بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد
قال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى
أضواء البيان 2/301
أما بعد
قال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى
تنبيه
اعلم أن ما يزعمه بعض من لا علم عنده من أن الكتاب والسنة دلا على اتخاذ القبور مساجد، يعني بالكتاب قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً} [18/21]، ويعني بالسنة ما ثبت في الصحيح من أن موضع مسجد النَّبي صلى الله عليه وسلم كان فيه قبور المشركين في غاية السقوط، وقائله من أجهل خلق الله.
أما الجواب عن الاستدلال بالآية فهو أن تقول: من هؤلاء القوم الذين قالوا: {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً} أهم ممن يقتدى به! أم هم كفرة لا يجوز الاقتداء بهم؟ وقد قال أبو جعفر بن جرير الطبري رحمه الله تعالى في هؤلاء القوم [18/21]، ما نصه: وقد اختلف في قائل هذه المقالة، أهم الرهط المسلمون أم هم الكفار؟ فإذا علمت ذلك فاعلم أنهم على القول بأنهم كفار فلا إشكال في أن فعلهم ليس بحجة، إذ لم يقل أحد بالاحتجاج بأفعال الكفار كما هو ضروري، وعلى القول بأنهم مسلمون كما يدل له ذكر المسجد؛ لأن اتخاذ المساجد من صفات المسلمين، فلا يخفى على أدنى عاقل أن قول قوم من المسلمين في القرون الماضية إنهم سيفعلون كذا لا يعارض به النصوص الصحيحة الصريحة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم إلا من طمس الله بصيرته فقابل قولهم: {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً} [18/21]، بقوله صلى الله عليه وسلم في مرض موته قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى بخمس: "لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" الحديث. يظهر لك أن من اتبع هؤلاء القوم في اتخاذهم المسجد على القبور ملعون على لسان الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم كما هو واضح، ومن كان ملعوناً على لسانه صلى الله عليه وسلم فهو ملعون في كتاب الله كما صح عن ابن مسعود رضي الله عنه؛ لأن الله يقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} الآية[59/7]، ولهذا صرح ابن مسعود رضي الله عنه بأن الواصلة والواشمة ومن ذكر معهما في الحديث، كل واحدة منهن ملعونة في كتاب الله، وقال للمرأة التي قالت له: قرأت ما بين الدفتين فلم أجد إن كنت قرأته فقد وجدته، ثم تلا الآية الكريمة، وحديثه مشهور في الصحيحين وغيرهما، وبه تعلم أن من اتخذ المساجد على القبور ملعون في كتاب الله جل وعلا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنه لا دليل في آية: {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً} [18/21].
وأما الاستدلال بأن مسجد النَّبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة مبنى في محل مقابر المشركين فسقوطه ظاهر؛ لأن النَّبي صلى الله عليه وسلم أمر بها فنبشت وأزيل ما فيها، ففي الصحيحين من حديث أنس رضالله عنه: فكان فيه ما أقول لكم: قبور المشركين، وفيه خرب، وفيه نخل، فأمر النَّبي صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين فنبشب، ثم بالخرب فسويت، وبالنخل فقطع، فصفوا النخل قبلة المسجد، وجعلوا عضادتيه الحجارة...، الحديث، هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم قريب منه بمعناه، فقبور المشركين لا حرمة لها، ولذلك أمر صلى الله عليه وسلم بنبشها وإزالة ما فيها، فصار الموضع كأن لم يكن فيه قبر أصلاً لإزالته بالكلية، وهو واضح كما ترى اهـ.اعلم أن ما يزعمه بعض من لا علم عنده من أن الكتاب والسنة دلا على اتخاذ القبور مساجد، يعني بالكتاب قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً} [18/21]، ويعني بالسنة ما ثبت في الصحيح من أن موضع مسجد النَّبي صلى الله عليه وسلم كان فيه قبور المشركين في غاية السقوط، وقائله من أجهل خلق الله.
أما الجواب عن الاستدلال بالآية فهو أن تقول: من هؤلاء القوم الذين قالوا: {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً} أهم ممن يقتدى به! أم هم كفرة لا يجوز الاقتداء بهم؟ وقد قال أبو جعفر بن جرير الطبري رحمه الله تعالى في هؤلاء القوم [18/21]، ما نصه: وقد اختلف في قائل هذه المقالة، أهم الرهط المسلمون أم هم الكفار؟ فإذا علمت ذلك فاعلم أنهم على القول بأنهم كفار فلا إشكال في أن فعلهم ليس بحجة، إذ لم يقل أحد بالاحتجاج بأفعال الكفار كما هو ضروري، وعلى القول بأنهم مسلمون كما يدل له ذكر المسجد؛ لأن اتخاذ المساجد من صفات المسلمين، فلا يخفى على أدنى عاقل أن قول قوم من المسلمين في القرون الماضية إنهم سيفعلون كذا لا يعارض به النصوص الصحيحة الصريحة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم إلا من طمس الله بصيرته فقابل قولهم: {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً} [18/21]، بقوله صلى الله عليه وسلم في مرض موته قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى بخمس: "لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" الحديث. يظهر لك أن من اتبع هؤلاء القوم في اتخاذهم المسجد على القبور ملعون على لسان الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم كما هو واضح، ومن كان ملعوناً على لسانه صلى الله عليه وسلم فهو ملعون في كتاب الله كما صح عن ابن مسعود رضي الله عنه؛ لأن الله يقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} الآية[59/7]، ولهذا صرح ابن مسعود رضي الله عنه بأن الواصلة والواشمة ومن ذكر معهما في الحديث، كل واحدة منهن ملعونة في كتاب الله، وقال للمرأة التي قالت له: قرأت ما بين الدفتين فلم أجد إن كنت قرأته فقد وجدته، ثم تلا الآية الكريمة، وحديثه مشهور في الصحيحين وغيرهما، وبه تعلم أن من اتخذ المساجد على القبور ملعون في كتاب الله جل وعلا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنه لا دليل في آية: {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً} [18/21].
والتحقيق الذي لا شك فيه: أنه لا يجوز البناء على القبور ولا تجصيصها؛ كما رواه مسلم في صحيحه وغيره عن أبي الهياج الأسدي: أن علياً رضي الله عنه قال له: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ألا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته.
ولما ثبت في صحيح مسلم وغيره أيضاً عن جابر رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه.
فهذا النهي ثابت عنه صلى الله عليه وسلم، وقد قال: "وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه"، وقال جل وعلا: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [59/7].
وقد تبين مما ذكرنا حكم الصلاة في مواضع الخسف، وفي المقبرة، وإلى القبر، وفي الحمام.ولما ثبت في صحيح مسلم وغيره أيضاً عن جابر رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه.
فهذا النهي ثابت عنه صلى الله عليه وسلم، وقد قال: "وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه"، وقال جل وعلا: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [59/7].
أضواء البيان 2/301