أَبُو عُمَر رحمه الله : طلب العلم درجات ومناقل ورتب لا ينبغي تعديها ، ومن تعداها جملة فقد تعدى سبيل السلف رحمهم الله ، ومن تعدى سبيلهم عامدًا ضل ومن تعداه مجتهدًا زل.
فأول العلم حفظ كتاب الله عَزَّ وجَلَّ وتفهمه ، وكل ما يعين عَلَى فهمه فواجب طلب معه ، ولا أقول إن حفظه كله فرض ؛ ولكني أقول إن ذَلِكَ شرط لازم عَلَى من أحب أن يكون عالمًا فقيهًا ناصبًا نفسه للعلم ، لَيْسَ من بَاب الفرض.
إلى أن قال : الْقُرْآنُ أَصْلُ الْعِلْمِ فَمَنْ حَفِظَهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ ثُمَّ فَرَغَ إِلَى مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى فَهْمِهِ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ عَوْنًا كَبِيرًا عَلَى مُرَادِهِ مِنْهُ ، وَمِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ يَنْظُرُ فِي نَاسِخِ الْقُرْآنِ وَمَنْسُوخِهِ وَأَحْكَامِهِ ، وَيَقِفُ عَلَى اخْتِلافِ الْعُلَمَاءِ وَاتِّفَاقِهِمْ فِي ذَلِكَ ، وَهُوَ أَمْرٌ قَرِيبٌ عَلَى مَنْ قَرَّبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَنْظُرُ فِي السُّنَنِ الْمَأْثُورَةِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبِهَا يَصِلُ الطَّالِبُ إِلَى مُرَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ وَهِيَ تَفْتَحُ لَهُ أَحْكَامُ الْقُرْآنِ فَتْحًا ، وَفِي سِيَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْبِيهٌ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ فِي السُّنَنِ ، وَمَنْ طَلَبَ السُّنَنَ فَلْيَكُنْ مُعَوَّلُهُ عَلَى حَدِيثِ الأَئِمَّةِ الثِّقَاتِ الْحُفَّاظِ ، الَّذِينَ جَعَلَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَزَائِنَ لْعِلْمِ دِينِهِ ، وَأُمَنَاءَ عَلَى سُنَنِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الَّذِي قَدِ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ طُرًّا عَلَى صِحَّةِ نَقْلِهِ ، وَنَقَاوَةِ حَدِيثِهِ ، وَشِدَّةِ تَوَقُّفِهِ ، وَانْتِقَادِهِ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُ ، مِنْ ثِقَاتِ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ ، كَشُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، وَالأَوْزَاعِيِّ ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ ، وَمَعْمَرٍ ، وَسَائِرِ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ الثِّقَاتِ ، كَابْنِ جُرَيْجٍ ، وَعَقِيلٍ ، وَيُونُسَ ، وَشُعَيْبٍ وَالزُّبَيْدِيِّ ، وَاللَّيْثِ ، وَحَدِيثُ هَؤُلاءِ عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِ ، وَكَذَلِكَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ ، وَأَمْثَالُهُمْ مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ وَالأَمَانَةِ ، فَهَؤُلاءِ كُلُّهُمْ أَئِمَّةُ حَدِيثٍ وَعِلْمٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ ، وَعَلَى حَدِيثِهِمُ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُونَ لِلسُّنَنِ الصِّحَاحِ ، كَالْبُخَارِيِّ ، وَمُسْلِمٍ ، وَأَبِي دَاوُدَ ، وَالنَّسَائِيِّ ، وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ كَالْعُقَيْلِيِّ ، وَالتِّرْمِذِيِّ ، وَابْنِ السَّكَنِ ، وَمَنْ لا يُحْصَى كَثْرَةً ، وَإِنَّمَا صَارَ مَالِكٌ ، وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ أَئِمَّةً عِنْدَ الْجَمِيعِ ؛ لأَنَّ عِلْمَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالتَّابِعِينَ فِي أَقْطَارِ الأَرْضِ انْتَهَى إِلَيْهِمْ لِبَحْثِهِمْ عَنْهُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ ، وَالَّذِي يَشِذُّ عَنْهُمْ نَذْرٌ يَسِيرٌ فِي جَنْبِ مَا عِنْدَهُمْ "
[ جامع بيان العلم و فضله (٤٣٨ - ٤٣٩) ]
فأول العلم حفظ كتاب الله عَزَّ وجَلَّ وتفهمه ، وكل ما يعين عَلَى فهمه فواجب طلب معه ، ولا أقول إن حفظه كله فرض ؛ ولكني أقول إن ذَلِكَ شرط لازم عَلَى من أحب أن يكون عالمًا فقيهًا ناصبًا نفسه للعلم ، لَيْسَ من بَاب الفرض.
