بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقال بعنوان
[[ مخالفات في بيوت الدعاة وطلبة العلم ]]
الحمد لله رب العالمين والصلاةُ والسلامُ علي خاتم النبيين ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله وبعد،،
مقدمـة :
تمهيــد:
وهذا الموضوع ( مخالفات في بيوت الدعاة وطلبة العلم ) المقصود منه الكلام عن بعض الظواهر السلبية في بعض البيوت مع وضع العلاج والحلول لها حتى تُصبح بيوتنا بيوتاً إسلامية.
* فلا يليق للداعية وطالب العلم أن يكون بيته يعجّ بالمنكرات وهو يعلم. قال الله تعالى ) يا أيها الذين آمنوا قُوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ( وقال النبي صلى الله عليه وسلم :"" إن الله تعالى سائلٌ كلَّ راعٍ عمَّا استرعاه أَحَفظ ذلك أم ضيعه حتى يسأل الرجل عن أهل بيته "" النسائي وابن حبان ـ صحيح الجامع (1775)
ولا يليق بالداعية وطالب العلم أن يحث الناس على إزالة المنكرات من بيوتهم وبيته فيه المنكرات والمخالفات وذلك يعوقه عن الدعوة إلى الله . وكذلك إذا كان بيت الداعية بيتاً إسلامياً يخلو من المنكرات والمخالفات فإنّ ذلك يُحمسه للإنطلاق في الدعوة إلى الله وطلب العلم . فإذا طهر الداعية وطالب العلم بيته من المنكرات والمخالفات أثّر ذلك الإلتزام في نجاح دعوته وأثمر ثمرات منها:
1- أن في التزامه دلالةً واضحة على صدقه في دعوته ممّا يؤدي ذلك إلى توقيره وتبجيله واحترامه من الناس فيستمعون إليه ويقبلون منه ويستفيدون من دعوته.
2- أن الالتزام أسلوبٌ في الدعوة وهو ما يسمى بالدعوة بالأفعال أو أسلوب القدوة ، والناس لا تؤثر فيهم الأقوال بقدر ما تؤثر فيهم الأفعال.
3- وإذا التزم الداعية في نفسه وفي بيته ،استجلب ثقة الناس فيرون في تصرفاته صورةً لما يدعو إليه فيظنون به الصلاح.
4- ومن ثمرات التزامه أنه يستجلبُ حسن السمعة والسيرة ، والناس مجبولون على حب الفضائل وأصحابها، فإذا وُضع القبول للداعية أو طالب العلم فقد كُتب لهم التوفيق والتسديد وإذاً تتفتح لهم مغاليق القلوب. ولنا مثلُ وأسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان يُسمى بالصادق الأمين لحسن سمته وتعدد فضائله وبعده عن ملهيات الأعمال وذلك قبل البعثة ، فلما بُعث أقبل الناس على الإسلام .
* ولا شك أن بيت الداعية وطالب العلم له مواصفات عاليـة: لأنه بيت ينطلق منه الخير والعلم . ولأنه بيتٌ يستقبل الراغبين في التعلم والهداية . بل لأنه يستقبل بعض المصابين بأمراض القلوب فيكون سبباً في هدايتهم . ولذلك فإن الاهتمام ببيت الداعية من الأمور المهمة جداً.
فما هي أهم الثغرات والمخالفات في بعض بيوت بعض الدعاة إلى الله تعالى ؟
1- خلوها من العبادة: أو قلة العبادة فيها . والإسلام حثَّ على كثرة العبادة في البيت ، والسيرة مليئة بالأمثلة ، فلابد من وجود العبادة في بيت طالب العلم الداعية . ومن أنواع العبادة وجود دروس العلم والقرآن ، والصلاة والصيام والأذكار الشرعية وغيرها . وفي الحديث :"" رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى فأيقظ امرأته فصلت ، فإن أبت نضح في وجهها الماء "" أحمد وأبوداود ـ صحيح الجامع الصغير .
