ولقد نقل الشيخ زيد بن محمد بن هادي المدخلي –حفظه الله- في كتابه (منهج السلف في التعامل مع كتب أهل البدع) جملة من أقوال السلف في بيان تحذيرهم من المبتدعة وكتبهم .
وإليكم شيئاً من ذلك :
1-فتوى الإمام مالك رحمه الله تعالى
لا يجوز الإيجارات في شيء من كتب أهل الأهواء والبدع(1 )
2-نقل عبد الله بن أحمد عن أبيه -رحمهما الله تعالى-:
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت أبي يقول : سلام بن أبي مطيع من الثقات حدثنا عنه ابن مهدي ثم قال أبي : كان أبو عوانة وضع كتابا فيه معايب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفيه بلايا فجاء سلام بن أبي مطيع فقال يا أبا عوانة اعطني ذاك الكتاب ، فأعطاه فأخذه سلام فأحرقه . قال أبي : وكان سلام من أصحاب أيوب وكان رجلا صالحا(2 ) .
3ـ كلام الذهبي في السير: قال [رحمه الله] بعد أن ذكر بعض كتب أهل الضلال :
" فالحذار الحذار من هذه الكتب ، واهربوا بدينكم من شبه الأوائل وإلا وقعتم في الحيرة ، فمن رام النجاة والفوز فليلزم العبودية ، وليدمن الاستغاثة بالله ، وليبتهل إلى مولاه في الثبات على الإسلام وأن يتوفى على إيمان الصحابة، وسادة التابعين ، والله الموفق . "(3 ).
قال الشيخ زيد المدخلي معلقاً:" وقد حذر سلفنا الصالح رضوان الله عليهم ـ من النظر في كتب المبتدعة لما يترتب على ذلك من المفاسد العظيمة فإن القلوب ضعيفة والشبه خطافة ومما يؤسف له أن كثيرا من الشباب اليوم يقرؤون في كتب أهل الأهواء والضلال ويربون أنفسهم عليها ثم يعودون حربا على السنة وأهلها وحربا على منهج السلف الحق ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . "
وليس الأمر قاصر على أئمة السلف القدامى فحسب بل من العلماء المعاصرين من كان له حظاً من ذلك فقد نقل الشيخ زيد المدخلي في نفس الكتاب موقفاً عن العلامة مقبل بن هادي الوادي –رحمه الله-:
4ـ فتوى محدث الديار اليمانية الشيخ : مقبل الوادعي ( حفظه الله ):
بإحراق كتاب ( الخطوط العريضة ) لعبد الرزاق الشايجي قال الشيخ في شريط ( من وراء التفجيرات في أرض الحرمين) فتواي في هذا الكتاب أن يحرق وقد حذر الشيخ أيضا من صحيفة السنة التي يصدرها
( محمد بن سرور ) وقال هي أحق أن تسمى صحيفة البدعة.
قلت:وكذلك العلامة صالح الفوزان –حفظه الله-:
5ـ كلام الشيخ صالح الفوزان [حفظه الله ]
سئل الشيخ / ما هو القول الحق في قراءة كتب المبتدعة ، وسماع أشرطتهم ؟
ج ـ لا يجوز قراءة كتب المبتدعة ولا سماع أشرطتهم إلا لمن يريد أن يرد علهم ويبين ضلالهم( 4) .
