو عبد الله وقال الشافعي رحمه الله تعالى قال بعض أهل العلم أولوا الأمر، أمراء سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يشبه ما قال والله أعلم لأن من كان حول مكة من العرب لم تكن تعرف أمارة وكانت تأنف أن يعطي بعضها بعض طاعة الإمارة فلما دانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالطاعة لم تكن ترى ذلك يصلح لغير الرسول صلى الله عليه وسلم فأمروا أن يطيعوا أولي الأمر الذين أمّرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا طاعة مطلقة بل طاعة مستثنى منها لهم وقال تعالى : (( فإن تنازعتم في شيء )) يعني إن اختلفتم في شيءـ يعني ـ والله أعلم هم وأمراء الذين أمروا بطاعتهم (( فردوه إلى الله والرسول )) ـ يعني ـ والله أعلم إلى قال الله والرسول فإذا لم يكن ما تنازعوا فيه نصا فيهما أو في واحد منهما رُدّ قياسا على أحدهما .
    الشرح
    نعم ، هناك آية ذكرت وهي قوله عزوجل (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) الشافعي رحمه الله تعالى هنا يبين ما المراد بقوله عزوجل ( وأولي الأمر منكم ) قال معناه أمراء السرايا ومعنى الأمراء الذين أمّرهم النبي صلى الله عليه وسلم واستدل الشافعي بهذا القول بأن كفار قريش والعرب ما كانت تعرف السمع والطاعة لرجل يجتمعون عليه بل كل واحد كان أمير نفسه ، ولذلك كثر فيهم القتل وكثر فيهم السرقة والقوي يأكل الضعيف الخ ، فما كانوا ينقادون ، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم وأمر الله عزوجل بطاعته انقاد له صلى الله عليه وسلم أصحابه الكرام ،وحتى لا يكون في النفس شيء ، السمع والطاعة لرسول الله ، لا ، اسمعوا وأطيعوا لله ولرسوله ولمن أمّره رسولي ،وللأمراء الذين أمّرهم رسولي،واضح ، فلا تظنوا أن السمع والطاعة خاصة بالرسول وأن الأمراء الذين يؤمرهم النبي صلى الله عليه وسلم لا سمع ولا طاعة ولذلك ماذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم؟ ( من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني ) للدلالة على هذا المعنى وهو أن السمع والطاعة للأمراء أو للأمير ليست خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم بل لكل أمير أمّره الرسول صلى الله عليه وسلم وللأمراء من بعده ،وهذا القول من الشافعي رحمه الله تعالى واختياره هو أحد المعاني التي قيلت في الآية وهناك معنى آخروهو أن المراد بأولي الأمرالعلماء وهو معنى صحيح وسيأتي من قول اسحاق ، نعم
    المتن
    وسمعت اسحاق يقول في قوله (( وأولي الأمر منكم )) قد يمكن أن يكون تفسير الآية على أولي العلم وعلى أمراء السرايا لأن الآية الواحدة يفسرها العلماء على أوجه وليس ذلك باختلاف وقد قال سفيان
    الشرح
    أيضا ،مما سبق من كلام الشافعي ملحظ مهم وهو أنه قعّد قاعدة مهمة وهو أنه السمع والطاعة والعلم إنما هوما جاء في الكتاب والسنّة ،وعند تنازع الناس لا يرجعون إلى قول فلان من الناس وإنما يرجعون إلى لما في كتاب الله عزوجل ، ولما في سنّة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإن لم يجدوا نصا في الكتاب ولا في السنّة ولا في ما كان عليه السلف الصالح من الصحابة الكرام عملوا وعمدوا إلى القياس والاجتهاد ، والقياس كما قال الشافعي للإمام أحمد إنما يصار إليه عند الضرورة قال أهل العلم فشبهه بالميتة التي لا يجوز أكلها إلا ضرورة ، كما لا يجوز الاجتهاد والقياس مع وجود النص ، وكذا لا يجوز الاجتهاد والقياس إلا إذا فقد النص ،
    نعم ، ثم قال اسحاق وهو ابن راهويه وهو من شيوخ المروزي (( وأولي الأمر منكم )) قد يمكن أن يكون قول ثاني ـ يعني ـ تفسير الآية على أولي العلم وعلى أمراء السرايا . يعني يمكن أن تحمل الآية على معنينين لأن السياق يحتملهما ولأنه نقل على بعض السلف ذلك ، طيب السمع والطاعة لولاة الأمر في الآية واضحة ، الله عزوجل قال : ((أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمرمنكم)) ولم يقل وأطيعوا أولي الأمر قال العلماء أطلق الله الطاعة له ، ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولم يطلقها في طاعة ولاة الأمر إنما جعلها مقيدة بطاعة الله ورسوله ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " فأولي الأمر هاهنا الأمراء والحكام الذين يحكمون المسلمين ما دام أنه قد صحت لهم البيعة وصح لهم الحكم لابد من السمع والطاعة لهم في المعروف ، وإذا أمروا بأمر يخالف أمر الله عزوجل وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم لا سمع ولا طاعة لهم ، في ما أمروا به من ذلك الأمر خاصة ، أما بقية أوامرهم والسمع والطاعة في بقية أحكامهم باقية ، واضح ـ يعني ـ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق في تلك المعصية ،بخلاف ما حاول أن يفهمنا إياه بعض الخوارج لما تسلط على أذهاننا ، حينما حمل المعنى أنه لا طاعة لمخلوق وكأن الطاعة مطلقة ، لا ، إنما الحديث كما فسره أهل العلم وأهل السنّة ، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق في تلك المعصية خاصة ، بدليل ما جاء في صحيح مسلم " من رأى أميره على أمر يكرهه ـ يعني على معصية ـ فليكره الذي يأتي وليصبر ولا ينزعن يدا من طاعة " ما قال أخرج عليه وقاتله ، ولما أخبر عليه الصلاة والسلام عن تأخير الصلاة من بعض الحكام قالوا له : يا رسول الله أفلا نقاتلهم أفلا نباذبهم ، قال : " لا ، ما أقاموا الصلاة " فدل هذا على أن المعصية منهم لا تنزع الطاعة المطلقة منهم وإنما تنزع الطاقة الخاصة في معصيته ، واضح .
    بقي أن نلمح على قضية مهمة أنه على تفسير (( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) أولي الأمر هنا على تفسيره بأولي العلم ليس المعنى منه أنه ما فعل بعض الناس أوبعض الدعاة لما قال العلماء أولي الأمر الذين تجب السمع والطاعة وكأنه حاكم شرعي ، لا ، وإنما المعنى اسمعوا وأطيعوا إلى العلماء فيما يبينون لكم من شرع الله ، أما إذا كان أمر يخالف شرع الله وأمر باجتهادهم فلا سمع لهم ولا طاعة هؤلاء العلماء ، والأمراء فلهم السمع والطاعة في غير معصية الله عزوجل فإن وقعوا أو أمروا بمعصية فلا سمع ولا طاعة لهم في تلك المعصية خاصة ، وتبقى السمع والطاعة على عمومها الباقية ،واضح .
    سيبين المصنف رحمه الله تعالى أنه لا اختلاف ولا تنافر إذا فسرت الآية بالمعنيين وهذا ما يعرف عند العلماء باختلاف التنوع وذلك أن الآية تحتمل عدة معاني ورد عن السلف تفسيرها بها فلا مانع من حمل الآية على هذه المعاني بشرطين :
    الشرط الأول : أن تكون موافقة لسياق الآيات
    الشرط الثاني : أن يأتي ما يدل عليها ، أن يأتي ما يدل على هذا المعنى ويقرره ، واضح .
    فإن اختلفت أقوال السلف اختلاف تضاد وهذا كما يقول ابن تيمية في مقدمة أصول التفسير ، مع أنه أمر نادر أن يقع ، إن اختلفت رجح بين أقوالهم .
    المتن
    وقد قال سفيان ابن عيينة ليس في تفسير القرآن اختلاف إذا صح القول في ذلك وقال :أيكون شيء أصغر في الظاهر من الخنّس قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه هي بقر الوحش وقال علي رضي الله عنه هي النجوم ، وقال سفيان وكلاهما واحد لأن النجوم تخنس بالنهار وتظهر بالليل ،والوحشية إذا رأت إنسيا خنست في الغيضان وغيرها وإذا لم ترى إنسيا ظهرت قال سفيان فكل خنّس .
    الشرح
    نعم ، هذا الكلام يقرر فيه القاعدة السابقة أنه قد ينقل عن السلف أكثر من قول في تفسير آية فلا تظنن أنه من باب الاختلاف والتضاد وإنما هذا الاختلاف منهم هوتفسير لبعض معاني الآية والقرآن كما قال عمر رضي الله عنه ـ حمّال ذو وجوه ـ ذو وجوه يعني : ذومعاني يحتمل أكثر من معنى وهذا من إعجازه ، يحتمل أكثر من معنى أربعة إلى خمسة إلى عشرة معاني ولا تضاد بينها ، إذا عرفت هذه القاعدة ، أضرب لك مثال ، هذا المثال في قوله عزوجل في سورة التكوير ( فلا أقسم بالخنّس ) أقسم الله عزوجل بالخنّس .
    ( الخنّس ) الشيء الذي يختفي ثم يظهر ، قال ابن مسعود وهو ثابت عنه أن الخنّس هي بقر الوحش ،وقال علي وإسناده ضعيف قال : هي النجوم ، فالبقر والوحش والنجوم ، حيوان وجماد شيء أرضي وشيء سفلي وشيء علوي ، شيء علوي وشيء سفلي كيف يجتمع المعنيين ؟ قال :لا ما في بينهما تضاد وكلا المعنيين صحيح إنما أراد ابن مسعود وأراد علي رضي الله عنهم أجمعين أن يبينوا لك شيئا من معاني الآية ، لا أن هذا هو تفسيرها الوحيد ، فالبقر الوحشي الذي يظهر فإذا رأى الإنسان فرّ وهرب إلى الغيضان وهي الشجر الملتوية الملتفة بعضها إلى بعض ، فإذا فرّ إلى هذا الشجر اختفى ، فعند عدم وجود الإنس كان ظاهرا وعند وجود الإنس أوما خاف منه من سبع خنس بمعنى اختفى ، في لمحة بصر يختفي ، قد يكون عدد فيختفي . فأقسم الله عزوجل بهذا الشيء الذي يظهر ويختفي ، علي رضي الله عنه فسره بالنجم حينما يظهر بالليل ويختفي بالنهار وهوهو مكانه ،واضح ، فيقول لك : ليس بين المعنيين اختلاف كما قال ابن جرير الطبري رحمة الله عليه : إنما مراد الله عزوجل الإقسام بالشيء من مخلوقاته يظهر ويختفي ، وأقسم بهذا ،ويصح كلا المعنيين لماذا ؟ لأن العرب تعرف النجم عند ظهوره في الليل وعند اختناسه بالنهار ، وتعرف بقر الوحش عند ظهوره بالليل واختناسه بالنهار . نعم .
    المتن
    قال اسحاق وتصديق ذلك ما جاء عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في الماعون لأن بعضهم قال هو الزكاة وقال بعضهم : عارية المتاع ، قال : وقال عكرمة أعلاه الزكاة وعارية المتاع منه .

