أخرج ابن الجوزي بسنده عن صَالِحِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ : قَالَ :
"كَانَتِ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ بِمَكَّةَ ، وَكَانَ لَهَا زَوْجٌ ، فَنَظَرَتْ يَوْماً إِلَى وَجْهِهَا فِي الْمَرْأَةِ ، فَقَالَتْ لِزَوْجِهَا : أَتَرَى أَحَداً يَرَى هَذَا الْوَجْهَ ؛ لاَ يُفْتَنُ بِهِ ؟
قَالَ : نَعَمْ . قَالَتْ : مَنْ ؟
قَالَ : عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ !
قَالَتْ : فَأْذَنْ لِي فِيهِ ؛ فَلأَفْتِنَّنَهُ ! قَالَ : قَدْ أَذِنْتُ لَكِ !
قَالَ : فَأَتَتْهُ كَالْمُسْتَفْتِيَةِ ، فَخَلا مَعَهَا فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ . قَالَ : فَأَسْفَرَتْ عَنْ – وَجْهٍ - مِثْلِ فَلْقَةِ الْقَمَرِ ، فَقَالَ لَهَا : يَا أَمَةَ اللَّهِ – اِسْتَتري - !
قَالَتْ : إِنِّي قَدْ فُتِنْتُ بِكَ فَانْظُرْ فِي أَمْرِي ؟
قَالَ : إِنِّي سَائِلُكِ عَنْ شَيْءٍ فَإِنْ أَنْتِ صَدَقْتِينِي ؛ نَظَرْتُ فِي أَمْرِكِ ؟
قَالَتْ : لاَ تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ إِلا صَدَقْتُكَ .
قَالَ : أَخْبِرِينِي : لَوْ أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ أَتَاكِ لِيَقْبِضَ رُوحَكِ ؛ أَكَانَ يَسُرُّكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ ؟ قَالَتِ : اللَّهُمَّ ؛ لاَ . قَالَ : صَدَقْتِ . قَالَ : فَلَوْ أُدْخِلْتِ فِي قَبْرِكِ وَأُجْلِسْتِ لِلْمُسَاءَلَةِ ؛ أَكَانَ يَسُرُكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ ؟ قَالَتِ : اللَّهُمَّ ؛ لاَ .
قَالَ : صَدَقْتِ . قَالَ : فَلَوْ أَنَّ النَّاسَ أُعْطُوا كُتُبَهُمْ وَلا تَدْرِينَ تَأْخُذِينَ كِتَابَكِ بِيَمِينِكِ أَمْ بِشِمَالِكِ ؛ أَكَانَ يَسُرُّكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ قَالَتِ : اللَّهُمَّ ؛ لاَ .
قَالَ : صَدَقْتِ . قَالَ : فَلَوْ جِيءَ بِالْمَوَازِينِ وَجِيءَ بِكِ لَا تَدْرِينَ تَخِفِّينَ أَمْ تَثْقُلِينَ ؛ أَكَانَ يَسُرُّكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ ؟ قَالَتِ : اللَّهُمَّ ؛ لاَ . قَالَ : صَدَقْتِ .
قَالَ : فَلَوْ وَقَفْتِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ لِلْمُسَاءَلَةِ ؛ أَكَانَ يَسُرُّكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ ؟ قَالَتِ : اللَّهُمَّ ؛ لَا . قَالَ : صَدَقْتِ
قَالَ : اتَّقِي اللَّهَ يَا أَمَةَ اللَّهِ ! فَقَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْكِ ، وَأَحْسَنَ إِلَيْكِ .
قَالَ : فَرَجَعَتْ إِلَى زَوْجِهَا ، فَقَالَ : مَا صَنَعْتِ ؟
قَالَتْ : أَنْتَ بَطَّالٌ ، وَنَحْنُ بَطَّالُونَ .
فَأَقْبَلَتْ عَلَى الصَّلاةِ ، وَالصَّوْمِ ، وَالْعِبَادَةِ .
قَالَ : فَكَانَ زَوْجُهَا يَقُولُ : مَالِي وَلِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ؟!
أَفْسَدَ عَلَيَّ امْرَأَتِي ؛ كَانَتْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ عَرُوسا ، فَصَيَّرَهَا رَاهِبَةً" .
"المنتظم في تاريخ الأمم والملوك" (6 / 197-19 ، و "ذم الهوى" (ص 265) .
والقصة أخرجها أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ الْعِجْلِيُّ في كتابه "الثقات" وهو العجلى المذكور في سند ابن الجوزي أعلاه (ت 261هـ) الراوي لها - عن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ "الإمام أحمد" - في كتابه "تاريخ الثقات" (ص 332) في ترجمة -(1082)- عبيد بن عمير بن قتادة بن سعيد ، أبو عاصم المكي ، تابعي ، ثقة ، وكان قاضي أهل مكة في زمانه ، وهو من كبار التابعين ، كان ابن عمر يجلس إليه ، ويقول : لله در أبي قتادة , ماذا يأتي به ؟
وذكر القصة أيضاً العلامة ابن القيم في "روضة المحبين ونزهة المشتاقين" (ص 340) .