ولقد نقل الإجماع على ترك النظر في كتب أهل البدع الشيخ خالد الظفيري –حفظه الله- في كتابه
( إجماع العلماء على الهجر والتحذير من أهل الأهواء / صفحة 50-51) قال:
قول الإمام أبي منصور معمر بن أحمد ( ت: 418 ) الذي رواه أبو القاسم الأصفهاني – رحمه الله – في كتابه
( الحجة في بيان المحجة) فقال:
أخبرنـا أحمد بن عبد الغفار بن أشتة، أنا أبو منصور معمر بن أحمد قال:
" ولما رأيت غربة السنة، وكثرة الحوادث، واتباع الأهواء، أحببت أن أوصي أصحابي وسائر المسلمين بوصية من السنة وموعظة من الحكمة وأجمع ما كان عليه أهل الحديث والأثر، وأهل المعرفة والتصوف(6 ) من السلـف المتقدمين والبقية من المتأخرين. فأقول - وبالله التوفيق -: "
ذكر من جملة ذلك: " ثم من السنة ترك الرأي والقياس في الدين وترك الجدال والخصومات وترك مفاتحة القدرية وأصحاب الكلام، وترك النظر في كتب الكلام وكتب النجوم، فهذه السنة التي اجتمعت عليها الأئمة وهي مأخوذة عن رسول الله - - بأمر الله تبارك وتعالى."
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :"ومن هجر أهل البدع ترك النظر في كتبهم خوفاً من الفتنة بها ، أو ترويجها بين الناس ، فالابتعاد عن مواطن الضلال واجب لقوله صلى الله عليه وسلم في الدجال "من سمع به فلينأ عنه ، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات". "رواه أبو داوود . قال الألباني: وإسناده صحيح " لكن إن كان الغرض من النظر في كتبهم معرفة بدعتهم للرد عليها فلا بأس بذلك لمن كان عنده من العقيدة الصحيحة ما يتحصن به وكان قادراً على الرد عليهم ، بل ربما كان واجباً ، لأن رد البدعة واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب."
(شرح لمعة الاعتقاد صفحة 100)
ويستثنى من ذلك فقط "النقل من كتب أهل البدع للرد عليها وبيان ما فيها من انحراف"
فإن قال قائل نأخذ الحق ونترك الباطل ، أقول ما قاله الشيخ خالد الظفيري " : نعم الحق يؤخذ من كل من قاله، والسلف الصالح لا يتوقفون عن قبول الحق، مع ذلك لم يقولوا خذ الحق من كتب أهل البدع واترك الباطل، بل نادوا بأعلى أصواتهم بتركها كلياً، بل وأوجبوا إتلافها، وذلك لأنّ الحق الموجود في كتب أهل البدع إنما هو مأخـوذ من الكتاب والسنّة، فوجب أن نأخذ الحق من مصادره الأصلية، التي لا يشوبها كدر ولا بدعة، إذ هي المعين الصافي والماء العذب." انتهى.
( إجماع العلماء على الهجر والتحذير من أهل الأهواء / صفحة 50)
ولقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما جاءه بكتاب من أهل الكتاب حتى وإن كان فيها حق فعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم حين أتاه عمر فقال إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا أفترى أن نكتب بعضها ؟ فقال : " أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى ؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي " .
رواه أحمد والبيهقي في كتاب شعب الإيمان وحسنه الألباني في المشكاة.
وقد سئل حامل لواء الجرح والتعديل الشيخ ربيع المدخلي – حفظه الله – في شريط له بعنوان:
" لقاء مع السلفيين الفلسطينيين".:
وهذا نص السؤال :
شيخنا الفاضل: هل يُنتفع بكتب أهل البدع إذا كانت قد ألفت قبل انحرافهم، أو بعده إذا كانت خالية من الإنحراف وجيدة في الباب؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد:
فإجابةً على هذا السؤال أقول:
"إن في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي تراث سلفنا الصالح الطاهر النظيف ما يغني عن الرجوع إلى كتب أهل البدع........ سواءً ألفوها قبل أن يقعوا في البدع أو ألفوها بعد ذلك؛ لأن من مصلحة المسلمين إخماد وإخمال ذكر أهل البدع.
فالتعلق بكتبهم بقصد الاستفادة يرفع من شأنهم ويعلي منازلهم في قلوب كثير من الناس، ومن مصلحة المسلمين والإسلام إخماد وإخمال ذكر رؤوس البدع والضلال.
