[مذاكرة] المجلس العاشر و الأخير من مجالس مذاكرة الأصول الثلاثة

[أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي]

فائدة

تتميما للفئدة التي ذكرها الأخ أبو أمامة الحمليلي عن إشتقاق الكلمتين :

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
قال تعالى :((وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ))

*الجن عالم غيبي قائم لذاته عن الانس لأنه مخلوق من النار و الانس مخلوق من الطين
و سموا جنا لاجتنانهم أي لاستتارهم عن العيون.

مادة الجيم و النون للإستتار و الخفاء و منه سمي الجنين بهذا الإسم لأنه مستتر في بطن أمه قال تعالى : ( وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم ) و يقال جنه الليل إذا ستره قال تعالى :(فلما جن عليه الليل رأى كوكباً ) و مثله الجنة سميت بذا لكثرة أشجارها حتى إستتر من بداخلها قال تعالى :( و جنات ألفافا ) ومنه سمي المجنون مجنوناً لاستتار عقله .
و للجن عدة أسماء منها : الشياطين ، العفاريت ، المردة .

و الإنس أو الإنسان يقال لها إشتقاقان إما أن يكون من الأنس لأنه لا يستطيع أن يعيش وحده و أنه يأنس بغيره ، أو لأنه ينسى و الأول أقرب.

و الله أعلم .

[أبو أمامة حمليلي الجزائري]

السلام عليكم و رحمة الله .
بسم الله الرحمن الرحيم .

فائدة :
-لو فرض أن رجلا يقر اقرارا كاملا بتوحيد الربوبية و الأسماء و الصفات (و هذا من المحال العقلي لأنه لا يمكن ان يقر اقرارا كاملا ثم يعبد غير الله و لكن الشيخ محمد بن صالح العثيميين يفترض رحمه الله ) و لكنه يذهب الى القبر فيعبد صاحبه أو ينذر له قربانا يتقرب به اليه فانه مشرك كافر خالد في النار ، قالى تعالى :﴿إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّار وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ أَنصَار﴾ المائدة :72
- و هذا حكم عام ، أي عندما تنزله على المعينين لا بد من :
* توفر الشروط .
* انتفاء الموانع .
* اقامة الحجة الربانية الالاهية الرسولية النبوية .
و الا تورط طالب العلم في تكفير الناس جملة ، فلننتبه لهذا الأمر المهم بارك الله فيكم .

[أبو أمامة حمليلي الجزائري]

السلام عليكم و رحمة الله .

