السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهذا البحث قيم بالنسبة لمسميات أهل السنة وادلتها من الشرع مستخلص من بعض كتب أهل العلم
ارجو ان تعم به الفائدة.
فهذا البحث قيم بالنسبة لمسميات أهل السنة وادلتها من الشرع مستخلص من بعض كتب أهل العلم
ارجو ان تعم به الفائدة.
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
إن أهل السنة والجماعة يفارقون أهل البدع، ويتميزون عنهم، في أنهم ليس لهم اسم يعرفون به، ولا لقب، أو رمز، يميزهم عن غيرهم إلا الإسلام وما دل عليه.
ولا ينتمون لشخص بالغاً ما بلغ، يجعلونه قدوتهم في كل شيء إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام مالك: " أهل السنة ليس لهم لقب يعرفون به، لا جهمي ولا قدري، ولا رافضي " (1).
وقد كان السلف يحذرون من التسمي بغير الإسلام ويشددون في ذلك:
فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: " من أقر باسم من هذه الأسماء المحدثة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه " (2).
وكان السلف يحذرون ذلك التحذير البالغ من خطورة الانتساب إلى غير الإسلام والسنة، نجدهم يقرنون القول بالعمل، مطبقين ذلك في حياتهم في عدم رضاهم أن ينسبوا لغير الإسلام، وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: " قال لي معاوية رحمة الله عليه أنت على ملة علي رحمة الله عليه؟ قلت: لا، ولا على ملة عثمان، أنا على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم " (3).
وإن للمسلمين اليوم لأسوة حسنة، في حرص هؤلاء الرجال على دينهم وخشيتهم على أنفسهم من الفتنة، في الانتساب إلى غير رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرجال. حتى ولو كان هذا الانتساب إلى واحد من كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد خلفائه الراشدين، الذين أخبر أنهم على الحق والهدى، وأمر باتباع سنتهم والاهتداء بهديهم. فلله در ابن عباس وسائر سلف الأمة الصالح ما أفقههم في دينهم وما أشد تمسكهم به. رضوان الله عليهم أجمعين.
وما زال علماء السنة أهل العلم والهدى، والدين والتقى، على مختلف عصورهم، يحذون حذو سلفهم الصالح في تطبيق ذلك المنهج في عدم الانتساب لغير الإسلام محذرين المسلمين من خطورة مخالفته.
وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: " وكذلك التفريق بين الأمة وامتحانها بما لم يأمر الله به ولا رسوله: مثل أن يقال للرجل: أنت شكيلي، أو قرفندي ".
فإن هذه أسماء باطلة ما أنزل الله بها من سلطان، وليس في كتاب الله ولا سنة رسول صلى الله عليه وسلم، ولا في الآثار المعروفة عن سلف الأمة لا شكيلي ولا قرفندي.
والواجب على المسلم إذا سئل عن ذلك أن يقول: لا أنا شكيلي ولا قرفندي بل أنا مسلم متبع لكتاب الله وسنة رسوله.
وبهذا يعلم خطورة ما انتشر بين المسلمين في هذا العصر: من أحزاب وجماعات، وضعت لها أسماء وألقاب ومناهج ورسوم وطقوس تميز كل طائفة عن الأخرى. وأصبح لكل طائفة دعاة وأنصار وأتباع، يوالون من والى هذه الجماعة وانتسب إليها، وينفرون بل يعادون كل من عارضها ولم يدخل تحت لوائها.
بل وصل الأمر ببعضهم إلى موالاة أهل البدع كالرافضة والخوارج والباطنية والصوفية وغيرهم من أهل البدع لانتسابهم للجماعة التي ينتسبون إليها في حيث أنهم يعادون أهل السنة لعدم انتسابهم إليهم ورضاهم بصنيعهم. وهؤلاء على خطر عظيم إن لم يرجعوا إلى مظلة أهل السنة والجماعة وينبذوا تلك التحزبات ويعقدوا الولاء والبراء فقط على العقيدة الإسلامية (عقيدة أهل السنة والجماعة).
ولما نشأت البدع في الإسلام، وتعددت فرق الضلال، وأخذ كل يدعو إلى بدعته وهواه - مع انتسابهم في الظاهر إلى الإسلام - كان لابد لأهل الحق وأصحاب العقيدة الصحيحة، التي ترك النبي صلى الله عليه وسلم الأمة عليها، من غير أن تشوبها شائبه، أو تدخل عليها داخلة، من هوى أو ابتداع: أن يعرفوا بأسماء تميزهم عن أهل الابتداع والانحراف في هذه العقيدة فظهرت حين ذلك أسماؤهم الشرعية المستمدة من الإسلام.