وما يخلو كتاب من الحق ، حتى كتب اليهود والنصارى وطوائف الضلال تمزج بين الحق والباطل.
فالأوْلى بالمسلم أن يركز على ما ذكرناه سلفاً، فإنه آمَن للمسلم وأضمن له، وأبعَد له من أن يكرم من أهانه الله. ......................... هذا ما أقوله إجابةً على هذا السؤال."
(نقلا من مقال حكم حضور دورس المبتدعة / شبكة سحاب ) http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=349426
قلت :فها هو قد مر معنا قول العلماء الراسخين أئمة السلف في تحذيرهم من النظر في كتب المبتدعة وهم أنفسهم الذين كانوا يقولون بجواز نقل الرواية عن المبتدع مع مراعاة الضوابط ،
* فمثلاً الإمام الذهبي ثبت عنه أنه قال: "وهذه المسألة لم تتبرهن لي كما ينبغي ، والذي أتضح لي منها : أن من دخل في بدعة ، ولم يعد من رؤوسها ، ولا أمعن فيها ، يقبل حديثه كما مثل الحافظ أبو زكريا بأولئك المذكورين ، وحديثهم في كتب الإسلام لصدقهم وحفظهم ) . ( سير أعلام النبلاء / 7-154)
قلت: وهو نفسه الذي حذر من كتب أهل البدع كما نقل عنه آنفاً ،
ويؤكد ذلك ما قاله الإمام مالك –رحمه الله -:" لا يؤخذ العلم من أربعة ويؤخذ من سوى ذلك ، لا يؤخذ من سفيه ولا يؤخذ من صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه ولا من كذاب يكذب في أحاديث الناس وإن كان لا يتهم على حديث رسول الله ولا من شيخ له فضل وصلاح وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث "
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - :" والذي يعلم من كلام الشيخ - رحمه الله ووفقه الله - أنه لا يؤخذ عن صاحب البدعة شيء ،حتى فيما لا يتعلق ببدعته ،فمثلاً: إذا وجدنا رجلاً مبتدعاً لكنه جيد في علم العربية: كالبلاغة والنحو والصرف ،فهل نجلس إليه ونأخذ منه هذا العلم الذي هو موجوداً عنده أم نهجره ؟ الظاهر من كلام الشيخ أننا لا نجلس إليه ،لأن ذلك يوجب مفسدتين :
الأولى اغتراره بنفسه ،فيحسب أنه على حق .
المفسدة الثانية اغترار الناس به ،حيث يتوارد عليه طلاب العلم ،ويتلقون منه ، والعامي لا يفرق بين علم النحو ،وعلم العقيدة ،لهذا نرى أن الإنسان لا يجلس إلى أهل الأهواء والبدع مطلقاً ،حتى إن كان لا يجد علم العربية والبلاغة ،والصرف مثلاً إلا عندهم ،فسيجعل الله له خيراً منها ،لأننا لو نأتي إلى هؤلاء ،ونتردد إليهم لا شك أنه يوجب غرورهم ،واغترار الناس بهم."
(شرح حلية طالب العلم ص93-94)
قال الشيخ خالد بن عبد الرحمن المصري –حفظه الله-
"لذلك يخطيء كثير من الشباب لما يقول آخذ من المبتدع الكلام الطيب عن الجنة و عن الرقائق وعن وعن ، كما أن السلف كانوا يأخذون الرواية !.