    قام بتفريغ الشريط كمال زيادي بقسنطينة 18 رمضان 1432 هـ
    استمع إلى المادة من هنا بارك الله فيك


    .
    المصدر :
    شبكة سحاب السلفية
    شريط بعنوان شرح السنّة للمروزي رحمه الله لفضيلة الشيخ أحمد بن عمر بازمول حفظه الله
    الشريط الأول

  • #2
    رد: شــرح الســنّــة للــمــروزي لفضيلة الشيخ أحمد بن عمر بازمول حفظه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم


    المتن
    وقال اسحاق وجهل قوم هذه المعاني فإذا لم توافق الكلمة الكلمة قالوا هذا اختلاف وقد قال الحسن : وقد ذكرعنده الإختلاف في نحو ما وصفنا وقال إنما أوتي القوم من قبل العجمة .


    الشرح

    نعم ، يقول أيضا حتى ، مثال آخر في الماعون واختلاف الصحابة .في تفسيره فقيل الماعون الزكاة وقيل الماعون القدر وقيل الماعون الشيء من متاع البيت قال عارية المتاع مثل القدر والسكين ونحو ذلك ، قيل عن الصحابة في تفسير هذه الآية هذه الأقوال من يقرأها قد يظن أنه بينها اختلاف والصحيح أنه لا اختلاف بينها ، وإنما كلها تفسروتبين معنى الآية وكأنهم أرادوا التمثيل ، مثلوا ما يدخل في معنى هذه الآية ، تفسير الآية بالزكاة ، الماعون ورد عن علي رضي الله عنه وتفسيرها بعارية المتاع ورد عن ابن مسعود ، وعن ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين ، فإذا جئنا ونظرنا إلى هذه الأقوال في الظاهر كأنها اختلاف وتضاد ، ولذلك بعض الناس إذا قرأ تفسيرابن كثيريقول أنا ما أفهم ، طب ليش ما تفهم ؟ يقول أنا إذا قرأت أجد في الكلمة عدة معاني ، فما أدري إيش الصحيح ، نقول كلها صحيح بإذن الله إذا ثبتت عن السلف ، كلها والمعنى يحتملها ، فإذا فهمت وأدركت أن هذا الاختلاف هو من باب البيان وزيادة الإيضاح ،والتمثيل ، لا من باب الحصر ، ـ يعني مثلا ـ لما قال علي رضي الله عنه في الماعون هو الزكاة ليس معناه أنه خطأ ، لا ، إنما علي أراد أن يقول لك : من الماعون الزكاة ، ومن الماعون القدر ومن الماعون كذا وكذا .ثم قال رحمه الله قول عن عكرمة رحمه الله مولى عبد الله ابن عباس وهو من المكثرين عن ابن عباس رضي الله عنه وهومن التلاميذ النجباء لابن عباس وهو ثقة ،إمام وما رُمي به من بعض الأمور ـ يعني من بعض التهم ـ قد نفاها عنه أهل العلم ،ما رمي به من رأي الخوارج أورمي بالكذب أو بكذا نفاها عنه أهل العلم وصنفوا رسائل في الذب عنه ، منهم المنذري ، أذكر كأن المروزي له رسالة في الذب عن عكرمة ، عكرمة مولى ابن عباس ماذا يقول ؟ يقول : الماعون أعلاه الزكاة وعارية المتاع منه، يعني أعلى شيء في الماعون الزكاة ،لماذا ؟ لأن الماعون من المعونة ،و الإعانة ، فالزكاة وإعارة القدروإعارة الأمور هذه كلها يدخل في ماذا ؟ في العون ،واضح ، ويدخل في تفسيره المتاع ، ويقصد بالمتاع ، متاع البيت من قدر وسكين ونحو ذلك، ثم قال إسحاق :وجهل قوم هذه المعاني ، يعني هذه التفسيرات للكلمة الواحدة ، جهل بمعنى لم يفهموها ، قال : فإذا لم توافق الكلمة الكلمة ، قال : وهذا إختلاف ، يعني لا يُقبل ، ويأتون ويفسرون القرآن من قبل عقولهم قال الحسن ،وقد ذكر عنده هذا الإختلاف في نحو ما وصفنا ، في تفسير الآية على عدة معاني قال : إنما أوتي القوم من قبل العجمة أي أنهم لم يعرفوا العربية ، ووجوه مخارج اللغة العربية ومقاصد اللغة العربية التي نزل القرآن بلسانها ، فظنوا أن هذا الإختلاف والتنوع تضاد ، وأن هذا الإختلاف ينافي كل تفسير للآخر ، وهذا خطأ إنما أتوا من قبل العجمة ، أي من قبل عدم الفهم لدين الله عزوجل ، وعدم الفهم للغة العربية ، وفي هذا بيان أهمية اللغة العربية ، نعم .

    قال أبو عبد الله قبض الله رسوله صلى الله عليه وسلم بعد أن أكمل للمسلمين دينهم وقال : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بعرفات فلم ينزل بعدها حلال ولا حرام ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات .
    قال أبوعبد الله اللي هو المروزي صاحب السنة ، قبض ـ يعني ـ مات الرسول صلى الله عليه وسلم والله عزوجل قال له : (( إنك ميت وإنهم ميتون )) فالرسول صلى الله عليه وسلم مات ، لكن مات عليه الصلاة والسلام بعد أن أكمل صلى الله عليه وسلم للمسلمين دينهم ، بعد أن بينه لهم بيانا كاملا شافيا ، ليس بحاجة إلى زيادة مزيد ولا إلى نقص ، وهذا الإكمال بنص القرآن كما في الآية المذكورة(( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) انتهى ، انتهى الأمر وحسم ، دين ارتضاه الله عزوجل وأكمله وأتمه ، إذن كم أمر الآن ؟ ثلاثة أمور ، دين كامل وتام ورضي الله عنه ، ارتضاه سبحانه وتعالى ، فأهل البدع الذين يأتون ببدع يزيدون فيها على ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، هم يقولون ليس هذا الدين تام ، فيه نقص ، والذين ينقصون مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، ويردونه يقولون لم يكتمل الدين ، بحاجة إلى زيادة والذين اتخذوا مناهج و طرق أخرى لم يرتضوا ما ارتضاه الله عزوجل لخلقه وعباده ولذلك هذه الآية شأنهاعظيم في السنّة وفي الرّد على أهل البدعة ،لأن التحاكي بهذه دين كامل ، تام ، مرتضى ، ماذا تريد بعد ذلك ؟ لاشيء ،ولذلك قال نزلت هذه الآية ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بعرفات أي في حجة الوداع ، حينما أرشد الناس عليه الصلاة والسلام في حجته ،أنه قد بلغ وشهد الصحابة أنه بلغ عليه الصلاة والسلام ، بلغ أمته ما أمره الله عزوجل به أن يبلغه لهم ، فأشهدوا الله عزوجل ، صلى الله عليه وسلم أنهم شهدوا على بلاغه ،فقال :" اللهم فاشهد " لذلك كان هذا الموقف موقف عظيم ، وهذه الأيات كما قال بعض أهل الكتاب لعمر : لو فينا نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا ، فقال عمر : أعرف في أي يوم نزلت ، في يوم عرفة ، نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله رحمه الله تعالى : فلم ينزل بعدها حلال ولا حرام ، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات ، إذا جئنا نظرنا نجد أن هناك بعض الأيات نزلت بعد هذه الأية ، ولكن المصنف رحمه الله تعالى كان دقيقا فقيها ، قال : فلم ينزل بعدها حلال ولا حرام بمعنى ـ نزلت أيات بعد هذه الأية التي أخبرنا الله عزوجل بأنه أكمل فيها الدين ولكنها ليست متضمنة للحلال والحرام بل هي أيات تضمنت لأحكام قد سبقت ، واضح ، ليس فيها حلال ولا حرام بمعنى أحكام جديدة ، هكذا قال أهل العلم ، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمات وكأنه يريد أن يقول : فلم تنسخ هذه الأية ـ يعني ـ أن الدين كامل ، نعم .