فمن أسمائهم: أهل السنة والجماعة - الفرقة الناجية - الطائفة المنصورة - السلف.
وما اشتهر لأهل السنة من هذه الأسماء لا ينافي ما سبق تقريره من أنهم ليس لهم اسم أو لقب يعرفون به إلا الإسلام، لأن هذه الأسماء دالة على الإسلام.
لكن لما انتسب إلى الإسلام من لم يحققه التحقيق الصحيح من أهل البدع ظهرت هذه المسميات، للتفرقة بين أهل التحقيق الصحيح للإسلام وهم أهل السنة وبين من انحرف عنه.
ومن تأمل هذه الأسماء (أسماء أهل السنة) ظهر له أنها كلها تدل على الإسلام فبعضها ثابت لهم بالنص من الرسول صلى الله عليه وسلم، والبعض الآخر إنما حصل لهم بفضل تحقيقهم للإسلام تحقيقاً صحيحاً. وهي تخالف تماماً مسميات أهل البدع وألقابهم فأسماء أهل البدع وألقابهم: إما ترجع إلى الانتساب لأشخاص، وإما إلى ألقاب مشتقة من أصل بدعهم، وإما أن هذه الألقاب ترجع إلى سبب خروج من تسمى بها عن عقيدة المسلمين، وجماعتهم.
فأين هذه الأسماء والألقاب من أسماء أهل السنة المستمدة من الإسلام؟
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد بعد ذكره ألقاب أهل السنة: وهذه الألقاب الشريفة تخالف أي لقب كان لأي فرقة كانت من وجوه:
الأول: أنها نسب لم تنفصل ولا لحظة واحدة عن الأمة الإسلامية منذ تكوينها على منهاج النبوة فهي تحوي جميع المسلمين على طريقة الرعيل الأول، ومن يقتدي بهم في تلقي العلم وطريقة فهمه، وبطبيعة الدعوة إليه.
الثاني: أنها تحوي كل الإسلام (الكتاب والسنة) فهي لا تختص برسم يخالف الكتاب والسنة زيادة أو نقصاً.
الثالث: أنها ألقاب منها ما هو ثابت بالسنة الصحيحة، ومنها ما لم يبرز إلا في مواجهة مناهج أهل الأهواء والفرق الضالة، لرد بدعتهم والتميز عنهم.
الرابع: أن عقد الولاء والبراء، والموالاة والمعادة لديهم هو على الإسلام لا غير لا على رسم باسم معين ولا على رسم محدد، إنما هو (الكتاب والسنة) فحسب.
الخامس: أن هذه الألقاب لم تكن داعية لهم للتعصب لشخص دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
السادس: أن هذه الألقاب لا تفضي إلى بدعة ولا معصية، ولا عصبية لشخص معين ولا لطائفة معينة، فإذا قيل: (أهل السنة والجماعة) انتظم هذا اللقب هذه الخواص، وهذا لا يكون لأحد من أهل الفرق بأسمائهم ورسومهم التي انشقوا بها عن جماعة المسلمين وهكذا بقية ألقاب أهل السنة (4).
وبعد أن ظهرت مغايرة أسماء أهل السنة وألقابهم لكل مسميات وألقاب أهل البدع نشرع في عرض أسماء أهل السنة، عرضاً موجزاً، لبيان معنى كل اسم، والأدلة على شرعيته، وانتمائه إلى الإسلام.
1- أهل السنة والجماعة:
وهذا الاسم يتألف من شقين: أ- أهل السنة . ب- الجماعة.
أولاً: أهل السنة:
والمقصود من إطلاق السنة هنا: معناها الاصطلاحي، وهو شمولها للإسلام كاملاً، فليس بدعاً من القول إذاً أن يطلق على من حقق الإسلام كاملاً كما جاء عن الله ورسوله: (أهل السنة) لمطابقة السنة للإسلام.
ومن تأمل أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، في الأمر باتباع سنته، عرف مطابقة السنة للإسلام وشمولها له، وأدرك مطابقة تسمية أهل التحقيق الصحيح للإسلام، بـ (أهل السنة) جاء في حديث العرباض بن سارية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " .... فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلال " (5).
فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم في مقابل الاعتصام بسنته وسنة خلفائه، إحداث البدع. فدل على أن كل ما خرج عن سنته وسنة خلفائه بدعة، ولو كان هناك شيء من الدين لم تشمله سنته وسنة خلفائه، لما سمى الرسول صلى الله عليه وسلم الخروج عنها بدعة، فدل على شمول سنته وسنة خلفائه للإسلام كاملاً.