نقول هجر المبتدع ذماً واحتقاراً له، كيف هذا المبتدع يجلس ويجمع له ألوف الناس ؟ هل الحضور والأخذ عن هذا الرجل في باب من الأبواب كالوعظ والإرشاد أو التخويف أو الترغيب والترهيب ، هل هذا من باب الهجر أو هو مضاد للهجر ؟ لأننا في الرواية لم نأخذ منه علماً , أخذنا ما روي عن رسول الله - صلي الله عليه و آله وسلم - إذا كان صادقا ، إذن .. لم نأخذ منه علماً اجتهد هو فيه، ولكنه لما يدخل في باب الزهد والرقائق ويجالس مِن هؤلاء وهؤلاء، يفخَّم أمره ويغتر به الناس، طلق بن حبيب قد قبل كثير من أهل الحديث روايته وحذَّروا من الجلوس إليه ! ففرق بين الرواية عن المبتدع وبين مخالطته والاستفادة منه واضح ؟ فالذين كانوا يأخذون الرواية من طلق وأمثال طلق، هم الذين كانوا يحذرون من ماذا ؟ من الجلوس معه ! ليس فقط في دروسه بل بمجرد أن يروا أن أحداً جلس معه كانوا يحذِّرون منه."
(البيانات الواضحات في فقه منهج الموازنات والرد على أهل التيه والشتات / شبكة سحاب)
قلت : ففرق بين رواية الحديث عن المبتدع بالضوابط وبين النظر والنقل من كتبهم فهل اتضحت لك الأمور يا من تتبع المتشابه من أقوال أهل العلم ولكن أقول في ختام هذا المقال ولكن أقول : إن كان في كتاب الله عزّ وجلّ محكم ومتشابه ففي أقوال أهل العلم من باب أولى ولكن كما قال تعالى { فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ }
عن عائشة رضي الله عنها قالت : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ } قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سماهم الله فاحذروهم" متفق عليه
ــــــــــــــــــــ
1 )ـ جامع بيان العلم وفضله (2/942) تحقيق أبي الأشبال الزهيري .
( 2 )ـ العلل ومعرفة الرجال ( 1/108 ) .
( 3)ـ سير أعلام النبلاء (19/328،329) .
( 4) الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة (ص70) .
( 5) كان الصوفية في وقته على طريقة السلف ، وتصوفهم كان الزهد والعبادة والورع ، وهذا واضح في عقيدته التي أوردها صاحب كتاب الحجة في بيان المحجة ، ولو كان على غير هذا لما كان له أي قيمة عند أهل السنّة .
منقول
وإليكم شيئاً من ذلك :
1-فتوى الإمام مالك رحمه الله تعالى
لا يجوز الإيجارات في شيء من كتب أهل الأهواء والبدع(1 )
2-نقل عبد الله بن أحمد عن أبيه -رحمهما الله تعالى-:
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت أبي يقول : سلام بن أبي مطيع من الثقات حدثنا عنه ابن مهدي ثم قال أبي : كان أبو عوانة وضع كتابا فيه معايب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفيه بلايا فجاء سلام بن أبي مطيع فقال يا أبا عوانة اعطني ذاك الكتاب ، فأعطاه فأخذه سلام فأحرقه . قال أبي : وكان سلام من أصحاب أيوب وكان رجلا صالحا(2 ) .
3ـ كلام الذهبي في السير: قال [رحمه الله] بعد أن ذكر بعض كتب أهل الضلال :
" فالحذار الحذار من هذه الكتب ، واهربوا بدينكم من شبه الأوائل وإلا وقعتم في الحيرة ، فمن رام النجاة والفوز فليلزم العبودية ، وليدمن الاستغاثة بالله ، وليبتهل إلى مولاه في الثبات على الإسلام وأن يتوفى على إيمان الصحابة، وسادة التابعين ، والله الموفق . "(3 ).
