اعتقاد أحمد بن حنبل الذي كتبه أبوالفضل التميمي لا يمثل عقيدة أحمد بن حنبل
مجموعة من النقول عن ابن تيمية في بيان أن عقيدة أبي الفضل عبدالعزيز التميمي لا تمثل حقيقية عقيدة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، وأن فيها تقارباً مع عقيدة الأشاعرة
قال في مجموع الفتاوى (12/367): "وسلك طريقة إبن كلاب فى الفرق بين الصفات اللازمة كالحياة و الصفات الاختيارية وان الرب يقوم به الأول دون الثاني كثير من المتأخرين من أصحاب مالك والشافعي وأحمد كالتميميين أبى الحسن التميمي وابنه أبى الفضل التميمي وابن ابنه رزق الله التميمي وعلى عقيدة الفضل التي ذكر أنها عقيدة أحمد أعتمد أبو بكر البيهقي فيما ذكره من مناقب أحمد من الاعتقاد"اهـ
قال في مجموع الفتاوى (4/167): "ولهذا لما كان أبو الحسن الأشعري وأصحابه منتسبين إلى السنة والجماعة كان منتحلا للإمام أحمد ذاكرا أنه مقتد به متبع سبيله وكان بين أعيان أصحابه من الموافقة والمؤالفة لكثير من أصحاب الإمام أحمد ما هو معروف حتى إن أبا بكر عبد العزيز يذكر من حجج أبي الحسن في كلامه مثل ما يذكر من حجج أصحابه لأنه كان عنده من متكلمة أصحابه، وكان من أعظم المائلين إليهم التميميون أبو الحسن التميمي وابنه وابن ابنه ونحوهم وكان بين أبي الحسن التميمي وبين القاضي أبي بكر بن الباقلاني من المودة والصحبة ما هو معروف مشهور ولهذا اعتمد الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه الذي صنفه في مناقب الإمام أحمد لما ذكر اعتقاده اعتمد على ما نقله من كلام أبي الفضل عبد الواحد بن أبي الحسن التميمي وله في هذا الباب مصنف ذكر فيه من اعتقاد أحمد ما فهمه ولم يذكر فيه ألفاظه وإنما ذكر جمل الاعتقاد بلفظ نفسه وجعل يقول وكان أبو عبدالله وهو بمنزلة من يصنف كتابا في الفقه على رأي بعض الأئمة ويذكر مذهبه بحسب ما فهمه ورآه وإن كان غيره بمذهب ذلك الإمام أعلم منه بألفاظه وأفهم لمقاصده فإن الناس في نقل مذاهب الأئمة قد يكونون بمنزلتهم في نقل الشريعة ومن المعلوم أن أحدهم يقول حكم الله كذا أو حكم الشريعة كذا بحسب ما اعتقده عن صاحب الشريعة بحسب ما بلغه وفهمه وإن كان غيره أعلم بأقوال صاحب الشريعة وأعماله وأفهم لمراده.
فهذا أيضا من الأمور التي يكثر وجودها في بني آدم ولهذا قد تختلف الرواية في النقل عن الأئمة كما يختلف بعض أهل الحديث في النقل عن النبي لكن النبي معصوم فلا يجوز أن يصدر عنه خبران متناقضان في الحقيقة ولا أمران متناقضان في الحقيقة إلا وأحدهما ناسخ والآخر منسوخ وأما غير النبي صلى الله عليه وسلم فليس بمعصوم فيجوز أن يكون قد قال خبرين متناقضين وأمرين متناقضين ولم يشعر بالتناقض، لكن إذا كان في المنقول عن النبي ما يحتاج إلى تمييز ومعرفة وقد تختلف الروايات حتى يكون بعضها أرجح من بعض والناقلون لشريعته بالاستدلال بينهم اختلاف كثير لم يستنكر وقوع نحو من هذا في غيره بل هو أولى بذلك لأن الله قد ضمن حفظ الذكر الذي أنزله على رسوله ولم يضمن حفظ ما يؤثر عن غيره لأن ما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة هو هدى الله الذي جاء من عند الله وبه يعرف سبيله وهو حجته على عباده.