وبهذا يعلم مناسبة تسمية أهل السنة بهذا الاسم، وذلك لتحقيقهم الإسلام تحقيقاً كاملاً صحيحاً. ويظهر بذلك شرعية تسميتهم (بأهل السنة) وأن هذه التسمية منبثقة من تسميهم بالمسلمين، بل هي مرادفة لتسميهم بالمسلمين، كما دلت على ذلك النصوص. والله تعالى أعلم.
ثانياً: الجماعة:
أما تسمية أهل السنة بـ (الجماعة) فهذه تسمية ثابتة لهم بالنص من رسول الله صلى الله عليه وسلم: فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أهل الكتاب افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة - يعني الأهواء - كلها في النار إلا واحدة وهي: الجماعة وإنه سيخرج في أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه، لا يبقى منه عرف ولا مفصل إلا داخله .. " (6).
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة " (7).
فالمقصود بالجماعة هنا أهل السنة لأنهم أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهؤلاء هم جماعة المسلمين.
قال الإمام البربهاري: " والأساس الذي بينا عليه الجماعة هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم رحمهم الله أجمعين وهم أهل السنة والجماعة " (.
2- الفرقة الناجية:
هذا اللقب مأخوذ من مفهوم حديث افتراق الأمة السابق: حيث نص النبي صلى الله عليه وسلم على أن كل الفرق في النار إلا واحدة في الجنة، فأطلق من هذا المعنى على هذه الفرق التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها في الجنة (الفرقة الناجية).
ويفهم من كلام بعض أهل العلم أن هذه التسمية مأخوذة من منطوق الحديث وأنه عليه الصلاة والسلام سئل عن الفرقة الناجية فذكر أوصافها:
يقول الآجري: " ثم إنه صلوات الله وسلامه عليه سئل (من الناجية؟) فقال عليه الصلاة والسلام في حديث: (ما أنا عليه وأصحابي) وفي حديث قال: (السواد الأعظم)، وفي حديث قال: (واحدة في الجنة وهي الجماعة) " (9).
ويقول شيخ الإسلام في جوابه لسؤال عن حديث افتراق الأمة: " الحمد لله .. الحديث مشهور في السنن والمسانيد كسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وغيرهم ... - ثم قال بعد أن ساق الحديث بنصه -: وفي رواية قالوا: يا رسول الله من الفرقة الناجية؟ قال: (من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي) وفي رواية قال: (هي الجماعة يد الله مع الجماعة) " (10).
فعلى ثبوت رواية: سؤال الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم (من الفرقة الناجية؟) تكون التسمية ثابتة بالنص من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا فهي مأخوذة من مفهوم الحديث وهذا الذي يظهر لي والله تعالى أعلم.
وقد اشتهر إطلاق هذه التسمية (الفرقة الناجية) على أهل السنة بين العام والخاص حتى إن بعض علماء السلف ضمنوها عناوين كتبهم في عرض عقيدة أهل السنة واستغنوا بها عن غيرها من مسميات أهل السنة لاشتهارها بين الناس.
3- الطائفة المنصورة:
قد دل على استحقاق أهل السنة هذه التسمية قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه معاوية بن قرة عن أبيه: أنه صلى الله عليه وسلم قال: " لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى يوم القيامة " (11).
وفي الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون ".
وهذه الطائفة المنصورة هم أهل السنة كما نص على ذلك الأئمة: " قال البخاري: هم أهل العلم، وقال أحمد بن حنبل: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم، قال القاضي عياض: إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة ومن يعتقد مذهب أهل الحديث ".
قلت: والواقع يشهد بهذا فمن عرف التأريخ علم أن أهل السنة والجماعة هي الطائفة المنصورة فما زال الله تعالى يجدد لهم عقيدتهم (العقيدة الإسلامية) بأئمة يعودون بالناس إلى عقيدتهم الإسلامية، كلما اندثرت معالمها من أمثال الإمام أحمد بن حنبل (إمام أهل السنة) والإمام البخاري والإمام عثمان بن سعيد الدارمي وغيرهم من علماء السلف رحمهم الله تعالى لما انتشرت بدع الجهمية في التعطيل وإنكارها صفات الباري جلا وعلا، والقول بخلق القرآن وذلك في النصف الأخير من القرن الثاني وبداية القرن الثالث من الهجرة.
وبأمثال شيخ الإسلام ابن تيميه ومن بعده تلميذه الإمام ابن القيم رحمهما تعالى، وبأمثال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، وما زلنا اليوم ننعم بفضل الله ثم بفضل دعوة الشيخ بصفاء العقيدة، وسلامة الفكر، ووضوح المنهج في الدعوة إلى الله على بصيرة، فجزى الله الشيخ عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
ففي ذلك أكبر دليل، وأوضح حجة، وأصدق برهان على أن أهل السنة والجماعة هم الطائفة المنصورة التي لا يضرها من خذلها إلى يوم القيامة فالحمد لله على فضله وتوفيقه.
