في سؤال وجه لفضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان ، عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة السعودية حول بداية العملية التعليمية ورجوع الطلاب والطالبات إلى المدارس؛ ما هي وصية فضيلتكم لأبنائكم الطلاب مع بداية هذا العام الدراسي؟
فأجاب الشيخ -حفظه الله- : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وأصَحْابِهِ أَجْمَعِينَ .
ونسأل الله - سُبْحَانَهُ - أن يجعل هذا العام وكل عامٍ يمرُ بالمسلمين أن يكون عام خيرٍ وبركة، وأمنٍ وإيمان .
ونوصي أبناؤنا الطلاب بتقوى الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - وحفظ أوقاتهم على ما تهيُّؤًا له من الطلب في مختلف المراحل، وأن يحذروا من الصوارف ومن الفتن والشرور التي تُلقى في هذه الوسائل المنبثة بين الناس؛ لأنها قواطع للوقت، ولأنها يُنشر فيها ما يُسمم الأفكار. فعلى شبابنا وعلى أهليهم وأصحاب البيوت وعلى المعلمين والمعلمات أن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن ينصحوا لطلابهم وطالباتهم في إلقاء الأفكار الصحيحة المتمشية مع الكتاب والسنة وما تسير عليه البلاد من سيرة حسنة، عليهم أن يحفظوا أوقات الطلاب فيما ينفعهم، لأن المتعلم أداة بيد المعلم، كيفما يوجهه فعلى المعلمين والمعلمات تقوى الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - والقيام بأداء الأمانة الملقاة على عواتقهم، فإن المسلمين سلموا أولادهم لهؤلاء المعلمين ووثِقوا بهم . عليهم أن يتقوا الله أولًا، وأن يكونوا عند حسن الظن؛ ظن المجتمع بهم، وأن يقوموا بما أوجب الله عليهم من التوجيه والنُصحِ والإرشاد وإخلاص النية لله – عزَّ وَ جَل - فإنهم هم الموجهون وهم القدوة، وهم مؤتمنون على أولاد المسلمين، فعليهم جميعًا أن يتقوا الله وأن يتعاونوا على البر والتقوى . وأن يحذروا الأولاد من الأفكار الدخيلة ومما يغير توجهاتهم، فإن الوقت وقت فتنةٍ وشرور، ولكن مع التوكل على الله والإعتماد عليه، وخالص النصيحة ييسر الله الأمور ويُعين .
(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ) ، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) .
فهم أمانةٌ بأعناق هؤلاء المعلمين، وفقهم الله وسدد خطاهم، وليكون المعلمون قدوةً حسنةٌ لطلابهم، ليكونوا ناصحين، قال اللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - (كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ). والربانَّي: هو العالم العامل بعلمه؛ هذا هو العالم الربانيَّ؛ نسأل الله - جَلَّ وَعَلاَ - أن يجعلنا وإياكم من الربَّانيّين المخلصين الذين يربون أولاد المسلمين على المنهج السليم، وأن يصونوا أفكار الأولاد من دخول هذه الترهات والأباطيل التي تُنشر هنا وهناك لتُسمم أفكارأبناء المسلمين . فإن الإعلام والتعليم هما الأدوات الموجه للمسلمين طُلابًا وشعبًا، أن يكونوا قائمين بما اِئتمنَهم الله عليه، واِئتمنَهم المجتمع عليه، أن يكونوا صالحين مخلصين، وأن يكونوا موجهين مرشدين، أن يكونوا قدوةٌ لطلابهم بالصدق والأمانة و الإخلاص وحفظ الأوقات وعدم إضاعة الأوقات فيما يتعارض مع دينهم، ومع أمن وطنهم، ومع كلُ ما يُخل بأمن المجتمع. أن يكونوا أداة صالحة مصلحة خالصة مخلصة .
نسأل اللهَ أن يُعين الجميع وأن يُسدد الخطى، وأن يحفظنا وإياهم وجميع المسلمين، هذه البلاد بلاد الحرمين، بلاد التوحيد، قبلة المسلمين، قلب العالم الإسلامي؛ عليها مسئولية عظيمة لأنها قدوةٌ صالحة ولأن ما يصدر منها ينتشر على العالم الإسلامي. والعالم الإسلامي كله متوجهٌ إلى بلاد الحرمين الشريفين، وفيها مأرز الإيمان، وفيها مهبط الوحي، وفيها قبلة المسلمين، فهم عليهم مسئولية أكثر من غيرهم؛ والأمر يتركز على هاتين الناحيتين: الإعلام والتعليم، فلتكن هاتان الجهاتان لتكون جهة خيرٍ ومنبر إرشادٍ ونصحٌ وتوجيه، لأنها هى محل ثقة العالم الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها .
نسأل الله - عزَّ وَ جَل - أن يحفظ علينا أمننا وإيماننا؛ واستقرارنا في أوطاننا وأن يدفع عنا وعن المسلمين كل سوءٍ ومكروه وأن يكُف عنا بأس الذين كفروا، فهو أشد بأسًا وأشدُ تنكيلا .
المصدر موقع الشيخ حفظه
تعليق