    المتن
    وأمرهم الله تبارك وتعالى بالاجتماع على ما جاءهم عنه ، ونهاهم عن التفرق من بعد أن جاءهم البيان ،فقال : (( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا )) وقال سبحانه : (( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات )) .

    الشرح
    قال المصنف رحمه الله وأمرهم الله تبارك وتعالى ، أمر من ؟ أمرالصحابة وأمر الناس جميعا ، أمرهم بماذا ؟ أمرهم بأمرين عظيمين ، أمرهم بالاجتماع ونهاهم عن التفرق ، أمرهم بالاجتماع على أمراءهم ، وعلى سنة نبيهم وعلى دينهم ،بالاجتماع على هذا الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فقال : فأمرهم بالاجتماع على ما جاءهم به ، أو ما جاءهم عنه ، أي عن الله عزوجل ،وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهنا الاجتماع يشمل ما سبق ، يشمل الاجتماع على الأمراء ، حكام المسلمين وعدم الخروج عليهم ،وعدم مخالفتهم وأيضا يشمل الاجتماع على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام ، لأن الجماعة فسرت بتفاسير منها هذان التفسيران ونهاهم عن التفرق ، نهاهم عن التفرق ـ يعني ـ عن المخالفة ،وعن الفرقة والشقاق عن الجماعة ، لأن هذا التفرق وهذه المخالفة تضعف شوكة المسلمين ، وتسبب الفتن والفساد لهذا الدين ، لأن الدين لابد له من جماعة ، والجماعة لابد لها من إمامة ولن يستقيم أمر الدين إلا بهذه الإمامة وهذه الجماعة ، إذا كان الناس لا إمام لهم ولا جماعة ،فإن أهل البدع وأهل الضلال وأهل الكفر ، يتسلطون على الناس خصوصا العامة الذين لا يفقهون شيئا ، وما يخفاكم ما يقع في بعض البلاد حينما تسلط الروافض على الحكم وكيف أخذوا بحمل الناس على التشيع ومحاربة أهل السنّة ، أهل السنة وهذا ـ يعني ـ من مزاياهم إذا حكموا الناس فإنهم لا يظلمون لأن الله أمرهم بهذا ، أهل البدع ، يحجمونهم لكن لا يقتلونهم إلا لو وقعوا في الردة والكفر ، يضيقونا عليهم في دعوتهم ، في الدعوة إلى البدع ونشرها وهذا بأمر الله عزوجل وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، لكن لا يؤذونهم مثل ما يفعل أهل البدع هناك ، فلذلك نهى الله عزوجل عن الفرقة ، ولذلك الآن في هذه البلاد ، بلاد التوحيد في المملكة العربية السعودية ، ما استطاع أصحاب الدعوات الوافدة من جماعة التبليغ ، أو جماعة الإخوان أن يهزوا كيان هذه الدولة لأن هذه الدولة بفضل الله عزوجل ، والشعب الذين ينطوون تحته ويسمعون ويطيعون له قائمون على السنة فحاولوا أن يختلقوا أو يوجدوا أناس يخرجون عن هذه الدولة ويطيحون دولة السنة فما استطاعوا لأن السنّة تأمرنا بإيش ؟ لأن السنة تأمرنا بالسمع والطاعة لولي أمرنا ، لأن السنة تنهانا عن الخروج وإراقة الدماء فما استطاعوا ، فاتخذوا سبيلا آخر وهو سبيل التفرقة ، بإيجاد جماعات وأحزاب ، واختلاق أفكار شتت بعض أفراد المجتمع وبفضل الله عزوجل ثم بفضل أهل العلم بينوا كثيرا من أخطاء وأخطار هذه الجماعات ، فالحمد لله ، اتضح لكثير من الناس،ضرر هذه الجماعات ولكن السنة محاربة ، وأشد سلاح تحارب به السنة التفرقة ، والتشتيت للمجتمع الذي تقوم فيه ، ولذلك كان أشد سلاح لمحاربة أهل البدع الاجتماع وعدم التفرق ، الأمر بالاجتماع وعدم التفرق والله عزوجل ماذا يقول : (( واعتصموا )) وهذا خطاب لجميع الأمة ، خطاب للصحابة ولنا نحن أو لمن بعد الصحابة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من باب أولى (( اعتصموا )) بمعنى : الزموا النهج والطريق الذي تحصل لكم فيه العصمة ، (( واعتصموا بحبل الله )) ـ بحبل الله ـ قيل : القرآن وإذا قيل القرآن ينبغي أن يفهم أن القرآن يدخل فيه السنة ويدخل فيه السلف الصالح لماذا ؟ لأن القرآن جاء بهذا جاء بلزوم السنة ولزوم منهج السلف الصالح ، يعني بعض الناس يجيء يقول ماهو لازم القرآن أوماهو لازم منهج السنة لأن منهج السنة في القرآن انتهى نقول : لا ، كيف تعتصم بالقرآن وتخالف منهج السلف الصالح ،وأنت تخالف القرآن إذا خالفت منهج السلف الصالح ،وجاء في معنى ـ حبل الله ـ الإسلام والمراد الإسلام الكامل الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، وجاء أيضا معنى ـ حبل الله ـ أي الرسول صلى الله عليه وسلم ويقال هنا ما قيل فيما سبق ، أنه هذه المعاني ليس بينها اختلاف ، كلها تحتملها الأية ، وكلها تنطبق على الأية (( واعتصموا بحبل الله جميعا )) أكدّ هذا الاعتصام ، أنه ليس معناه أن الأمة غالبيتها مجتمعة لبعض أفرادها أن يتفرقوا ، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما أمربالسمع والطاعة قال :" إياكم ومفارقة الجماعة فإنه من فارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية " قال أهل العلم معناه ـ أنه مات ميتة أشبه بحال أهل الجاهلية الذين كان يموت الواحد منهم وليس في عنقه سمع وطاعة لإمام ـ وفي رواية أنه من فارق الجماعة قيد شبر ، قال أهل العلم إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قيد شبر " للإشارة إلى أن المفارقة للجماعة ولو قلت فإنها تؤول إلى أمر كبير ، وللإشارة إلى أنه لا تجوز المفارقة للجماعة ،ولو كانت في أمر يسير ـ يعني ـ بعض الناس يقول صح هذا الإمام أنا أسمع وأطيع له ، لكن في هذا أنا ما أسمع ، هذا الرجل يعتبر سمع وأطاع ؟ لا ، يعتبر مفارق للجماعة ، لأنه قال صلى الله عليه وسلم ولو " قيد شبر " ولو في أمر يسير ،فقال أهل العلم قيده بذلك للإشارة إلى أمرين ، الأمر الأول : للدلالة على أن المفارقة ولوكانت يسيرة فإنها تؤول إلى أمر كبير ،والأمر الثاني للإشارة إلى أن الأمر اليسير في المفارقة حكمه كحكم الأمرالكبير ، واضح ،نعم .