4- السلفيون:
ويطلق على أهل السنة والجماعة (السلفيون) لاتباعهم منهج السلف الصالح الذين هم الصحابة والتابعون وأتباعهم على الخير والهدى.
جاء في القاموس المحيط (3/153): " السلف من تقدمك من آبائك وقرابتك ".
ويقول القلشاني: " السلف الصالح وهو الصدر الأول الراسخون في العلم المهتدون بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، الحافظون لسنته اختارهم الله لصحبة نبيه وانتخبهم لإقامة دينه ... " (.
ويقول الباجوري: " وهم من كانوا قبل الخمسمائة، وقبل القرون الثلاثة الصحابة والتابعون وأتباع التابعين ".
فإطلاق (السلفيين) إذاً على أهل السنة والجماعة من كل عصر ومصر موافق تماماً لواقع حالهم وما يقوم عليه مذهبهم من متابعة السلف من الصحابة والتابعين.
وليس من الابتداع في شيء أن يتسمى أهل السنة بـ (السلفيين) بل إن مصطلح السلف يساوي تماماً مصطلح أهل السنة والجماعة، ويدرك ذلك بتأمل اجتماع كل من المصطلحين في حق الصحابة فهم السلف، وهم أهل السنة والجماعة.
وهنا قد يعترض معترض على إطلاق (السلفيين) على أهل السنة والجماعة المعاصرين، بدعوى مخالفة ذلك للغة: فيقول: إن السلف في اللغة من تقدم من الآباء والاتباع، فلو سلمنا إطلاق ذلك على من مضى أهل السنة باعتبار أنهم سلف لكم، فلا نسلم لكم إطلاقكم ذلك المصطلح على أنفسكم اليوم لمعارضة ذلك لقواعد اللغة.
فأقول: ليس المقصود بالسلف هنا معناه: (القديم) بالمقصود الانتساب إلى السلف الماضين وهذا سائغ في اللغة فكما يصح لنا القول: (سني) نسبة إلى (أهل السنة) يصح لنا القول: (سلفي) نسبة إلى (السلف) لا فرق.
فثبت بهذا أن إطلاق هذا الاسم على أهل السنة شرعي، وأنه يرجع في أصل معناه إلى أسمائهم الشرعية، كأهل السنة والجماعة، والطائفة المنصورة، والفرقة الناجية، للتفريق بينهم وبين من ينتسب إلى الإسلام ممن انحرف عن العقيدة الصحيحة، التي ترك الرسول صلى الله عليه وسلم عليها أمته.
ولهذا ذكر المحققون أن مصطلح السلف إنما ظهر حين دار النزاع حول أصول الدين بين الفرق الكلامية، وحاول الجميع الانتساب إلى السلف الصالح فكان لابد من ظهور قواعد واضحة للاتجاه السلف تميزه عن مدعي الانتساب إلى السلفية .
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نقلاً باختصار من كتاب موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع
للشيخ إبراهيم الرحيلي حفظه الله (1/39-63).
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
إن أهل السنة والجماعة يفارقون أهل البدع، ويتميزون عنهم، في أنهم ليس لهم اسم يعرفون به، ولا لقب، أو رمز، يميزهم عن غيرهم إلا الإسلام وما دل عليه.
ولا ينتمون لشخص بالغاً ما بلغ، يجعلونه قدوتهم في كل شيء إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام مالك: " أهل السنة ليس لهم لقب يعرفون به، لا جهمي ولا قدري، ولا رافضي " (1).
وقد كان السلف يحذرون من التسمي بغير الإسلام ويشددون في ذلك:
فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: " من أقر باسم من هذه الأسماء المحدثة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه " (2).
وكان السلف يحذرون ذلك التحذير البالغ من خطورة الانتساب إلى غير الإسلام والسنة، نجدهم يقرنون القول بالعمل، مطبقين ذلك في حياتهم في عدم رضاهم أن ينسبوا لغير الإسلام، وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: " قال لي معاوية رحمة الله عليه أنت على ملة علي رحمة الله عليه؟ قلت: لا، ولا على ملة عثمان، أنا على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم " (3).
وإن للمسلمين اليوم لأسوة حسنة، في حرص هؤلاء الرجال على دينهم وخشيتهم على أنفسهم من الفتنة، في الانتساب إلى غير رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرجال. حتى ولو كان هذا الانتساب إلى واحد من كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد خلفائه الراشدين، الذين أخبر أنهم على الحق والهدى، وأمر باتباع سنتهم والاهتداء بهديهم. فلله در ابن عباس وسائر سلف الأمة الصالح ما أفقههم في دينهم وما أشد تمسكهم به. رضوان الله عليهم أجمعين.
