ذكرت أن من أسباب العلم تقوى الله جلا وعلا، واستدللت بقول الله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ﴾ [البقرة:282]، وذكر شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله في كتابه مفتاح دار السعادة: قال الله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ﴾ فليس من هذا الباب، بل هما جملتان مستقلتان: طلبية وهي الأمر بالتقوى، وخبرية وهي قوله تعالى: ﴿وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ﴾؟
قد قرأت هذا؛ ولكن ما من شك أن من أسباب العلم تقوى الله لهذا الدليل، ولأدلة كثيرة، فربنا عزوجل يقول: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق:2]، وأعظم مأزق عليك الجهل، فهو من أعظم المآزق والمضايق، فإذا اتقى العبد ربه جعل الله له مخرجًا من الجهل، ومخرجًا من الهم، ومخرجًا من الفتن، مخرجًا من سائر ما يتضرر منه العبد أو يتضايق به، ويقول الله عزوجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الأنفال:29]، والفرقان معناه التفريق بين الحق والباطل، وما يكون ذلك إلا بالعلم، ويقول تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ [الأعراف:201]، وهذا شأن أهل الورع وأهل الدين ذوي العلم والتقى، ويقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الحديد:28]، فقد سمى الله العلم نورًا، ويقول تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام:122]، فالعلم نور، ويقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾ [النساء:174]، والذي أنزله الله هو القرآن، فلا يكن عندك ريب في أن تقوى الله عزوجل من أسباب العلم، وأن هذه الآية: ﴿وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ﴾ فمن الذي يعلمك إلا الله عزوجل، قال الله تعالى: ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق:4]، وقال تعالى: ﴿وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل:78]، ومن هذا الباب ما يعزى إلى الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصيوقال اعلم بأن العلم نور ونور الله لا يهدى لعاصيوما يعزى إلى الإمام مالك رحمه الله أنه قال لبعض تلاميذه: يا بني إني أرى عليك نورًا، فلا تطفئه بمعصية الله. أي: لازم التقوى، حتى يستمر نورك الذي أعطاك الله إياه، قال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ [النور:40]، فلا شك أن هذا المعنى صحيح من حيث أن تقوى الله فيها السعادة في الدنيا والآخرة، وأنت تلاحظ أن الإنسان المتمسك بالكتاب والسنة المتقي لله عزوجل يمنّ الله عليه ببركة في علمه حتى إنك لتلمس من علمه الخير، وهذه بركه إلهية، ويفتح الله عليه إذا دعاه، قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَهمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة:186]، فكل ما تقرب الإنسان إلى ربه بتقواه سبحانه وتعالى تقرب الله إليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم^: ((ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به..))، الحديث، وقال صلى الله عليه وسلم^: ((قال الله تعالى: من تقرب إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، ومن تقرب إلي ذراعًا تقربت إليه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة))، عن أبي هريرة، وجاء عن أنس نحوه، فإذا تقرب الإنسان إلى الله عزوجل بتقوى الله تقرب الله إليه بالفتح عليه بالعلم وسائر الخيرات، قال الله تعالى: ﴿إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ﴾ [الأنفال:70].
موقع الشيخ الحجوري حفظه الله
قد قرأت هذا؛ ولكن ما من شك أن من أسباب العلم تقوى الله لهذا الدليل، ولأدلة كثيرة، فربنا عزوجل يقول: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق:2]، وأعظم مأزق عليك الجهل، فهو من أعظم المآزق والمضايق، فإذا اتقى العبد ربه جعل الله له مخرجًا من الجهل، ومخرجًا من الهم، ومخرجًا من الفتن، مخرجًا من سائر ما يتضرر منه العبد أو يتضايق به، ويقول الله عزوجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الأنفال:29]، والفرقان معناه التفريق بين الحق والباطل، وما يكون ذلك إلا بالعلم، ويقول تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ [الأعراف:201]، وهذا شأن أهل الورع وأهل الدين ذوي العلم والتقى، ويقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الحديد:28]، فقد سمى الله العلم نورًا، ويقول تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام:122]، فالعلم نور، ويقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾ [النساء:174]، والذي أنزله الله هو القرآن، فلا يكن عندك ريب في أن تقوى الله عزوجل من أسباب العلم، وأن هذه الآية: ﴿وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ﴾ فمن الذي يعلمك إلا الله عزوجل، قال الله تعالى: ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق:4]، وقال تعالى: ﴿وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل:78]، ومن هذا الباب ما يعزى إلى الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصيوقال اعلم بأن العلم نور ونور الله لا يهدى لعاصيوما يعزى إلى الإمام مالك رحمه الله أنه قال لبعض تلاميذه: يا بني إني أرى عليك نورًا، فلا تطفئه بمعصية الله. أي: لازم التقوى، حتى يستمر نورك الذي أعطاك الله إياه، قال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ [النور:40]، فلا شك أن هذا المعنى صحيح من حيث أن تقوى الله فيها السعادة في الدنيا والآخرة، وأنت تلاحظ أن الإنسان المتمسك بالكتاب والسنة المتقي لله عزوجل يمنّ الله عليه ببركة في علمه حتى إنك لتلمس من علمه الخير، وهذه بركه إلهية، ويفتح الله عليه إذا دعاه، قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَهمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة:186]، فكل ما تقرب الإنسان إلى ربه بتقواه سبحانه وتعالى تقرب الله إليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم^: ((ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به..))، الحديث، وقال صلى الله عليه وسلم^: ((قال الله تعالى: من تقرب إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، ومن تقرب إلي ذراعًا تقربت إليه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة))، عن أبي هريرة، وجاء عن أنس نحوه، فإذا تقرب الإنسان إلى الله عزوجل بتقوى الله تقرب الله إليه بالفتح عليه بالعلم وسائر الخيرات، قال الله تعالى: ﴿إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ﴾ [الأنفال:70].
موقع الشيخ الحجوري حفظه الله