بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:فقد كنت كتبت _في هذا المنتدى المبارك_ قبل نحو شهر مقالا انتقدت فيه على واضعي منهج التربية الإسلامية(لمرحلة الأساس/ بالسودان) تفسيرهم قول الله: (والسماء بنيناها بأيدٍ) بالقوة، وقوله: (تجري بأعيينا) بالحماية والرعاية. وقد أصلح ذاك الخطأ بعض الاخوة الكرام جزاهم الله خيرا، وإني مستغفرٌ الله، وراجعٌ عما أخطأت فيه.
ثم إني قرأت كلاما للإمام الفقيه ابن العثيمين _رحمه الله_ في كتابه القيم: (القواعد المثلى):
فأنقله للفائدة. قال _رحمه الله_:
"قوله تعالى عن سفينة نوح: (تجري بأعيننا)، وقوله لموسى: (ولتصنع على عيني) والجواب: أن المعنى في هاتين الآيتين على ظاهر الكلام وحقيقته لكن ما ظاهر الكلام وحقيقته هنا؟
هل يقال: أن ظاهره وحقيقته أن السفينة تجري في عين الله أو أن موسى عليه الصلاة والسلام يربى فوق عين الله تعالى أو يقال إن ظاهره أن السفينة تجري وعين الله ترعاها وتكلؤها وكذلك تربية موسى تكون على عين الله تعالى يرعاه ويكلؤه بها؟
ولاريب أن القول الأول باطل من وجهين:
الأول: أنه لا يقتضيه الكلام بمقتضى الخطاب العربي والقرآن إنما أنزل بلغة العرب قال الله تعالى:(إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) وقال تعالى: (نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين) ولا أحد يفهم من قول القائل: فلان يسير بعيني، أن المعنى أنه يسير داخل عينه. ولا قول القائل: فلان تخرج على عيني أن تخرجه كان وهو راكب على عينه ولو ادعى مدّعٍ أن هذا ظاهر اللفظ في هذا الخطاب لضحك منه السفهاء فضلا عن العقلاء.
الثاني: أن هذا ممتنع غاية الامتناع ولايمكن لمن عرف الله وقدره حق قدره أن يفهمه في حق الله تعالى لأن الله تعالى مستو على عرشه بائن من خلقه لايحل فيه شيء من مخلوقاته سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا.
فإذا تبين بطلان هذا من الناحية اللفظية والمعنوية تعين أن يكون ظاهر الكلام هو القول الثاني: أن السفينة تجري وعين الله ترعاها وتكلؤها وكذلك تربية موسى تكون على عين الله يرعاه ويكلؤه بها" <ص72/73 القواعد المثلى. ط(دار الوطن)>.
تنبيه: ولا يعني إصابة واضعي منهج التربية الاسلامية في بلاد السودان في هذه المسألة أنهم مصيبون في بقية ماوضعوه، كتجويزهم تفسير الاستواء بالاستيلاء _تعالى الله عن ذلك_ وجعلهم له أحد أقوال الأئمة في تفسير الاستواء!!، كما في كتاب الصف الثاني الثانوي<تفسير الآيات المختارة>، وغيره من المخالفات لمنهج السلف الصالح في تلك الكتب..
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.