ما هي العلوم الشرعية التي يبدأ بها أولا قبل غيرها ؟ يجيب الشيخ العباد
الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله , وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه , وبعد :
الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله , وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه , وبعد :
فقد سئل الشيخ المحدث عالم المدينة عبدالمحسن العباد هذا السؤال :
ماهي العلوم الشرعية التي يبدأ بها أولا قبل غيرها ؟
فأجاب - حفظه الله ورعاه - :
أولا : يبدأ بالقرءان وحفظه أو حفظ ما أمكن منه , لأن هذا هو أصل الأصول , وكل شيء يرجع إليه ,
وتلاوته متعبد بها , وأحكامه متعبد بها , فيحرص الإنسان على الاشتغال بالقرءان بأن يحفظه , وكذلك أيضا
يشتغل بالحديث – حديث الرسول صلى الله عليه وسلم – وكذلك يشتغل بمسائل العقيدة , ويشتغل بالفقه ,
والحافظ بن حجر ذكر أن أصول العلم الشرعي ترجع إلى ثلاثة : إلى التفسير والحديث والفقه , فهو يعنى بالقرءان بحفظه أو حفظ ما أمكن منه ,
كذلك الرجوع إلى كتب التفسير التي تفيد فيه وهي متفاوتة ,
فمنها ما هو الواسع الذي لا يستفيد منه إلا طلبة العلم مثل تفسير بن جرير وتفسير بن كثير , وفيه من التفاسير ما يستفيد منه الخواص والعوام , وهو يصلح لطلبة العلم وغيرهم ,
وهو مثل تفسير الشيخ بن سعدي – رحمة الله عليه – فإنه كتاب عظيم يفسر فيه معاني الآيات بعبارات واضحة جلية سلسة , يفهمها العامي وطالب
العلم ,
فمثل هذا الكتاب رجوع طالب العلم إليه وكذلك قراءته على الناس في المساجد لا شك أنهم يستفيدون منه وتتبين فيه معاني القرءان الكريم ,
وكذلك فيما يتعلق بالحديث الإنسان يبدأ بالأوليات مثل الأربعين النووية ,
وهي اثنان وأربعون حديثا من جوامع الكلم , وأضاف إليها بن رجب ثمانية أحاديث فكملت الخمسين , وشرحها بشرح نفيس سماها جامع العلوم والحكم بشرح خمسين حديثا من جوامع الكلم , فيحفظ هذه الأربعين التي هي جوامع الكلم مع زيادة بن رجب عليها , ويرجع إلى شرحها في هذا الكتاب النفيس العظيم , الذي هو جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم ,
ثم بعد ذلك يقرأ مثل عمدة الأحكام التي هي مشتملة على أحاديث متفق عليها وهي تتعلق بالأحكام , وأحاديثها تزيد على ثلاثمائة
حديث , وكذلك بعدها ينتقل إلى بلوغ المرام أو إلى غيره من الكتب الأخرى التي في مثله أو قريبا منه ,
ويقتني كتب الحديث إذا كان له اشتغال بالحديث أو رغبة أو اهتمام بالحديث يشتغل بكتب الحديث ويعتني بها , وفي مقدمتها الصحيحان وكتب السنن الأربعة , وكذلك أيضا فيما يتعلق بالفقه ,
يتعلم الفقه على من عنده علم وبصيرة ,
ويمكن أن يقرأ الفقه على مذهب من المذاهب , لكن قراءته تكون على من عنده علم بالراجح والمرجوح , ومعرفة الأدلة والمقارنة بينها , وهو يتعلم في مذهب من المذاهب لا على أساس أنه يتقيد به , وأنه لا يتعداه إلى غيره ,
وإنما لأن المسائل نظمت ورتبت , فكون الإنسان يقرأ في شيء منظم مرتب , ولكنه يحرص على معرفة الأدلة ومعرفة الراجح والمرجوح , هذا هو الذي ينبغي أن يكون التعلم
عليه بهذه الطريقة ,
وفيما يتعلق بالعقيدة يرجع إلى الكتب المختصرة ,
ومن أهم الأشياء المفيدة المختصرة الأصول الثلاثة وأدلتها للشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمة الله عليه – فهي رسالة مختصرة مفيدة عظيمة , تشمل على الأصول الثلاثة التي يسأل عنها الميت في قبره , وهي كون العبد يسأل عن ربه ودينه ونبيه – محمد صلى الله عليه وسلم – فلا يستغي عنها العوام ولا الخواص , لأنها تشتمل على بيان الدين
وبيان هذه الأصول الثلاثة التي يسأل عنها في القبر ,
وكذلك أيضا مثل كتاب العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام بن تيمية وكتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب ,فإن مثل هذه الكتب من الكتب المختصرة المفيدة
التي هي عظيمة النفع وعظيمة الفائدة ,
وهكذا الإنسان يتدرج من الكتب المختصرة إلى الكتب التي تكون أوسع منها . اهـ
من الشريط 288 من شرح سنن الترمذي للشيخ عبدالمحسن العباد , والله الموفق