إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

السبائك الذهبية في العقيدة السلفية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السبائك الذهبية في العقيدة السلفية

    السبائك الذهبية في العقيدة السلفية


    هذه خمسون مسألة في العقيدة اختصرتها من أحد الكتب سائلا الله جل و علاالإخلاص في القول والعمل.
    أبو جهاد الجزائري



    مذهب سلف الأمة وأئمتها في باب الأسماءوالصفات ينص على أننا نثبت لله تعالى كل ما سمى به نفسه في كتابه أو سماه به رسولهصلى الله عليه وسلم ، ونصف الله تعالى بما وصف به نفسه في كتابه أو وصفه به رسولالله صلى الله عليه وسلم في صحيح سنته ، وننفي عنه جل وعلا كل ما نفاه عن نفسه منالأسماء والصفات في كتابه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم في صحيح سنته ، منغير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل ، لأن الله تعالى ليس كمثله شيء وهوالسميع البصير والمتقرر عند سلف الأمة وأئمتها أن كل ما نفاه الله تعالى عن نفسهفالواجب فيه أمران :
    الأول: نفي ما نفاه الله تعالى عن نفسه.
    الثاني :
    إثبات كمالالضد له .
    وأما من زاغ عن هذا الفهم فإنهم لا يصفون الله تعالى إلا بالنفي المحضالذي لا يتضمن ثبوتا ، فيقولون :
    الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوق ولا تحت ،ولا يرى في الآخرة ، ولا حي ولا ميت ولا موجود ولا معدوم ، ولا يسمع ولا يبصر ، ولا، ولا ولا ،
    وإذا نظرت إلى هذا النفي وجدته يتضمن عدة مخالفات :
    الأولى :
    أنه نفيلما ثبت الدليل به من الكتاب والسنة.
    الثاني :
    أنه نفي لا يتضمن ثبوتا ، فهو نفيمحض.
    الثالث :
    أنه نفي يفضي إلى القول بأن الله تعالى معدوم ، فإنهم إذا وصفواالله تعالى إنما يصفوه بالسلوب - أي بالنفي - والاقتصار على الوصف بالنفي يؤدي إلىهذه النتيجة ،
    ولذلك قال أهل السنة : الممثل يعبد صنما ، والمعطل يعبد عدما ، لأنالمعطل لم يصف ربه إلا بالنفي فقط.
    الرابع :
    أنه بني على فهم مخالف لفهم سلفالأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين وتابعيهم وأئمة الهدى ، والمتقرر أن كل فهميخالف فهم السلف في مسائل العقيدة والعمل فإنه باطل.

    اتفق سلف الأمة رحمهمالله تعالى على أن معاني الصفات معلومة ، وأن كيفياتها على ما هي عليه مجهولة ،فالعلم بمعاني الصفات متفق عليه بين الأئمة من أهل السنة والجماعة فالصفات تعلمباعتبار ، وتجهل باعتبار ، فتعلم باعتبار معانيها اللغوية ، وتجهل باعتبار كيفياتها، هذا فهم السلف ، ومن نسب السلف لغير هذا فقد كذب أو ضل ، أو أخطأ ، فالسلف متفقونعلى العلم بالمعنى ، ومتفقون على الجهل بالكيف ، لأن العلم بالكيفية لا يكون إلابرؤية الشيء أو رؤية نظيره أو إخبار الصادق عن هذه الكيفية ، وكلها منتفية في حقكيفية صفات الله تعالى.

    أجمع سلف الأمة وأئمتها على أن باب الأسماء والصفاتلله تعالى من الأبواب التوقيفية على النص ، فلا مدخل للعقول فيها ، فلا يدخلون فيهذا الباب متأولين بآرائهم ولا متوهمين بأهوائهم فإن العقول لو كانت تعرف ما يليقبالله تعالى من الصفات على وجه التفصيل لما احتاجت البشرية إلى إرسال الرسل وإنزالالكتب ، ولما علق الهداية والصلاح على متابعة الوحي ، ثم إن العقول أقصر وأحقر منأن تدخل في باب هو من أبواب الغيب ، ثم إن العقول متفاوتة ، فبأي عقل نزن الكتابوالسنة ؟ أبعقل الأشعري الذي يثبت الأسماء وسبع صفات فقط ، أو بعقل المعتزلي الذييثبت الأسماء وينفي الصفات ، أم بعقل الجهمي الذي ينكر الأسماء والصفات كلها ، أمبعقل الفلاسفة الذي ينكرون دخول الإثبات في صفات الله تعالى ولا يقرون إلا النفيفقط ، فيقولون : املأ الدنيا نفيا ، ولكن لا تثبت صفة واحدة ، أم بعقل غلاة الغلاةمن الباطنية والقرامطة الذين ينفون النفي والإثبات ، فيقولون : لا حي ولا ميت ولاعالم ولا جاهل ولا موجود ولا معدوم ، فينفون الصفة ونقيضها ، بالله عليك ، أيالعقول أحق أن تتبع ؟.

    اتفق سلف الأمة وأئمتها على اعتماد طريقة الرسلصلوات الله وسلامه عليهم في الإثبات المفصل والنفي المجمل ، فإن طريقة الرسل عليهمالصلاة والسلام في جانب إثبات الأسماء والصفات لله تعالى هي التفصيل ، وفي جانبالنفي هي الإجمال ، وهي طريقة القرآن والسنة وطريقة الصحابة والتابعين.

    اتفق سلف الأمة وأئمتها على إثبات الرؤية يوم القيامة - أي رؤية الله تعالى - فأهلالسنة والجماعة متفقون الاتفاق القطعي على أن الله تعالى يُرى يوم القيامة ، فيرىيوم القيامة ويُرى بعد دخول الجنة ، وأهل السنة مجمعون على أنها رؤية حقيقيةبالعيان ، على الكيفية التي يريدها الله تعالى وقد انعقد إجماع أهل السنة رحمهمالله تعالى على هذه المسألة ،
    فالسلف الصالح يفهمون من أدلة الرؤية عدةأمور:
    الأول :
    أنها رؤية حق وثابتة ، ولا محيص عن الإيمان بها.
    الثاني :
    أنها رؤية عيان بالأبصار .
    الثالث :
    أنها ستكون في العرصات وبعد دخولالجنة.
    الرابع :
    أنها رؤية لا تستلزم نقصا ولا عيبا في حق الرب جل وعلا.
    الخامس :
    أنها على الكيفية التي يريدها الرب جل وعلا.

    اتفق سلفالأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين ومن تبعهم على الحق من أهل السنة إلى ساعتناهذه أن مما يوصف الله تعالى بهأنه مستو على عرشه استواء يليق بجلاله وعظمته، وأنه ليس كاستواء المخلوق
    ولذلك فإن مذهب السلف في الصفات يقوم على ثلاثةأصول:
    الأول :
    إثبات الصفة التي يدور حولها النص ، يعني التي أثبتها النص.
    الثاني :
    الاعتقاد الجازم أنها مما يليق بالله تعالى فلا يماثله فيها شيء منصفات مخلوقاته.
    الثالث :
    قطع الطمع في التعرف على كيفية هذهالصفة.


    اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن الألفاظ المجملة المبهمة التيتحتمل الحق والباطل كلفظ الجهة والجسم والحيز والمكان أنها لا ترد مطلقا ولا تقبلمطلقا ، وإنما هي موقوفة على التفصيل ، حتى يتميز حقها من باطلها فيقبل الحق ويردالباطل .

    اتفق الأئمة على أن التشريع أمر موقوف على الكتاب والسنة على فهمسلف الأمة فلا مدخل لغيرها في التشريع ، فلا تؤخذ العقائد عند السلف إلى من الكتابوالسنة فقط ، ولا ثالث لها ، ولكن لابد أن يكون الأخذ بها مقرونا بفهم سلف الأمة ،فالسلف رحمهم الله تعالى فهموا أن أدلة الكتاب والسنة وافية كافية في تقرير أمورالمعتقد ، وأما من زاغ وحاد عن سبيلهم فإنه لا ينظر إلى الكتاب والسنة نظر اعتبار ،بل عامة أهل البدع والضلالات لا يرون أن الكتاب والسنة من المصادر التي يؤخذ منهاالمعتقد.


    اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن القرآن كلام الله تعالى منزلغير مخلوق ، منه بدأ وإليه يعود ، وأنه كلام الله تعالى حقيقة حروفه ومعانيه ، ليسكلامه الحروف فقط دون المعاني ولا المعاني دون الحروف ، بل الحروف والمعاني كلهاكلام الله تعالى ، وأن الله تعالى تكلم به حقيقة وسمعه منه جبريل ، وبلغه إلى النبيصلى الله عليه وسلم ، ثم بلغه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة ، وبلغهالصحابة إلى كافة الأمة ، ولا تزال الأمة تتناقله خالفا عن سالف ، وحفظه في الصدوروالسطور والأوراق لا يخرجه عن كونه كلام الله تعالى على الحقيقة.

    اتفق سلفالأمة وأئمتها على أن الله تعالى يوصف بالعلو المطلق في ذاته وصفاته وأسمائهوأفعاله ، فأسماؤه لها العلو المطلق في الحسن والكمال ، وصفاته لها العلو المطلق فيالجمال والكمال من كل وجه ، وأفعاله لها العلو المطلق في الكمال والحكمة ، ولهالعلو المطلق في القهر . أجمع أهل السنة والجماعة على أن لله تعالى يدين لائقتينبجلاله وعظمته وأنهما من صفاته الذاتية ، وأجمعوا على أنه له وجها لائقا بجلالهوعظمته ، وأجمعوا على أن الله تعالى موصوف بالأصابع والقدم والساق ، وأجمعوا علىأنه تعالى موصوف بالحياة والعين والسمع والبصر ، وأنه تعالى موصوف بالرحمة والرضاوالعفو والمغفرة ، وأنه موصوف بالغضب والمقت والكراهية ، وأنه يُحِبُ ويُحَب ، وكلذلك حق على حقيقته ، نفهم معناه ونكل العلم بكيفيته لله تعالى ، والمتقرر عند سلفالأمة وأئمتها أن الاتفاق في الأسماء لا يستلزم الاتفاق في الصفات ، وأن الاتفاق فيالاسم الكلي العام لا يستلزم الاتفاق بعد التقييد والتخصيص والإضافة.


    سلف الأمة وأئمتها رحمهم الله تعالى يفهمون أن ما أضافه الله تعالى له من الأشياءلا يخلو من حالتين :
    -
    إما إضافة شيء لا يقوم بذاته.
    -
    وإما إضافة شيء يقومبذاته, فالأشياء المضافة إلى الله تعالى إن كانت لا تقوم بذاتها فالسلف لا يفهمونمنها إلا أنها من باب إضافة الصفةإلى موصوفها ، وإن كانت مما يقوم بذاتها فهي منباب إضافة التكريم والتشريف ، أو المخلوق إلى خالقه ، لا يفهم سلف من الإضافة إلاهذين القسمين.

    الروح عند أهل السنة كافة مخلوقة مبتدعة مربوبة مدبرة ، وماخالف هذا الفهم فإنه باطل ، لأن المتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة وأئمتها فهوباطل .

    اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن التبرك بالذات مما خص به ذات النبيصلى الله عليه وسلم ، فلا يجوز التبرك بذات أحد من الخلق إلا بذاته صلى الله عليهوسلم ، وما اتصل بها وهذا متفق عليه بين الأئمة رحمهم الله تعالى ، فقد كانوايتبركون بوضوئه ونخامته وعرقه وثيابه وغير ذلك مما ثبتت به الأدلة ،
    وهذا التوسليجوز عند أهل السنة بآثاره ولو بعد مماته صلى الله عليه وسلم ، ولا شيء من آثاره قدبقي الآن عند عامة أهل العلم ، والذي يهمنا هنا هو أن الصحابة رضي الله عنهم فهمواأن هذا التبرك من خصائصه صلى الله عليه وسلم ،
    ولذلك فإنهم لم يكونوا يتبركون بشيءمن آثار غيره ، حتى وإن بلغ في الصلاح والورع والعلم والزهد ما بلغ ولأن المتقرر أنالأصل في التبرك بالأعيان والأزمنة والأمكنة التوقيف على الدليل ، وأين الدليلالدال على جواز التبرك بالأولياء والصالحين ؟ ولأن وجود البركة في الشخص من أمورالغيب ، والمتقرر أن أمور الغيب مبناها على النص الصحيح الصريح ،
    وأما البركةالموجودة في كل مسلم ، فإنها بركة معنوية لازمة ، لا ذاتية متنقلة ، وهي بركة العملوالإيمان ، وبركة العمل بمقتضى منهاج النبوة والخلط بين نوعي البركة هو الذي أوجبكثيرا من البدع في باب التبرك ،
    وأزيدك فائدة في تقرير بعض القواعد في باب التبركلتكون على بصيرة من الأمر في هذا الباب :
    الأولى :
    الأصل في التبرك التوقيف علىالدليل.
    الثانية :
    الأصل في بركة الأعيان التوقيف على الدليل.
    الثالثة :
    الأصل في بركة الأزمان التوقيف على الدليل.
    الرابعة :
    الأصل في بركة الأمكنةالتوقيف على الدليل.
    الخامسة :
    الأصل وقف البركة الذاتية المنتقلة على ذات النبيصلى الله عليه وسلم.
    السادسة :
    الأصل منع التبرك بأي شيء من أجزاء الأرض إلابدليل.
    السابعة :
    ما ثبت الدليل بأنه مبارك فلا يجوز أن يتعدى في التبرك به على ما أثبته الدليل.




  • #2
    أجمع سلف الأمة على أن الأولياء لهم المقام الرفيععند الله تعالى ، فلا خوف عليهم ولا يحزنون ، وأجمع السلف على أن أولياء الله تعالىهم المؤمنون المتقون ، وتتفاوت درجات الولاية بحسب تفاوت الأولياء في تحقيق درجاتأَلا إِنَّ
    }الإيمان والتقوى ، فأكثرهم ولاية أعظمهم في تحقيق ذلك ، قال تعالىأَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ، الَّذِينَوأجمع السلف على هذه الآية إنما تثبت منزلة{
    آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَالأولياء عند الله تعالى فقط ، وأجمعوا على أنها لا تدل على الطواف حول قبورهم أوالتبرك بترابها ، أو بشيء من آثارهم أو الذبح والنذر لهم أو دعائهم والاستغاثة بهممن دون الله تعالى في كشف الملمات وتفريج المدلهمات ، ولا تدل على العكوف عندقبورهم ولا على البناء عليها ، أو الصلاة عندها ، أو تعليق أوراق الشكوى علىعتباتها أو في شباكها ، ولا غير ذلك مما يفعله عباد القبور عند قبورهم ، الآيةالمذكورة لا تدل على شيء من ذلك لا بدلالة المطابقة ولا التضمن ولا الالتزام ، ولابشيء من الدلالات عند أهل العلم في الدنيا ، ولكن أبى عباد القبور إلا الاستدلالبها على ذلك ، فما إن تناقش واحدا منهم في منع ذلك ، إلا ويستدل لك بهذه الآية ،سبحان الله ، كيف تطيب نفسه أن يجعل القرآن الذي من مقاصد إنزاله الأمر بالتوحيدوالنهي عن الشرك ، كيف يجعله هذا الحمار دليلا مؤيدا للشرك والوثنية ، عجبا لهذهالفهوم المنكوسة ، فبالله عليك ، هل فهم سلف الأمة هذه الأفعال المنكرة من هذهالآية ؟ بالطبع ، لا ، فضلا عن الأدلة المتواترة في النهي عن هذه الأفعال ، ففهمعباد القبور هذه الأفعال القبيحة من هذه الآية الكريمة فهم باطل ، لأنه فهم مخالفلفهم السلف ، والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في مسائل العقيدة والعمل فإنهباطل ، والله يتولانا وإياك .

