كتاب "البرهان القاطع في إثبات الصانع وجميع ما جاءت به الشرائع" ناقش فيه ابن الوزير علماء الكلام فأتى بالفوائد والدرر [ كتاب مصور + ملخص الكتاب وفوائده]
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين أما بعد..
فإنَّي قد أشرت قريبًا إلى عزمي على نشر كتب العلامة محمد بن إبراهيم الوزير -رحمه الله- وأن أقرن ذلك بكتابة تلخيص لِمَا أضعه من الكتب وهكذا ذكر بعض درره :محمد بن إبراهيم الوزير -رحمه الله- مجتهد مطلق "عرفه الأكابر وجهله الأصاغر"، ولعل أوَّل ما يكون من الكتب التي سأشير إلها كتابه النافع: "البرهان القاطع في إثبات الصانع وجميع ما جاءت به الشرائع"
* والكتاب يدور موضوعه حول إثبات الصانع ودين الأنبياء وشرائعهم بالاقتصار على القرائن التي احتفت بدعوة الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- ودلَّت على صدقهم فذكر اثني عشرة قرينة تفيد بمجموعها القطع بصدق الأنبياء وقد استغرقت من ص 25-43. والكتاب يُعتبر ردًا على مَن سلك طريقة المتكلمين في إثبات الصانع والشرائع من دليل الأعراض والجواهر والحدوث..الخ.
* ثم شرع في النقل عن الرازي من كتابه "الأربعين في أصول الدين" فنقل نقلا حسنًا في تقسيم معجزات نبينا -صلى الله عليه وسلم- إلى عقلية وحسية، ثم قسَّم الرازي الحسية إلى أمور خارجة عنه كانشقاق القمر ونبوع الماء من بين يديه..والثانية: أحوال راجعة إلى ذاته، والثالثة: ما يتعلق بصفاته. ثم قسَّم المعجزات العقلية إلى ستة أقسام.
* أورد ابن الوزير خلال نقله عن الرازي القسم الثاني من المعجزات العقلية بحثًا نفسيًا له عن كيفية التفريق بين المُعجز والسحر وقد استغرق 13 صفحة من ص 50 -63 فأتى فيه بالجميل الرائع.
* ثم رجع المؤلف إلى سرد كلام الرازي من بعد القسم الثاني إلى السادس من أنواع المعجزات العقلية.
* ثم تكلم ابن الوزير -رحمه الله- عمَّا تفيد القرائن من حيث الدلالة القطعية ورجح هنالك أنَّ خبر الآحاد المُحتف بالقرائن يفيد العلم القطعي، بل أتى بنفيسة وقال: إنَّ خبر التواتر إنما أفاد العلم لكثرة القرائن، وذلك أنَّ خبر كل واحد من أهل التواتر قرينة تولد الظن، فإذا تضامنت القرائن وكثرُت خلق الله عندها العلم عادة، فكذا إذا تكاثرت القرائن في شخص واحد جاز أن يخلق الله العلم عند خبره. ا.هــ
قلت: وهو كلام محكم مفيد.
* ثم رجع المؤلف لإنكار طريقة المتكلمين في معرفة الصانع وإثبات النبوات، وبيَّن مخالفة تلك الطريقة لما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث إنَّ اكتفى من أصحابه بتصديقه للمعجزة والقرآن التي أتى بها دون النظر في الجواهر والأعراض وأدلة الحدوث!
* ثم تكلَّم المؤلف وبحث مسألة عقلية وهو "هل يمكن عقلًا أن يبعث الله نبيًّا من غير معجزة ويقتصر في إفادة صدقه على القرائن الحالية أم لا" فأتى بكلام جيد.
* ذكر المؤلف استدلالا لطيفًا في إثبات التحسين والتقبيح في أفعال الله.
* ناقش ابن الوزير ببراعة استدلال المتكلمين على صحة دليل الأعراض والحدوث بقوله تعالى " (74) وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (7 إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) " [الأنعام].
فناقش استدلالهم ببراعة.
* ثم بيَّن رأيه في أنَّ هذه الحكاية من شأن إبراهيم إنما كانت لحاله لا خلال مجادلة الكفار، فأتى بكل عجيبة ودليل وقد أورد لتأييد رأيه أحد عشر حجة تدل على أنًّ إبراهيم لم يكن في مقام المناظرة والمجادلة بل حقيق النظر والتدبير.
* تكلَّم المؤلف بعدها على دليل التمانع وناقشه.
والكاتب كغيره يصيب ويخطئ لكنَّ الذي لا شك فيه أنَّه قد أظهر في كتابه نفس الاجتهاد التام والمعرفة الكاملة بطرق المتكلمين وبمدارك الاستنباط كما في مناقشاته لهم ومحاورته لمخالفيه، وهو واسع الفكر قوي الحجة كثير الإيرادات على خصمه رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، والحقيق كذلك أنِّي طربت واستمتعت غاية الاستمتاع خلال قراءتي لهذه الرسالة النافعة وسطرت الفوائد الحسان وقيدتها باسمه وعلمت حقًا بأنَّها له لا لغير لا اقتباسًا ولا تضمينًا ولا إشارة لكلام أحد بل هي مما جاء به قريحته السيالة -فرحمه الله ونفع الناس بعلمه-، والرسالة في المرفقات لمن أراد قراءتها، وأنا أنصح لمن يريد كمال المنفعة ألا يقرأها إلا وقد حصَّل من العقيدة شيئا حسنًا كالطحاوية أو نحوها. وإلى هنا أترككم في رعاية الله إلى مشاركة أخرى نقف فيها مع كتاب آخر لهذا الإمام والحمد لله رب العالمين
تنبيه: معلومات الكتاب:
الاسم: البرهان القاطع في إثبات الصانع وجميع ما جاءت به الشرائع.
المؤلف: محمد بن إبراهيم الوزير -رحمه الله-
تصنيف: عقيدة.
نوعه: مصور
طبعة: دار المأمون للتراث [الأولى. عام 1409هـ]
تحقيق: مصطفى عبدالكريم الخطيب