قال فضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان حفظه الله تعالى:
على الإنسان أن يعرف قدر نفسه، وأن يعرف قدر ربه،
وأن يجتهد في تحقيق الإخلاص في قلبه، وأن يجتهد في الإقبال على سيده ومولاه،
كل ذلك إنما يتأتى الخلل فيه بسبب جهلنا بسير سلفنا الصالح،
وإنما أوتي القوم من جهلهم بسير سلفهم، فلو أن الإنسان تأمل في أحوال السابقين
في خوفهم، في كثرة بكائهم، في إشفاقهم، في توبتهم، في صدقهم، في نصحهم، في إنابتهم، وعبادتهم،
في بذلهم أنفسهم لله جل وعلا، وبذلهم ما في أيديهم خالصا لله جل وعلا،
في حرصهم على البعد عن كل ما يشوب القلب ويؤثر في الطويَّة ويشوب النية،
لو أننا عرفنا أحوال هؤلاء الصالحين لازددنا بصيرة بأمرنا،
علينا أن نتأمل في سيرهم وأن ننظر في أحوالهم،
فننظر في أحوال الصحابة رضوان الله عليهم كيف كانوا يقيمون الليل، ويصومون النهار،
ويجاهدون في سبيل الله، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويصدقون في القول، ويخلصون النية،
كيف كانوا يحبون الله ويحبون رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم،
كيف كانوا يبذلون لله تبارك وتعالى نفوسهم وأموالهم وأرواحهم وما ملكت أيديهم،
كيف كانوا يقضون الأيام والليالي لله رب العالمين خالصة،
أحوالهم كلها كانت خالصةً لله رب العالمين، خصوماتهم لله، وإقبالهم وإدبارهم لله، صحوهم ونومهم لله،
ومن تبعهم بإحسان ومن وفقهم الله رب العالمين للإيمان الكامل والعمل الصالح من سلفِنا الصالحين..
علينا أن نتأمل في تلك الأحوال، لأننا اليوم نُخدَع أحيانا بأقوام..
الواحد منهم يأتي بطرف من أطراف الطاعة أو يُحسِن الكلام.. إذا لم تكن عارفا بسير سلفك الصالحين خُدِعت،
فأين الثرى من الثريا وما أنت إلا مخدوع،
ولو عرفت حقيقة الأمر وكانت همتك عالية لاستطعت أن تميِّز البهرج من الأصيل،
والزائف من الخالص الذي لا شوب فيه،
وهذه قاعدة ينبغي أن تلتزمها في نفسك أنت أولا،
يعني إذا أحسن الله إليك فأقامك في مقام علم ودعوة، أو مقام عمل وعبادة،
فلا تنظرنَّ إلى أحوال أهل زمانك فكثير منهم أهل سوء،
لأنك لو قارنت نفسك بمن حولك لصرت في نفسك عند نفسك إماما، هم جهَّال لا يعلمون،
قد بسط الله لك في العلم أو في العبادة هؤلاء ليس عندهم ولا فيهم خير،
فإذا قست نفسك بهؤلاء المتخلفين عددت نفسك عند نفسك إماما،
قس نفسك بالسابقين بالأئمة الصالحين،
وحينئذ تستصغر عملك وعلمك،
انظر في حفظك وفي علمك وانظر في حفظ الأئمة السابقين من الصحابة والتابعين لهم بإحسان على مر القرون،
وقارن.. قارن هذا بهذا..
قارن عبادتك بعبادتهم وزهدك بزهدهم، قارن عملك بعملهم وعلمك بعلمهم، وحينئذ تعرف حقيقة الأمر،
والنبي صلى الله عليه وسلم أمرنا في أمر الآخرة أن ننظر إلى من هو أعلى منا فهذا مصداقه،
فعلينا أن ننظر إلى من هو أعلى منا في أمور الآخرة، وسلفنا الصالحون من الصحابة ومن تبعهم بإحسان هم القدوة والمثل،
فإذا قارنت فاعقد المقارنة بينك وبينهم تعرف حقيقة الحال.
من محاضرة بعنوان : عقبات في طريق التوبة
من الدقيقة 51:35 إلى 56:10