قال الشيخ الشارح رحمه الله :
(.......و انما كان التوحيد اعظم ما امر الله لأنه الأصل الذي ينبني عليه الدين كله ، و لهذا بدأ به النبي- صلى الله عليه و سلم - في الدعوة الى الله ، و أمر من أرسله للدعوة أن يبدأ به ).
و بالتالي كل دعوة لا تنبني على هذا الأصل العظيم و لا تبدأ به فهي دعوة فاشلة و لا يمكن أن تكون دعوة للاصلاح بحال ، و لا يمكن أن تؤتي أكلها أبدا لأنها ليست دعوة الانبياء و المرسلين ، فاذا نظرنا الى النبي -صلى الله عليه و سلم - أول ما دعى قومه دعاهم أن يوحدوا الله ، و عندما ارسل داعيه و هو معاذ رضي الله عنه داعية الى اليمن ، قال انك تأتي قوما من اهل الكتاب فليكن اول ما تدعوهم اليه أن يوحدوا الله ، فأمره بأن يبدأ بها الأصل ، فاصلاح المجتمعات لا يمكن ان يتأتى الا بهذا التوحيد الذي جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم .
و قول الشارح رحمه الله : (... أعظم ما نهى عنه الشرك و ذلك لان اعظم الحقوق هو حق الله عز و جل فاذا فرط فيه الانسان فقد فرط في أعظم الحقوق و هو توحيد الله عز و جل قال تعالى : ﴿ ان ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عظيم﴾ 13 لقمان .
و هنا يمكن أن نستدل بالعقل على هذا فحق جارك الكافر عليك واحد و حق جارك المسلم من غير ذوي القربى حقان و ان كان جارك المسلم من ذوي القربى فله ثلاثة حقوق ، فحق المسلم عليك ان كان بعيدا عليك بلا قربى ليس كحق المسلم الذي قريب منك فأنت تدعوا للمسلمين بالنصرة والتثبيت و المغفرة لعموم المسلمين و من كان قريبا منك فحقه يتضاعف و يتأكد عليك ...طيب ، هل ترى أن حق اخيك الذي ليس بابن أمك و أبيك كحق أخيك الذي هو ابن أمك و أبيك ان استويا في الاسلام و الصلاح ؟؟؟؟؟؟؟. فحق الأخ الصلبي يكون عليك أوكد ، ثم هل ترى حق أخيك و ان كان شقيقا كحق أمك أو كحق أبيك ؟؟؟؟؟ يتضاعف من طرف لأخر و هكذا ، فان اخللت بحق امك أو حق ابيك فهذا اشنع من اخلالك بحق أخيك ، ثم تتدرج نازلا بهذا الوصف فتجد القضية العقلية ..
فاذا كانت هذه الحقوق على هذ النحو فيما يتعلق بالمخلوقات فكيف برب الأرض و السماوات؟؟؟؟؟؟؟
فحق الله عز و جل أعظم الحقوق فالاخلال بحق الله من اعظم المنكرات بل هو اعظم المنكرات فاذا كان ذلك في التوحيد فهو اكبر و اشد ما يكون ، نسال الله أن يرزقنا التوحيد .

بارك الله فيكم .

[أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي]

بدأ المجلس الرابع من مجالس مذاكرة الأصول الثلاثة

هذا الجزء الرابع من متن الأصول الثلاثة و هو الأصل الأول لكن بما أن هذا الأصل طويل نوعا ما سنقسمه إلى نصفين و هذا النصف الأول :

* الأصل الأول *

معرفة الرب
فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَنْ رَبُّكَ؟
فَقُلْ: رَبِّيَ اللهُ الَّذِي رَبَّانِي، وَرَبَّى جَمِيعَ الْعَالَمِينَ بِنِعَمِهِ، وَهُوَ مَعْبُودِي لَيْسَ لِي مَعْبُودٌ سِوَاهُ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: " الْحَمْدُ للَََّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "[الفاتحة: 2]. وَكُلُّ مَنْ سِوَى اللهِ عَالَمٌ، وَأَنَا وَاحِدٌ مِنْ ذَلِكَ الْعَالَمِ.
فَإِذَا قِيلَ لَكَ: بِمَ عَرَفْتَ رَبَّكَ ؟
فَقُلْ: بِآيَاتِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ، وَمِنْ آيَاتِهِ: اللَّيْلُ، وَالنَّهَارُ، وَالشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ، وَمِنْ مَخْلُوقَاتِهِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرَضُونَ السَّبْعُ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَمَا بَيْنَهُمَا؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: " وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ "[فصلت: 37]. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: " إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ "[الأعراف: 54]. وَالرَّبُ هُوَ الْمَعْبُودُ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَآء بِنَآءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ "[البقرة: 21، 22].
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: الخَالِقُ لِهَذِهِ الأَشْيَاءَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ.

[أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي]

فائدة

و من فوائد

- أن هذا الجزء هو بداية قسم الأصول الثلاثة أي أن القسم الرابع يبتدأ من قول المصنف " فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَنْ رَبُّكَ ؟ .... إلى قول المصنف وَالدَّلِيلُ عَلَى مَوْتِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَوْلُهُ تَعَالَى : " إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ " الزمر:[30،31].

- أصل تسمية الرسالة بالأصول الثلاثة مشتق من أسئلة القبر الثلاثة فكل سؤالٍ يقابل جواباً .

