رسالة: الرد على من ذهب إلى تصحيح علم الغيب من جهة الخط" رسالة صغيرة نافعة للعالم الفقيه ابن رشد المالكي (الجد) [الرسالة+ فوائد مقتطفة+قاعدتين مهمتين]
الحمدلله عالم الغيب والشهادة والصلاة والسلام على مَن أطلعه الله على ما شاء من غيب ما تحصل به السعادة، أما بعد
فهذا كتيب لطيف صغير في حجمه حسن في سرده ونظمه، وهو للعالم المالكي الفحل أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي -رحمه الله- قال الذهبي: الامام العلامة، شيخ المالكية، قاضي الجماعة بقرطبة" وقد توفي عن سبعين سنة في عام 520 هـ وهي السنة التي ولد فيها حفيده الفيلسوف النظار محمد بن أحمد بن رشد القرطبي المالكي الملقب بـ (الحفيد) تمييزًا له عن جده، وهذا الأخير هو صاحب "بداية المجتهد.." وقد خاض في ضلالات الفلاسفة فأضر بنفسه فمات حبيسا في بيته، والله المستعان.
أعود فأقول : هذا الكتيب هو للعالم الجد محمد بن أحمد بن رشد وقد كتبه ردًا على سؤال بُعث إليه، وإليك نصه:
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
وَسُئِلَ رَضِي الله عَنهُ فِيمَن ذهب إِلَى تَصْحِيح علم الْغَيْب من جِهَة الْخط لما رُوِيَ فِي ذَلِك من أَحَادِيث وَوجه تَأْوِيلهَا
وَنَصّ السُّؤَال مَا تَقول وفقك الله فِي هَذَا الْخط الَّذِي يخطه الْحساب فِي التُّرَاب فِي ضرب الْقرعَة هَل أَخذ الْأُجْرَة عَلَيْهِ حَلَال أم لَا وَهل ضربهَا بِغَيْر أجر مُبَاح أم لَا وعَلى هَذِه الْحجَج الَّتِي يحتجون بهَا هَل تصح أم لَا وَهِي مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي علم الْخط فِي التُّرَاب فَقَالَ كَانَ نَبِي من الْأَنْبِيَاء يخط فَمن وَافق خطه علم وَمن رِوَايَة مُعَاوِيَة بن الحكم كَذَلِك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ فَمن وَافق فَهُوَ الْخط وَيُقَال إِن النَّبِي الَّذِي كَانَ يخط فِي الرمل كَانَ إِدْرِيس وَيُقَال إِبْرَاهِيم على نَبينَا وَعَلَيْهِمَا السَّلَام {فَنظر نظرة فِي النُّجُوم فَقَالَ إِنِّي سقيم} مَعْنَاهُ فِي الْخط وَذكر عَن إِسْمَاعِيل القَاضِي وَعلي بن الْمثنى وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَصَفوَان بن سليم عَن عَطاء بن يسَار سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْخط فِي التُّرَاب فَقَالَ علم علمه نَبِي من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام فَمن وَافق علمه علم فَقَالَ صَفْوَان فَحدثت بِهِ أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن فَقَالَ حَدثنِي بِهِ ابْن عَبَّاس وَرُوِيَ عَن سُفْيَان أَنه أَمر رجلا يخط لَهُ فِي الرمل فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ لحَدِيث صَفْوَان اقترحت عَلَيْهِ بِأَن يخط لي وَقَالَ عَليّ بن الْمثنى حدثت سُفْيَان أَن مُحَمَّد بن صَدَقَة كَانَ يخط لَهُ فِي الرمل لحَدِيث صَفْوَان، وَقيل فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا يحيطون بِشَيْء من علمه إِلَّا بِمَا شَاءَ} أَنه الْخط فِي الرمل وَقيل فِي قَوْله تَعَالَى {أَو أثارة من علم} أَنه الْخط فِي الرمل قَالَه ابْن عَبَّاس وَأكْثر الْمُفَسّرين كمل السُّؤَال ا.هــ
وَسُئِلَ رَضِي الله عَنهُ فِيمَن ذهب إِلَى تَصْحِيح علم الْغَيْب من جِهَة الْخط لما رُوِيَ فِي ذَلِك من أَحَادِيث وَوجه تَأْوِيلهَا
وَنَصّ السُّؤَال مَا تَقول وفقك الله فِي هَذَا الْخط الَّذِي يخطه الْحساب فِي التُّرَاب فِي ضرب الْقرعَة هَل أَخذ الْأُجْرَة عَلَيْهِ حَلَال أم لَا وَهل ضربهَا بِغَيْر أجر مُبَاح أم لَا وعَلى هَذِه الْحجَج الَّتِي يحتجون بهَا هَل تصح أم لَا وَهِي مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي علم الْخط فِي التُّرَاب فَقَالَ كَانَ نَبِي من الْأَنْبِيَاء يخط فَمن وَافق خطه علم وَمن رِوَايَة مُعَاوِيَة بن الحكم كَذَلِك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ فَمن وَافق فَهُوَ الْخط وَيُقَال إِن النَّبِي الَّذِي كَانَ يخط فِي الرمل كَانَ إِدْرِيس وَيُقَال إِبْرَاهِيم