    اتفق السلف ، بل المسلمون جميعا على علومنزلة النبي صلى الله عليه وسلم عند الله تعالى وأنه أعظم الناس جاها عند اللهتعالى ، فليس ثمة منزلة كمنزلته ، ولا جاها كجاهه ولا شرفا كشرفه ، ولا قدرا كقدره، عليه الصلاة والسلام ، ولكن سلف الأمة رحمهم الله تعالى مع إقرارهم بكل ذلك ، إلاأنهم لم يفهموا من ذلك تجويز التوسل بذاته إلى الله تعالى ، أو الحلف بجاهه ، أوالتمسح بجدران الغرف التي على قبره ، أو دعاءه من دون الله تعالى أو الاستغاثة بهمن دون الله ، أو شد الرحال إلى زيارة قبره فقط ، أو تعليق كمال الحج على زيارةمسجده وقبره وكل حديث في زيارة قبر مخصوص على وجه الأرض فباطل ، ولم يفهم السلف منذلك تجويز الدعاء مع استقبال حجرته ، ولا كثرة التردد إلى قبره للسلام والصلاة عليه، ولا تكلف قطع المسافات لمجرد السلام والصلاة عليه ، وغير ذلك مما يعتقده بعضالناس من الاعتقادات الباطلة فيه صلى الله عليه وسلم ، فمن فهم من علو منزلته وجاههشيئا من ذلك ، فقد فهم فهما مخالفا لفهم سلف الأمة ، والمتقرر أن كل فهم يخالف فهمسلف الأمة فإنه باطل وبالجملة فهنا مسألتان لابد من التفريق بينهما
    الأولى :
    أن التوسل لفظ مجمل يختلف باختلاف المتكلم به ، فإن ورد لفظ الوسيلة في القرآنفإنه لا يراد به إلا إتباع الشرع ، بفعل المأمور إيجابا واستحبابا ، وبترك المنهيعنه تحريما أو كراهة ، أي متابعة النبي صلى الله عليه وسلم ، بطاعته فيما أمر}واجتناب ما نهى عنه وزجر ، وأن لا يعبد الله تعالى إلا بما شرع كما قال تعالىأُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْيَا}وكما قال تعالى{أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَفالوسيلة هنا يراد بها ما{وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَذكرته لك ،
    وإن ورد لفظ الوسيلة في كلام النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يراد بهاتلك المنزلة في الجنة التي لا تنبغي إلا لواحد من عباد الله ، كما قال صلى اللهعليه وسلم { ثم سلوا الله لي الوسيلة ، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد منعباد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة } رواهمسلم ،
    وإن ورد لفظ الوسيلة في كلام الصحابة فإنما يراد به طلب الدعاء لا غير ،وعلى ذلك قول عمر " إنا كنا نتوسل بنبيك فتسقينا ، وإن نتوسل إليك بعم نبينا ... الحديث ، وهو في البخاري
    الثانية :
    اعلم أن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلمعند أهل السنة يراد به أحد أمور :
    -
    يراد به التوسل إلى الله تعالى بطاعته فيماأمر واجتناب ما نهى عنه وزجر ، وأن لا يعبد الله تعالى إلا بما شرع ، فهذا هو أصلالدين وأساس الملة ، وقاعدة الشرع التي بعث بها صلى الله عليه وسلم ، وهذا منالفروض في حياته وبعد مماته ويراد به التوسل إلى الله تعالى بطلب الدعاء منه ، وهذاجائز باتفاق أهل السنة ، ولكنه لا يجوز إلا في حياته فقط ، وأما بعد مماته ، فلايجوز باتفاق أهل العلم رحمهم الله تعالى .
    -
    ويراد به التوسل إلى الله تعالىبذاته ، وهذا من التوسل البدعي باتفاق أهل السنة والجماعة ، ولا عبرة بمخالفة أهلالبدع
    -
    ويراد به التوسل إلى الله تعالى بجاهه ، فهذا من التوسل البدعي كذلك عندعامة أهل السنة ، فبان لك بذلك ، أن التوسل إلى الله تعالى بالنبي صلى الله عليهوسلم له حالتان مشروعتان ، إحداهما مشروعة على وجه الإطلاق ، والأخرى مشروعة فيحياته فقط ، وحالتان ممنوعتان ومنعهما على وجه الإطلاق ، في حياته وبعد مماته ،والمقصود أن منزلة النبي صلى الله عليه وسلم لا تستلزم الوقوع في المخالفات التي لادليل عليها ، لأن هذه المخالفات بنيت على غير فهم السلف ، والمتقرر أن كل فهم يخالففهم سلف الأمة في مسائل العقيدة والعمل فهو باطل ، والله يتولانا وإياك .

    اتفق المسلمون على وجوب الإيمان بالملائكة ، والجن ، وأنهما صنفان من أصناف ما خلقهالله تعالى ، واتفقوا على أن الإيمان بهم يتضمن الإيمان بوجودهم ، وأنهم أجسام وأنلهم أسماء وصفات وأعمال ، واتفقوا على أن الجن مكلفون ، فالأدلة الواردة في شأنالملائكة فهم سلف الأمة منها أنهم أجسام وأن وجودهم حقيقي ، وكذلك الأدلة الواردةفي شأن الجن وفهم سلف الأمة هو الحق في هذا الباب ، وفي كل باب، وأما الفلاسفة ومننحا نحوهم ، فإنهم لا يؤمنون بوجود الملائكة ولا الجن ، بل يفهمون مما ورد فيهم أنالملائكة عبارة عن قوى الخير فقط ولا أجسام لهم ، ولا حقيقة لهم إلا ذلك ، وأن الجنلا وجود لهم وليسوا هم بأجسام ، وإنما هم عبارة عن قوى الشر فقط ، وهذا فهم أخرقعاطل باطل ، لأنه مخالف للأدلة المتواترات من الكتاب والسنة ومخالف لإجماع المسلمين، ومخالف لفهم سلف الأمة ، والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في مسائلالعقيدة والعمل فإنه باطل ، والله يتولانا وإياك للهدى .

    أجمع أهل السنةوالجماعة رحمهم الله تعالى على أن ما ورد به الدليل مما سيكون في اليوم الآخر أنهحق على حقيقته ، وأنه لا يجوز إخراج شيء منه عن مدلوله الصحيح فسؤال القبر ونعيمهوعذابه حق ثابت ، نعلم معناه ونكل العلم بكيفيته إلى الله تعالى ، والبعث والجزاءوالميزان والصراط وتناثر صحف الأعمال والقنطرة والمقاصة ، كل ذلك حق على حقيقتهنعلم معناه ونكل العلم بكيفيته إلى الله تعالى ، واتفق السلف على كل ذلك ، واتفقواعلى أن الجنة والنار موجودتان الآن ، لا تفنيان أبدا ولا تبيدان ، وأن الله تعالىيخلق للجنة أهلا ليسوا من أهل الدنيا فيدخلهم فيما بقي منها ، وأنه يضع رجله علىالنار فينزوي بعضها إلى بعض فتقول : قط قط ، وكل ذلك على الحق ، نؤمن به ، ولاندخل في هذا الباب متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا ، ونؤمن أن معناه معلومعلى حسب وضع اللسان العربي ، وأما حقيقته التي هو عليها في الواقع فلا يعلم بها إلاالله تعالى.



    انعقد إجماع سلف الأمة رحمهم الله تعالى على أن مرتكبالكبيرة في الدنيا لا يكفر الكفر المخرج عن الملة ، ولا يكون معه كمال الإيمان ، بلهو مؤمن وفاسق ، فهو مؤمن بما بقي معه من الإيمان ، وفاسق بما ارتكبه من الذنوبوالعصيان ، وأهل السنة نظروا في تقرير قولهم هذا إلى الأدلة كلها ، إلى الأدلةالواردة في المسألة كلها ، وأن كل ذنب عدا الشرك وصف عذابه بالخلود ، فإنه في حقمرتكب الكبيرة لا يراد به الخلود الأبدي المطلق في النار ، وإنما يراد به مطلقالخلود ، لأن أهل السنة متفقون على أن مرتكب الكبيرة في الآخرة تحت المشيئة ، فإنشاء الله تعالى غفر له كبيرته وأدخله الجنة ابتداء ، وإن شاء عذبه في النار بقدركبيرته ، ثم يخرجه منها فيدخله الجنة انتقالا ، فأهل السنة عندهم في مرتكب الكبيرةمذهبان :
    -
    أما في الدنيا ، فهو مؤمن ، ولكنه ناقص الإيمان ، وهذا النقص يتفاوتبتفاوت عظم الجرم ،
    -
    وأما في الآخرة ، فإنه إن مات مصرا على كبيرته ، فإنه تحتالمشيئة كما ذكرته لك ، ولم يخالف في ذلك أحد من أهل السنة والجماعة ولا أحد من سلفالأمة وأئمتها.

    • اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن حقيقة الإيمان مركبة من اعتقاد القلب وقول اللسان وعمل الجوارح ، واستدلوا على كل واحدة منها بأدلة كثيرة ، وقد ذكرت هذه الأدلة في كتابي ( إتحاف أهل الألباب بمعرفة التوحيد والعقيدة في سؤال وجواب ) وأما أهل البدع فقد بنوا مذهبهم في هذه المسألة على مخالفة فهم سلف الأمة:
    - فمنهم من قال الإيمان اعتقاد فقط ،
    - ومنهم من قال بل الإيمان اعتقاد وعمل فقط ، وليس العمل من الإيمان
    - ومنهم من قال بل الإيمان قول فقط ، ولا شأن للعمل ولا للاعتقاد فيه ،
    - ومنهم من قال بل الإيمان مطلق المعرفة ، وكلها أقوال باطلة ، لأنها بنيت على غير فهم الأمة ، والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في مسائل العقيدة والعمل فهو باطل .

    • أجمع سلف الأمة وأئمتها رحمهم الله تعالى على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى ، وأجمعوا على أنها مع ذلك من كسب العبد وتحصيله ، ففعل العبد ينسب إلى الله تعالى خلقا وتقديرا وإيجادا ، وينسب للعبد تحصيلا واكتسابا ، وأجمعوا على أن العبد له قدرة واختيار, وأجمعوا على بطلان قول من قال : إنه مجبور على فعله ، ولا حول له ولا قوة في اختيار شيء ، بل مدفوع إلى فعله دفعا ، فهو بمنزلة المغسول بين يدي غاسله ، والميت بين يدي مقلبه ، لا يملك شيئا من القدرة ولا شيئا من الاختيار ، هذا القول الخبيث قد أجمع سلف الأمة على بطلانه ، وأجمعوا على بطلان قول من قال : إن العبد هو الذي يخلق فعله بذاته ، وأن له القدرة الكاملة والاختيار الكامل ، ولا تعلق لغيره في اختيار فعله ، وهذا باطل ، كما ذكرته باتفاق السلف ، بل السلف متفقون على أن العبد له قدرة واختيار ومشيئة ، ولكن كل شيء بقضاء الله وقدره ، ولا يخرج شيء عن أن يكون مقدورا لله تعالى ، والله خالق الأشياء بذواتها وصفاتها وجميع متعلقاتها ، وكل شيء معلوم بالعلم الشامل الكامل ومكتوب في اللوح المحفوظ ، ولا يفهم من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا ما قرره سلف الأمة في هذا الباب ، وأما القدرية والجبرية فإنهم ضلوا في هذا الباب ضلالا بعيدا ،
    - فالقدرية أخذوا بالأدلة التي تنسب الفعل إلى العبد وتضيفه إليه فقط ، فقالوا إنه يخلق فعله وهو القادر عليه القدرة الكاملة ،
    - والجبرية أخذوا بالأدلة التي تنسب فعل العبد إلى الله فقالوا : لا قدرة للعبد ولا اختيار ، وأما أهل السنة ، فإنهم نظروا إلى الأدلة جميعا وفهموا من إضافة الفعل إلى العبد أنها إضافة تحصيل واكتساب ، وفهموا من إضافة فعل العبد إلى الله تعالى أنها من باب إضافة الخلق والتقدير والإيجاد ، وعليه : فالقدرية والجبرية في هذا الباب فهموا من النصوص فهما مخالفا لفهم سلف الأمة ، والمتقرر أن كل فهم بني على مخالفة فهم سلف الأمة في مسائل العقيدة والعمل فإنه فهم باطل ، والمتقرر أن ما بني على الباطل فهو باطل.

    • أجمع سلف الأمة وأئمتها على أن الله تعالى ( معنا) بمعيتين ، معية عامة ومقتضاها العلم والإحاطة والهيمنة ، ومعية خاصة ، ومقتضاها النصر والتأييد والتوفيق والحفظ وكلها حق على حقيقتها ، وسلف الأمة لا يفهمون من معية الله تعالى لنا أنه مختلط بالخلق أو حال فيهم ، أو أنه داخل هذا العالم ، أو أنه هو عين وجود هذا العالم ، كل ذلك من الأفهام المعوجة عن سنن الكتاب والسنة ، وهي مخالفة لفهم سلف الأمة ، والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في مسائل العقيدة والعمل فهو باطل, واتفق سلف الأمة رحمهم الله تعالى على أن معيته لخلقه لا تنافي علوه على عرشه ، لأنه جل وعلا ليس كمثله شيء في جميع نعوته ، فهو العلي في قربه ودنوه وهو القريب في علوه وفوقيته جل وعلا ، فالأدلة جاءت بهذا وبهذا ، والأدلة لا تأتي بمحالات العقل وإن كانت تأتي بمحارات العقول ، أي أنها لا تأتي بما يحيله العقل ، ولكنها تأتي بما يحار فيه العقل لأنه أضعف وأقصر وأنقص من الإحاطة بما هو من باب الغيب.

    • وهذه القاعدة الطيبة نافعة حتى في مسائل
    }التفسير ، فكل تفسير على غير فهم السلف فباطل ، كتفسير بعضهم لقوله تعالى سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ فإن الضمير في قوله ( أنه ) عائد إلى القرآن ، وهو باتفاق السلف{أَنَّهُ الْحَقُّ ، فالسلف يفهمون من الآية أن الضمير يعود على القرآن لا على الله ، ولكن قال بعض طوائف المتكلمين والصوفية أنه - أي الضمير - يعود على الله ، وهذا فهم مخالف لفهم سلف الأمة ، والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة فهو باطل.


    • واختلف أهل العلم رحمهم الله تعالى في الجنة التي دخلها آدم عليه السلام ، وأبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى بحث هذه المسألة في الفتاوى ، وتوصل إلى أن السلف رحمهم الله تعالى لا يفهمون من لفظ الجنة التي أدخلها أبونا آدم عليه السلام إلا أنها جنة الخلد التي في السماء ، وأن من قال بغير هذا القول ، فإنما هو شيء ساقه من أهل البدع من غير تمحيص.

    • أجمع سلف الأمة وأئمتها رحمهم الله تعالى على أنه قد يجتمع في الشخص الواحد موجب الثواب وموجب العقاب ، فيثاب من جهة ، ويعاقب من جهة ، وعلى ذلك بنى أهل السنة مذهبهم في مرتكب الكبيرة ، كما ذكرناه لك سابقا ، فإن الناس على ثلاثة أقسام :

    - قسم يأتي يوم القيامة وليس معه إلا موجب الثواب فقط ، وهذا منعم ابتداء ،
    - وقسم يأتي وليس معه إلا موجب العقاب فقط ، فهذا معذب ابتداء ،
    - وقسم يأتي ومعه موجب الثواب والعقاب ، أي فعل ما يوجب له الثواب وما يوجب له العقاب ، فهذا يكون تحت المشيئة ، هذا هو فهم سلف الأمة ، وأما أهل البدع فإنهم لا يقولون بهذا الفهم ، فلا يمكن البتة عندهم أن يجتمع في الشخص الواحد موجب الثواب وموجب العقاب ، لأن الإيمان عندهم أصلا لا يزيد ولا ينقص وأما أهل السنة فلأنهم يقولون بأن الإيمان يزيد وينقص ، فقد فهموا من ذلك إمكانية اجتماع موجب الثواب والعقاب في الشخص الواحد.

    • أجمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ
    }أن قوله تعالى فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ إنما هي في حياته فقط لا بعد مماته ، فلا يجوز لأحد بعد موت{تَوَّابًا رَّحِيمًا النبي صلى الله عليه وسلم إذا أذنب أن يأتي إلى القبر ويطلب من النبي أن يستغفر له ، هذا لا يجوز ، ولا يعرف هذا عن أحد من سلف الأمة وخيارها في العلم والدين ، فالمجيء في الآية إنما هو في حياته لا بعد مماته ، وأما أهل البدع فلهم فهم آخر ، وهو أنه مجيء في حياته وبعد مماته ، فتراهم يدعون النبي صلى الله عليه وسلم ، ويستغفرون عند قبره ويستغيثون به من دون الله تعالى ، وهذا كله باطل لأنه قول بني على فهم مخالف لفهم سلف الأمة ، والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في العقيدة والعمل فهو باطل.