الأصول : جمع أصل ، و يقال أصل الشيء أي أسفله مثل أصل الشجرة جذعها
و أساسه مثل أصل الجدار أساسه قال تعالى : " ألـــم تـر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء " و هو عند الأصوليين ما يُبنَى عليهِ غَيرهُ .

من محاسن أسلوب الشيخ أنه يأتيك بالسؤال و يعلمك الجواب حتى إذا ما تعرضت لهذه الأسئلة عرفت أجوبتها .

الرب: اسم من أسماء الباري جل و علا و هو من الأسماء التي لها عدة معانٍ منها السيد و المالك و المدبر و المربي و القيم و المنعم و لا يطلق على غيره إلا مضافا تقول رب كذا و معناه ذو الربوبية على خلقه أجمعين ملكا و تصرفا و تدبيرا

و الربوبية نوعان :

ربوبية عامة : و هي تشمل كل الخلق قهرا لا إختيارا " إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً " و هي تشمل الكافر و المسلم البر و الفاجر بالخلق و الإحياء و الإماتة و الرزق و غيرها.

ربوبية خاصة: وهي خاصة لأوليائه بأن وفقهم للإيمان و القيام بالعبودية و أخرجهم من النور إلى النور و لهذا كانت أكثر أدعية الأنبياء عليهم السلام بهذا الاسم قال تعالى حاكيا دعاء نبيه سليمان عليه السلام :" قال رب اغفر و هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي "

[أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي]

فائدة

و من الفوائد :

من أسلوب الشيخ - رحمه الله - أنه إختار الأدلة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه العظيم في سياق تقرير المشركين على ما أنكروه و جحدوه من توحيد الألوهية بما أقروا به من توحيد الربوبية مثل قول المصنف : وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَآء بِنَآءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ "[البقرة: 21، 22]. و كما قال إبن كثير - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- : الخَالِقُ لِهَذِهِ الأَشْيَاءَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ. و كما قال المصنف " و الرب هو المعبود "و في قوله: "رَبِّيَ اللهُ الَّذِي رَبَّانِي، وَرَبَّى جَمِيعَ الْعَالَمِينَ بِنِعَمِهِ، وَهُوَ مَعْبُودِي لَيْسَ لِي مَعْبُودٌ سِوَاهُ "
تنبيه : ليس كل المشركين و الكفار لم يحصل لهم نقص في توحيد الربوبية و في الأسماء و الصفات فهذا القول ليس على إطلاقه لذا فإنهم و قعوا في شرك التمائم و الطيرة و إنكار البعث و هذا شرك في الربوبية ووصفوا بعض ألهتهم بصفات الله جل وعلا مثل العُزَة و هو مشتق من اسم الله العزيز و مَنَاة مشتق من اسم الله المنَّان .

قال المؤلف رحمه : " الحمد لله رب العامين " هذه الأية اجتمعت فيها أنواع التوحيد الثلاثة .
توحيد الربوبية : في قوله " رب العامين ".
توحيد الألوهية : في قوله " لله " .
توحيد الأسماء و الصفات : الله ، رب .

العالمين : جمع عالم و المقصود عالم الإنس و الجن و الجيوان و النباتات وغيرها من العوالم ، و العالم من الإسماء التي لا مفرد لها من لفظها .

الأيات و المخلوقات و الآيات أعم من المخلوقات فكل مخلوق أية وليست كل أية مخلوق ، و خصصوا بالآيات إصطلاحا هي التي تتحرك و تتغير مثل الليل و النهار قال تعالى : " وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا " و الآيات فيها مزيد و قوة حجة على المخلوقات و اصطلحوا المخلوقات التي لا تتغير و لا تتبدل قال عز وجل : " وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ".

