يقول العلامة حمود بن عبدالله التويجري رحمه الله في رسالته "تحفة الإخوان بما جاء في الموالاة والمعاداة والحب والبغض والهجران" ص30:
[... إنّ كثيراً من المنتسبينَ إلى العلمِ قد صاروا يُدندنونَ حولَ إنكارِ هذه الأعمالِ الفاضلةِ المحبوبةِ إلى اللهِ تعالى ويَعدّونها من مساوئ الأخلاق ، ويَعيبونَ على من يَعملُ بها ويَذمونهم ويَعدّونهم لذلك أهلَ تجبرٍ وتكبرٍ وتعنّتٍ وشذوذٍ وتشديدٍ وغلوٍّ في الدين ، وقد سَمِعتُ هذا أو بعضَهُ من بعضِ الخطباءِ والقُصّاصِ الثّرثارينَ المتشدّقين الذين يقولونَ مالا يفعلون ويفعلونَ مالا يُؤمرون ، ويَأمرونَ النّاس بالبرِّ وينسونَ أنفسَهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون؟!
وسمعتُ بعضَهم يُصرّحُ على رؤوسِ الأشهادِ بإنكارِ الحبِّ في الله والبغضِ في الله ، وسمعتُهم أيضا يحثّون الناسَ في خطبِهم وقِصَصِهم على حُسنِ السلوكِ مع النّاسِ كلِّهم واستجلابِ مودتِهم ومحبتِهم ويُرغّبونهم في إظهارِ البشاشةِ لكلِّ أحدٍ وسواء على ظاهرِ كلامِهم الصالحِ والطالحِ من النّاس , وربما صرّحَ بعضُهم أنّ هذه الأفعالَ الذميمةَ من حسنِ الخُلُقِ ومن مقتضياتِ العقلِ!
فيقالُ لهؤلاءِ الحيارى المغرورين:
العقلُ في بابِ الحبِّ والبغضِ والموالاةِ والمعاداةِ عقلان:
أحدُهما: عقلٌ مسدّدٌ موفقٌ قاهرٌ للهوى والنفسِ الأمّارةِ بالسوءِ قد استنارَ بنورِ الإيمانِ وصارَ الحاكمَ عليه كتابُ اللهِ وسنّةُ رسولِه صلى الله عليه وسلم ، فهذا العقلُ يقتضي من أصحابِه أن لا يُقدِّموا على طاعةِ اللهِ تعالى وطاعةِ رسولِهِ شيئاً أبدا ويقتضي من أصحابِه أن يُحبّوا في اللهِ ويبغضوا في اللهِ ويوالوا في اللهِ ويعادوا في اللهِ ويعطوا لله ويمنعوا لله ويُسارعوا إلى كلِّ ما يُحبُّه اللهُ ويرضاهُ من الأقوالِ والأعمالِ سواءً رَضِيَ الناسُ أو سَخِطوا ؛ لا تأخذُهم في اللهِ لومةُ لائم ، وما أقلَّ أهل هذا العقلِ في هذه الأزمانِ المظلمة.
والعقلُ الآخرُ: عقلٌ معيشيٌ نفاقيٌ مخذولٌ قد قهرَتْهُ النفسُ الأمّارةُ بالسوءِ وأسَرَتْهُ الحظوظُ الدنيويةُ والشهواتُ النفسيةُ وصارَ الحاكمَ عليه الهوى فمحبتُهُ لهواه وبُغضه لهواه وموالاتُه لهواه ومعاداتُه لهواه وبَذّلُه لهواه ومَنعُه لهواه.
فهذا العقلُ يقتضي من أربابِه أن يَتَملّقوا لسائرِ أصنافِ النّاسِ بألسنتِهم ويُحسّنوا السلوكَ مع الصالحِ والطالحِ ، وهذا العقلُ هو الغالبُ على أكثر النّاسِ في زمانِنا عامّتِهم وخاصّتِهم وما أكثرهُ في المنتسبينَ إلى العلمِ فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم...]اهـ
ثم قال ص33:
[...إذا عُلِمَ هذا فأهلُ العقلِ المعيشي لا يرونَ بمداهنةِ [ أهلِ ] البدعِ والفسوقِ والعصيانِ بأساً ، وكثيرٌ منهم لا يَرونَ بمداهنةِ الكفّارِ والمنافقينَ بأسا!
وبعضُ أهلِ الجهلِ المركبِ منهم يُنكرونَ على من يَهجرُ أهلَ البدعِ والفسوقِ والعصيانِ ويَكفهرُ في وجوهِهم ويَعدّون ذلك من الهجرِ الذي نهى عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقوله : (لا تهاجروا) وقوله : (لا يحلُ لمسلمٍ أن يَهجرَ أخاهُ فوقَ ثلاث)!