2- ومن الثغرات: الزوجة غير المتدينة ، غير الملتزمة: فإن الداعية إذا أراد أن ينطلق في طلب العلم والدعوة إلى الله ، ابتليَ بزوجة سيئة غير متدينة لا تقيم للمعروف وزناً ولا تحذر من المنكر فكيف يكون حاله وهو مصاب في بيته ، في أقرب الناس إليه ، فأول من يحتاج إلى دعوةٍ هي زوجته ولا شك، فلابد من حسن اختيار الزوجة أولاً أو إصلاحها إذا وُجدت أولاً.
فلابد من السعي إلى إصلاح الزوجة وذلك بتعليمها وتأديبها بآداب الإسلام وتوفير الكتاب والشريط المفيد ، واختيار صاحبات جليلات لها وإبعادها من صاحبات السوء . فإذا صلحت الزوجة علمت أن حياة زوجها الداعية وطالب العلم ليست كحياة غيره من الناس فحياته للناس بعد أهله ، فتعينه على ذلك وتصبر على كثرة خروجه للدعوة ، وهكذا .
3- ومن المؤثرات التي تؤثر على الداعية وطالب العلم: الخلافات الزوجية: كيف يستطيع طالب العلم أن يُركز في طلب العلم والدعوة وفي بيته الخلافات الزوجية ؟ لابد أن الحزن والتعب سيشغله عن دعوته وطلبه للعلم . وهذه الخلافات قد يكون السبب هو الداعية نفسه فقد يكون معه شيء من الاستبداد والظلم وقد يكون مقصراً في الحقوق الزوجية وقد يكون عنده إهمال وتفريط .
والحديث عن الخلافات الزوجية وعلاجها له بحث يطول ، وعلى طالب العلم والداعية أن يسرع في وضع الحلول للخلافات الزوجية .
4- ومن الثغرات الموجودة: عدمُ الاهتمام بتربية الأولاد : بعض الدعاة إلى الله وطلبة العلم يهتمون بأولاد الناس ولا يهتمون بأولادهم ، يعلمون الناس ويهملون أولادهم وأقاربهم .الداعية وطالب العلم يتمسك بالسنة وأولاده لا يعرفونها ، يصلي الفجر والصلوات في المسجد وأولاده نائمون أو يلعبون ، يحضر الدروس والمحاضرات وأولاده لا يتعلمون إسلامهم ، يسمع الأشرطة الدينية والعلماء وأولاده يسمعون الغناء والموسيقى ، يقرأ القرآن كل يوم وأولاده لا يتلون القرآن ، ومن الاهتمام بتربية الأولاد أمرهم بالصلاة وهم أبناء سبع ، وتعويدهم الصوم وهم صغار والإنكار عليهم إذا أخطأوا . لابد من إشراك الأولاد في أمور الخير التي يفعلها والدهم طالب العلم ولابد من معرفة أحوال الأولاد ، من هم أصدقاؤهم ؟ وماذا يسمعون ويشاهدون ؟ وماذا يلعبون ؟
5- ومن الثغرات: عملُ الزوجة من غير حاجة: لا شك أن عمل زوجة طالب العلم يتطلب مشقة مما يترتب عليه من انشغالٍ عن تربية الأولاد وإدارة أمور البيت .
