من شرح الشيخ بن عثيمين -رحمه الله- لكتاب التوحيد
أن يريد المال؛ كمن أذن ليأخذ راتب المؤذن، أو حج ليأخذ المال.
أن يريد المرتبة؛ كمن تعلم في كلية ليأخذ الشهادة فترتفع مرتبته.
أن يريد دفع الأذى والأمراض والآفات عنه؛ كمن تعبد الله كي يجزيه الله بهذا في الدنيا بمحبة الخلق له ودفع السوء عنه، وما أشبه ذلك.
أن يتعبد لله يريد صرف وجوه الناس إليه بالمحبة والتقدير.
وهناك أمثلة كثيرة.
تنبيه:
فإن قيل: هل يدخل من يتعلمون في الكليات، أو غيرها يريدون شهادة، أو مرتبة بتعلمهم؟
فالجواب: أنهم يدخلون في ذلك إذا لم يريدوا غرضًا شرعيًا؛ فنقول لهم:
أولاً: لا تقصدوا بذٰلك المرتبة الدنيوية؛ بل اتخذوا هٰذه الشهادات وسيلة للعمل في الحقول النافعة للخلق؛ لأن الأعمال في الوقت الحاضر مبنية على الشهادات، والنَّاس لا يستطيعون الوصول إلىٰ منفعة الخلق إلا بهٰذه الوسيلة، وبذٰلك تكون النيَّة سليمة.
ثانيًا: أنَّ من أراد العلم لذاته قد لا يجده إلا في الكُليَّات؛ فيدخل الكُليِّة أو نحوها لهٰذا الغرض، وأما بالنسبة للمرتبة؛ فإنها لا تهمه.
ثالثًا: أنَّ الإنسان إذا أراد بعمله الحسنيين؛ -حسنى الدنيا وحسنى الآخرة-؛ فلا شيء عليه؛ لأن الله يقول: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 3-2]؛ فرغبه في التقوى بِذكْرِ المخرج من كلِّ ضيق والرزق من حيث لا يحتسب.
فإن قيل: من أراد بعمله الدنيا كيف يُقال أنه مخلص مع أنه أراد المال مثلاً؟
أجيب: إنَّه أخْلَص العبادة، ولم يرد بها الخلق إطلاقًا، فلم يقصد مراءاة الناس ومدحهم؛ بل قصد أمرًا ماديًا، فإخلاصه ليس كامل؛ لأن فيه شركًا؛ ولكن ليس كشرك الرياء يريد أن يُمدح بالتقرب إلى الله، وهٰذا لم يرد مدح الناس بذٰلك؛ بل أراد شيئًا دنيئًا غيره.
ولا مانع أن يدعو الإنسان في صلاته ويطلب أن يرزقه الله المال؛ ولٰكن لا يُصلِّي من أجل هٰذا الشيء؛ فهٰذه مرتبة دنيئة.
أمَّا طلب الخير في الدنيا بأسبابه الدنيوية؛ كالبيع، والشراء، والزراعة؛ فهٰذا لا شيء فيه، والأصل أنْ لا نجعل في العبادات نصيبًا من الدنيا، وقد سبق البحث في حكم العبادة إذا خالطها الرياء في باب الرياء.
المصدر: القول المفيد شرح كتاب التوحيد (3/ 149)
نقلا من الانتقاء من درر فتوى العلماء
نقلا من الانتقاء من درر فتوى العلماء