⬅️قلتُ : نقلتُ القصة ليس لأنها مجرد قصة نتأنس ونتسلى بها ؛ ولكن لما فيها من فوائد وعظة :
📌الأولى :*بيان مقدرة وقوة النساء في فتنة الرجال .
📌الثاني :*أن مفتاح الفتنة والشر في مسائل الإغواء الجنسي يبدأ من النساء ، إذْ أنّ المرأة إن لم تفتح الباب ؛ لم يكن أحدٌ من الرجال يدخل عليها البيت.
📌الثالثة :*أنّ الأصل في الرجال الافتتان بالنساء والأحاديث في ذلك كثيرة إلا من ...
📌الرابعة :*تقوى الله ومخافته هي التي تمنع الرجل من الانجراف نحو الافتتان بالنساء .
📌الخامسة :*قد أخطأت تلك المرأة في آخر قصتها ؛ فاجتنبت التزين والتجمل لزوجها بحجة الالتفات إلى العبادة ، وهذا ليس بجيد ولا صحيح .
📌السادسة :*أن الرجل يريد زوجته دائماً تكون متجملة جذابة كالعروس حتى وإن تقدمت بها السِّن أو كثر أولادها ، فالرجل لا يعترف بالكبر .
🍂التوصية :
أوصي النساء بأن لا يتركن التزين لأزواجهن ، فالتّعبد والتنسُّك لا يمنع من تجمُّلِ المرأة لزوجها ؛ كي تَقرّ عينه بها ، وتمنعه من النظر إلى غيرها من النساء السافرات الحسناوات .
بل إشباع زوجها غريزياً مقدم على نوافل العبادات مطلقاً بل يأتي بعد الفرائض وهو من الواجبات . فتأملي أيتها الزوجة العابدة المتنسكة !
فديننا الحنيف ليس دين رهبانية فحسب ، بل هو
دين عبادة وسلوك ومعاملة ،
و
خير ما تعامل المرأة زوجها به ؛ إشباع نظره ، وسمعه ومعاشرته ، فلا ينظر منها إلاّ إلى كل جميل*وحُسْن وبَهَاء*، ولا يسمع منها إلا كل كلمة لطفٍ ودلال ، ولا يشُمُّ منها إلا كل رائحة زكية مرضية .
🖋كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .
السبت 24 / 11 / 1437هـ
"كَانَتِ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ بِمَكَّةَ ، وَكَانَ لَهَا زَوْجٌ ، فَنَظَرَتْ يَوْماً إِلَى وَجْهِهَا فِي الْمَرْأَةِ ، فَقَالَتْ لِزَوْجِهَا : أَتَرَى أَحَداً يَرَى هَذَا الْوَجْهَ ؛ لاَ يُفْتَنُ بِهِ ؟
قَالَ : نَعَمْ . قَالَتْ : مَنْ ؟
قَالَ : عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ !
قَالَتْ : فَأْذَنْ لِي فِيهِ ؛ فَلأَفْتِنَّنَهُ ! قَالَ : قَدْ أَذِنْتُ لَكِ !
قَالَ : فَأَتَتْهُ كَالْمُسْتَفْتِيَةِ ، فَخَلا مَعَهَا فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ . قَالَ : فَأَسْفَرَتْ عَنْ – وَجْهٍ - مِثْلِ فَلْقَةِ الْقَمَرِ ، فَقَالَ لَهَا : يَا أَمَةَ اللَّهِ – اِسْتَتري - !
قَالَتْ : إِنِّي قَدْ فُتِنْتُ بِكَ فَانْظُرْ فِي أَمْرِي ؟
قَالَ : إِنِّي سَائِلُكِ عَنْ شَيْءٍ فَإِنْ أَنْتِ صَدَقْتِينِي ؛ نَظَرْتُ فِي أَمْرِكِ ؟
قَالَتْ : لاَ تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ إِلا صَدَقْتُكَ .
قَالَ : أَخْبِرِينِي : لَوْ أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ أَتَاكِ لِيَقْبِضَ رُوحَكِ ؛ أَكَانَ يَسُرُّكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ ؟ قَالَتِ : اللَّهُمَّ ؛ لاَ . قَالَ : صَدَقْتِ . قَالَ : فَلَوْ أُدْخِلْتِ فِي قَبْرِكِ وَأُجْلِسْتِ لِلْمُسَاءَلَةِ ؛ أَكَانَ يَسُرُكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ ؟ قَالَتِ : اللَّهُمَّ ؛ لاَ .
قَالَ : صَدَقْتِ . قَالَ : فَلَوْ أَنَّ النَّاسَ أُعْطُوا كُتُبَهُمْ وَلا تَدْرِينَ تَأْخُذِينَ كِتَابَكِ بِيَمِينِكِ أَمْ بِشِمَالِكِ ؛ أَكَانَ يَسُرُّكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ قَالَتِ : اللَّهُمَّ ؛ لاَ .