    تعليق


    • #3
      أجمع سلف الأمة وأئمتها على أن الله تعالى يتكلم متىشاء ، كيفما شاء وأن كلامه بحرف وصوت يسمعه من يشاء ، وأنه قديم النوع حادث الآحاد، وكل ذلك ثابت بالأدلة من الكتاب والسنة ، وقد ذكرناها في موضع آخر ، فالأدلةالواردة في شأن إثبات صفة الكلام لله تعالى يفهم منها سلف الأمة هذه الأشياءالثلاثة ، وهو الحق الذي لا يجوز العدول عنه وأما أهل البدع فمنهم من أنكر الكلامأصلا ، ومنهم من حرفه فقال : إنما يراد به الكلام النفسي ، وهذا فهم باطل لأنهمخالف لفهم سلف الأمة ، وبعضهم قال : إنه كلام قديم النوع والآحاد ، وأن اللهتعالى لا يتكلم بقدرته ولا بمشيئته ، وهذا من أمحل المحال وأبطل الباطل ، لأنهمخالف للكتاب والسنة ولفهم سلف الأمة ، ومنهم من زعم أن لله تعالى كلاما منفصلا عنهوهو مخلوق ، وهو قول باطل لمخالفته للكتاب والسنة وفهم سلف الأمة ، والحق إنما هوفيما فهمه السلف وقرروه ، وما عداه فقول باطل ورأي عاطل ، لأنه مخالف لفهم السلف ،والمتقرر أن ما يخالف فهم السلف في العقيدة والعمل فهو باطل.


      لقد قررسلف الأمة أن زيارة القبور مشروعة ، ولكن قيدوا مشروعيتها بكونها يراد بها الاعتباروتذكر الموت ، والدعاء للأموات ، واتباع السنة الثابتة ، وما عدا ذلك فإن السلفرحمهم الله تعالى لا يفهمونه من الأدلة العامة الواردة في الترغيب في زيارة القبور، كزيارتهم لدعائهم أو الدعاء للنفس عند قبورهم أو الصلاة عندهم ولهم ، أو النذروالذبح لهم ، أو الطواف بقبورهم وقراءة القرآن عندها أو التبرك بترابها ، أو التمسحبما بني عليها أو وضع فيها ، ونحو ذلك مما يفعله بعض الناس ، ويظن أنه من الزيارةالمأمور بها في الأدلة ، فنقول له : إنك قد فهمت من الأدلة فهما مخالفا لفهم سلفالأمة ، والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في العقيدة والعمل فهو باطل .

      لقد فهم سلف الأمة رحمهم الله تعالى من قوله صلى الله عليه وسلم "من كذبعلي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " فهم السلف حرمة الكذب عليه كله ، وهذا هو الحقوأما بعض السذج من الخلق فإنه يجوز الكذب الموجب للترغيب في التعبد ومحبة النبي صلىالله عليه وسلم والترغيب في الطاعة ، ويقول : أنا أكذب له لا عليه ، وهذا فهم غريبمن الحديث مخالف لفهم فهم سلف الأمة ، فهو فهم باطل ، لأن المتقرر أن كل فهم يخالففهم سلف الأمة في العقيدة والعمل فهو باطل .


      اعلم رحمك الله تعالىأن كل تفسير منقول عن الرافضة لآيات القرآن يتضمن قدحا في الصحابة أو طعنا فيإيمانهم أو أنهم ليسوا على الهدى أو أن عليا رضي الله عنه هو الخليفة بعد النبي صلىالله عليه وسلم ، أو أن أحدا من أمهات المؤمنين قد وقعت في السوء ، فهو تفسير باطل، باطل ، باطل ، فإن هذا النوع من التفسير لا يعرف عن سلف الأمة وأئمتها ، وإنمايتفوه به من لا خلاق ولا حياء عنده من الرافضة ومن أشبههم في قلة الأدب على سلفالأمة كما قال بعضهم أن كل آية فيها ذكر فرعون وهامان، فالمراد بها ( أبو بكر وعمرقالوا{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً}) والآية التي فيه}:- هي عائشة ، ألا لعنهم الله اللعائن المتتابعة ،وكما قالوا في قوله تعالىأي أبي بكر وعمر ، وغير ذلك كثير ، مما تمجه الأسماع{وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ، وتحزن له القلوب ، وتعاف رؤيته العيون ، من الكذب وأصناف السباب والشتائم والإفكوالفجور والبغض ، وكل هذه التفاسير وما أشبهها ، تفاسير باطلة ، لأنها بنيت علىمخالفة فهم سلف الأمة والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في العقيدة والعملفهو باطل .

      كل آية يستدل بها المعطل على تعطيله لأسماء الله تعالىوصفاته فاعلم أنه استدلال باطل لأنه بني على مخالفة فهم السلف ، وما خالف فهم السلففي العقيدة فباطل ، وكل نص يستدل به الممثل على تمثيله الرب بخلقه فاعلم أنهاستدلال باطل ، لأنه مخالف لما فهمه سلف الأمة منه ، وما خالف فهم سلف الأمة فيالعقيدة فهو باطل ، وكل نص يستدل به الجبري على تأييد أن العبد لا قدرة له ولااختيار فاعلم أنه استدلال باطل، لأنه مبني على مخالفة فهم السلف فيه ومخالفة فهمالسلف في النصوص دليل البطلان ، وكل نص يستدل به القدري على تأييد قوله في أن العبدهو الذي يخلق فعله بنفسه ، فهو استدلال باطل ، لأن السلف ما فهموا جزما من هذا النصما فهمه هذا الجبري ، وما خالف فهم السلف في العقيدة والعمل فهو باطل ، وكل نصيستدل به الرافضي على القدح في عدالة الصحابة أو إثبات ردتهم بعد موت النبي صلىالله عليه وسلم فاعلم أنه استدلال باطل ، لما عللناه سابقا ، وكل نص يستدل بهالوعيدية على أن مرتكب الكبيرة خارج من الإسلام وأنه خالد الخلود الأبدي في النارفاعلم أنه استدلال باطل ، لأنه مبني على غير فهم السلف ، وكل نص يستدل به المرجئعلى أن ارتكاب الذنوب لا يؤثر في نقص الإيمان ، وأن مرتكب الكبيرة سيدخل الجنةابتداء ولا عذاب عليه أصلا ، لأنه مؤمن كامل الإيمان ، فاعلم أنه استدلال باطل ،لأنه بني على مخالفة فهم السلف في فهم النص ، وغير ذلك كثير ، وكل هذه الأقوال نحننستدل على بطلانها بأنها مخالفة لفهم سلف الأمة ، فانظر رحمك الله تعالى إلى بركةهذه القاعدة الطيبة ، والتي حقها أن تكون أصلا من أصول عقيدتك التي تدين الله تعالىبها .