[أبو أمامة حمليلي الجزائري]

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

فيما يخص طريقة السؤال و الجواب التي سلكها الشيخ رحمه الله تعالى في كثير من رسائله و هذه تسمى عند علماء التربية و طرق التدريس بالطريقة الحوارية ، و المشكلة انه هناك من ينسبونها الى من ألف من ذلك الى الغربيين و غيرهم و نسو أن الطريقة الحوارية كان يسلكها الرسول صلى الله عليه و سلم احيانا مع أصحابه كما سئل عن الشجرة التي هي كمثل المؤمن و الأصحاب رضي الله عنهم بينهم يأكلون الجمار ، فسئل النبي صلى الله عليه و سلم : أن من الشجر شجرة مثلها كمثل المؤمن فوقع الناس في شجر البوادي ، قال عبد الله بن عمر راوي الحديث و الحديث في الصحيحين فوقع في نفسي أنها النخلة و كنت عاشرة عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم و فيهم ابو بكر و عمر بن الخطاب و هما لا يتكلمان فستحييت ووقع الناس في شجر البوادي و لم يصيبوا الحقيقة ......
فالطريقة الحوارية كان يسلكها أحيانا النبي صلى الله عليه و سلم مع اصحابه رضوان الله عليهم ، فكان الشيخ رحمه الله يسلكها .

[أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي]

فائدة

و من الفوائد العقدية و لغوية :

قول المصنف - رحمه الله - وَقَوْلُهُ تَعَالَى: " إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ" الإستواء صفة فعلية ثابتة لله تعالى على ما يليق بجلاله و عظمة سلطانه مقترنة بمشيئته سبحانه و معنى إستوى على العرش أي علا و ارتفع فهو مستوٍ على عرشه بائن عن خلقه .
و هو أحد نوعي العلو و هو العلو الخاص على العرش أما العلو العام فهو علو الله على كل شيء من السماوات و الأرض و الجبال و الآدمي و غير ذلك و كذا علو صفاته .

قال الإمام مالك رحمه الله في صفة الإستواء : الإستواء غير مجهول ، و الكيف غير معقول ، و الإيمان به واجب و السؤال عنه بدعة .

و تأتي كلمة إستوى في اللغة على أربعة أوجه :

مطلقة : ومعناها الكمال كقوله تعالى : " وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا " أي كمل خلقه و عقله .
مقيدة بـ على و تكون بمعنى العلو كقوله تعالى : " الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى " استقر و علا و ارتفع و صعد .
مقيدة بـ إلى و تكون بمعنى القصد كقوله تعالى : " هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "
مقيدة بـ الواو و تكون بمعنى التساوي كقولك : استوى الماء و الخشبة أي استوى الماء مع خشبة البئر .

[أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي]

و من الفوائد :

أنداد : الند هو الشبيه و النظير و المثيل .

السوماوات : السماء هو كل ماعلاك يسمى سماء لأن الله سمى ووصف السحاب سماء في قوله : " وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ " و معلوم أن الماءينزل من السحاب المسخر بين السماء و الأرض قال تعالى : " وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ " .

وهنا فائدة أخرى أن الماء الذي ينزل من السحاب سمي في القرآن مطرا و سميا غيثا و الأول جاء على جهة العذاب و الثاني جاء على جهة النعمة .