على نَبينَا وَعَلَيْهِمَا السَّلَام {فَنظر نظرة فِي النُّجُوم فَقَالَ إِنِّي سقيم} مَعْنَاهُ فِي الْخط وَذكر عَن إِسْمَاعِيل القَاضِي وَعلي بن الْمثنى وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَصَفوَان بن سليم عَن عَطاء بن يسَار سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْخط فِي التُّرَاب فَقَالَ علم علمه نَبِي من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام فَمن وَافق علمه علم فَقَالَ صَفْوَان فَحدثت بِهِ أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن فَقَالَ حَدثنِي بِهِ ابْن عَبَّاس وَرُوِيَ عَن سُفْيَان أَنه أَمر رجلا يخط لَهُ فِي الرمل فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ لحَدِيث صَفْوَان اقترحت عَلَيْهِ بِأَن يخط لي وَقَالَ عَليّ بن الْمثنى حدثت سُفْيَان أَن مُحَمَّد بن صَدَقَة كَانَ يخط لَهُ فِي الرمل لحَدِيث صَفْوَان، وَقيل فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا يحيطون بِشَيْء من علمه إِلَّا بِمَا شَاءَ} أَنه الْخط فِي الرمل وَقيل فِي قَوْله تَعَالَى {أَو أثارة من علم} أَنه الْخط فِي الرمل قَالَه ابْن عَبَّاس وَأكْثر الْمُفَسّرين كمل السُّؤَال ا.هــ
فأجاب مؤلفنا السائل في هذا الكتيب وقد نُشر باسم "الرد على من ذهب إلى تصحيح علم الغيب من جهة الخط" عن دار (ابن حزم) عام 1413هـ ، ت:مشهور حسن سلمان، ولم أجد الرسالة مصورة في الشبكة، لكنها أضيفت مشكولة، مقابلة على المصورة للمكتبة الشاملة مؤخرًا فأخرجتها إلى صيغة (ورد) تسهيلا لمن لا يتعاملون مع الشاملة، وتجدها في المرفقات، وهي على قصرها مفيدة ولن تأخذ من القارئ وقتًا فهي في 7 صفحات..والعجيب أنَّ المحقق أخرجها في 50 صحيفة!
والمؤلف قد رد على من استدل بأحاديث الخط على إثبات علم الغيب من أوجه عدة كـ :
1- ضعف الأحاديث.
2- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد إنكار ذلك على السائل لا إقراره أنَّ من الأنبياء مَن كان يستخدم الخط.
3- أنَّه على صحته فيكون هذا من باب العلامة لا أنَّ الله ربط بين حدوث الغيبيات والخط، كما أنَّ الله جعل علامة زكريا ألا يكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا وهكذا علامة نوح فوران التنور.
وبيَّن المؤلف في كلام بديع لزوم تأويل هذا الحديث على فرض صحته، واستدل لذلك بأمور:
1- أنَّ الله نفى علم الغيب عن خلقه إلا ما أطلع بعض عباده، ثم قال: وَقَالَ تَعَالَى فِي قصَّة عِيسَى {وأنبئكم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تدخرون فِي بُيُوتكُمْ إِن فِي ذَلِك لآيَة لكم إِن كُنْتُم مُؤمنين} فَجعل ذَلِك من دَلِيل النُّبُوَّة وَمَا لَا يطلع عَلَيْهِ إِلَّا من أُوحِي بِهِ إِلَيْهِ فادعاء معرفَة مَا يستسر النَّاس بِهِ من أسرارهم وَمَا ينطوون عَلَيْهِ من أخبارهم أَو مَا يحدثه الله من غلاء الأسعار ورخصها ونزول الْمَطَر وَوُقُوع الْقَتْل وحلول الْفِتَن وارتفاعها وَغير ذَلِك من المغيبات إِبطَال لدلائل النُّبُوَّة وَتَكْذيب للآيات المنزلات. ا.هـ
وهذه حجة حسنة، أي: لو كان غير الأنبياء يعلم الغيب لما كان لعيسى-عليه الصلاة والسلام- حجة على قومه، وهذه قاصمة على ظهورهم.
2- أنَّه يلزم أن يعلم من خطَّ بالأمور التي علمها النبي-صلى الله عليه وسلم- وهذا باطل.
3- ثم إذا كان كذلك للزم أن يعلم ما أمر الله به ونهاه وما أحل وما حرم عن طريق الخط، فإذا عرف ذلك كان بمنزلة النبي.
ثم بعدما انتهى المؤلف من الجواب عن هذا الحديث برواياته مضى في توجيه بقية الحجج التي ذكرها السائل ودونك الرسالة في المرفقات فرحم الله علماء الإسلام على ما ذبوا عن التوحيد وأزالوا الشبه عن الخلق والحمدلله رب العالمين
[قاعدة ذكرها المؤلف]
فَلَا جَائِز أَن يخبر أحد بِشَيْء من المغيبات إِخْبَارًا متواليا من غير أَن يتخلله غلط وَكذب إِلَّا من يخبر عَن الله تَعَالَى من نَبِي أَو رَسُول ا.هـ
[قاعدة أخرى]
لِأَن الله تبَارك وَتَعَالَى لم يَجْعَل شَيْئا من خلقه دَلِيلا على غيبه وَمَا يحدثه من فعله ا.هـ
تعليق