وما زال علماء السنة أهل العلم والهدى، والدين والتقى، على مختلف عصورهم، يحذون حذو سلفهم الصالح في تطبيق ذلك المنهج في عدم الانتساب لغير الإسلام محذرين المسلمين من خطورة مخالفته.
وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: " وكذلك التفريق بين الأمة وامتحانها بما لم يأمر الله به ولا رسوله: مثل أن يقال للرجل: أنت شكيلي، أو قرفندي ".
فإن هذه أسماء باطلة ما أنزل الله بها من سلطان، وليس في كتاب الله ولا سنة رسول صلى الله عليه وسلم، ولا في الآثار المعروفة عن سلف الأمة لا شكيلي ولا قرفندي.
والواجب على المسلم إذا سئل عن ذلك أن يقول: لا أنا شكيلي ولا قرفندي بل أنا مسلم متبع لكتاب الله وسنة رسوله.
وبهذا يعلم خطورة ما انتشر بين المسلمين في هذا العصر: من أحزاب وجماعات، وضعت لها أسماء وألقاب ومناهج ورسوم وطقوس تميز كل طائفة عن الأخرى. وأصبح لكل طائفة دعاة وأنصار وأتباع، يوالون من والى هذه الجماعة وانتسب إليها، وينفرون بل يعادون كل من عارضها ولم يدخل تحت لوائها.
بل وصل الأمر ببعضهم إلى موالاة أهل البدع كالرافضة والخوارج والباطنية والصوفية وغيرهم من أهل البدع لانتسابهم للجماعة التي ينتسبون إليها في حيث أنهم يعادون أهل السنة لعدم انتسابهم إليهم ورضاهم بصنيعهم. وهؤلاء على خطر عظيم إن لم يرجعوا إلى مظلة أهل السنة والجماعة وينبذوا تلك التحزبات ويعقدوا الولاء والبراء فقط على العقيدة الإسلامية (عقيدة أهل السنة والجماعة).
ولما نشأت البدع في الإسلام، وتعددت فرق الضلال، وأخذ كل يدعو إلى بدعته وهواه - مع انتسابهم في الظاهر إلى الإسلام - كان لابد لأهل الحق وأصحاب العقيدة الصحيحة، التي ترك النبي صلى الله عليه وسلم الأمة عليها، من غير أن تشوبها شائبه، أو تدخل عليها داخلة، من هوى أو ابتداع: أن يعرفوا بأسماء تميزهم عن أهل الابتداع والانحراف في هذه العقيدة فظهرت حين ذلك أسماؤهم الشرعية المستمدة من الإسلام.
فمن أسمائهم: أهل السنة والجماعة - الفرقة الناجية - الطائفة المنصورة - السلف.
وما اشتهر لأهل السنة من هذه الأسماء لا ينافي ما سبق تقريره من أنهم ليس لهم اسم أو لقب يعرفون به إلا الإسلام، لأن هذه الأسماء دالة على الإسلام.
لكن لما انتسب إلى الإسلام من لم يحققه التحقيق الصحيح من أهل البدع ظهرت هذه المسميات، للتفرقة بين أهل التحقيق الصحيح للإسلام وهم أهل السنة وبين من انحرف عنه.
ومن تأمل هذه الأسماء (أسماء أهل السنة) ظهر له أنها كلها تدل على الإسلام فبعضها ثابت لهم بالنص من الرسول صلى الله عليه وسلم، والبعض الآخر إنما حصل لهم بفضل تحقيقهم للإسلام تحقيقاً صحيحاً. وهي تخالف تماماً مسميات أهل البدع وألقابهم فأسماء أهل البدع وألقابهم: إما ترجع إلى الانتساب لأشخاص، وإما إلى ألقاب مشتقة من أصل بدعهم، وإما أن هذه الألقاب ترجع إلى سبب خروج من تسمى بها عن عقيدة المسلمين، وجماعتهم.
فأين هذه الأسماء والألقاب من أسماء أهل السنة المستمدة من الإسلام؟
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد بعد ذكره ألقاب أهل السنة: وهذه الألقاب الشريفة تخالف أي لقب كان لأي فرقة كانت من وجوه:
الأول: أنها نسب لم تنفصل ولا لحظة واحدة عن الأمة الإسلامية منذ تكوينها على منهاج النبوة فهي تحوي جميع المسلمين على طريقة الرعيل الأول، ومن يقتدي بهم في تلقي العلم وطريقة فهمه، وبطبيعة الدعوة إليه.
الثاني: أنها تحوي كل الإسلام (الكتاب والسنة) فهي لا تختص برسم يخالف الكتاب والسنة زيادة أو نقصاً.