فلو وقع فيه ضلال لم يبين لسقطت حجة الله في ذلك وذهب هداه وعميت سبيله إذ ليس بعد هذا النبي نبي آخر ينتظر ليبين للناس ما اختلفوا فيه بل هذا الرسول آخر الرسل وأمته خير الأمم ولهذا لا يزال فيها طائفة قائمة على الحق بإذن الله لا يضرها من خالفها ولا من خذلها حتى تقوم الساعة"اهـ
وقال في درء التعارض (1/241): "و أبو الحسن الأشعري لما رجع عن مذهب المعتزلة سلك طريقة ابن كلاب ومال إلى أهل السنة والحديث وانتسب إلى الإمام أحمد كما قد ذكر ذلك في كتبه كلها ك الإبانة و الموجز و المقالات وغيرها وكان مختلطا بأهل السنة والحديث كاختلاط المتكلم بهم بمنزلة ابن عقيل عند متأخريهم لكن الأشعري وأئمة أصحابه أتبع لأصول الإمام أحمد وأمثاله من أئمة السنة من مثل ابن عقيل في كثير من أحواله وممن اتبع ابن عقيل كأبي الفرج ابن الجوزي في كثير من كتبه وكان القدماء من أصحاب أحمد كأبي بكر عبد العزيز و أبي الحسن التميمي وأمثالهما يذكرونه في كتبهم على طريق ذكر الموافق للسنة في الجملة ويذكرون ما ذكره من تناقض المعتزلة وكان بين التميميين وبين القاضي أبي بكر وأمثاله من الائتلاف والتواصل ما هو معروف وكان القاضي أبو بكر يكتب أحيانا في أجوبته في المسائل محمد بن الطيب الحنبلي ويكتب أيضا الأشعري ولهذا توجد أقوال التميميين مقاربة لأقواله وأقوال أمثاله المتبعين لطريقة ابن كلاب وعلى العقيدة التي صفنها أبو الفضل التميمي اعتمد أبو بكر البيهقي في الكتاب الذي صنفه في مناقب الإمام أحمد لما أراد أن يذكر عقيدته وهذا بخلاف أبي بكر عبد العزيز و أبي عبد الله بن بطة و أبي عبد الله بن حامد وأمثالهم فإنهم مخالفون لأصل قول الكلابية و الأشعري وأئمة أصحابه ك أبي الحسن الطبري و أبي عبد الله بن مجاهد الباهلي و القاضي أبي بكر متفقون على إثبات الصفات الخبرية التي ذكرت في القرآن كالاستواء والوجه واليد وإبطال تأويلها وليس له في ذلك قولان أصلا ولم يذكر أحد عن الأشعري في ذلك قولين أصلا بل جميع من يحكي المقالات من أتباعه وغيرهم يذكر أن ذلك قوله ولكن لأتباعه في ذلك قولان.
وأول من اشتهر عنه نفيها أبو المعالي الجويني فإنه نفى الصفات الخبرية وله في تأويلها ففي الإرشاد أولها ثم إنه في ( الرسالة النظامية ) رجع عن ذلك وحرم التأويل، وبيَّن إجماع السلف على تحريم التأويل واستدل بإجماعهم على أنَّ التأويل محرم ليس بواجب ولا جائز فصار من سلك طريقته ينفي الصفات الخبرية ولهم في التأويل قولان وأما الأشعري وأئمة أصحابه فإنهم مثبتون لها يردون على من ينفيها أو يقف فيها فضلا عمن يتأوله"اهـ
وقال في درء التعارض (1/283): " كان يكتب في بعض أجوبته : محمد بن الطيب الحنبلي وكان بينه وبين أبي الحسن التميمي وأهل بيته وغيرهم من التميميين من الموالاة والمصافاة ما هو معروف كما تقدم ذكر ذلك ولهذا غلب على التميميين موافقته في أصوله ولما صنف أبو بكر البيهقي كتابه في مناقب الإمام أحمد - و أبو بكر البيهقي موافق لابن الباقلاني في أصوله - ذكر أبو بكر اعتقاد أحمد الذي صفنه أبو الفضل عبد الواحد بن أبي الحسن التميمي وهو مشابه لأصول القاضي أبي بكر وقد حكى عنه : أنه كان إذا درس مسألة الكلام على أصول ابن كلاب و الأشعري يقول : ( هذا الذي ذكره أبو الحسن أشرحه لكم وأنا لم تتبين لي هذه المسألة ) فكان يحكى عنه الوقف فيها إذ له في عدة من المسائل قولان وأكثركما تنطق بذلك كتبه"اهـ
وقال في مجموع الفتاوى (6/53): "و أما التميميون كأبى الحسن وابن أبى الفضل وابن رزق الله فهم أبعد عن الإثبات وأقرب إلى موافقة غيرهم وألين لهم ولهذا تتبعهم الصوفية ويميل إليهم فضلاء الأشعرية كالباقلانى والبيهقى فإن عقيدة أحمد التي كتبها أبو الفضل هي التي اعتمدها البيهقى مع أن القوم ماشون على السنة"اهـ النقل عن الشيخ.
قلت (أبوصهب): وهذا جمع جيد وفق الله الشيخ ونفع به، وهو يوضح أنَّ العقيدة التي كتبها أبو الفضل إنما هي من ألفاظه بحسب ما فهم من معتقد أحمد وما هو منقول عنه في الكتب، فما وافق فيها المنقول عن أحمد نصًا بالأسانيد قُبل وما كان على خلاف ذلك فلا يصح نسبته للإمام أحمد اعتمادًا على روايته.
وهذه نسخة محققة من الكتاب: http://www.archive.org/download/i3ti...tiqadahmad.pdf
تعليق