قال الشيخ زيد المدخلي معلقاً:" وقد حذر سلفنا الصالح رضوان الله عليهم ـ من النظر في كتب المبتدعة لما يترتب على ذلك من المفاسد العظيمة فإن القلوب ضعيفة والشبه خطافة ومما يؤسف له أن كثيرا من الشباب اليوم يقرؤون في كتب أهل الأهواء والضلال ويربون أنفسهم عليها ثم يعودون حربا على السنة وأهلها وحربا على منهج السلف الحق ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . "
وليس الأمر قاصر على أئمة السلف القدامى فحسب بل من العلماء المعاصرين من كان له حظاً من ذلك فقد نقل الشيخ زيد المدخلي في نفس الكتاب موقفاً عن العلامة مقبل بن هادي الوادي –رحمه الله-:
4ـ فتوى محدث الديار اليمانية الشيخ : مقبل الوادعي ( حفظه الله ):
بإحراق كتاب ( الخطوط العريضة ) لعبد الرزاق الشايجي قال الشيخ في شريط ( من وراء التفجيرات في أرض الحرمين) فتواي في هذا الكتاب أن يحرق وقد حذر الشيخ أيضا من صحيفة السنة التي يصدرها
( محمد بن سرور ) وقال هي أحق أن تسمى صحيفة البدعة.
قلت:وكذلك العلامة صالح الفوزان –حفظه الله-:
5ـ كلام الشيخ صالح الفوزان [حفظه الله ]
سئل الشيخ / ما هو القول الحق في قراءة كتب المبتدعة ، وسماع أشرطتهم ؟
ج ـ لا يجوز قراءة كتب المبتدعة ولا سماع أشرطتهم إلا لمن يريد أن يرد علهم ويبين ضلالهم( 4) .
ولقد نقل الإجماع على ترك النظر في كتب أهل البدع الشيخ خالد الظفيري –حفظه الله- في كتابه
( إجماع العلماء على الهجر والتحذير من أهل الأهواء / صفحة 50-51) قال:
قول الإمام أبي منصور معمر بن أحمد ( ت: 418 ) الذي رواه أبو القاسم الأصفهاني – رحمه الله – في كتابه
( الحجة في بيان المحجة) فقال:
أخبرنـا أحمد بن عبد الغفار بن أشتة، أنا أبو منصور معمر بن أحمد قال:
" ولما رأيت غربة السنة، وكثرة الحوادث، واتباع الأهواء، أحببت أن أوصي أصحابي وسائر المسلمين بوصية من السنة وموعظة من الحكمة وأجمع ما كان عليه أهل الحديث والأثر، وأهل المعرفة والتصوف(6 ) من السلـف المتقدمين والبقية من المتأخرين. فأقول - وبالله التوفيق -: "
ذكر من جملة ذلك: " ثم من السنة ترك الرأي والقياس في الدين وترك الجدال والخصومات وترك مفاتحة القدرية وأصحاب الكلام، وترك النظر في كتب الكلام وكتب النجوم، فهذه السنة التي اجتمعت عليها الأئمة وهي مأخوذة عن رسول الله - - بأمر الله تبارك وتعالى."
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :"ومن هجر أهل البدع ترك النظر في كتبهم خوفاً من الفتنة بها ، أو ترويجها بين الناس ، فالابتعاد عن مواطن الضلال واجب لقوله صلى الله عليه وسلم في الدجال "من سمع به فلينأ عنه ، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات". "رواه أبو داوود . قال الألباني: وإسناده صحيح " لكن إن كان الغرض من النظر في كتبهم معرفة بدعتهم للرد عليها فلا بأس بذلك لمن كان عنده من العقيدة الصحيحة ما يتحصن به وكان قادراً على الرد عليهم ، بل ربما كان واجباً ، لأن رد البدعة واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب."
(شرح لمعة الاعتقاد صفحة 100)
ويستثنى من ذلك فقط "النقل من كتب أهل البدع للرد عليها وبيان ما فيها من انحراف"
فإن قال قائل نأخذ الحق ونترك الباطل ، أقول ما قاله الشيخ خالد الظفيري " : نعم الحق يؤخذ من كل من قاله، والسلف الصالح لا يتوقفون عن قبول الحق، مع ذلك لم يقولوا خذ الحق من كتب أهل البدع واترك الباطل، بل نادوا بأعلى أصواتهم بتركها كلياً، بل وأوجبوا إتلافها، وذلك لأنّ الحق الموجود في كتب أهل البدع إنما هو مأخـوذ من الكتاب والسنّة، فوجب أن نأخذ الحق من مصادره الأصلية، التي لا يشوبها كدر ولا بدعة، إذ هي المعين الصافي والماء العذب." انتهى.