الثالث: أنها ألقاب منها ما هو ثابت بالسنة الصحيحة، ومنها ما لم يبرز إلا في مواجهة مناهج أهل الأهواء والفرق الضالة، لرد بدعتهم والتميز عنهم.
الرابع: أن عقد الولاء والبراء، والموالاة والمعادة لديهم هو على الإسلام لا غير لا على رسم باسم معين ولا على رسم محدد، إنما هو (الكتاب والسنة) فحسب.
الخامس: أن هذه الألقاب لم تكن داعية لهم للتعصب لشخص دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
السادس: أن هذه الألقاب لا تفضي إلى بدعة ولا معصية، ولا عصبية لشخص معين ولا لطائفة معينة، فإذا قيل: (أهل السنة والجماعة) انتظم هذا اللقب هذه الخواص، وهذا لا يكون لأحد من أهل الفرق بأسمائهم ورسومهم التي انشقوا بها عن جماعة المسلمين وهكذا بقية ألقاب أهل السنة (4).
وبعد أن ظهرت مغايرة أسماء أهل السنة وألقابهم لكل مسميات وألقاب أهل البدع نشرع في عرض أسماء أهل السنة، عرضاً موجزاً، لبيان معنى كل اسم، والأدلة على شرعيته، وانتمائه إلى الإسلام.
1- أهل السنة والجماعة:
وهذا الاسم يتألف من شقين: أ- أهل السنة . ب- الجماعة.
أولاً: أهل السنة:
والمقصود من إطلاق السنة هنا: معناها الاصطلاحي، وهو شمولها للإسلام كاملاً، فليس بدعاً من القول إذاً أن يطلق على من حقق الإسلام كاملاً كما جاء عن الله ورسوله: (أهل السنة) لمطابقة السنة للإسلام.
ومن تأمل أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، في الأمر باتباع سنته، عرف مطابقة السنة للإسلام وشمولها له، وأدرك مطابقة تسمية أهل التحقيق الصحيح للإسلام، بـ (أهل السنة) جاء في حديث العرباض بن سارية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " .... فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلال " (5).
فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم في مقابل الاعتصام بسنته وسنة خلفائه، إحداث البدع. فدل على أن كل ما خرج عن سنته وسنة خلفائه بدعة، ولو كان هناك شيء من الدين لم تشمله سنته وسنة خلفائه، لما سمى الرسول صلى الله عليه وسلم الخروج عنها بدعة، فدل على شمول سنته وسنة خلفائه للإسلام كاملاً.
وبهذا يعلم مناسبة تسمية أهل السنة بهذا الاسم، وذلك لتحقيقهم الإسلام تحقيقاً كاملاً صحيحاً. ويظهر بذلك شرعية تسميتهم (بأهل السنة) وأن هذه التسمية منبثقة من تسميهم بالمسلمين، بل هي مرادفة لتسميهم بالمسلمين، كما دلت على ذلك النصوص. والله تعالى أعلم.
ثانياً: الجماعة:
أما تسمية أهل السنة بـ (الجماعة) فهذه تسمية ثابتة لهم بالنص من رسول الله صلى الله عليه وسلم: فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أهل الكتاب افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة - يعني الأهواء - كلها في النار إلا واحدة وهي: الجماعة وإنه سيخرج في أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه، لا يبقى منه عرف ولا مفصل إلا داخله .. " (6).
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة " (7).
فالمقصود بالجماعة هنا أهل السنة لأنهم أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهؤلاء هم جماعة المسلمين.
قال الإمام البربهاري: " والأساس الذي بينا عليه الجماعة هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم رحمهم الله أجمعين وهم أهل السنة والجماعة " (.
2- الفرقة الناجية:
هذا اللقب مأخوذ من مفهوم حديث افتراق الأمة السابق: حيث نص النبي صلى الله عليه وسلم على أن كل الفرق في النار إلا واحدة في الجنة، فأطلق من هذا المعنى على هذه الفرق التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها في الجنة (الفرقة الناجية).
ويفهم من كلام بعض أهل العلم أن هذه التسمية مأخوذة من منطوق الحديث وأنه عليه الصلاة والسلام سئل عن الفرقة الناجية فذكر أوصافها:
يقول الآجري: " ثم إنه صلوات الله وسلامه عليه سئل (من الناجية؟) فقال عليه الصلاة والسلام في حديث: (ما أنا عليه وأصحابي) وفي حديث قال: (السواد الأعظم)، وفي حديث قال: (واحدة في الجنة وهي الجماعة) " (9).