    ثم قال (( ولا تفرقوا )) اعتصموا ولا تفرقوا أكد هذا الأمر(( واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء )) يمن الله عزوجل على العرب حينما كانوا أعداء يتنحارون ، ليس لهم إمام ، القوي يأكل الضعيف والضعيف يدخل تحت القوي ، ويستنجد به ويكون كالمستعبد له ، فكانوا ـ يعني ـ متفرقين متناحرين وكانت الفرقة ليست فقط بين الناس إذا كانوا بعدين عن بعض في النسب ، حتى كان يتفرق الأخ مع أخيه ويقاتله ،فقال :(( إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا )) فأصبحتم بنعمته أي بنعمة الله عزوجل عليكم بإرسال هذا الرسول وإنزال هذا الكتاب وختم هذا الدين الذي أمركم بالإجتماع ونهاكم عن التفرق ثم قال عزوجل (( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات )) ولا تكونوا خطاب للصحابة وخطاب لنا أيضا ،لا تكونوا ـ أي لا نفعل مثل فعلهم ، (( كالذين تفرقوا )) من الذين تفرقوا ؟ اليهود والنصارى ، تفرقوا عن ماذا ؟ عن ما جاءت به أنبياءهم ، ولذلك هؤلاء دعاة التجديد ، ودعاة التيسير ودعاة الجماعات الأخرى هؤلاء في حقيقة أمرهم أتوا بأمر لم يأت به النبي صلى الله عليه وسلم ، وفارقوا الجماعة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلزومها ، فهؤلاء خالفوا النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ، فلاشك أنهم داخلون تحت قوله (( ولا تكونوا كالذين تفرقوا )) ولذلك ليست الفرقة عما جاءت به الأنبياء الوقوع في المعاصي كما يفسره لنا الخوارج ـ يعني احنا اتربينا ـ خلينا نكون صريحين شوية ـ تربى في أذهاننا مما كنا نسمع من بعض الخوارج الذين كانوا يتصدرون للوعظ والإرشاد ، تربينا على أن المعاصي والوقوع في المعاصي وهذا المجتمع الذي نحن فيه المجتمع الجاهلي هو خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من الفرقة في الدين ـ لا ، ليس هذا المعنى فقط ، هذا المعنى ، لاشك أن المعاصي شر ولا شك أنّ المعاصي ـ يعني ـ تخالف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام ، ولكن ليست المقصود في ذم الآية ، وإنما المقصود في ذم الآية البدع والأحزاب والمخالفات لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام ، هذا هو المذموم ، المذموم من يصف معابد المسلمين ومساجدهم بأنها معابد جاهلية ، المذموم من يصف الله عزوجل بأنه يخسر في الإنتخابات ، تعالى الله عما يقول ، المذموم من يدعوإلى الصوفية وإلى الطرق النقشبندية ويدعو إلى الجماعات وإلى الأمور السياسية ، ويجعل الدين منطلقا من السياسة ، ويصف التوحيد والشرك بأنه يفرق الناس ، أو أن الشرك إنما المراد به شرك الملوك ، ومحاربتهم وأنّ لا إله إلا الله هو لا حاكم إلا الله ، هذا من التفرق في دين الله عزوجل ،عن دين الله عزوجل ، هذا هو التفرق ، وهذا هو المخالفة لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، النبي صلى الله عليه وسلم يقرر التوحيد وينبذ الشرك ،الشرك في عبودية الله عزوجل ، ويدعو إلى إفراده عزوجل في العبادة ،ويصبر على عداء قريش وغيرها ويقرر التوحيد تقريرا كاملا يهز القلوب ، ثم يأتي هؤلاء ويجعلون الشرك ، شرك القصور، وأن الشرك ومحاربة الذبح للقبوروالطواف حول القبور والإستغاثة بالأموات هذا شرك بدائي ، شفت كيف ؟ وأنّ الشرك ، شرك القصور هو الذي ينبغي أن يحارب ، وأنّ هذا الشرك البدائي يمكن أيضا تجاوزه ، فانظر إلى تلاعب الشيطان بعقول هؤلاء ،ولاشك أنّ السبب فيه مخالفتهم لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولاشك أنهم داخلون تحت قوله عزوجل :(( ولا تكونوا كالذين تفرقوا )) لا ، والله ما حارب النبي صلى الله عليه وسلم ولا جعل دعوته منطلقا من السياسة ومحاربة الحكام ، لا ، والله ما جعل النبي صلى الله عليه وسلم ، شرك القبور والذبح لها ،والإستغاثة بغير الله ، ونداء غير الله ، من الأمور الشركية البدائية اليسيرة التي يمكن أن تغتفر ، بل كان عليه الصلاة والسلام يغضب ويقول أجعلتني لله ندا ، ويغضب صلى الله عليه وسلم يغضب إن وقع الشرك من أصحابه أو من بعض ـ يعني ـ غير مقصود مثل ما حدث في ـ ذات أنواط ـ ومثل ما حصل من ذاك الرجل الذي قال ـ ماشاء الله وشئت ـ غير مقصود ، غضب غضبا شديدا ، صلى الله عليه وسلم وما فعل هذا ، ما جعل تقرير خطورة الشرك مع الله عزوجل في ألوهيته ،ثم يأتي هؤلاء الحثالة ، ويجعلون الشرك شرك القصور ، وأنّ لا حاكم إلا الله وأنّ ما قررعليه الصلاة والسلام أنه لا معبود بحق إلا الله عزوجل ، هذا الذي قرره صلى الله عليه وسلم ، من التوحيد ولذلك قال عزوجل : (( واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات )) عندكم الحجج ، كتاب الله قائم ، سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، قائمة ومع ذلك أشربوا أهواءهم ، فخالفوا السنن . نعم .