      لقد اتفق أهل السنة رحمهم الله تعالى على أن حديث الولي من أحاديثالصفات ، أعني به قوله صلى الله عليه وسلم ، فيما يرويه عن ربه عز وجل " ما تقربإلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتىأحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطشبها ورجله التي يمشي عليها ولئن استعاذني لأعيذنه ، ولئن سألني لأعطينه " ففر أهلالبدع من هذا الحديث ، أيما فرار, وحرفوه أيما تحريف ، واعتقدوا فيه المعتقداتالفاسدة ، وفهموا منه عين الباطل ، وكروا عليه بالتحريف والتعطيل والإنكار ، وجعلوهمسبة لأهل السنة من أهل الحديث ، وعابوا روايته ونقله للأمة ، مع أن كل ما شغبوا بهلا يدل عليه الحديث هذا في صدر ولا ورد ، وإنما هي خرافات أملتها عليهم شياطينهم ،وأوهام توهموها ، وظنون تافهة كاذبة ظنوها ، وليس عليها أثارة من علم ، وقد اتفقسلف الأمة على أن هذا الحديث من أفخم أحاديث الولاية ، وأنه لا يدل إلا على الحق ،وأن الحديث يفسر بعضه بعضا ، وأن آخره يفسر أوله ، وأنه لا يدل على شيء من الحلولوالمخالطة المزعومة أنها هي ظاهره ، بل ظاهره حق ، وذلك أن من تقرب إلى الله تعالىبالفرائض والنوافل على الوجه الشرعي , فإن الله تعالى يحبه ، ويترقى العبد في مدارجالمحبة ومنازلها ، كلما ترقى في مدارج العبودية لله تعالى ، فإذا وصل العبد إلىمحبة الله تعالى كان الله تعالى معه معية تليق بجلاله وعظمته ، ووفقه لكل ما يحبهويرضاه ، فلا يسمع إلا ما يرضي الله تعالى ، ولا يبصر إلا لما يرضيه جل وعلا ، ولايبطش بيده ولا يمشي برجله إلا على نور من الله وهداية وتوفيق ومعونة ، هذا هو ظاهرالحديث ، ولأنه قال " ولئن سألني لأعطينه " فأثبت سائلا - وهو العبد - ومسئولا - وهو الرب جل وعلا - وقال " ولئن استعاذني لأعيذنه " فأثبت مستعاذا ومعاذا ، فهماذاتان منفصلتان فالعبد يتقرب إلى الله تعالى ، والرب يرقيه في منازل حبه ، والعبديسأل الرب جل وعلا والرب يحقق له ما يريد، والعبد يستعيذه والرب يعيذه ، فأينالحلول المدعى ؟ إنه مجرد وهم توهمه من لا خلاق له ، فأهل السنة وعامة سلف الأمةرحمهم الله تعالى لا يفهمون من هذا النص إلا الحق المتفق مع دلالة الكتاب والسنة،وعليه :- فكل فهم يفهمه أهل البدع من هذا الحديث ويزعمون أنه ظاهر الحديث خلاف ماكان يفهمه سلف الأمة ، هو في الحقيقة فهم باطل ، لأن المتقرر أن كل فهم يخالف فهمسلف الأمة في العقيدة والعمل فهو باطل .

      أجمع السلف رحمهم الله تعالى علىالإيمان بكرامات الأولياء ، وأنها حق ثابت ، إلا أنهم رحمهم الله تعالى يتثبتونفيها تثبتا كبيرا ، ولا يقبلون دعواها من كل أحد ، بل لابد من أن يكون من أهلالإيمان والتقوى ، وأنها من باب تثبيت الولي ، وأنها تكون في العلوم والمكاشفات وفيالقدرة والتأثيرات ، وأنها ليست بدليل على أن من ظهرت على يديه أفضل ممن لم تظهرعلى يده ، وأنها إن ظهرت على يد المخالف للشرع في العقيدة والعمل فلا تعتبر كرامة ،بل هي تلبيس من الشيطان ومخادعة لأهل الإيمان ، وأنها لا تغير من الشرع شيئا بتحليلحرام أو تحريم حلال ، لأن الشرع ثابت لا يغيره شيء ، وأنها لا تفيد سقوط شيء منالتكاليف عن من ظهرت على يديه ، بل لا يزال مطالبا بتكاليف الشرع وإن ظهرت على يدهالكرامات كلها ، والكشف والكرامة ليس بحجة في أحكام الشريعة المطهرة ، وخاصة فيمايخالف ظاهر الكتاب والسنة, ولا يمتاز صاحب الولاية والكرامة عن آحاد المسلمين فيشيء من الزي والعمل والقول ، وأما إثبات التصرف في العالم للأولياء ، وسقوط التكليفعنهم ، وإثبات ما يختص باللّه ، فإسقاط لحق الربوبية والألوهية ، ودعوى مجردة عنالدليل ، بل من العقائد الفاسدة الضعيفة ، والأباطيل الشركية السخيفة.


      ذهب سلف الأمة إلى أن الاستثناء في الإيمان جائز ، أي يجوز للعبد أن يقول ( أنامؤمن إن شاء الله ) ولا يفهم أهل السنة رحمهم الله تعالى من تجويز ذلك أنه من الشكفي الإيمان ، أبدا ، وأما أهل البدع فإنهم لا يفهمون من هذا إلا أن القائل شاكا فيإيمانه ، ولذلك فإنهم يطلقون على أهل السنة بأنهم ( الشكاكة ) وهذا فهم فاسد باطل ،لأنه مخالف لفهم السلف والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في العقيدة والعملفهو باطل.

      أجمع سلف الأمة وأئمتها رحمهم الله تعالى على أن النطقبالشهادتين هو أول واجب على المكلف الذي يريد الدخول في الإسلام ، وأما من زاغ وحادعن سبيلهم فإن أول واجب عندهم هو النظر أو القصد إلى النظر أو الشك ، حتى يصل بذلكالنظر إلى العلم بحدوث العالم ، فلا يستقيم إسلام المرء عندهم إلا بالنظر المفضيإلى قيام الاستدلال وصحة البرهان ، ولا يتمكن المكلف عندهم من معرفة الله تعالى علىالحقيقة ، إلا بالنظر الذي جعلوا له طريقا معقدة لا يفهمها أساطينهم فضلا عن العامةالذين لا علم عندهم بهذه الطريق ، وقد حكم بعضهم بالكفر على من مات ولم ينظر أويقصد إلى النظر مع تمكنه من ذلك بسعة الوقت ، وكل هذا كذب واختلاق وهراء وسفه ، بلخبل وجنون ، وهو طريق خاطئ باتفاق سلف الأمة.


      أجمع سلف الأمةوأئمتها رحمهم الله تعالى على أن المعاد يوم القيامة يكون لهذه الأجساد التي كانتفي الدنيا ، فالله تعالى يعيد عين هذه الأجساد ، وهو الذي أنكره كفار الأمم ، وهوالذي جاء القرآن بإثباته والتنبيه عليه بأنواع الأدلة ، فالله تعالى بقدرته الكاملةيجمع رفات هذه الأجساد ويعيدها كما كانت في الدنيا ، ومن أنكر هذا فقد أنكر حقيقةالمعاد الجسماني، فسلف الأمة لا يفهمون من نصوص المعاد يوم القيامة إلا أن اللهتعالى سيعيد هذه الأجساد ، وما خالف ذلك من الأقوال التي بنيت على مخالفة النصوصوفهم السلف فهي باطلة لأن المتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة فهو باطل .

      أجمع أهل السنة على أن للسحر حقيقة ، وأنه لا يؤثر إلا بإذن اللهتعالى الكوني القدري ، وأن منه ما يقتل ومنه ما يمرض أو يصيب بالجنون ، أو يفرق بينالمرء وزوجه ، وهو أكثره ، وهذا باتفاق أهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى ، ومانقل عن أهل البدع من أن السحر لا حقيقة له ، وأنه مجرد تخييل فقط ، فإنه بني علىغير فهم سلف الأمة ، والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في مسائل العقيدةوالعمل فهم باطل ، فسحر التخييل نوع من أنواع السحر وليس هو كل السحر ، بل هناك سحرالتأثير أيضا ، وهو الذي ينكره أكثر أهل البدع لأنهم ما فهموا من النصوص الواردة فيشأن ذلك إلا سحر التخييل فقط ، وهذا فهم فاسد لأنه مخالف لفهم سلف الأمة وأئمتها ،والله أعلم.


      أجمع سلف الأمة على أن للسبب تأثيرا ، لكنه تأثير بقدرةالرب جل وعلا وإرادته ومشيئته ، فالسبب مؤثر لا بذاته ، وهذا باتفاق أهل السنة ،والنصوص الواردة في إثبات سببية شيء لشيء لا يفهم منها سلف الأمة إلا هذا الفهم ،وخالفهم في هذا طائفتان : المعطلة ، وهم الذين يزعمون أن السبب ليس له مطلقالتأثير ، وأن الشيء يكون عنده لا به ، وهذا هوس في العقل وقدح في الشرع ومخالفةللمحسوسات ، وطائفة أخرى قالت :- بل السبب هو المؤثر بذاته ، لا بجعل الله له مؤثرا، وهذا شرك أكبر ولا شك ، وكلا الطائفتين بنت مذهبها على مخالفة النصوص ومخالفة فهمالسلف ، والمتقرر أن كل فهم بني على مخالفة النص وعلى مخالفة فهم سلف الأمة فهمباطل ، وما بني على الباطل فهو باطل ، فالحق الذي ندين الله تعالى به هو أن الأسبابمؤثرة لا بذاتها ، وإنما بجعل الله لها مؤثرة ، والله يتولانا وإياك .

