بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
مسائل الاجتهاد والخلاف - اختلاف العلماء في الجرح والتعديل
مُقتطفةٌ مِن [دورة إعداد المفتي2 ش2]
للشَّيخ الأُصوليّ المُحقِّق الفقيه
أ.د سليمان الرحيلي
حفظه الله
التَّحميل مِن المُرفقات
مسائل الاجتهاد والخلاف - اختلاف العلماء في الجرح والتعديل
مُقتطفةٌ مِن [دورة إعداد المفتي2 ش2]
للشَّيخ الأُصوليّ المُحقِّق الفقيه
أ.د سليمان الرحيلي
حفظه الله
التَّحميل مِن المُرفقات
التَّفريغ
المسائلُ الّّتي يدخُلُها الاجتِهاد! طبعًا يا إخوة هُناك فرقٌ بين المسائل الاجتِهاديَّة والمسائل الخلافيَّة.
المسائل الخِلافيَّة أوسع مِن دائرة المسائل الاجتِهاديَّة؛ لأنَّه ليس كُلُّ خِلافٍ مُعتبرًا، قد تكون المسألةُ خلافيَّة لكنها ليستْ اجتِهاديَّة.
أُعطيكم توضيحًا:
قد يُختلَف في المسألة على قوليْن؛ فيحتجُّ أحدُ العُلماء بحديثٍ صحيحٍ، ويحتجُّ أحدُهم بالرَّأي (بالقياس)؛ لأنَّه لم يبلُغْهُ الحديث الصَّحيح؛ المسألة هُنا خِلافيَّة لاشكَّ لوُقوع الخِلاف، لكنَّها ليستْ اجتِهاديَّة.
المسألةُ الاجتِهاديَّة: هي الَّتي تتقاربُ فيها الأدِلَّة، يعني يكون لكُلِّ قول دليل لهُ قُوَّة؛ قتتقاربُ الأدِلَّة، حتَّى لو رجَّحتَ؛ لا يكون ذلك مانعًا مِن الرَّأي الآخَر؛ فالأدِلَّة مُتقاربة.
مِثلما قُلنا مسألة مسِّ المُصحف، مِثل مسألة بِما يحصُلُ التَّحلُّل الأوَّل، هل يحصُل باثنيْن مِن ثلاثة أو يحصُل بالرَّميِ؛ الأدِلَّة مُتقاربة، وهذا الحديث فيه ضَعف وهذا الحديث فيه ضَعف؛ فهذه مسائل اجتِهاديَّة.
والقاعدة الصَّحيحة: أنَّه لا إنكار في مسائل الاجتِهاد.
فلو أنَّ زميلَك رمى الجَمرةَ، وتحلَّل؛ ما تُنكر عليه، ولو أنَّ زميلك الآخَر قال: ما أتحلَّل حتَّى أرمي، وأحلِق؛ ما تُنكر عليه؛ لأنَّ المسألة اجتِهاديَّة، ليس فيها إنكار.
ولكن لا بأس مِن النَّظر العِلميِّ، أنْ تقول لهُ: لِمَ؟ ويقول لك: لِمَ؟ وتُورِدان الحُجَجَّ، هذا لا بأس به، لكن لا تُنكرْ عليه على أنَّه فعل مُنكَرًا؛ فلا إنكار في مسائل الاجتِهاد.
ويُخطئ بعضُهم، فيقول: لا إنكار في مسائل الخِلاف! وهذا غيرُ صحيح؛ مسائل الخِلاف قد يكون فيها إنكار، فإذا كان القولُ المُخالِف غير مُستنِدٍ إلى الحديث، وكان القولُ الآخَر مُستنِدًا إلى حديث صحيحٍ؛ فَفِيها إنكارٌ، وإنْ كان صاحبُ القولِ معذُورًا، فالَّذي علِمَ ليس معذُورًا.
مثلا: قد يأتي أبو حنيفة رحمهُ اللهُ، ويقول قوْلا بناءً على القياس؛ لأنَّ الحديثَ لم يبلُغْهُ، هو مُجتهدٌ مأجورٌ، معذُورٌ.
لكن الحنَفيُّ اليوم الَّذي علِمَ بالحديثِ، وأنَّه صحيحٌ، وأنَّه يُخالِفُ هذا القولَ ليس معذُورًا، ولا يجوز له أنْ يحتجَّ بأبي حنيفة رحمهُ اللهُ؛ لأنَّه علِمَ اليوم ما يمنَعُ أنْ يقول بذلك القول، ولو كان أبو حنيفة رحمهُ اللهُ عالِمًا بهذا الحديث؛ لَمَا قال بهذا القول؛ فهُنا يُنكَرُ عليه.