    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تقاطعوا ولا تدابروا وكونوا عبادالله إخوانا " وقال صلى الله عليه وسلم :" لا تختلفوا فتختلف قلوبكم " وقال :" من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة "
    حدثنا يحيى ابن يحيى عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال "
    حدثنا يحيى بن يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا " .


    الشرح
    هذه المعاني في الآية السابقة المصنف رحمه الله أورد من السنة ما يدل عليها قوله عليه الصلاة والسلام :" لا تقاطعوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا " ـ لا تقاطعوا ـ النهي عن المقاطعة يعني : لا يهجر المسلم أخاه المسلم ، وإذا هجره لخصومة يعني دنيوية فلا يحل له أن يهجره فوق ثلاث ليال ، لماذا ؟ لأن المطلوب أن يكون المسلمون يدا واحدة ، جماعة واحدة ، لا يتفرقوا ، فقال عليه الصلاة والسلام:" لا تقاطعوا ولا تدابروا " ـ لا تدابروا ـ يعني إذا لقي أحدكم أخاه أعطاه دبره ، أي ظهره ، طيب ، ثم أدبر عنه وولى ، لا ، المفترض أن يلقاه ، ويتبسم له ويسلم عليه ، ويسأل عن أخباره ، هذه الأمور من أداب الأخوة الإسلامية ، هذه الأمور أسسها ووثقها النبي صلى الله عليه وسلم ،بالسنة ، إذا التزموا السنة يكونوا على هذه الحال ، أما إذا اتخذوا المناهج واتخذوا الأحزاب فلا شك أنهم سوف يكونون في مقاطعة وفي مدابرة وفي وفي وفي .
    قال :" وكونوا عباد الله إخوانا " أي : لتكن الأخوة قائمة بينكم ، احذروا الإختلاف والتناحر ، وهذا يقال كما سبق .
    ثم قال عليه الصلاة والسلام :" لا تختلفوا فتختلف قلوبكم " هذا الحديث معلوم أنه في الصلاة ، حينما يقول لهم النبي صلى الله عليهوسلم : استووا ، استقيموا " لا تختلفوا فتختلف قلوبكم " وهذا الحديث إيراده من المصنف هنا فيه فائدة وهي الإشارة إلى أن مخالفة الظاهر يلزم منها مخالفة الباطن ، المصلون إذا وقفوا مختلفين ، واحد متقدم واحد متأخر ، واحد يسار متباعد وهكذا ، هذه المخالفة ، تجعل القلب يختلف لا يجتمع على الخشوع وتدبر الآيات و التسبيح والتكبير في الصلاة ، فمخالفة الظاهر تقود إلى مخالفة الباطن وتؤثر فيه ، فإذا كانت مخالفة الظاهر في السنن تؤدي إلى هذا فلاشك أن مخالفة السنن ـ معنى السنن ـ أي الهدي الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، لاشك أنه يؤدي إلى اختلاف المجتمع المسلم ككل ،وإذا التزموا بالسنة فإنهم يكونون يدا واحدة ولذلك ، سمعنا قبل فترة ورأينا قبل فترة ، في الإذاعات أنه بعض المذيعين في السعودية هنا يقول في برنامج له يدعو إلى الوحدة الوطنية يقول : نحن نريد ـ طبعا هو تقابل مع بعض أهل السنة في حلقة ، حلقة ثانية مع الصوفية ، حلقة ثالثة مع الشيعة ـ فقال : نحن نريد كلنا في هذا الوطن نحب بعضنا البعض . ونكون يدا واحدة ولو اختلفت مشاربنا لكن نكون يدا واحدة حتى نكون دولة واحدة ، نقول :أما أن يكون المجتمع كله تحت ولي الأمر القائم بالسمع والطاعة فهذا أمر ظاهر ، لا يشك فيه ، أما كوننا جميعا نكون يدا واحدة وقلبا واحدا فهذا لا شك أنه مخالف للقرآن ومخالف للسنة ، لأنه لا تجتمع السنة مع البدعة ،نهائيا ومتى تنازل أهل السنة ووضعوا أيديهم مع أهل البدع فإنهم قد خذلوا السنة ولكن الله ناصر دينه ولاشك، نعم ، لاشك أن ولي الأمر يدعو إلى عدم التناحر وعدم التقاتل وعدم الإختلاف الظاهرهذا أمر نقره ولكن الرد على أهل البدع والرد على أهل الأهواء ومقاطعة ومهاجرة أهل البدع في الله أمر مطلوب شرعا ، ولاشك أن هذه الدولة منذ مؤسسها الأول إلى أن أسسها الملك عبد العزيز رحمة الله عليه وأبناءه من بعده لاشك على أنهم قائمون على السنة وأنهم لا يرضون البدعة ، كلهم يقولون نحن نحكم كتاب الله ، وسنة رسول الله ومنهج السلف الصالح ، ولا يُتخذ من بعض كلمات الملك حفظه الله تعالى سبيلا إلى توحد القلوب ،فإن الملك لم يرد هذا ، الملك أراد أن المجتمع ، الملك عبد الله حفظه الله حينما طال المجتمع ككل عدم التنازع والاختلاف وهذا فيه فائدة ولاشك لأن في أوضاعنا الآن ـ يعني السياسة عموما ـ أهل الكفر وأهل البدعة في خارج هذه البلاد يريدون أن ينقضوا على هذه الدولة ويطلبون الفجوة والخلل لهذه الدولة حتى