( إجماع العلماء على الهجر والتحذير من أهل الأهواء / صفحة 50)
ولقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما جاءه بكتاب من أهل الكتاب حتى وإن كان فيها حق فعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم حين أتاه عمر فقال إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا أفترى أن نكتب بعضها ؟ فقال : " أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى ؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي " .
رواه أحمد والبيهقي في كتاب شعب الإيمان وحسنه الألباني في المشكاة.
وقد سئل حامل لواء الجرح والتعديل الشيخ ربيع المدخلي – حفظه الله – في شريط له بعنوان:
" لقاء مع السلفيين الفلسطينيين".:
وهذا نص السؤال :
شيخنا الفاضل: هل يُنتفع بكتب أهل البدع إذا كانت قد ألفت قبل انحرافهم، أو بعده إذا كانت خالية من الإنحراف وجيدة في الباب؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد:
فإجابةً على هذا السؤال أقول:
"إن في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي تراث سلفنا الصالح الطاهر النظيف ما يغني عن الرجوع إلى كتب أهل البدع........ سواءً ألفوها قبل أن يقعوا في البدع أو ألفوها بعد ذلك؛ لأن من مصلحة المسلمين إخماد وإخمال ذكر أهل البدع.
فالتعلق بكتبهم بقصد الاستفادة يرفع من شأنهم ويعلي منازلهم في قلوب كثير من الناس، ومن مصلحة المسلمين والإسلام إخماد وإخمال ذكر رؤوس البدع والضلال.
وما يخلو كتاب من الحق ، حتى كتب اليهود والنصارى وطوائف الضلال تمزج بين الحق والباطل.
فالأوْلى بالمسلم أن يركز على ما ذكرناه سلفاً، فإنه آمَن للمسلم وأضمن له، وأبعَد له من أن يكرم من أهانه الله. ......................... هذا ما أقوله إجابةً على هذا السؤال."
(نقلا من مقال حكم حضور دورس المبتدعة / شبكة سحاب ) http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=349426
قلت :فها هو قد مر معنا قول العلماء الراسخين أئمة السلف في تحذيرهم من النظر في كتب المبتدعة وهم أنفسهم الذين كانوا يقولون بجواز نقل الرواية عن المبتدع مع مراعاة الضوابط ،
* فمثلاً الإمام الذهبي ثبت عنه أنه قال: "وهذه المسألة لم تتبرهن لي كما ينبغي ، والذي أتضح لي منها : أن من دخل في بدعة ، ولم يعد من رؤوسها ، ولا أمعن فيها ، يقبل حديثه كما مثل الحافظ أبو زكريا بأولئك المذكورين ، وحديثهم في كتب الإسلام لصدقهم وحفظهم ) . ( سير أعلام النبلاء / 7-154)
قلت: وهو نفسه الذي حذر من كتب أهل البدع كما نقل عنه آنفاً ،
ويؤكد ذلك ما قاله الإمام مالك –رحمه الله -:" لا يؤخذ العلم من أربعة ويؤخذ من سوى ذلك ، لا يؤخذ من سفيه ولا يؤخذ من صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه ولا من كذاب يكذب في أحاديث الناس وإن كان لا يتهم على حديث رسول الله ولا من شيخ له فضل وصلاح وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث "
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - :" والذي يعلم من كلام الشيخ - رحمه الله ووفقه الله - أنه لا يؤخذ عن صاحب البدعة شيء ،حتى فيما لا يتعلق ببدعته ،فمثلاً: إذا وجدنا رجلاً مبتدعاً لكنه جيد في علم العربية: كالبلاغة والنحو والصرف ،فهل نجلس إليه ونأخذ منه هذا العلم الذي هو موجوداً عنده أم نهجره ؟ الظاهر من كلام الشيخ أننا لا نجلس إليه ،لأن ذلك يوجب مفسدتين :
الأولى اغتراره بنفسه ،فيحسب أنه على حق .