6- ومن الثغرات: التساهل في وجود بعض المنكرات في البيت : مثــل :
أ ) الأخلاق الرديئةُ في البيت كالكذب والغيبة والشتم وغيرها .قالت عائشة ( كان رسول الله إذا اطّلع على أحدٍ من أهل بيته كذب كذبة لم يزل معرضاً عنه حتى يُحدث توبةً ) أحمد ـ صحيح الجامع (4657) وفي حديثٍ آخر( علّقوا السوط حيثُ يراه أهل البيت فإنّه أدب لهم ) الطبراني ـ الصحيحة (1447)
ب) ومن المنكرات: الصور والتماثيل والصلبان والموسيقى التي في الألعاب. في صحيح البخاري عن عائشة أن النبي لم يكن يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه . فتح (10/385) وهذه الصور والصلبان توجد في الأواني والفُرش والدفاتر والملابس والستائر وغيرها . وفي الحديث: ( إنّ البيت الذي فيه الصور ، لا تدخله الملائكة ) رواه البخاري (4/325) وقال ابن حجر في الفتح (1/382) ( الصور التي تمتنع الملائكة عن الدخول بسببها هي صور ذوات الأرواح ممّا لم يُقطع رأسه أو لم يُمتهن ) وقال النووي :( قال العلماء : تصوير صورة الحيوان حرامٌ شديدُ التحريم وهو من الكبائر لأنه متوعد عليه ، وسواءٌ كان في ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها ) راجع فتح (1/384)
كل ما سبق كان فيمن لديه زوجة وأولاد وبيت ، وهو مسؤول عنه ، أما الشباب وطلبة العلم الذين يدعون إلى الله تعالى من غير المتزوجين فماذا عليهم ؟ فهذا الداعية وطالب العلم ليس له زوجة ولا أولاد ولا صاحب بيت مستقل فهو مسؤول أيضاً . قال تعالى ) قو أنفسكم وأهليكم نارا ً ( ولا شك أن أمهُ وأباه وأخته وأخاه وأقاربه من أهله ، فماذا فعل لإصلاح بيته الذي يسكن فيه ؟ ماذا قدم لأهل بيته ؟
7- ومن الثغرات والنواقص في بيوت بعض طلبة العلم : غياب بعض الأخلاق الفاضلة مثل الرحمة لأهل البيت والرفق بهم والصبر عليهم والملاطفة والممازحة المشروعة . في الصحيحين مرفوعاً ( فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك ) فتح (9/121) وكان رسول الله يسابق عائشة ويشرب مكان شربها ويغتسل معها في إناءٍ واحد وهما جُنبان . ومعاونة أهل البيت في عمل البيت : قالت عائشة ( كان رسول الله يخيط ثوبه ، ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم ) أحمد ـ صحيح الجامع . وفي رواية ( كان بشراً من البشر يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه ) الصحيحة (671) وفي البخاري : سألت عائشة : ما كان رسول الله يصنع في بيته ؟ قالت : ( كان يكون في مهنة أهله ، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة ) فتح (2/162) ويقول أبو هريرة : (كان رسول الله ليُدلع لسانه للحسن بن علي فيرى الصبي حُمرة لسانه فيبهش له ) الصحيحة (70) وكان يحمل الحسن وزينب وهو في الصلاة رحمة بهم وملاطفةً لهم .
8- ومن الثغرات والقصور في بيوت بعض الدعاة وطلبة العلم : التوسع في المباحات :وهذا من مداخل الشيطان وليس من صفات المتقين ، بل يلهي عن ذكر الله وطلب العلم والدعوة إلى الله تعالى .
ومن التوسع في المباحات :
- تجديد الأثاث والإنفاق الكثير على ذلك ، وتزويق البيت وتزيينه .
- الإنشغال بالملبس والمأكل والمركب أكثر من الحد.
- وكثير من ذلك يكون بمجاراة الناس هو أو زوجته
* فكيف كان بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال عمر رضي الله عنه ( رفعت بصري في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيتُ فيه شيئاً يردّ البصر غيرَ أهبةٍ ثلاثة ، فقلت : أدعو الله أن يوسع على أمتك فإن فارس والروم وُسّع عليهم وأُعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله ، وكان متكئاً فقال : " أوَ في شكٍّ أنت يا ابن الخطاب ، أولئك قومٌ عجِّلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا ، فقلت يا رسول الله استغفر لي )
9- ومن الثغرات: البخلُ وعدمُ الإنفاق وسوء التعامل مع الجيران .
10- ومن الثغرات والنواقص عند بعض الدعاة وطلبة العلم : إهمال الكتب والأشرطة التي اشتراها طالب العلم .
هـذا ما تيسر جمعه من هذا الموضوع
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الشيخ :: - إبراهيم بن عبد الله المزروعي - حفظه الله
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الشيخ :: - إبراهيم بن عبد الله المزروعي - حفظه الله