يحاربونها ولكن نسأل الله عزوجل أن يحفظها وأن يرد كيدهم في نحرهم ، فلاشك أن ما طلبه الملك هو موافق للسياسة الشرعية من جهة أنه يريد الأمور هادئة ، ما يريد الأمور في نوع تصارع بين الشعب حتى لا يُتخذ من هذا التصارع سلما للدخول فيه ، لكن لا يعني الملك بحال من الأحوال ، وهذا معروف عنه ،وعن آباءه وعن إخوانه ، لا يعني بحال من الأحوال اعتبارالتوحيد أمر ثانوي ، كالصوفية بما عندهم من شركيات وبدع وضلالات أمر عادي ،والروافض بما عندهم من سب لأبي بكر وعمر وطعن في عائشة وطعن في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، بل هو تكفير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ،أمر عادي ، لا يعني هذا بحال من الأحوال ، ولا يعني حفظه الله تعالى أنّ من يدعون إلى نبذ الدين وإلى ترك الدين لأنه الدين رجعية أنه نحن نوافقهم ، أبدا ، إنما أراد الهدوء ، والحكمة في التعامل ، إلى أن تكون هناك نوع من القوة والحزم لنا ، وهذا ولاشك أنه من السياسة الشرعية التي أقرها العلماء ، ولذلك الشيخ صالح الفوزان لما استغل بعض الناس العموم في كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله حفظه الله تعالى حينما قال :ما نريد علمانية ،ما نريد أحد يقول كذا وكذا ، ردّ الشيخ صالح الفوزان بأن المراد من هذا الكلام عدم التناحر ،لكن ليس فيه أننا نقرهم على ما هم عليه ، أو أننا نعتبرهم مذهب له طريقته ومقبول ، لا ، فلذلك لا يمكن أن تجتمع السنة والبدعة ،فاجتماع الباطن مبني على اجتماع الظاهر،واجتماع الظاهر يؤدي إلى اجتماع الباطن ، والعكس صحيح فاختلاف الظاهر يؤدي إلى اختلاف الباطن ، والإختلاف في الباطن يؤدي إلى الإختلاف في الظاهر . متى كان الشيعة والصوفية وهذه الجماعات الإخوانية متى كانوا يريدون أن تقوم لأهل السنة قائمة ، حتى في قولهم نريد الوحدة والله ما يريدون أهل السنة ، والله إنهم يصفونهم بأبشع الأوصاف ، في جلساتهم وفي خلواتهم بل حتى يصرحون أحيانا ، بأنهم وهابية وأنهم يكرهون الدين ،وأنّ هؤلاء الناس متشددون وأنهم فرقوا الأمة ووو ، خذ من الأوصاف يعني الشنيعة ، فلذلك المصنف رحمه الله أجاد حينما أورد هذا الحديث " لا تختلفوا فتختلف قلوبكم " وهو وإن كان وارد في الصلاة إلا أنه للدلالة على أنه في غير الصلاة من باب أولى . وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام :" من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة " البحبوحة هذه هي وسط الجنة ، فليلزم الجماعة أي يلزم جماعة المسلمين القائمة على السنة ، فليلزم جماعة الحق ، ولا يخالفها ولا ينحرف يمينا أو يسارا ، ثم أورد بسنده ، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال :" لا تباغضوا ولا تدابروا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا " ـ ولا تحاسدوا ـ فيه النهي عن الحسد ، وأما حديث ( الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ) قد ضعفه أهل العلم ، وإن كان انتشرأنه صحيح إلا أنه،كان الألباني رحمه الله تراجع عن تحسينه ، فيه نهي عن الحسد لماذا ؟لأن الحسد أحد الأدواء والأمراض التي تفتك بالمجتمع المسلم ، بعض الناس بعض الجماعات يدعون إلى الدين ، طيب ، ويخالفون الجماعة القائمة ، جماعة السنة ثم يدعون إلى طريقة معينة لماذا ؟ ليس غيرة على دين الله وإنما حسدا ، إنطلاقا من الحسد فلذلك النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحسد ، ولاشك أن الحسد قد أهلك الأمم التي قد كانت من قبلنا ، فلذلك تجد بعض الناس في قلبه غل ، من دعوة التوحيد ، من دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ، من دعوة آل سعود لماذا ؟ بعضهم ولا نريد أن نسمي ناس بأشخاصهم وإنما نشير ، بعضهم يطلب حكم ...