..."مَنْ ذَا يُكَيِّفُ ذَاتَهُ وَصَفَاتِهِ *** وَهُوَ الْقَدِيمُ مُكَوِّنُ الأَكْوَانِ"
نقف وقفة عند كلمة القديم, كلمة القديم و الذات والوجود وواجب الوجود وما إلى ذلك ما كانت معروفة في الصدر الأول لأن الناس كانوا على فطرهم يؤمنون بالله و بأسمائه و صفاته دون تكلف و دون تحريف و لا تعطيل فلما جاءت المعتزلة و أهل الكلام الجهمية و المعتزلة جعلوا القديم أخص أسماء الله جلّ و علا و السلف ربما عبروا بذلك مجاراة لهم من أجل إلزامهم بالحجة من خلال ما يؤمنون به و ليس المراد أنهم يعتبرون القديم من أسماء الله و القديم عليه اعتراض حتى من جهة اللغة لأن القديم هو الذي تقدم غيره و إن كان حادثا و منه قول الله سبحانه و تعالى " و القمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم" وإن كان قد يقول قائل إنه قد ورد لفظة القديم في وصف سلطان الله جلّ و علا في الحديث الذي يحسنه بعض أهل العلم " أعوذ بالله العظيم و بوجهه الكريم و سلطانه القديم من الشيطان الرجيم" و أفضل من ذلك و أسلم أن نعبر بدل كلمة القديم بماذا؟ بالأول, "هو الأول و الآخر و الظاهر و الباطن و هو بكل شئ عليم" و جاء في تفسير مسلم "أنت الأول فليس قبلك شئ و أنت الأخر فليس بعدك شئ و أنت الظاهر فليس فوقك شئ و أنت الباطن فليس دونك شئ" لذلك لا تستغربوا تعبير السلف أحيانا بالقديم في معرض المحاجة و إلا فليس القديم من أسماء الله, وهو القديم أي هو الأول و نحن نعبر بالأول و لا ينبغي التعبير بلفظة القديم و إن كان السلف قد يضطرون إلى ذلك أحيانا كما قلت و هم يردُّون على الفلاسفة و المتكلمين فقد يذكرون القديم وواجب الوجود و الذات و الممكن و ما إلى ذلك من الألفاظ المنطقية في معرض المحاجة وفي معرض المجادلة أما عندما يأتون الى تقرير منهج السلف في أسماء الله و صفاته لا يمكن أن يعدوا لفظة القديم من أسماء الله.
من تفريغ الشريط العاشر شرح نونية القحطاني للشيخ السحيمي