إلى أن قال : الْقُرْآنُ أَصْلُ الْعِلْمِ فَمَنْ حَفِظَهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ ثُمَّ فَرَغَ إِلَى مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى فَهْمِهِ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ عَوْنًا كَبِيرًا عَلَى مُرَادِهِ مِنْهُ ، وَمِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ يَنْظُرُ فِي نَاسِخِ الْقُرْآنِ وَمَنْسُوخِهِ وَأَحْكَامِهِ ، وَيَقِفُ عَلَى اخْتِلافِ الْعُلَمَاءِ وَاتِّفَاقِهِمْ فِي ذَلِكَ ، وَهُوَ أَمْرٌ قَرِيبٌ عَلَى مَنْ قَرَّبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَنْظُرُ فِي السُّنَنِ الْمَأْثُورَةِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبِهَا يَصِلُ الطَّالِبُ إِلَى مُرَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ وَهِيَ تَفْتَحُ لَهُ أَحْكَامُ الْقُرْآنِ فَتْحًا ، وَفِي سِيَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْبِيهٌ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ فِي السُّنَنِ ، وَمَنْ طَلَبَ السُّنَنَ فَلْيَكُنْ مُعَوَّلُهُ عَلَى حَدِيثِ الأَئِمَّةِ الثِّقَاتِ الْحُفَّاظِ ، الَّذِينَ جَعَلَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَزَائِنَ لْعِلْمِ دِينِهِ ، وَأُمَنَاءَ عَلَى سُنَنِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الَّذِي قَدِ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ طُرًّا عَلَى صِحَّةِ نَقْلِهِ ، وَنَقَاوَةِ حَدِيثِهِ ، وَشِدَّةِ تَوَقُّفِهِ ، وَانْتِقَادِهِ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُ ، مِنْ ثِقَاتِ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ ، كَشُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، وَالأَوْزَاعِيِّ ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ ، وَمَعْمَرٍ ، وَسَائِرِ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ الثِّقَاتِ ، كَابْنِ جُرَيْجٍ ، وَعَقِيلٍ ، وَيُونُسَ ، وَشُعَيْبٍ وَالزُّبَيْدِيِّ ، وَاللَّيْثِ ، وَحَدِيثُ هَؤُلاءِ عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِ ، وَكَذَلِكَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ ، وَأَمْثَالُهُمْ مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ وَالأَمَانَةِ ، فَهَؤُلاءِ كُلُّهُمْ أَئِمَّةُ حَدِيثٍ وَعِلْمٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ ، وَعَلَى حَدِيثِهِمُ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُونَ لِلسُّنَنِ الصِّحَاحِ ، كَالْبُخَارِيِّ ، وَمُسْلِمٍ ، وَأَبِي دَاوُدَ ، وَالنَّسَائِيِّ ، وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ كَالْعُقَيْلِيِّ ، وَالتِّرْمِذِيِّ ، وَابْنِ السَّكَنِ ، وَمَنْ لا يُحْصَى كَثْرَةً ، وَإِنَّمَا صَارَ مَالِكٌ ، وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ أَئِمَّةً عِنْدَ الْجَمِيعِ ؛ لأَنَّ عِلْمَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالتَّابِعِينَ فِي أَقْطَارِ الأَرْضِ انْتَهَى إِلَيْهِمْ لِبَحْثِهِمْ عَنْهُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ ، وَالَّذِي يَشِذُّ عَنْهُمْ نَذْرٌ يَسِيرٌ فِي جَنْبِ مَا عِنْدَهُمْ "
[ جامع بيان العلم و فضله (٤٣٨ - ٤٣٩) ]
تعليق