و هنا ترجمة للحافظ ابن كثير

نسبه وميلاده:
هو الإمام الحافظ، المحدث، المؤرخ، عماد الدين، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن ضوء بن درع القرشي الدمشقي الشافعي.
ولد بقرية "مِجْدَل" من أعمال بصرى، وهي قرية أمه، سنة سبعمائة للهجرة أو بعدها بقليل.
نشأته:
نشأ الحافظ ابن كثير في بيت علم ودين، فأبوه عمر بن حفص بن كثير أخذ عن النواوي والفزاري وكان خطيب قريته، وتوفى أبوه وعمره ثلاث سنوات أو نحوها، وانتقلت الأسرة بعد موت والد ابن كثير إلى دمشق في سنة (707 هـ)، وخلف والده أخوه عبد الوهاب، فقد بذل جهدًا كبيرًا في رعاية هذه الأسرة بعد فقدها لوالدها، وعنه يقول الحافظ ابن كثير: "وقد كان لنا شقيقا، وبنا رفيقًا شفوقًا، وقد تأخرت وفاته إلى سنة (750 هـ) فاشتغلت على يديه في العلم فيسر الله منه ما تيسر وسهل منه ما تعسر"
شيوخه:
1-شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن تيمية، رحمه الله.
2-الحافظ أبو الحجاج يوسف المزي، رحمه الله.
3-الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، رحمه الله.
4-الشيخ أبو العباس أحمد الحجار الشهير بـ "ابن الشحنة".
5-الشيخ أبو إسحاق إبراهيم الفزاري، رحمه الله.
6-الحافظ كمال الدين عبد الوهاب الشهير بـ "ابن قاضي شهبة".
7-الإمام كمال الدين أبو المعالي محمد بن الزملكاني، رحمه الله.
8-الإمام محيي الدين أبو زكريا يحيى الشيباني، رحمه الله.
9-الإمام علم الدين محمد القاسم البرزالي، رحمه الله.
10-الشيخ شمس الدين أبو نصر محمد الشيرازي، رحمه الله.
11-الشيخ شمس الدين محمود الأصبهاني، رحمه الله.
12-عفيف الدين إسحاق بن يحيى الآمدي الأصبهاني، رحمه الله.
13-الشيخ بهاء الدين القاسم بن عساكر، رحمه الله.
14-أبو محمد عيسى بن المطعم، رحمه الله.
15-عفيف الدين محمد بن عمر الصقلي، رحمه الله.
16-الشيخ أبو بكر محمد بن الرضى الصالحي، رحمه الله.
17-محمد بن السويدي، بارع في الطب.
18-الشيخ أبو عبد الله بن محمد بن حسين بن غيلان، رحمه الله.
19-الحافظ أبو محمد عبد المؤمن الدمياطي، رحمه الله.
20-موسى بن علي الجيلي، رحمه الله.
21-جمال الدين سليمان بن الخطيب، قاضي القضاة.
22-محمد بن جعفر اللباد، شيخ القراءات.
23-شمس الدين محمد بن بركات، رحمه الله.
24-شمس الدين أبو محمد عبد الله المقدسي، رحمه الله.
25-الشيخ نجم الدين بن العسقلاني.
26-جمال الدين أبو العباس أحمد بن القلانسي، رحمه الله.
27-الشيخ عمر بن أبي بكر البسطي، رحمه الله.
28-ضياء الدين عبد الله الزربندي النحوي، رحمه الله.
29-أبو الحسن علي بن محمد بن المنتزه، رحمه الله.
30-الشيخ محمد بن الزراد، رحمه الله.

تلاميذه:
1-الحافظ علاء الدين بن حجي الشافعي، رحمه الله.
2-محمد بن محمد بن خضر القرشي، رحمه الله.
3-شرف الدين مسعود الأنطاكي النحوي، رحمه الله.
4-محمد بن أبي محمد بن الجزري، شيخ علم القراءات، رحمه الله.
5-ابنه محمد بن إسماعيل بن كثير، رحمه الله.
6-الإمام ابن أبي العز الحنفي، رحمه الله.
7-الحافظ أبو المحاسن الحسَيني، رحمه الله.

[أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي]

فائدة

و من الفوائد :

قال تعالى : " لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " التقوى :من الفعل وقى بمعنى صان و حصن

و التقوى هنا هي أن تجعل بينك و بين محارم الله عز وجل وقاية .

و قال طلق بن حبيب: التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله. وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله .

و قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : التقوى هي الخوف من الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والقناعة بالقليل ، والإستعداد ليوم الرحيل .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في قوله تعالى : { يَطْلُبُهُ حَثِيثًا } كلما جاء الليل ذهب النهار، وكلما جاء النهار ذهب الليل، وهكذا أبدا على الدوام، حتى يطوي اللّه هذا العالم، وينتقل العباد إلى دار غير هذه الدار.

