يسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله و بركته
مختارات من اقتضاء الصراط المستقيم
المقدمة السلام عليكم ورحمة الله و بركته
مختارات من اقتضاء الصراط المستقيم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليمًا.
أما بعد: فهذه مختارات من كتاب (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) الذي ألفه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وقد ابتدأنا قراءته من ذي القعدة من عام ستة وتسعين وثلاثمائة وألف نسأل الله أن ينفعنا به وقد أشرنا فيها إلى رقم الصفحات من الطبعة الثانية مطبعة السنة المحمدية على نفقة منصور بن عبد العزيز آل سعود، وإذا كتبنا النقط(... ) فمعناه أن في الكلام حذفًا تعمدناه لعدم الحاجة إليه، وربما نغير لفظ المؤلف اختصارًا، وإذا قلنا: قلت، فالكلام بعده من عندنا، وإذا جعلنا كلمة بين قوسين ولم تكن نص كتاب أو سنة فهي زيادة من عندنا نسأل الله تعالى أن ينفعنا والمسلمين به إنه جواد كريم.
بقلم
محمد بن صالح العثيمين
قال المؤلف رحمه الله تعالى
ص 1. وبعد فإني قد نهيت إما مبتدئًا وإما مجيبًا عن التشبه بالكفار في أعيادهم، وأخبرت ببعض ما في ذلك من الأثر القديم والدلالة الشرعية، وبينت بعض حكمة الشرع في مجانبة هدي الكفار.. ثم بلغني أن من الناس من استغرب بعض الأصحاب أن أعلق في ذلك ما يكون فيه إشارة إلى أصل هذه المسألة، لكثرة ذلك واستبعده لمخالفة عادة قد نشؤوا عليها، وتمسكوا في ذلك بعمومات وإطلاقات اعتمدوا عليها، فاقتضاني فائدتها وعموم المنفعة بها، ولما قد عم كثيرًا
من الناس من الابتلاء في ذلك حتى صاروا إيماءات الشرع ومقاصده وعلل الفقهاء ومسائلهم يشك في ذلك، بل لم أكن أظن أن من وقر الإيمان في قلبه، وخلص إليه حقيقة الإسلام، وأنه دين الله الذي لا يقبل من أحد في نوع جاهلية.
ص 2. ولم أكن أظن أن من خاض في الفقه ورأى سواه إذا نبه على هذه النكتة (يعني نكتة مخالفة هدي الكفار) إلا كانت حياة قلبه وصحة إيمانه توجب استيقاظه بأسرع تنبيه، ولكن نعوذ بالله من رين القلوب وهوى النفوس اللذين يصدان عن معرفة الحق واتباعه.
ص 5 .وجماع ذلك أن كفر اليهود أصله من جهة عدم العمل بعلمهم، فهم يعلمون الحق ولا يتبعونه، وكفر النصارى من جهة عملهم بلا علم،
فهم يجتهدون في أصناف العبادات بلا شريعة من الله، ولهذا كان السلف كسفيان بن عيينة وغيره يقولون:من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود ،ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى . وفي (ص 6) فأخبر أنه سيكون في أمته مضاهاة لليهود والنصارى وفارس والروم، وليس هذا إخبارًا عن جميع الأمة، بل قد تواتر عنه أنه قال: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق) .
ص 6.وأنا أشير إلى بعض أمور أهل الكتاب والأعاجم التي ابتليت بها هذه الأمة، ليتجنب المسلم الحنيف الانحراف عن الصراط المستقيم إلى صراط المغضوب عليهم أو الضالين.
1. الحسد: قال الله تعالى: {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارًا حسدًا من عند أنفسهم} وقد يبتلى بعض المنتسبين إلى العلم وغيرهم بنوع من الحسد لمن هداه الله لعلم نافع أو عمل صالح وهو في هذا الموضع من أخلاق المغضوب عليهم.
ص 7- 2.البخل: قال الله تعالى: {الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله} فوصفهم بالبخل الذي هو البخل بالعلم والمال، ثم ذكر آيات ثم قال: فوصف المغضوب عليهم بأنهم يكتمون العلم تارة بخلًا به، وتارة اعتياضًا عن إظهاره بالدنيا، وتارة خوفًا من أن يحتج عليهم بما أظهروه منه، وهذا قد ابتلي به طوائف من المنتسبين للعلم فيكتم العلم تارة بخلًا به أن ينال غيرهم من الفضل ما نالوه، وتارة اعتياضًا عنه برئاسة، أو مال فيخاف من إظهاره انتقاص رئاسته أو ماله، وتارة يخالف غيره في مسألة فيكتم من العلم ما فيه حجة لمخالفه وإن لم يتيقن أن مخالفه مبطل.
ص8 - 3 .عدم الانقياد للحق إذا خالف متبوعه : قال الله تعالى: {وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقًا لما معهم} بعد أن قال: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} فوصف اليهود بأنهم لما جاءهم النبي الناطق به من غير طائفة يهوونها لم ينقادوا له، فإنهم لا يقبلون الحق إلا من الطائفة التي هم منتسبون إليها مع أنهم لا يتبعون ما لزمهم في اعتقادهم، وهذا يبتلى به كثير من المنتسبين إلى طائفة معينة في العلم أو الدين من المتفقهة والمتصوفة، فإنهم لا يقبلون من الدين إلا ما جاءت به طائفتهم، مع أن دين الإسلام يوجب اتباع الحق مطلقًا رواية وفقهًا من غير تعيين شخص أو طائفة غير الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
ص 8 -4. تحريف الكلم عن مواضعه: قال الله تعالى: {من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه} وقال تعالى: {وإن منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون} والتحريف قد فسر بتحريف التأويل ، وقد ابتليت به طوائف من هذه الأمة ، وبتحريف التنزيل، وقد وقع فيه كثير من الناس يحرفون ألفاظ الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويروون أحاديث بروايات منكرة وإن كان الجهابذة يدفعون ذلك وربما تطاول بعضهم إلى تحريف التنزيل وإن لم يمكنه ذلك كما قرأ بعضهم {وكلم الله موسى تكليمًا}
يتبع إن شاء الله
تعليق