المفسدة الثانية اغترار الناس به ،حيث يتوارد عليه طلاب العلم ،ويتلقون منه ، والعامي لا يفرق بين علم النحو ،وعلم العقيدة ،لهذا نرى أن الإنسان لا يجلس إلى أهل الأهواء والبدع مطلقاً ،حتى إن كان لا يجد علم العربية والبلاغة ،والصرف مثلاً إلا عندهم ،فسيجعل الله له خيراً منها ،لأننا لو نأتي إلى هؤلاء ،ونتردد إليهم لا شك أنه يوجب غرورهم ،واغترار الناس بهم."
(شرح حلية طالب العلم ص93-94)
قال الشيخ خالد بن عبد الرحمن المصري –حفظه الله-
"لذلك يخطيء كثير من الشباب لما يقول آخذ من المبتدع الكلام الطيب عن الجنة و عن الرقائق وعن وعن ، كما أن السلف كانوا يأخذون الرواية !.
نقول هجر المبتدع ذماً واحتقاراً له، كيف هذا المبتدع يجلس ويجمع له ألوف الناس ؟ هل الحضور والأخذ عن هذا الرجل في باب من الأبواب كالوعظ والإرشاد أو التخويف أو الترغيب والترهيب ، هل هذا من باب الهجر أو هو مضاد للهجر ؟ لأننا في الرواية لم نأخذ منه علماً , أخذنا ما روي عن رسول الله - صلي الله عليه و آله وسلم - إذا كان صادقا ، إذن .. لم نأخذ منه علماً اجتهد هو فيه، ولكنه لما يدخل في باب الزهد والرقائق ويجالس مِن هؤلاء وهؤلاء، يفخَّم أمره ويغتر به الناس، طلق بن حبيب قد قبل كثير من أهل الحديث روايته وحذَّروا من الجلوس إليه ! ففرق بين الرواية عن المبتدع وبين مخالطته والاستفادة منه واضح ؟ فالذين كانوا يأخذون الرواية من طلق وأمثال طلق، هم الذين كانوا يحذرون من ماذا ؟ من الجلوس معه ! ليس فقط في دروسه بل بمجرد أن يروا أن أحداً جلس معه كانوا يحذِّرون منه."
(البيانات الواضحات في فقه منهج الموازنات والرد على أهل التيه والشتات / شبكة سحاب)
قلت : ففرق بين رواية الحديث عن المبتدع بالضوابط وبين النظر والنقل من كتبهم فهل اتضحت لك الأمور يا من تتبع المتشابه من أقوال أهل العلم ولكن أقول في ختام هذا المقال ولكن أقول : إن كان في كتاب الله عزّ وجلّ محكم ومتشابه ففي أقوال أهل العلم من باب أولى ولكن كما قال تعالى { فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ }
عن عائشة رضي الله عنها قالت : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ } قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سماهم الله فاحذروهم" متفق عليه
ــــــــــــــــــــ
1 )ـ جامع بيان العلم وفضله (2/942) تحقيق أبي الأشبال الزهيري .
( 2 )ـ العلل ومعرفة الرجال ( 1/108 ) .
( 3)ـ سير أعلام النبلاء (19/328،329) .
( 4) الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة (ص70) .
( 5) كان الصوفية في وقته على طريقة السلف ، وتصوفهم كان الزهد والعبادة والورع ، وهذا واضح في عقيدته التي أوردها صاحب كتاب الحجة في بيان المحجة ، ولو كان على غير هذا لما كان له أي قيمة عند أهل السنّة .
منقول
تعليق