      أجمع سلف الأمة على بطلان الاحتجاج بالقدر على فعل المعصية ، وأنها من الحججالداحضة التي لا تنفع صاحبها يوم القيامة ، ولا تسمن ولا تغنيه من العذاب يومالقيامة فنصوص القدر الواردة في الكتاب والسنة من أن الله تعالى هو الذي خلقالأشياء كلها ، وقدرها وشاءها وكتبها ، ونحو ذلك كله لا يفهم منه أهل السنة أنهيجوز للعبد أن يحتج بالقدر على تقحمه في المعاصي والآثام ، واتفق أهل السنة على أنهذا الفهم من نصوص القدر فهم باطل ، فما يزعمه بعض أهل البدع في باب القدر من أننصوص إثبات القدر تدل على ذلك هو من الكذب والإفك والبهتان ، وهو فهم مخالف للأدلةمن الكتاب والسنة ، ومخالف لفهم سلف الأمة ، والمتقرر أن كل فهم يخالف النصوص ،ويخالف فهم سلف الأمة فهو باطل ، وما بني على الباطل فهو باطل ، والله يحفظنا وإياكمن كل زلل ، وقد ذكرنا الأدلة على بطلان الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي في موضعآخر .


      أجمع سلف الأمة وأئمتها على حرمة الخروج على حاكم الزمان ،وإن ظلم وإن جار ، وإن أخذ المال واعتدى ، إلا أن نرى كفرا بواحا عندنا فيه من اللهبرهان ، مع غلبة الطن أن ننتصر عليه بلا مفسدة أعظم من المصلحة المرجوة من إبعاده ،هذا باتفاق سلف الأمة وأئمتها ، وعليه وردت الأدلة في صحيح السنة من حرمة الخروجعلى الحاكم إلا بهذه الشروط وعليه ، فما يفهمه المعتزلة وغيرهم من أهل البدع منالنصوص الواردة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أنها تدل في المقام الأولعلى الخروج على الحكام ، فهو فهم فاسد كل الفساد ، لأنه بني على غير فهم سلف الأمة، ولأنه مخالف للأدلة الكثيرة في منع ذلك، بل إن المعتزلة جعلوا من أصولهم الخمسة:
      الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويريدون به الخروج على الحكام ويستدلون عليه بالأدلة الواردة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو رأي عاطل باطل ، لأنهم فهموا من النصوص ما لم يفهمه سلف الأمة ، والمتقرر أن كل قول بني على فهم مخالف لفهم سلف الأمة في العقيدة والعمل فهو باطل ، فاحذر من هذه المزالق الوخيمة التي لا تزال الأمة تعاني من آثارها السيئة إلى اليوم .



      تعليق


      • #4
        أجمع سلف الأمة على أنالجهاد والحج والجمعة والجماعات تقام خلف الأئمة أبرارا كانوا أو فجارا ، وأنه لايتخلف عن الصلاة معهم ولا إقامة الجهاد وراءهم إلا مبتدع مبتغ في الإسلام سنةالجاهلية ، وهذا باتفاق أهل السنة والجماعة ، وهو من العقائد التي يقررونها فيكتبهم العقدية ، ويوالون ويعادون عليها ، وعليه فما يتشدق به بعض طلبة العلم في بعضالأزمنة من أن الواجب هجرهم ، وعدم الصلاة وراءهم ولا إقامة الجمع ولا الجماعات ولاالجهاد معهم كله من التخرصات الشيطانية ، والمبنية على غير هدى من الله ، والتيخولف بها فهم سلف الأمة والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في مسائل العقيدةوالعمل فهو باطل .


        أجمع سلف الأمة على أن التكفير العام لا يستلزمانطباقه على أفراده بالعين إلا بعد توفر الشروط وانتفاء الموانع ، ولنا فيالاستدلال على ذلك رسالة مستقلة ، ومعنى هذا أنه ليس كل من وقع في قول أو عمل نصالدليل على أن الواقع فيه يكفر أنه لابد أن يكون كافرا بالعين ، هذا لا يلزم أبدا ،بل السلف متفقون على أن لا تلازم بين الفعل والفاعل ، بل الفعل له حكمه الخاصوالفاعل له حكمه الخاص ، فليس كل من وقع في الكفر كفر ، بل لابد من النظر أولا فيثبوت الشروط وانتفاء الموانع ، هذا فهم سلف الأمة ، فهم يفرقون بين الفعل والفاعلفيعطون الفعل ما يستحقه من الحكم ، ويعطون الفاعل ما يستحقه من الحكم ، وهذا هوالحق وعليه : فمن فهم من الأدلة التي فيها إثبات التكفير لمن قال هذا القول أو فعلهذا الفعل ، فمن فهم من هذه الأدلة أنه ينطبق الحكم فيها على فاعلها مباشرة ، فهومخالف لفهم سلف الأمة, فقوله باطل ، لأن المتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة فيمسائل العقيدة والعمل فهو باطل ، والله يحفظنا وإياك .

        لقد انعقدت كلمةعامة أهل الإسلام على أن الدين الإسلامي دين صالح لكل زمان ومكان وعليه :- فمايتفوه به العلمانيون والليبراليون ومن نحا نحوهم واستغرب في فكره وثقافته من أنهدين لا يصلح إلا للزمان الأول فقط ، وأما قرن العشرين فإنه قرن التطور والحضارةوقرن الذرة وغزو الفضاء ، وقرن العولمة والازدهار ، فلا يصلح فيه أن يقال :- هذاحلال وهذا حرام ، بل الباب مفتوح فيه على مصراعيه فلا دين يحكمه ولا برهان يرجعإليه ، وكل ذلك من الكفر والكذب والفجور والبهتان ، والإفك المبين ، ولعن الله منقاله ، وأخزاه الله وأبعده.


        اتفق سلف الأمة فيما أعلم على إثبات دخولالجن في الإنس ، ولا أعلم بينهم نزاعا في ذلك ، وعلى ذلك وردت الأدلة ، وقد ذكرتهافي غير هذا الموضع ، وخالف في ذلك بعض أهل البدع ، وبعض أهل الطب ، ومن يعظمالعقلانيات ، ويقدمها على الأمور السمعية ، أو يقيس الأمور السمعية على ما يقرهعقله ، وهذا قول باطل ، لأن الأدلة وردت بإثبات ذلك ، والسلف فهموا من الأدلةإمكانية ذلك ، فمن فهم من الأدلة الواردة في هذا الشأن غير ما فهمه سلف الأمة ففهمهباطل ، مردود عليه ، لأن المتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في مسائل العقيدةوالعمل فهو باطل .

        أجمع سلف الأمة وأئمتها على أن اليهودي لا يجوز له بعدبعثة محمد صلى الله عليه وسلم أن يتعبد لله تعالى على مقتضى يهوديته ، وأجمعوا علىأن النصراني بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم لا يجوز له أن يتعبد لله تعالى علىمقتضى نصرانيته ، بل يجب عليهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، الإيمانالمستجمع للتصديق والإذعان ، كما قال صلى الله عليه وسلم " والذي نفس محمد بيده ،لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت بهإلا كان من أصحاب النار " وأجمع أهل العلم على أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلمعامة للإنس والجن ، وعليه :- فمن فهم من كون اليهودية والنصرانية أنها أديان سماويةصحيحة كانت في السابق ، من فهم من ذلك تجويز تعبدهم لله تعالى على مقتضاها ، فهوغالط ، بل إن كان عارفا بالأدلة ولا شبهة عنده فهو كافر ، لأنه مخالف للمعلوم منالدين بالضرورة ، والحوار معهم إن كان يراد به تعريفهم بحقيقة الإسلام ودعوتهم إليه، وكشف الشبهة التي عندهم وتصحيح ما عندهم من المفاهيم الخاطئة عن الإسلام فأهلاوسهلا ، وأما إن كان يراد به السعي إلى تصحيح ما هم عليه من الكفر ، أو التقريب بينالإسلام وملل الكفر أو أن لكل أحد أن يعبد الله على ما يدينه ، فهذا حوار ظالم غاشم، لأنه يخرق إجماع أهل العلم القطعي ، ويخالف المعلوم من الدين بالضرورة ، والله منوراء القصد ، ولا حول ولا وقوة إلا بالله العلي العظيم .
        أجمع أهل السنة علىأن دراسة المنطق ليس بشرط في فهم عقيدة الإسلام ، بل دراسته في الحقيقة قد تكونسببا من أسباب الضلال والتيه والحيرة والشكوك وكثرة الاضطراب ، ولا يزال علماء أهلالسنة يحذرون من علم الكلام اليوناني ، لما جره على عقيدة المسلمين من الويلات التييعرفها من نظر فيما أحدثه القوم في العقيدة .