وقد سَمِعتُ هذا من بعضِ الخطباءِ والقُصّاصِ منهم والحاملُ لهم على التسويةِ بين الهجرِ الدينيّ وهو ما كان لله وبين الهجرِ الدنيوي وهو ما كان لحظ النفس لا يخلو من أحد أمرين :
إمّا الجهلُ بالفرقِ بين هذا وهذا.
وإمّا قَصْدُ لبسِ الحقِّ بالباطل عناداً ومكابرةً وتمويهاً على الأغبياءِ الذين لا علمَ لهم بمداركِ الأحكام!
وهذا الأخيرُ هو الظاهرُ من حالِ المتلبسينَ منهم ببعضِ المعاصي ليدفعوا عن أنفسِهم الشناعة وليوهموا الجهالَ أن هجرَهم إياهم من أجلِ المعصيةِ لا يجوز!
وأنّ الذين يهجرونهم من طلبةِ العلم وغيرِهم ليسوا مصيبين!
فيقالُ لهؤلاءِ المذبذبينَ المدّلسينَ:
أنّ الذي جاءت الأحاديثُ بالنهيِّ عنه فيما زادَ على الثلاثِ هو التهاجرُ الدنيويُّ كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى...]اهـ
ثم قال بعد نقله لجملة من الأحاديث والآثار ص62:
[...وكلامُ السلفِ ومن بعدهم من أئمةِ الخلفِ في هجرِ أهلِ البدعِ ومن يَميلُ إليهم كثيرٌ جدا وفيما ذكرتُه ههنا كفايةٌ إن شاء الله تعالى.
ومع هذا فقد أبى أهلُ العقلِ المعيشيِّ إلا أن يُخالفوا ما كان عليه سلفُ الأمّةِ وأئمتُها فتراهم يُبالغونَ في توقيرِ أهلِ البدعِ وتعظيمِهم ويَحرصونَ على مؤاخاتِهم ومصاحبتِهم ودعوتِهم إلى منازلِهم والدخولِ عليهم في بيوتِهم ومواكلتِهم ومشاربتِهم والأُنسِ بهم والانبساطِ معهم وتوليتِهم في الأعمالِ من تعليمٍ وغيرِه!
لا فرقَ عندهم بينهم وبين أهلِ السنة نعوذ بالله من الخذلان وعمى البصيرة!
وقد صار تقريبُ أهلِ البدعِ وتوليتُهم في وظائفِ التعليمِ والوثوقِ بهم في ذلك سبباً في إفسادِ عقائدِ كثيرٍ من المتعلمينَ وأخلاقِهِم فتراهم لا يُبالونَ بتركِ المأموراتِ ولا بارتكابِ المنهياتِ فلا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم...]اهـ
منقول
[... إنّ كثيراً من المنتسبينَ إلى العلمِ قد صاروا يُدندنونَ حولَ إنكارِ هذه الأعمالِ الفاضلةِ المحبوبةِ إلى اللهِ تعالى ويَعدّونها من مساوئ الأخلاق ، ويَعيبونَ على من يَعملُ بها ويَذمونهم ويَعدّونهم لذلك أهلَ تجبرٍ وتكبرٍ وتعنّتٍ وشذوذٍ وتشديدٍ وغلوٍّ في الدين ، وقد سَمِعتُ هذا أو بعضَهُ من بعضِ الخطباءِ والقُصّاصِ الثّرثارينَ المتشدّقين الذين يقولونَ مالا يفعلون ويفعلونَ مالا يُؤمرون ، ويَأمرونَ النّاس بالبرِّ وينسونَ أنفسَهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون؟!
وسمعتُ بعضَهم يُصرّحُ على رؤوسِ الأشهادِ بإنكارِ الحبِّ في الله والبغضِ في الله ، وسمعتُهم أيضا يحثّون الناسَ في خطبِهم وقِصَصِهم على حُسنِ السلوكِ مع النّاسِ كلِّهم واستجلابِ مودتِهم ومحبتِهم ويُرغّبونهم في إظهارِ البشاشةِ لكلِّ أحدٍ وسواء على ظاهرِ كلامِهم الصالحِ والطالحِ من النّاس , وربما صرّحَ بعضُهم أنّ هذه الأفعالَ الذميمةَ من حسنِ الخُلُقِ ومن مقتضياتِ العقلِ!
فيقالُ لهؤلاءِ الحيارى المغرورين:
العقلُ في بابِ الحبِّ والبغضِ والموالاةِ والمعاداةِ عقلان:
أحدُهما: عقلٌ مسدّدٌ موفقٌ قاهرٌ للهوى والنفسِ الأمّارةِ بالسوءِ قد استنارَ بنورِ الإيمانِ وصارَ الحاكمَ عليه كتابُ اللهِ وسنّةُ رسولِه صلى الله عليه وسلم ، فهذا العقلُ يقتضي من أصحابِه أن لا يُقدِّموا على طاعةِ اللهِ تعالى وطاعةِ رسولِهِ شيئاً أبدا ويقتضي من أصحابِه أن يُحبّوا في اللهِ ويبغضوا في اللهِ ويوالوا في اللهِ ويعادوا في اللهِ ويعطوا لله ويمنعوا لله ويُسارعوا إلى كلِّ ما يُحبُّه اللهُ ويرضاهُ من الأقوالِ والأعمالِ سواءً رَضِيَ الناسُ أو سَخِطوا ؛ لا تأخذُهم في اللهِ لومةُ لائم ، وما أقلَّ أهل هذا العقلِ في هذه الأزمانِ المظلمة.
