الآيات البينات في فضل العلم والعلماء:
قال الله تعالى: ((يرفعِ اللهُ الذِينَ أمنُوا منكم والذينَ أوتُوا العلمَ درجاتِ))المجادلة/11 قال ابن عباس: العلماء فوق المؤمنين مائة درجة ما بين الدرجتين مائة عامقال تعالى: (( شَهِدَ اللهُ أنهُ لا إلَهَ إلاَ هُوَ والملائكةُ وأولوا العلم قَائمًا بالقسط)) آل عمران/18 ، بدأ سبحانه بنفسه وثنى بملائكته وثلّث بأهل العلم، وكفاهم ذلك شرفا وفضلا وجلالة ونبلا.
وقال تعالى : ((قُل هلْ يَستوي الذِينَ يعلمون والذِينَ لا َيعلمونَ)) الزمر/9
وقال تعالى: (( فَسألأُوا أَهلَ الذِكرِ إن كنتم لا تَعلمُون))النحل /43، وقال تعالى: (( ومَا يعقِلُهاَ إلا العالِمونَ)) العنكبوت/43 ، وقال تعالى: (( بل هُو آياتٌ بينات في صدُورِ الذين أوتوا العلم))العنكبوت/49، وقال أيضا: ((إنَّمَا يَخشَى اللهَ من عبادِهِ العلماءُ)) فاطر/27 وقال تعالى: ((أَولئكَ هُم خير البرٍيَّة)) إلى قوله ((ذَلِكَ لمن خَشِيَ ربهٌ)) البينة/6 فاقتضت الآيتان أن العلماء هم الذين يخشون الله تعالى، وأن الذين يخشون اله تعالى هم خير البرية، فينتج أن العلماء هم خير البرية.[1]
بعض الأحاديث الواردة في فضل العلماء:
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ((من يرد الله به خيرا يفقه في الدين،وإنما أنا القاسم والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله)) [2]، وعنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ((العلماء ورثة الأنبياء)) وحسبك هذه الدرجة مجدا وفخرا وبهذه الرتبة شرفا وذكرا فكما لا رتبة فوق رتبة النوبة فلا شرف فوق شرف وارث تلك الرتبة.
وعن أ بي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ : (( من رجل يسلك طريقا يلتمس فيها علما إلا سهل الله له طريقا إلى الجنة ومن أبطأ به عمله، لم يسرع به حسبه))[3]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ: ((ما من قوم يجتمعون في بيت من بيوت الله يتعلمون القرآن ويتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وتنزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده، وما من رجل سلك طريقا يلتمس فيه علما إلا سهل الله له طريقا إلى الجنة، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نبسه))[4]
عن أبي موسى عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ قال: (( مثل ما بعثني الله عز وجل به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكانت منها بقعة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها بقعة أمسكت الماء فنفع الله به الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وكانت منها طائفة لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، وذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعمل به وعلّم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به))[5]
عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال سئل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : من أكرم الناس، قال ((أتقاهم))، قالوا ليس عن هذا نسألك، قال ((فأكرم الناس نبيّ الله ابن نبي الله، ابن خليل الله)) يعني يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم صلوات الله عليهم ، قالوا ليس عن هذا نسألك، قال ((فعن معادن العرب تسألوني ؟ إن خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إن فقهوا))[6]
عن زيد بن ثابت أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ((نضّر الله امرأ سمع منّا حديث فحفظه وبلّغه غيره، فرب حامل فقه ليس بفقيه، ثلاث لا يغل عليهن لب مسلم إخلاص العمل لله وناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة، فإن دعوتهم تحيط مَن وراءهم)) وقال صلى اله عليه وسلم: ((من كانت نيته الدنيا فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له))[7]
من أقوال الصحابة والعلماء في فضل العلم:
قال أبو الأسود الدؤلي: ((ليس شيء أعز من العلم، الملوك حكام على الناس والعلماء حكام على الملوك))
وقال وهب: (( يتشعّب من العلم الشّرف وإن كان صاحبه دنيّا والعز وإن كان مهينا، والقرب وإن كان قصيا، والغنى وإن كان فقيرا، والمهابة وإن كان وضيعا))
وقال الشافعي ـ رضي الله عنه ـ : (( إن لم يكن الفقهاء العاملون أولياء الله فليس لله ولي))
وعن ابن عمر ((مجلس فقه خير من عبادة ستين سنة))
وعن سفيان الثوري والشافعي رضي الله عنهما: (( ليس بعد الفرائض أفضل من طلب العلم))[8]
حدثنا عبد الله بن محمد، نا الحسن بن عثمان، نا يعقوب بن سفيان، قال سمعت حميد بن هلال قال: ((سمعت مطرفا يقول: فضل العلم خير من فضل العمل وخير دينكم الورع))
وعن الزهري قال: ((ما عبد الله بمثل الفقه))[9]
اقل معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ :
((تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يحسنه صدقة، وبذله لأهله قربة، به يعرف الله ويعبد وبه يوحد، وبه يعرف الحلال من الحرام، وتوصل الأرحام، وهو الأنيس في الوحدة والصاحب في الخلوة والدليل على السراء والمعين على الضراء، والوزير عند الأخلاء، والقريب عند الغرباء، ومنار سبيل الجنة، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة وسادة يقتدى بهم أدلة في الخير تقتص آثارهم، وترمق أفعالهم، وترغب الملائكة في خلتهم وبأجنحتها تمسحهم، يستغفر لهم كل رطب ويابس حت حيتان البحر وهوامه، وباع البر وأنعامه والسماء ونجومهان والعلم حاة القلوب من العمى ونور للأبصار من الظلم، وقوة للأبدان من الضعف، يبلغ به العلبد منازل الأبرار والدرجات العلىن التفكر فيه يعدل بالصايام، ومدارسته بالقيام، وهو إمام للعمل، والعمل تابعه، يلهمه السعداء، ويحرمع الأشقياء))[10]
وفي حكمة داوود ـ عليه السلام ـ ((العلم في الصدر كالمصباح في البيت))
وقيل لبعض الحكماء الأوائل: (( أي الأشياء ينبغي للعالم أن يقتنيه؟ قال الأشياء التي إذا غرقت سفينته سبحت معه، يعني العلم))
وقال غيره: ((منهم من اتخذ العلم لجاما اتخذه الناس إماما، ومن عرف بالحكمة لاظته العلوم بالوقار))
وقال عبد الملك بن مروان لبنيه: (( يابني تعلموا العلم فإن استغنيتم كان لكم كمالا إن افتقرتم كان لكم كمالا))
وقيل عن علي ـ رضي الله عنه ـ (( العلم خير من المال، لأن المال تحرسهن والعلم يحرسك، والمال تفنيه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق، والعلم حاكم والمال محكوم عليه مات خزان المال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وآثارهم في القلوب موجودة))[11]
ما قيل في فضل العلم من الشعر:
قال أبو بكر بن دريد:
أهلاُ وسهلاُ بالذين أحبهم *** وأودّهم في الله ذي الآلاء
أهلا بقوم صالحين ذوي تقى *** غرّ الوجوه وزين كل ملاء
يسعون في طلب الحديث بعفة *** وتوقير وسكينة وحياء
لهم المهابة والجلالة والنهى ***وفضائل جلت عن الإحصاء
ومداد ما تجري به أقلامهم *** أزكى وأفضل من دم الشهداء
يا طالبي علم النبي محمد *** ما أنتم وسواكم بسواء[12]
وينسب هذا الشعر لعلي ـ رضي الله عنه ـ قال:
الناس في جهة التمثيل أكفاء*** أبوهم آدم والأم حواء
نفس كنفس وأرواح مشاكلة *** وأعظم خلقت فيهم وأعضاء
فإن يكن لهم من أصلهم حسب***يفاخرون به فالطين والماء
ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم *** على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه *** وللرجال على الأفعال أسماء
وضد كل امرئ ما كان يجهله*** والجاهلون لأهل العلم أعداء[13]
وقال أبو القاسم أحمد بن عصفور ـ رحمه الله ـ :
مع العلم فاسلك حيث ما سلك *** وعنه فكاشف كل من عنده فهم
ففيه جلاء للقلوب من العمى *** وعون على الدين الذي أمره حتم
فإني رأيت الجهل يزري بأهله *** وذو العلم في الأقوام يرفعه العلم
يعد كبير القوم وهو صغيرهم *** وينفذ منه فيهم القول والحكم
وأي رجاء في امرئ شاب رأسه*** وأفنى سنيه وهو مستعجم فدم
يروح ويغدو الدهر صاحب بطنة*** تركب في أحضانها اللحم والشحم
إذا سئل المسكين عن أمر دينه *** بدت رحضاء العي في وجهه تسمو
وهل أبصرت عيناك أقبح منظرا *** من أشيب لا علم لديه ولا حلم
هي السوءة السوءاء فاحذر شماتها *** فأولها خزي وآخرها ذم
فخالط رواة العلم واصحب خيارهم *** فصحبتهم زين وخلطتهم غنم
ولا تعدون عيناك عنهم فإنهم *** نجوم إذا ما غاب نجم بدا نجم
فوالله لولا العلم ما اتضح الهدى*** ولا لاح من غيب الأمو لنا رسم.[14]
[1]ـ تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم: ابن جماعة الشافعي، تحقيق: محمد هاشم الندوي، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأولى، 1423هـ/2002م، 17
[2] ـ صحيح البخاري (باب العلم قبل القول والعمل)، 1/16.
[3] ـ اخرجه أبو داود والدارمي، صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه.
[4]أخرجه مسلم عن أبي هريرة .
[5] ـ صحيح البخاري ومسلم.
[6] ـ المصدران نفساهما.
[7]ـ أخرجه أبو داود والترمذي.
[8] ـ تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم: ابن جماعة ، 22.
[9] ـ جامع بيان العلم وفضله: ابن عبد البر القرطبي، تحقيق: أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الصالح، مكتبة عباد الرحمن، مصر، الطبعة الأولى، 1428هـ/2007م، 1/44،46.
[10] ـ فضل العلم والعلماء : ابن قيم الجوزية، جمع وترتيب: صالح أحمد الشامي، المكتب الإسلامي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأولى، 1422هـ/2001م، 115.
[11]ـ جامع بيان العلم وفصله :ابن عبد البر، 1/102.
[12]ـ المصدر نفسه، 1/60.
[13]ـ المصدر نفسه، 1/90.
[14]المصدر نفسه، 1/90.
تعليق