قَالَ : صَدَقْتِ . قَالَ : فَلَوْ جِيءَ بِالْمَوَازِينِ وَجِيءَ بِكِ لَا تَدْرِينَ تَخِفِّينَ أَمْ تَثْقُلِينَ ؛ أَكَانَ يَسُرُّكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ ؟ قَالَتِ : اللَّهُمَّ ؛ لاَ . قَالَ : صَدَقْتِ .
قَالَ : فَلَوْ وَقَفْتِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ لِلْمُسَاءَلَةِ ؛ أَكَانَ يَسُرُّكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ ؟ قَالَتِ : اللَّهُمَّ ؛ لَا . قَالَ : صَدَقْتِ
قَالَ : اتَّقِي اللَّهَ يَا أَمَةَ اللَّهِ ! فَقَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْكِ ، وَأَحْسَنَ إِلَيْكِ .
قَالَ : فَرَجَعَتْ إِلَى زَوْجِهَا ، فَقَالَ : مَا صَنَعْتِ ؟
قَالَتْ : أَنْتَ بَطَّالٌ ، وَنَحْنُ بَطَّالُونَ .
فَأَقْبَلَتْ عَلَى الصَّلاةِ ، وَالصَّوْمِ ، وَالْعِبَادَةِ .
قَالَ : فَكَانَ زَوْجُهَا يَقُولُ : مَالِي وَلِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ؟!
أَفْسَدَ عَلَيَّ امْرَأَتِي ؛ كَانَتْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ عَرُوسا ، فَصَيَّرَهَا رَاهِبَةً" .
"المنتظم في تاريخ الأمم والملوك" (6 / 197-19 ، و "ذم الهوى" (ص 265) .
والقصة أخرجها أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ الْعِجْلِيُّ في كتابه "الثقات" وهو العجلى المذكور في سند ابن الجوزي أعلاه (ت 261هـ) الراوي لها - عن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ "الإمام أحمد" - في كتابه "تاريخ الثقات" (ص 332) في ترجمة -(1082)- عبيد بن عمير بن قتادة بن سعيد ، أبو عاصم المكي ، تابعي ، ثقة ، وكان قاضي أهل مكة في زمانه ، وهو من كبار التابعين ، كان ابن عمر يجلس إليه ، ويقول : لله در أبي قتادة , ماذا يأتي به ؟
وذكر القصة أيضاً العلامة ابن القيم في "روضة المحبين ونزهة المشتاقين" (ص 340) .
⬅️قلتُ : نقلتُ القصة ليس لأنها مجرد قصة نتأنس ونتسلى بها ؛ ولكن لما فيها من فوائد وعظة :
📌الأولى :*بيان مقدرة وقوة النساء في فتنة الرجال .
📌الثاني :*أن مفتاح الفتنة والشر في مسائل الإغواء الجنسي يبدأ من النساء ، إذْ أنّ المرأة إن لم تفتح الباب ؛ لم يكن أحدٌ من الرجال يدخل عليها البيت.
📌الثالثة :*أنّ الأصل في الرجال الافتتان بالنساء والأحاديث في ذلك كثيرة إلا من ...
📌الرابعة :*تقوى الله ومخافته هي التي تمنع الرجل من الانجراف نحو الافتتان بالنساء .
📌الخامسة :*قد أخطأت تلك المرأة في آخر قصتها ؛ فاجتنبت التزين والتجمل لزوجها بحجة الالتفات إلى العبادة ، وهذا ليس بجيد ولا صحيح .
📌السادسة :*أن الرجل يريد زوجته دائماً تكون متجملة جذابة كالعروس حتى وإن تقدمت بها السِّن أو كثر أولادها ، فالرجل لا يعترف بالكبر .
🍂التوصية :
أوصي النساء بأن لا يتركن التزين لأزواجهن ، فالتّعبد والتنسُّك لا يمنع من تجمُّلِ المرأة لزوجها ؛ كي تَقرّ عينه بها ، وتمنعه من النظر إلى غيرها من النساء السافرات الحسناوات .
بل إشباع زوجها غريزياً مقدم على نوافل العبادات مطلقاً بل يأتي بعد الفرائض وهو من الواجبات . فتأملي أيتها الزوجة العابدة المتنسكة !
فديننا الحنيف ليس دين رهبانية فحسب ، بل هو
دين عبادة وسلوك ومعاملة ،
و
خير ما تعامل المرأة زوجها به ؛ إشباع نظره ، وسمعه ومعاشرته ، فلا ينظر منها إلاّ إلى كل جميل*وحُسْن وبَهَاء*، ولا يسمع منها إلا كل كلمة لطفٍ ودلال ، ولا يشُمُّ منها إلا كل رائحة زكية مرضية .
🖋كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .
السبت 24 / 11 / 1437هـ