مقدّمة النّاسخ
السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله و الصّلاة و السّلام على رسول الله و على آله و صحبه و من اتّبع هداه ، و بعد :
إخواني أعضاء منتديات الآجريّ ، إخواني القرّاء ، كما سبق أن قلتُ أنّي أنوي رفع مجموعة من كتب أهل العلم على صفحات المنبر الإسلامي ، و ذلك بتقسيم الكتب المختارة للنّقل إلى فقراتٍ ترفعُ تباعاً بصفة متجدّدة حتّى يكتمل كلّ كتاب في موضوع على حدة ؛ فها أنا ذا أفتح صفحةً أخرى لموضوع جديد ، و الكتاب الّذي اخترته هذه المرّة هو كتاب : " كلماتٌ في العلم و أدب الطّلب و الاتّباع و ذمّ الابتداع و غير ذلك ، مستخرجةٌ من كلام الحافظ الذّهبي " باعتناء الشّيخ جمال عزّون الجزائري حفظه الله (1) ، و سبب اختياري لهذا الكتاب ، هو ما يراه و يسمعه كلّ ذي عينين و أذُنين اليومَ ممّا يجري في كثير من مجالس طلبة العلم و في منتدياتهم الحوارية من إخلالٍ فاضحٍ بآداب طلبة العلم ، و تفريطٍ واضحٍ من كثير من أدعياء العلم في التّحلي بأخلاق السّلف الصّالح في أبواب آداب الطّلب و التّعلم ، الحقيقة أنّي كنتُ عازماً أن أكتب موضوعاً أجمع فيه ما تيسّر لي من آثارٍ سلفيّة و من كلام العلماء في تلك الأبواب ، و كنتُ سأرّكز فيه على ما يبيّن حال السّلف في أبواب العمل بالعلم ، من الإخلاص لله و التّواضع للخلق و ترك العُجب و الفرار من الشّهرة و غيرها ...
لكنّي رأيتُ الأمر و الله أجلّ من أن يتصدّر مثلي ليكتب في مثل ذلك ، ثمّ تذكّرتُ كتاب الشّيخ جمال وفّقه الله ، فأسرعتُ فبحثتُ عنه بين كتبي ، فاستللتُه من بينها و أعدتُ قراءته بشيء من التدبّر ، فوجدته حقّاً كما قال عنه الشّيخُ جمال ، أنّ فيه كلماتٍ " ذهبيّاتٍ لفظاً و معنىً ، أراد بها الذّهبيُّ ترقيقَ القلوب ، و تهذيب السّلوك ، و تثقيف العقول وتذكير النّاس بما كان عليه النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم و أصحابه و ما سار عليه السّلف الصّالح " .
لا أطيل عليكم إخواني ، فقط أذكّركم أنّي سأتّبع في تقسيم الكتاب نفس الطّريقة الّتي اتّبعتها في موضوع : " من كلّ سورة فائدة " ، و قد بيّنتُ ذلك في مقدّمته ، فمن شاء رجع إليها هناك ، و قد نُقلَ الآن إلى منبر القرآن و علومه .
أسأل الله أن ينفعنا جميعاً بما ننسخُ أو نقرأُ ، فأمثالنا و الله لا يليق بهم أن يحسبوا أنفسهم من الكتّاب بل يقبح بهم أن يطمعوا أن يقال لهم يوماً : الكاتب فلان ...أو أن يخاطبوا بالمشيخة ، أو أن تمنّيهم أنفسهم أن يقال لهم يوماً : العلاّمة فلان ! خِبنا إذاً و خسِرنا لو حدث ذلك .
و ما دفعني إخواني إلى تسطير هذا في كلامي هنا ـ إلاّ الألم الّذي أجده في نفسي و الحسرة الّني تعصرُ قلبي إشفاقاً على العلم الّذي دخل فيه اليومَ ، من يفرحُ لو قيل له : فضيلة الشّيخ ، و قد يعلم الله من قلبه أنّه يحلُمُ أن يقال له حضرة المفتي و فضيلة العلاّمة ! و قد قيل ، فالأمر لله .