ويقول شيخ الإسلام في جوابه لسؤال عن حديث افتراق الأمة: " الحمد لله .. الحديث مشهور في السنن والمسانيد كسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وغيرهم ... - ثم قال بعد أن ساق الحديث بنصه -: وفي رواية قالوا: يا رسول الله من الفرقة الناجية؟ قال: (من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي) وفي رواية قال: (هي الجماعة يد الله مع الجماعة) " (10).
فعلى ثبوت رواية: سؤال الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم (من الفرقة الناجية؟) تكون التسمية ثابتة بالنص من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا فهي مأخوذة من مفهوم الحديث وهذا الذي يظهر لي والله تعالى أعلم.
وقد اشتهر إطلاق هذه التسمية (الفرقة الناجية) على أهل السنة بين العام والخاص حتى إن بعض علماء السلف ضمنوها عناوين كتبهم في عرض عقيدة أهل السنة واستغنوا بها عن غيرها من مسميات أهل السنة لاشتهارها بين الناس.
3- الطائفة المنصورة:
قد دل على استحقاق أهل السنة هذه التسمية قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه معاوية بن قرة عن أبيه: أنه صلى الله عليه وسلم قال: " لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى يوم القيامة " (11).
وفي الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون ".
وهذه الطائفة المنصورة هم أهل السنة كما نص على ذلك الأئمة: " قال البخاري: هم أهل العلم، وقال أحمد بن حنبل: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم، قال القاضي عياض: إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة ومن يعتقد مذهب أهل الحديث ".
قلت: والواقع يشهد بهذا فمن عرف التأريخ علم أن أهل السنة والجماعة هي الطائفة المنصورة فما زال الله تعالى يجدد لهم عقيدتهم (العقيدة الإسلامية) بأئمة يعودون بالناس إلى عقيدتهم الإسلامية، كلما اندثرت معالمها من أمثال الإمام أحمد بن حنبل (إمام أهل السنة) والإمام البخاري والإمام عثمان بن سعيد الدارمي وغيرهم من علماء السلف رحمهم الله تعالى لما انتشرت بدع الجهمية في التعطيل وإنكارها صفات الباري جلا وعلا، والقول بخلق القرآن وذلك في النصف الأخير من القرن الثاني وبداية القرن الثالث من الهجرة.
وبأمثال شيخ الإسلام ابن تيميه ومن بعده تلميذه الإمام ابن القيم رحمهما تعالى، وبأمثال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، وما زلنا اليوم ننعم بفضل الله ثم بفضل دعوة الشيخ بصفاء العقيدة، وسلامة الفكر، ووضوح المنهج في الدعوة إلى الله على بصيرة، فجزى الله الشيخ عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
ففي ذلك أكبر دليل، وأوضح حجة، وأصدق برهان على أن أهل السنة والجماعة هم الطائفة المنصورة التي لا يضرها من خذلها إلى يوم القيامة فالحمد لله على فضله وتوفيقه.
4- السلفيون:
ويطلق على أهل السنة والجماعة (السلفيون) لاتباعهم منهج السلف الصالح الذين هم الصحابة والتابعون وأتباعهم على الخير والهدى.
جاء في القاموس المحيط (3/153): " السلف من تقدمك من آبائك وقرابتك ".
ويقول القلشاني: " السلف الصالح وهو الصدر الأول الراسخون في العلم المهتدون بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، الحافظون لسنته اختارهم الله لصحبة نبيه وانتخبهم لإقامة دينه ... " (.
ويقول الباجوري: " وهم من كانوا قبل الخمسمائة، وقبل القرون الثلاثة الصحابة والتابعون وأتباع التابعين ".
فإطلاق (السلفيين) إذاً على أهل السنة والجماعة من كل عصر ومصر موافق تماماً لواقع حالهم وما يقوم عليه مذهبهم من متابعة السلف من الصحابة والتابعين.
وليس من الابتداع في شيء أن يتسمى أهل السنة بـ (السلفيين) بل إن مصطلح السلف يساوي تماماً مصطلح أهل السنة والجماعة، ويدرك ذلك بتأمل اجتماع كل من المصطلحين في حق الصحابة فهم السلف، وهم أهل السنة والجماعة.
وهنا قد يعترض معترض على إطلاق (السلفيين) على أهل السنة والجماعة المعاصرين، بدعوى مخالفة ذلك للغة: فيقول: إن السلف في اللغة من تقدم من الآباء والاتباع، فلو سلمنا إطلاق ذلك على من مضى أهل السنة باعتبار أنهم سلف لكم، فلا نسلم لكم إطلاقكم ذلك المصطلح على أنفسكم اليوم لمعارضة ذلك لقواعد اللغة.
فأقول: ليس المقصود بالسلف هنا معناه: (القديم) بالمقصود الانتساب إلى السلف الماضين وهذا سائغ في اللغة فكما يصح لنا القول: (سني) نسبة إلى (أهل السنة) يصح لنا القول: (سلفي) نسبة إلى (السلف) لا فرق.