فلو جاءنا شخصٌ ورأيناهُ يُصلِّي، وينقُرُ صلاتَهُ نقرَ الغُراب؛ فقُلنا لهُ يا أخي: ما هذه الصَّلاة؟ قال: هذا مذهبُنا! نحنُ أحنافٌ، وهذا مذهبُنا!
نُنْكِرُ عليه، ونُورِدُ عليه الأحاديث الكثيرة الدَّالَة على حُرمةِ هذا بألفاظِها المُختلِفة مِن جهة تشبيهِها بالحيوانات، مِن جهة وصْفِها بكوْنِها سرقةً إلى غير ذلك، وحديث المُسيء صلاتِه؛ ففيه إنكارٌ، وإنَّما لا إنْكار في مسائل الاجتِهاد.
فإذا أصبحتْ المسألةُ اجتِهاديَّةً، تقاربتْ الأدِلَّة؛ فإنَّه لا إنكار، ولا يمنع هذا أنْ تُرجِّحَ، يُمكن أنْ تُرجِّح قولا، ولكنَّك لا تُنكر على مَن خالَف هذا القول.
وهذه مسألةٌ مُهمَّةٌ جدًا، ونافعةٌ جدًا في كُلِّ ما يقعُ فيه الخِلاف بين مَن يُعتبرُ قولُهم في الشَّأن.
فحتَّى في الرِّجال، لو فرضنا أنَّ أهلَ العلمِ المُعتبَرين في هذا الباب اختلَفُوا في رجُلٍ ما بين قادِحٍ فيه ومادِحٍ له!
نحنُ ننظرُ، إذا كانتْ المسألةُ خِلافيَّةً وليستْ اجتِهاديَّةً؛ فإنَّه يُؤخذُ بالقولِ الصَّحيحِ، ولا عبرةَ بالقولِ الّذي لم يستنِدْ إلى دليل.
مثلا: لو أنَّ أحدَ العُلماء قال: فُلانٌ مُبتدِعٌ؛ لأنَّه يقول، ويفعل، وقال، وجاء بأشياء مِن! وعالِمٌ آخَرٌ قال: لا؛ لأنَّه لم يقرأْ لهُ، وكُلَّما أُعطيَ شيئًا؛ ما نظر فيه، فهو يحكمُ على الأصل.
هُنا ما نقول: المسألة اجتِهاديَّة، والمسألة خِلافيَّة! بل الّذي علِمَ مُقدَّمٌ على الّذي لم يعلم وإنْ كان فاضلا؛ فنقول: لا نلتفِتْ لهذا القول، ويُؤخذ بهذا القول.
لكن العُلماء إذا قال قائلٌ مِنهم قولا، وقال آخَرٌ قولا، وكُلٌّ له اجتِهادُهُ؛ أصبحتْ المسألةُ اجتِهاديَّة، يعني كُلٌّ له ما يذكرهُ في هذا الباب؛ أصبحتْ المسألةُ اجتِهاديَّة.
إذا أصبحتْ اجتِهاديَّة؛ لا يعني هذا أنَّك لا تُرجِّحُ، بل قد يظهر ....حال القادح؛ فتأخذُ به، ولستَ بمَلُومٍ، ولا يُحتجُّ عليك بمدحِ المادح، وقد يترجَّح لك مدح المادح في هذه المسألة بالأُصول الشَّرعيَّة؛ فتأخذ به، ولا يُنكر عليك بقدح القادح مِن هذا الباب، ولا يحملُ بعضٌ على بعضٍ، ولا يُلزَمُ بقولِ أحدٍ، وإنَّما النَّظر إلى الدَّليل والاجتِهاد.
فهذه المسألة مُهمَّة جدًا، يُخطئ كثيرًا مَن يقول: لا إنكار في مسائل الاختِلاف.
فبعضُ النَّاس ـ مثلا ـ يقول: إذا اختلف المشايخ في رجُلٍ! ـ أنا جئتُ بهذا؛ لأنَّه واقعٌ ـ، إذا اختلف المشايخ في رجُلٍ؛ فلا إنكار! خلاص، والمسألة كُلٌّ يأخذُ! لا.
المسألةُ الخِلافيَّةُ ليستْ رافعةً للإنكار، فإذا كان الخِلافُ ليس مبنيًّا على أُصولٍ تجعلُ المسألةَ اجتِهاديَّة؛ ففِيه إنكارٌ؛ لأنَّ بعضَ المشايخ قد يمدحُ إنسانًا لِمَا يعلَمُهُ عنهُ قبل عشرين سنةً ـ "والقُلوب بين إصبعيْن مِن أصابع الرَّحمن يُقلِّبُها كيف يشاء" ـ ولم يعلم بِما جَدَّ وحدثَ، فهُنا ما نقول المسألة اجتِهاديَّة، ولكن قد تكون المسألة اجتِهاديَّة، فهُنا يجبُ يا إخوة أنْ تُعطى المسألةُ قدرَها، وتدخلُ تحت قاعدة "لا إنكار في مسائل الاجتِهاد"، ولا يمنعُ هذا الترجيحَ.