و من نصائح الحافظ الذّهبي - و ستأتي في ثنايا الكتاب - قوله : " و احذر الكبر و العُجب بعلمك ، فيا سعادتك إن نجوتَ منه كفافاً لا لك و لا عليك " و قوله : " أشرّ الكبر من تكبّر على العباد بعلمه ، و تعاظم في نفسه بفضيلته ، فإنّ هذا لم ينفعه علمه ، فإنّ من طلب العلم للآخرة كسره علمه ، وخشع قلبه ، واستكانت نفسه ... " رحمه الله .
قال رجلٌ لابن مجاهد - الإمام المقرئ - : لم لا تختار لنفسك حرفا ؟ قال : " نحن إلى أن تعمَلَ أنفسُنا في حِفظ ما مضى عليه أئمّتنا ، أحوج منّا إلى اختيار " .
و قال الإمام أبو عمرو بن العلاء : " ما نحن فيمن مضى إلاّ كبقلٍ بين أصول نخلٍ طوال ، فما عسى أن نقول نحن ، و أفضل منازلنا أن نفهم أقوالهم ، و إن كانت أحوالنا لا تشبه أحوالهم " .
قال الحسن البصري : " رأيت سبعين بدريّا ، لو رأيتموهم ، لقلتم : مجانين ! و لو رأوا خياركم ، لقالوا : ما لهؤلاء من خلاق ! و لو رأوا شِراركم لقالوا : هؤلاء لا يؤمنون بيوم الحساب ! "
فلا إله إلاّ الله ، هذا قاله الحسن في أقوام يعيشون في خير القرون بعد قرن الصّحابة ، فماذا كان سيقول لو عاش اليوم بين ظهرانينا !؟ فاللّهمّ ارحمنا و اعفُ عنّا و لا تؤاخذنا بما كسَبَت أيدينا .
الحمد لله و الصّلاة و السّلام على رسول الله و على آله و صحبه و من اتّبع هداه ، و بعد :
إخواني أعضاء منتديات الآجريّ ، إخواني القرّاء ، كما سبق أن قلتُ أنّي أنوي رفع مجموعة من كتب أهل العلم على صفحات المنبر الإسلامي ، و ذلك بتقسيم الكتب المختارة للنّقل إلى فقراتٍ ترفعُ تباعاً بصفة متجدّدة حتّى يكتمل كلّ كتاب في موضوع على حدة ؛ فها أنا ذا أفتح صفحةً أخرى لموضوع جديد ، و الكتاب الّذي اخترته هذه المرّة هو كتاب : " كلماتٌ في العلم و أدب الطّلب و الاتّباع و ذمّ الابتداع و غير ذلك ، مستخرجةٌ من كلام الحافظ الذّهبي " باعتناء الشّيخ جمال عزّون الجزائري حفظه الله (1) ، و سبب اختياري لهذا الكتاب ، هو ما يراه و يسمعه كلّ ذي عينين و أذُنين اليومَ ممّا يجري في كثير من مجالس طلبة العلم و في منتدياتهم الحوارية من إخلالٍ فاضحٍ بآداب طلبة العلم ، و تفريطٍ واضحٍ من كثير من أدعياء العلم في التّحلي بأخلاق السّلف الصّالح في أبواب آداب الطّلب و التّعلم ، الحقيقة أنّي كنتُ عازماً أن أكتب موضوعاً أجمع فيه ما تيسّر لي من آثارٍ سلفيّة و من كلام العلماء في تلك الأبواب ، و كنتُ سأرّكز فيه على ما يبيّن حال السّلف في أبواب العمل بالعلم ، من الإخلاص لله و التّواضع للخلق و ترك العُجب و الفرار من الشّهرة و غيرها ...
لكنّي رأيتُ الأمر و الله أجلّ من أن يتصدّر مثلي ليكتب في مثل ذلك ، ثمّ تذكّرتُ كتاب الشّيخ جمال وفّقه الله ، فأسرعتُ فبحثتُ عنه بين كتبي ، فاستللتُه من بينها و أعدتُ قراءته بشيء من التدبّر ، فوجدته حقّاً كما قال عنه الشّيخُ جمال ، أنّ فيه كلماتٍ " ذهبيّاتٍ لفظاً و معنىً ، أراد بها الذّهبيُّ ترقيقَ القلوب ، و تهذيب السّلوك ، و تثقيف العقول وتذكير النّاس بما كان عليه النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم و أصحابه و ما سار عليه السّلف الصّالح " .