والعقلُ الآخرُ: عقلٌ معيشيٌ نفاقيٌ مخذولٌ قد قهرَتْهُ النفسُ الأمّارةُ بالسوءِ وأسَرَتْهُ الحظوظُ الدنيويةُ والشهواتُ النفسيةُ وصارَ الحاكمَ عليه الهوى فمحبتُهُ لهواه وبُغضه لهواه وموالاتُه لهواه ومعاداتُه لهواه وبَذّلُه لهواه ومَنعُه لهواه.
فهذا العقلُ يقتضي من أربابِه أن يَتَملّقوا لسائرِ أصنافِ النّاسِ بألسنتِهم ويُحسّنوا السلوكَ مع الصالحِ والطالحِ ، وهذا العقلُ هو الغالبُ على أكثر النّاسِ في زمانِنا عامّتِهم وخاصّتِهم وما أكثرهُ في المنتسبينَ إلى العلمِ فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم...]اهـ
ثم قال ص33:
[...إذا عُلِمَ هذا فأهلُ العقلِ المعيشي لا يرونَ بمداهنةِ [ أهلِ ] البدعِ والفسوقِ والعصيانِ بأساً ، وكثيرٌ منهم لا يَرونَ بمداهنةِ الكفّارِ والمنافقينَ بأسا!
وبعضُ أهلِ الجهلِ المركبِ منهم يُنكرونَ على من يَهجرُ أهلَ البدعِ والفسوقِ والعصيانِ ويَكفهرُ في وجوهِهم ويَعدّون ذلك من الهجرِ الذي نهى عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقوله : (لا تهاجروا) وقوله : (لا يحلُ لمسلمٍ أن يَهجرَ أخاهُ فوقَ ثلاث)!
وقد سَمِعتُ هذا من بعضِ الخطباءِ والقُصّاصِ منهم والحاملُ لهم على التسويةِ بين الهجرِ الدينيّ وهو ما كان لله وبين الهجرِ الدنيوي وهو ما كان لحظ النفس لا يخلو من أحد أمرين :
إمّا الجهلُ بالفرقِ بين هذا وهذا.
وإمّا قَصْدُ لبسِ الحقِّ بالباطل عناداً ومكابرةً وتمويهاً على الأغبياءِ الذين لا علمَ لهم بمداركِ الأحكام!
وهذا الأخيرُ هو الظاهرُ من حالِ المتلبسينَ منهم ببعضِ المعاصي ليدفعوا عن أنفسِهم الشناعة وليوهموا الجهالَ أن هجرَهم إياهم من أجلِ المعصيةِ لا يجوز!
وأنّ الذين يهجرونهم من طلبةِ العلم وغيرِهم ليسوا مصيبين!
فيقالُ لهؤلاءِ المذبذبينَ المدّلسينَ:
أنّ الذي جاءت الأحاديثُ بالنهيِّ عنه فيما زادَ على الثلاثِ هو التهاجرُ الدنيويُّ كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى...]اهـ
ثم قال بعد نقله لجملة من الأحاديث والآثار ص62:
[...وكلامُ السلفِ ومن بعدهم من أئمةِ الخلفِ في هجرِ أهلِ البدعِ ومن يَميلُ إليهم كثيرٌ جدا وفيما ذكرتُه ههنا كفايةٌ إن شاء الله تعالى.
ومع هذا فقد أبى أهلُ العقلِ المعيشيِّ إلا أن يُخالفوا ما كان عليه سلفُ الأمّةِ وأئمتُها فتراهم يُبالغونَ في توقيرِ أهلِ البدعِ وتعظيمِهم ويَحرصونَ على مؤاخاتِهم ومصاحبتِهم ودعوتِهم إلى منازلِهم والدخولِ عليهم في بيوتِهم ومواكلتِهم ومشاربتِهم والأُنسِ بهم والانبساطِ معهم وتوليتِهم في الأعمالِ من تعليمٍ وغيرِه!
لا فرقَ عندهم بينهم وبين أهلِ السنة نعوذ بالله من الخذلان وعمى البصيرة!
وقد صار تقريبُ أهلِ البدعِ وتوليتُهم في وظائفِ التعليمِ والوثوقِ بهم في ذلك سبباً في إفسادِ عقائدِ كثيرٍ من المتعلمينَ وأخلاقِهِم فتراهم لا يُبالونَ بتركِ المأموراتِ ولا بارتكابِ المنهياتِ فلا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم...]اهـ
منقول