و في تفسير الجلالين { حثيثا } أي سريعا

قال تعالى : " أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ "

استدل العلماء بهذه الأية على أن كلام الله غير مخلوق لأن القرآن من الأمر و الدليل على ذلك قوله عزوجل :" وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ "

و الله هنا غاير بين الخلق و الأمر بالواو التي أصل ما تفيده من المعاني المغايرة تقول دخل محمد و عمر فمحمد هنا غير عمر .

[أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي]

تعديل الفائدة

من الفوائد :

* كلمة الناس من قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ " كلمة لا مفرد لها من معناها و تجمع أيضا على أناس .

* قال تعالى : " إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ" في الأية الكريمة دليل على أن التدرج سنة ربانية فالرب عزوجل كان يستطيع أن يخلقها في يو م وااحد بل في لحظة واحدة بالقول لها كوني فتكون قال تعالى : " إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "

قال تعالى : " إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ " الخلق هو إيجاد الشيء من غير سبق و لا إحتذاء ، و إيجاد الشيء من غير شيء ، وإيجاد الشيء من خلال إستعمال أشياء يسمى تركيبا و لا يسمى خلقا .

و من مرادفات كلمة خلق و كلها وجدت في القرآن : برأ ، أوجد ، أبدع ، فطر ، ذرأ ، أنشأ ، صور ، كوَّن ، سَوَّى ، أحدث .

* و معنى قوله تعالى : "تَبَارَكَ " على وزن تفاعل و هي مشتقة من البركة و هي النماء والزيادة و وصيغة التفاعل للمبالغة و معناها تَعَاظَمَ و تَعَالَى، و تَنَزَّهَ و تقدس و دام ، و القاعدة في التفسير المعروفة أن إذا لم تتعارض أوجه التفسير مع بعضها البض تحمل كلها على أنها تفسير للآية كما قال علي ابن أبي طالب لما بعث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما للاحتجاج على الخوارج قال له " لا تخاصمهم بالقرآن فإن القرآن حمال أوجه ، ذو وجوه ، تقول ويقولون ، ولكن حاججهم بالسنة ، فانهم لن يجدوا عنها محيصا " و الشاهد قوله " فإن القرآن حمال أوجه " أي اللفظ الواحد يحتمل على عدة معاني و هذا مما يدل على سعة اللغة العربية و سعة القرآن .

[أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي]

فائدة

السلام عليكم ور حمة الله و بركاته ..

ومن الفوائد النحوية ثم الإعتقادية ثم الحديثية :

قال تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَالَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ "

هذه الأية التي إختارها المصنف رحمه الله - و هذا لكبير علمه وحسن إختياره للأدلة الجامعة - إجتمعت فيها عدة أمور :

الأول : أن فيها أول نداء و هو موجه لجميع الناس إنسهم و جنهم ، ذكرهم و أنثاهم ، برهم وفاجرهم و هو في قوله عز وجل : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ " .

الثاني : أن فيها أول أمر و أول أمر كان بعبادة الله و حده و هو في قوله عز وجل : " اعْبُدُوا رَبَّكُمُ " و هذه الأية يستدل بها على عظم شأن التوحيد و أنه أول ما يدعى إليه و نظير ذلك من السنة كثير نقتصر على حديث واحد وهو حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم لما أرسل معاذاً إلى اليمن قال له : " إنك تأتي قوما في أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله " .و في رواية " إلى أن يوحدوا الله " . أخرجاه و وجه ذلك أنه أصل الإيمان و أساس الدين و لا يقبل عمل إلا به و لو مع متابعة للنبي صلى الله عليه وسلم

الثالث : أن فيها أول نهي و أول نهي كان في عبادة ما سوى الله وهو الشرك به سبحانه في قوله عز وجل : " فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا " و نظير ذلك من السنة أيضا كثير نقتصر على حديث واحد و هو حديث ابن مسعود رضي الله عنه - قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الذنب أعظم عند الله ؟ قال: ( أن تجعل لله ندّاً وهو خلقك، قلت: إن ذلك لعظيم . قلت: ثم أي ؟ قال: وأن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك، قلت: ثم أي ؟ قال: أن تزاني حليلة جارك ) متفق عليه . ووجه ذلك أنه محبط للأعمال قال الله عزوجل في سياق التحدث عن الأنبياء : " وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "

تنبيه : وجه قولي و نظير ذلك كثير لأنه أصل الرسالة و الأدلة التي جاءت في تقريره كثير جدا حتى قال ابن القيم - رحمه الله - فإنَّ القرآنَ: إمَّا خَبَرٌ عن اللهِ تعالى وأسمائِهِ وصفاتِهِ وأفعالِهِ وأقوالِهِ، فهوَ التوحيدُ العِلْميُّ الخبريّ، وإمَّا دَعْوةٌ إلى عِبادتِهِ وحدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وخَلْعِ ما يُعْبَدُ مِنْ دُونِهِ، فهوَ التَّوحِيدُ الإرَادِيُّ الطَّلَبِيُّ، وإمَّا أَمْرٌ ونَهْيٌ، وإلزامٌ بطاعتِهِ وأمرِهِ ونَهْيِهِ، فهوَ حقوقُ التوحيدِ ومُكَمِّلاتُهُ، وإمَّا خَبَرٌ عنْ إكرامِ أهلِ التوحيدِ ومَا فُعِلَ بِهِم في الدُّنيا ومَا يُكَرِّمُهم بهِ في الآخِرَةِ، فهو جَزَاءُ تَوْحيدِهِ، وإمَّا خَبَرٌ عنْ أهلِ الشرْكِ ومَا فُعِلَ بِهِم في الدُّنيا مِن النَّكالِ، ومَا يَحُلُّ بهم في العُقْبَى مِن العَذَابِ، فهوَ جَزَاءُ مَنْ خَرَجَ عَن حُكْمِ التوحيدِ ،فالقرآنُ كلُّهُ في التوحيدِ حقوقِهِ وجزائِهِ، وفي شَأْنِ الشِّرْكِ وأهْلِهِ وجَزَائِهِم"

معنى متفق عليه أي أنه رواه البخاري و مسلم عن صحابي واحد و إن لم يكن لهما اللفظ نفسه .
و معنى أخرجه أي ذكره كاملا بسنده من أوله إلى أخره .

[أبو حذيفة علي الشريدي]

السلام عليكم ور حمة الله و بركاته
قال تعالى : (" يَا أَيُّهَا النَّاسُ) نداء موجه لجميع الناس من بني آدم
(اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) أمر لهم بعبادته وعدم شركهم به
(الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) هنا إلزام لهم على أن يعبدوه لأنه هو الذي خلقهم والذين من قبلهم فهو المستحق للعبادة
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ)
ثم بين لهم فضله عليهم حيث جعل لهم الأرض فراشاً ممهدة لامشقة فيها عليها معاشهم ورزقهم ونومهم والسماء بناء سقفاًلهم وأنزل لهم منها ماءً طهوراً منه يشربون ويسقون فتخرج الأرض لهم ثمرات رزقاً لهم .
(فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي لاتصرف العبادة والدعاء والإستغاتة لغير الله فنجعله لله نداً ونحن نعلم إنه خالقنا

[أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي]

بدأ المجلس [الخَامِسُ] من مجالس مذاكرة الأصول الثلاثة

هذا هو النصف الثاني من الأصل الأول

وَأَنْوَاعُ الْعِبَادَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِهَا مِثْلُ: الإِسْلامِ، وَالإِيمَانِ، وَالإِحْسَانِ، وَمِنْهُ: الدُّعَاءُ، وَالْخَوْفُ، وَالرَّجَاءُ، وَالتَّوَكُّلُ، وَالرَّغْبَةُ، وَالرَّهْبَةُ، وَالْخُشُوعُ، وَالْخَشْيَةُ، وَالإِنَابَةُ، وَالاسْتِعَانَةُ، وَالاسْتِعَاذَةُ، وَالاسْتِغَاثَةُ، وَالذَّبْحُ، وَالنَّذْرُ، وَغَيْرُ ذَلَكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِهَا. كُلُّهَا للهِ تَعَالَى.