وسقط حكمه فيجيء فيطلب الحكم ،فجاء عن طريق الدين وآل سعود وآل سعود يطعن في آل سعود يريد أن يطيحهم، ولكن يظهر أن آل سعود قائمون بالسنة كما وصف بذلك هيئة كبار العلماء وبعضهم يطلب ـ يعني ـ ثأرا أو يطلب إنتقاما من أهل السنة عموما ، وهذا واضح جدا في أهل البدع وأهل التصوف فلذلك ينبغي أن نحذر ، وأن نتفطن ،ماهو كل من جاء وأظهر الدين والغيرة أنّ قوله صوابا ، وقال : " ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال " طبعا ، هنا المراد بالهجر ، الهجر لأجل مصلحة دنيوية ،أن يهجر المسلم أخاه المسلم لأمر من أمور الدنيا وإلا لو هجرهم في الله كأن يكون مبتدع أو ضال أوحذر منه أهل السنة فإن هذا يُهجر العمر كله إلا أن يتوب ،فإن هذا يُهجر العمر كله في الله ويثاب على الهجر ، إلا أن يتوب ويرجع إلى السنة ،وليس المراد هنا النهي عن الهجر عموما ، فإن هذا الهجر محمله كما ذكره أهل العلم ،هجر لأمر دنيوي ، ثم أورد أيضا الحديث الذي يليه ، وفيه يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا " ـ إياكم ـ أي : احذروا وانتبهوا وابتعدوا فإياكم هذه ، فيها التحذير ، إياكم وماذا ؟ قال : إياكم والظن ،أمر جاء في ذهنك أو قلبك ظنا لا دليل عليه ، لا برهان عليه ، لا أمارات عليه تدل عليه ،فإياك أن تعمل به وأن تجعله كأنه أمرا معلوما ، لا ، انتبه ، لماذا ؟ لأن الظن أكذب الحديث لأنه غالبا يأتي إما من وساوس الشيطان وإما من النفس الأمارة بالسوء ، فإذا جاءك الظن السيء فاحذره ، لا تعمل به ، واستعذ بالله من الأمر السيء قال :" إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث " ـ يعني ـ غالبا الإنسان إذا مشى وراء ظنه فإنه يجد أنه وقع في الكذب ، أكذب الحديث ولا يصدق غالبا ، ثم قال :" ولا تحسسوا ولا تجسسوا " التحسس هو الإستماع لكلام الناس دون علمهم والتجسس هو تتبع عورات الناس ، قيل في تفسير هاتين الجملتين " ولا تحسسوا " بمعنى لا تستمعوا لكلام الناس وهم لا يعلمون ـ يعني ـ بسماعك لكلامهم فإن هذا من التحسس المذموم ، "ولا تجسسوا " ولا تتبعوا عورات المسلمين والمعنى هنا من تتبع عورات المسلمين ـ يعني ـ الأمر الغير ظاهر ، الأمر المبني على مجرد الظن ، الأمر الذي أنت ما عندك فيه أي دليل أو برهان أوشيء يدل عليه ، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول :" ولا تجسسوا " لكن ليس معناه أنه إذا ظهرت ريبة في مكان وظهرت علامات الفساد في هذا المكان أنه نتركه حتى يظهر عيانا بيانا ، لا ، فهنا إذا ظهرت الأمارات وظهرت العلامات وكما يقال وظهر شيء من رائحة هذا المنكر فإنه يجب إبلاغ ولاة الأمر وليس هذا من باب التجسس المذموم ، ليس هذا من باب التجسس لأنه إذا وصل إلى مرتبة الظهورأو مرتبة التهمة وفإنه لا يكون تجسس لأنه هذا من باب إنكار المنكر ، أضرب لكم مثال من باب أن لا نتجسس ، الآن مثلا، رجل وامرأة في السيارة من الخطأ ما نراه من بعض الناس ، أنه يشوف فلان وفلانة هذا ماهي زوجته ، إيش أدراك أنت ، يمكن تكون أخته ، يمكن تكون زوجته ، يمكن تكون قريبته أمه مثلا أو عمته أوخالته ، من محارمه من الذي أدراك ؟ هذا من الظن ، إيش يسوي ؟ يروح يتبعهم ،يمشي وراءهم ، لاشك أن هذا من التتبع ، من التجسس المنهي عنه ، واضح ، لكن مثلا شخص في دار ، وهذا الداريدخله رجال ونساء بصفة مريبة وأجناس مختلفة ويمنع عليهم ، فلاشك أن هذا أمر ظاهر فهنا ـ فشت رائحة المنكر ـ يبلغ ولاة الأمر وهم يتصرفون ، فلا تكون المسألة غفلة بالمرّة، ولا ـ يعني ـ مثل ما يقال تدخل أو تطفل أو تهمة للناس بالمرّة ، الشرع أعطاك أمر وسط ثم أيضا هذه الأمور كما نعلم مرجعها إلى ولاة الأمر ، إذا رأينا مثل هذه الأمور ليس لنا أن نسطو عليهم ووو، لا ، هذا مرجعه إلى ولاة الأمر هم الذين يتعاملون مع مثل هذه الأمور المشتبهات بما يناسبها ، ثم قال :" ولا تنافسوا " يعني : لا تنافسوا على الدنيا ، لا تنافسوا في الأمور التي لا مصلحة فيها ، أما في طاعة الله ، (( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون )) لا تنافسوا على الدنيا ، لا تنافسوا على جمع المال ، " ولا تحاسدوا " قد سبق ، " ولا تباغضوا " ـ يعني ـ لا يبغض بعضكم بعضا ، " ولا تدابروا " قد سبق ، " وكونوا عباد الله إخوانا " .
    وفي هذا القدر كفاية وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


    المصدر :
    شبكة سحاب السلفية
    شريط بعنوان شرح السنّة للمروزي رحمه الله لفضيلة الشيخ أحمد بن عمر بازمول حفظه االله
    الشريط الأول الوجه ب
    قام بتفريغ الشريط كمال زيادي بقسنطينة 23 شوال 1432 هـ



    استمع الى المادة من هنا بارك الله فيك
    http://www.dawrat-bi...iew=sound&id=85


    .

    تعليق

    يعمل...
    X