نص السؤال: إذا وفق الله الشخص لطلب العلم ورجع إلى بلده فكيف يبدأ بالدعوة إلى الله ؟
نص الإجابة: أمرٌ طيب ، الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول لأبي موسى ومعاذ : " بشرا ولا تنفرا ، ويسرا ولا تعسرا ، وتطاوعا ولا تختلفا " ، ويقول أيضاً كما في حديث أنس المتفق عليه : " إنما بعثتم ميسرين ، ولم تبعثوا معسرين " ، والرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " إن هذا الدين يسر " .
وأنا أحب أن تكون لبقاً ، قالوا لك : الوهابية لا يذكرون الله ، وينهون الناس أن يذكروا الله ، سيقال هذا ! إذا قلت للصوفية : لا تنبحوا نبيح الكلاب ، أو تنهقوا نهيق الحُمّر ، ها ها ، لا تفعلوا هذا سيقولون : أنتم تمنعون الناس أن يذكروا الله ، أبغيك تأتي بخطبة في فضائل الذكر ، وكيفية الذكر المشروع .
وهكذا قالوا : الوهابية لا يصلون على النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، أبغيك تلقي خطبة في فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
قالوا : الوهابية لا يحبون أهل البيت ، أبغيك تلقي خطبة في فضائل أهل بيت النبوة .
وهكذا تعالج الأمور حتى لا تلبس لباس أنت برئ منه ، وكأنك تضربهم بالسياط ، في ذات مرة مسؤول ههنا بصعدة يقال له الجندبي مدير الأمن الوطني ، ألتقى بالأخ محمد وقال : سنحارش بين مقبل وأهل صعدة الشيعة ، قال له الأخ محمد : ما تستطيع ، أخبرني بهذا ، انظروا يا إخوان المسئول يجب أن يكون مثل الأب ، وأن يكون رحيماً بالرعايا وهذا يحارش بين المواطنين ، مثل أنت عندك أولاد وحصل منهم بعض الخطأ قلت سأحارش بين الأولاد من أجل أن يشغلوا عني .
فبحمد الله خطب شتى في فضائل أهل بيت النبوة ، المهم ما تكون آلة لفلان ولا فلان ، إذا شعرت أنهم يريدون أن يحارشوا بينك وبين الإخوان المفلسين فأنت تنسحب قليلاً وتصمد لأنك أنت على خير إن صمدت وأقبلت على العلم النافع فأنت على خير ، وإن حذرت من الباطل فأنت على خير .
ثم بعد ذلك تبدأ بتحفيظ القرآن ، وتعليم الأبناء أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - من الأحاديث القصيرة مثل : " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " ، " من حلف بالأمانة فليس منا " ، " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت " ، " ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " ، " ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " ، وهكذا من هذه الأحاديث التي تعلق بالأذهان ، ومثل أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لعلي بن أبي طالب : " لا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته ، ولا صورة إلا طمستها " ، ما تدري بإذن الله إلا وقد ربيت لك مجموعة ، تمشي ببطئ أما الذي يسرع ربما ينقلب ، فلا ، أنا أنصحك أن تمشي ببطئ ، وإذا رأيت أعداءك يزحفون تأخرت قليلاً لأن زحفهم هي فورة مثل الماء إذا فار تأخره من على النار قليلاً وسيبرد ، أما أنت فدعوتك مستمرة .
ثم بعد ذلك أيضاً ما تبقى مدة يسيرة بينهم وما ندري إلا وصاحبنا قد أصبح حالق اللحية ، مخزناً متنتناً ، مالك يا فلان ؟ قال : والله ما سبروا ، تكلمنا معهم وأتعبونا وما سبروا ، لا ، الواجب أنك تصبر : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " [ آل عمران : 200 ] ، ما يأثر عليك أهل الدنيا ، وربما تدخل المجلس ومرحباً بك وأهلاً وسهلاً فإذا كنت ههنا قالوا : ما رأيك في معاوية ؟ وهم يريدون أن يضيعوا عليك الوقت وهم عندهم أعظم من الكلام في معاوية عندهم ديمقراطية ، أو عندهم تمسح بأتربة الموتى ، أو عندهم سب لجميع الصحابة ، أو ما رأيك في القات ؟ يريدون أن يضيعوا عليك الوقت في القات حلال أم حرام ، فلا .
أنت إذا تكلمت لا بد أن تتكلم في الأمور التي تنفع والتي تكون أموراً مُسّلمة مثل : التمسح بأتربة الموتى ، دعاء الأموات ، الولاء لأهل الإسلام والبراء لأعداء الإسلام ، وهكذا وتمشي ببطئ ، أنا أنصحك أن تمشي ببطئ ، كم مكث النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في مكة ؟ ثلاثة عشر عاماً ، وبعدها كم مكث في المدينة ؟ عامين حتى أذن له بالجهاد " أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ " [ الحج : 39 ] ، ما تقول : والله إذا تأخرت عن هذه القضية ستصير إنهزام للدعوة ، لا ، أبغيك تتأخر ، وتتأخر ، وتتأخر ، ما تدخل الدعوة في صراع ، ولا تتبع شهوتك النفسية ، الشهوة ربما تريد الغلبة ، فلا ، لا بد أن تتأنى ، وتمشي ببطئ . والحمد لله رب العالمين .
-------------
من شريط : ( أهمية طلب العلم )