لا أطيل عليكم إخواني ، فقط أذكّركم أنّي سأتّبع في تقسيم الكتاب نفس الطّريقة الّتي اتّبعتها في موضوع : " من كلّ سورة فائدة " ، و قد بيّنتُ ذلك في مقدّمته ، فمن شاء رجع إليها هناك ، و قد نُقلَ الآن إلى منبر القرآن و علومه .
أسأل الله أن ينفعنا جميعاً بما ننسخُ أو نقرأُ ، فأمثالنا و الله لا يليق بهم أن يحسبوا أنفسهم من الكتّاب بل يقبح بهم أن يطمعوا أن يقال لهم يوماً : الكاتب فلان ...أو أن يخاطبوا بالمشيخة ، أو أن تمنّيهم أنفسهم أن يقال لهم يوماً : العلاّمة فلان ! خِبنا إذاً و خسِرنا لو حدث ذلك .
و ما دفعني إخواني إلى تسطير هذا في كلامي هنا ـ إلاّ الألم الّذي أجده في نفسي و الحسرة الّني تعصرُ قلبي إشفاقاً على العلم الّذي دخل فيه اليومَ ، من يفرحُ لو قيل له : فضيلة الشّيخ ، و قد يعلم الله من قلبه أنّه يحلُمُ أن يقال له حضرة المفتي و فضيلة العلاّمة ! و قد قيل ، فالأمر لله .
و من نصائح الحافظ الذّهبي - و ستأتي في ثنايا الكتاب - قوله : " و احذر الكبر و العُجب بعلمك ، فيا سعادتك إن نجوتَ منه كفافاً لا لك و لا عليك " و قوله : " أشرّ الكبر من تكبّر على العباد بعلمه ، و تعاظم في نفسه بفضيلته ، فإنّ هذا لم ينفعه علمه ، فإنّ من طلب العلم للآخرة كسره علمه ، وخشع قلبه ، واستكانت نفسه ... " رحمه الله .
قال رجلٌ لابن مجاهد - الإمام المقرئ - : لم لا تختار لنفسك حرفا ؟ قال : " نحن إلى أن تعمَلَ أنفسُنا في حِفظ ما مضى عليه أئمّتنا ، أحوج منّا إلى اختيار " .
و قال الإمام أبو عمرو بن العلاء : " ما نحن فيمن مضى إلاّ كبقلٍ بين أصول نخلٍ طوال ، فما عسى أن نقول نحن ، و أفضل منازلنا أن نفهم أقوالهم ، و إن كانت أحوالنا لا تشبه أحوالهم " .
قال الحسن البصري : " رأيت سبعين بدريّا ، لو رأيتموهم ، لقلتم : مجانين ! و لو رأوا خياركم ، لقالوا : ما لهؤلاء من خلاق ! و لو رأوا شِراركم لقالوا : هؤلاء لا يؤمنون بيوم الحساب ! "
فلا إله إلاّ الله ، هذا قاله الحسن في أقوام يعيشون في خير القرون بعد قرن الصّحابة ، فماذا كان سيقول لو عاش اليوم بين ظهرانينا !؟ فاللّهمّ ارحمنا و اعفُ عنّا و لا تؤاخذنا بما كسَبَت أيدينا .
__________________
(1) : طبعتهُ مجالس الهدى للإنتاج و التّوزيع بالجزائر ضمن مجموع من رسائل أخرى اعتنى بها الشّيخ جمال ، وعندي الطّبعة الثّانيّة منه ( 1422 ) .
(1) : طبعتهُ مجالس الهدى للإنتاج و التّوزيع بالجزائر ضمن مجموع من رسائل أخرى اعتنى بها الشّيخ جمال ، وعندي الطّبعة الثّانيّة منه ( 1422 ) .
تعليق