فثبت بهذا أن إطلاق هذا الاسم على أهل السنة شرعي، وأنه يرجع في أصل معناه إلى أسمائهم الشرعية، كأهل السنة والجماعة، والطائفة المنصورة، والفرقة الناجية، للتفريق بينهم وبين من ينتسب إلى الإسلام ممن انحرف عن العقيدة الصحيحة، التي ترك الرسول صلى الله عليه وسلم عليها أمته.
ولهذا ذكر المحققون أن مصطلح السلف إنما ظهر حين دار النزاع حول أصول الدين بين الفرق الكلامية، وحاول الجميع الانتساب إلى السلف الصالح فكان لابد من ظهور قواعد واضحة للاتجاه السلف تميزه عن مدعي الانتساب إلى السلفية .
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نقلاً باختصار من كتاب موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع
للشيخ إبراهيم الرحيلي حفظه الله (1/39-63).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع
1) الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء لابن عبد البر ص35، وترتيب المدارك للقاضي عياض (ج1/ص172).
2) الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة (الإبانة الصغرى) لابن بطة ص137.
3) الإبانة الكبرى لابن بطة (ج1/ص355)، والصغرى ص145، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج1/ص94).
4) نقل باختصار من حكم الانتماء ص31-37.
5) رواه أحمد (4/126)، وأبو داود (5/13)، والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح الترمذي مع تحفة الأحوذي (7/43، وابن ماجه (1/15) ح42، والدرامي (1/57)، ورواه الحاكم وقال: صحيح ليس له علة، ووافقه الذهبي، المستدرك مع التلخيص (1/95-96)، ورواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة ص29 رقم 54، وابن بطة في الإبانة الكبرى (1/305-307) رقم 142، والآجري في الشريعة ص46، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/5 رقم 165.
7) رواه ابن ماجه (2/1322) ح 3993، وابن أبي عاصم في السنة ص 32 ح 64. والحديث صحيح نقل الألباني تصحيحه عن البوصيري.
شرح السنة ص21.
9) الشريعة ص 14.
10) مجموع الفتاوى (3/345).
11) رواه أحمد في المسند (4/436) (5/34)، والترمذي وقال: حسن صحيح. انظر سنن الترمذي مع التحفة (6/33) ح 2287)، وابن ماجه في سننه (1/4) ح6، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/112) ح 172، والحديث صحيح قال عنه الألباني في صحيح ابن ماجه (1/6) "صحيح" وقال في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/3/135): " واعلم أن الحديث صحيح ثابت مستفيض عن جماعة من الصحابة) وانظر بعض طرقه في صحيح مسلم (3/1523-1525)، وكتاب "أهل السنة والجماعة معالم الانطلاقة الكبرى ص36-38.
2) الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة (الإبانة الصغرى) لابن بطة ص137.
3) الإبانة الكبرى لابن بطة (ج1/ص355)، والصغرى ص145، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج1/ص94).
4) نقل باختصار من حكم الانتماء ص31-37.
5) رواه أحمد (4/126)، وأبو داود (5/13)، والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح الترمذي مع تحفة الأحوذي (7/43، وابن ماجه (1/15) ح42، والدرامي (1/57)، ورواه الحاكم وقال: صحيح ليس له علة، ووافقه الذهبي، المستدرك مع التلخيص (1/95-96)، ورواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة ص29 رقم 54، وابن بطة في الإبانة الكبرى (1/305-307) رقم 142، والآجري في الشريعة ص46، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/5 رقم 165.
وقال الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله: " سنده صحيح " ونقل تصحيحه عن الضياء المقدسي. مشكاة المصابيح (1/5 رقم 165.
6) رواه أحمد (4/102)، وأبو داود (5/5-6) ح 4597، والدرامي (2/314)، والمروزي في السنة ص 15، وابن أبي عاصم في السنة ص33 ح 65، والآجري - بدون قوله: إنه سيخرج - انظر الشريعة ص 18. والحديث صحيح، صححه الحاكم ووافقه الذهبي انظر المستدرك مع التلخيص (1/12، وقال الألباني في ظلال الجنة في تخريج السنة: " حديث صحيح بما قبله وما بعده "، انظر السنة لابن أبي عاصم مع ظلال الجنة ص 33.7) رواه ابن ماجه (2/1322) ح 3993، وابن أبي عاصم في السنة ص 32 ح 64. والحديث صحيح نقل الألباني تصحيحه عن البوصيري.
شرح السنة ص21.
9) الشريعة ص 14.
10) مجموع الفتاوى (3/345).
تعليق