        أجمع سلف الأمة على أنالنبي صلى الله عليه وسلم لا يرى بعد موته في اليقظة بل قد يرى مناما ، ومن رآه فيالمنام فكأنما رآه على الحقيقة ، وعليه :- فما يفهمه بعض أهل البدع من قوله صلىالله عليه وسلم " من رآني في المنام فقد رآني " من أنه يرى في اليقظة ، هو فهم باطل، لأنه مخالف لفهم سلف الأمة ، وما خالف فهم السلف في مسائل العقيدة والعمل فهوباطل وأما حديث " فسيراني في اليقظة " فلا يصح ، بل الصحيح أن من رآه في المنامفكأنما رآه في الحقيقة ، لأن الشيطان لا يتصور في صورته صلى الله عليه وسلم ،والمهم أن فهم أهل البدع من الحديث المذكور فهم باطل ، لمخالفته لفهم السلف .


        أجمع سلف الأمة على أن التلفظ بالنية جهرا قبل العبادات كالصلاةوالصوم والطهارة ونحوها أنه من البدع ، وأن التلفظ بها جهرا لا يفهم من قوله " إنماالأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى " وعليه :- فمن فهم من هذا الحديث أنه يدلعلى مشروعية التلفظ بالنية جهرا ، فقد فهم فهما باطلا ، لأنه خالف فهم سلف الأمة ،والمتقرر أن كل فهم خولف به فهم سلف الأمة فهو باطل .

        لا أعلم عن أحد منالصحابة أنه حسن شيئا من البدع في الدين ، وأما قول عمر " نعمت البدعة هذه " فإنمايريد بها البدعة اللغوية ، لا الشرعية ، فكل بدعة في الدين فهي ضلالة ، ولكن خالفبعض المتأخرين هذا ، وقسموا البدع الشرعية إلى واجبة ومندوبة ومكروهة ومباحة ، وإلىحسنة وقبيحة وهو قول محدث في الدين ، وإن قال به من قاله ، لأنه بني على مخالفةالدليل ، وعلى مخالفة فهم الصحابة والتابعين ، وكل فهم خالف فهم سلف الأمة فهو باطل , فالذي ندين الله تعالى هو أن كل بدعة في الدين فهي ضلالة ، وأن كل إحداث في الدينفهو رد .


        ما يقوله أهل البدع من أن تعدد الصفات وتعدد الأسماء يفضيإلى تعدد الواجب - أي واجب الوجود - وهو الله تعالى ، هذا قول باطل ، باتفاق سلفالأمة ، بل السلف متفقون على أن لله تعالى أسماء وصفات على ما ورد به الدليل ، وأنهذا التعدد لا يفضي إلى ما قاله أهل البدع ، بل هو دال على كمال عظمته ، وكمال ذاتهجل وعلا ، وأن أسماء الله تعالى وإن تعددت فإنها تدل على ذات واحدة ، لا على ذواتكثيرة ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ، وقد قرر أن أهل السنة رحمهم الله تعالىأن أسماء الله تعالى متفقة من حيث دلالتها على الذات ، ومتباينة من حيث دلالتها علىالصفات ، وأنها كلها حسنى ، وأنها تدل على الصفات دلالة مطابقة وتضمن ولزوم ، وأنهالا حصر لها ، وأنها أعلام باعتبار دلالتها على الاسمية ، ونعوت باعتبار دلالتها علىالوصفية ، أي أنها أعلام ونعوت ، وأنها يتوسل إلى الله تعالى بها على العموم وعلىالخصوص ، وليس منها شيء مخلوق ، معاذ الله من هذا القول ، وما خالف هذه التأصيل مماقرره أهل البدع فإنه باطل ، لأنه بني على مخالفة الدليل وعلى مخالفة فهم سلف الأمة، والمتقرر أن كل فهم يخالف الدليل ويخالف فهم سلف الأمة فهم باطل .

        لقداتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة والجماعة على أن من المخلوقات ما لا يعدمولا يفنى بالكلية كالجنة والنار والعرش وغير ذلك ولم يقل بفناء جميع المخلوقات إلاطائفة من أهل الكلام المبتدعين كالجهم بن صفوان ومن وافقه من المعتزلة ونحوهم وهذاقول باطل يخالف كتاب الله وسنة رسوله وإجماع سلف الأمة ، وحيث خالفوا سلف الأمة فيالفهم فقولهم باطل ، لأن المتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في مسائل العقيدةوالعمل فهو باطل ، وهذا آخر الفروع أحببت تقييده لك ، والفروع أكثر من هذا ، ولكنلا نريد الإطالة ، ولعل الخمسين فرعا تكون كفيلة بإفهامك ما أريد إثباته في هذهالقاعدة الطيبة المباركة ، وخلاصة الأمر أنني أوصيك أيها الأخ الكريم بمتابعة السلفرحمهم الله تعالى في فهمهم لأدلة الوحيين ، فإنه الفهم الصحيح وما عداه ففهم باطل ،أوصيك ثم أوصيك ثم أوصيك بمتابعة سلفك الصالح ، وأن لا تحيد عنه طرفة عين ، اجعلفهمهم دائما نصب عينيك ، ولا تنظر في الدليل من الكتاب والسنة إلا على ضوئه واللهإني لك ناصح وعليك مشفق ، وهذه وصيتي لكل مسلم ، أن يلتزم منهج سلف الأمة فيالعقيدة والعمل والفهم ، الله الله يا أخي في فهم سلفك الطيب ، الله الله يا أخي فيفهم سلفك الطيب ، الله الله يا أخي في فهم سلفك الطيب ، فأسأل الله تعالى أن يرحمأهل السنة ، وأن يغفر لهم المغفرة التامة الكاملة ، وأن يعاملهم بجوده وإحسانهوكرمه وعفوه ، وأن يرفع نزلهم ، ويعلي قدرهم في الدنيا والآخرة ، وأن يجزيهم عناوعن المسلمين خير الجزاء ، وأن لا يحرمنا بركة الانتفاع بعلومهم ، وأن يحشرناوإياهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا وأستغفر اللهتعالى وأتوب إليه من الزلل والخطأ ، وأعوذ به من أن أكون قد تعمدت شيئا من ذلكوأسأله باسمه الأعظم التوفيق والقبول ، وأن يكلل الجهود بالنجاح والسداد ، وأن يجعلهذا العمل عملا متقبلا مبرورا ، تنشرح له الصدور، وتحبه القلوب ، ولا تمل من قراءتهالعيون والعقول وأشهد الله تعالى ومن حضرني ومن يطلع عليه من أهل العلم أنه وقف للهتعالى ، على كل مسلم وأنه لا حق لأولادي من بعدي أن يحتكروه على أنفسهم طلبا للمال، وأعيذهم بالله من ذلك فإنني ربيتهم على الزهد في حطام هذه الحياة ، وقد أجزتطباعته لمن أراد ذلك ، ولكن بدون احتفاظ بحقوق الطبع ، لأنه من العلم المبذول لكلمسلم ، وأوصيكم يا من نظرتم فيه أن تدعوا لي بالمغفرة والرضوان ودخول الجنان ، فهذاوالله أعظم ما أريده منكم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، سبحان ربك ربالعزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وقد فرغت منه قبيلالفجر في يوم الثلاثاء ، من شوال ، في العشرين منه عام تسع وعشرين وأربعمائة وألفمن هجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم .

        تعليق

        يعمل...
        X