وَالدَّلِيلُ: قَوْلُهُ تَعَالَى : « وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً « [الجن: 18]. فَمَنْ صَرَفَ مِنْهَا شَيْئًا لِغَيْرِ اللهِ؛ فَهُوَ مُشْرِكٌ كَافِرٌ؛ وَالدَّلِيلُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: « وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إلهاً آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ « [المؤمنون: 117].

وَفِي الْحَدِيثِ: ( الدُّعَاءُ مخ الْعِبَادَةِ ). وَالدَّلِيلُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: « وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ« [غافر: 60].

وَدَلِيلُ الْخَوْفِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: « فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ « [آل عمران: 175].

وَدَلِيلُ الرَّجَاءِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: «فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً « [الكهف: 110].

َودَلِيلُ التَّوَكُلِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: « وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ « [المائدة: 23]. وقوله: « وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ » [الطلاق: 3].

وَدَلِيلُ الرَّغْبَةِ، وَالرَّهْبَةِ، وَالْخُشُوعِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: « إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ « [الأنبياء: 90].

وَدَلِيلُ الْخَشْيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى : « فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي...» الآية [البقرة: 150].

وَدَلِيلُ الإِنَابَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى : « وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ...» الآية [الزمر: 54].

وَدَلِيلُ الاسْتِعَانَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى : « إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ « [الفاتحة: 5]. وَفِي الْحَدِيثِ: (...وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ ).

وَدَلِيلُ الاسْتِعَاذَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى : «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ « [الفلق: 1]. وَ » قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ « [الناس: 1].

وَدَلِيلُ الاسْتِغَاثَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى : « إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ...» الآية [الأنفال: 9].

وَدَلِيلُ الذَّبْحِ: قَوْلُهُ تَعَالَى : « قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَه وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ُ» [الأنعام: 161ـ163]. وَمِنَ السُنَّةِ: (لعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ).

وَدَلِيلُ النَّذْرِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: « يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً « [الإنسان: 7].

[أبو أسامة أحمد البومرداسي]

السلام عليكم ورحمة الله

تعريف الإسلام :
الإسلام لغة : الانقياد والاستسلام والخضوع .
وشرعا : هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك ومعاداة أهله . قال تعالى : { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }{ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } (الأنعام : 162 ، 163) . وقال تعالى : { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } (آل عمران : 85) .
الإيمان لغة : التصديق والإقرار .
وشرعًا : اعتقاد بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح يزيد بطاعة الرحمان وينقص بطاعة الشيطان .
أركانه وأدلته :
أركان الإيمان ستة يدل عليها قول الله تعالى : { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ } (البقرة : 177) .
ومن السنة ما جاء في حديث جبريل عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم وقال : « أخبرني عن الإيمان ، قال : (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره . قال : صدقت » . . . إلخ) .
زيادة الإيمان ونقصانه :
دل الكتاب والسنة على أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية .
فالدليل من الكتاب قول الله تعالى : { وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ } (محمد : 17) . وقال تعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } (الأنفال : 2) .
وقال تعالى : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ } (الفتح : 4) .

ومن السنة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم : « يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان » . وكذلك قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم : « الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان »

تعريف الإحسان :

الإحسان معناه مراقبة الله تعالى في السر والعلن مراقبة من يحبه ويخشاه ويرجو ثوابه ويخاف عقابه بالمحافظة على الفرائض والنوافل واجتناب المحرمات والمكروهات . والمحسنون هم السابقون بالخيرات المتنافسون في فضائل الأعمال .

أدلته :
من الكتاب قوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } (النحل : 12 .
ومن السنة ما جاء في حديث جبريل عليه السلام أنه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم فقال : أخبرني عن الإحسان . فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم : « أن تعبد الله كأنك تراه فإن تكن تراه فإنه يراك »