وينبغي على الإنسان يا إخوة أنْ يكون صاحبَ سُنَّة، صاحبَ قلبٍ حيٍّ، وأنْ يكون صاحبَ ورَعٍ، وأنْ يكون بعيدًا عن أنْ يظلِم.
وأنا أقول يا إخوة: هُناك شيءٌ مُهمٌّ جدًا "قد يُعذرُ القائل الأصليُّ، ولا يُعذرُ مُتَّبِعُهُ" قد يُعذرُ القائل الأصليّ، بلْ قد يُمدحُ القائل الأصليّ! وأنا أقول إنَّه مأجورٌ، لكنَّ مُتَّبِعَهُ لا يُمدحُ.
أُعطيكم مثالا فقط! أنَّ إنسانًا مِن دولةٍ مِن الدُّول، وهُناك داعيةٌ معروفٌ عندنا بالسُّنَّة، وكان معروفًا بالسُّنَّة عند الجميع، بلَغَ أحدُ العُلماء في بلدٍ مِن البُلدان عنه أشياءً، وقدحَ فيه بهذه الأشياء وهو مُحِقٌّ، لكن أنا في البلد أعلمُ أنَّ هذه الأشياء قديمة، وأنَّ الرَّجُلَ تاب مِنها، ويقول: أنا أتوب إلى مِن هذا الكلام، أنا نعم قُلتُهُ، لكن أستغفِرُ اللهَ أخطأتُ فيه، وأنا تائبٌ.
أنتَ الّذي علِمتَ توبتَهُ لا يجوز لك أنْ تقدحَ فيه بقدحِ الشَّيخ، والشَّيخُ مأجورٌ على اجتِهادِه؛ وهذه مسألةٌ مُهمَّةٌ جدًا يا إخوة.
نحنُ مثلا نقول في الفقه: لو أنَّ إمامًا قال قولا مُستنِدًا إلى رأيٍ؛ لأنَّ الدَّليل لم يبلُغْهُ، ثُمَّ جاء مَن بعده فعلِمَ بالدَّليل؛ الإمامُ معذورٌ مأجورٌ، والمُتَّبِعُ إذا ترك الدَّليلَ مأزورٌ، لا يجوز لهُ هذا القول، فهذه مسألة مِن الأهمِّيَّة بمكان، ولا بُدَّ مِن الانتِباه إليها.
والخلطُ بين الأُمور أوقعَ الإخوةَ في الشُّرور، حقيقة تفرَّق الإخوة على غير مُفرِّق، واجتَمعُوا على غير جامِعٍ! وكِلا الأمريْن غلَطٌ، فلا بُدَّ مِن هذا الأمرِ، ولا بُدَّ مِن فِقهِهِ.
وأنا أنوي إنْ شاء اللهُ أنْ أُلْقِي مُحاضرةً عن هذا الأمر بُخُصُوصِهِ، ونذكرُ فيه تفصيلات أهل العلم الدَّقيقة في مثل هذا الباب حتَّى تُعلمَ أُصوله الشَّرعيَّة، ولا يبغي أحدٌ على أحدٍ؛ لأنَّ بعضَ النَّاس الآن أصبح يبغي حتَّى على المشايخ؛ لأنَّه يرى غير رأيهم، فيقدحُ في المشايخ، ويسبُّ المشايخ! فإمَّا أنْ يقول هؤلاء مُتشدِّدُون، وهؤلاء غُلاة التَّبديع، وهؤلاء كذا ـ والعياذ بالله ـ، أو يقول هؤلاء مُمَيِّعون، هؤلاء مُتساهِلون، هؤلاء كذا وهؤلاء كذا! وكُلُّهم مِن المشايخ الّذين لهم وزنُهم وشأنُهم في العلم؛ ولا شكَّ أنَّ هذا غلَطٌ، وأنَّ الأُمور لا بُدَّ أنْ تُوضع في ميزانِها الصَّحيح..
طبعًا مرةً يا إخوة! يعني أنا ذكرتُ شيئًا مُهمَّا جدًا، وسُئِلتُ سؤالا وأجبتُ، يعني حول ما يقعُ مِن خِلاف بين المشايخ، وقُلتُ: إنَّ المشايخ قد يختلِفون مِن جهة أنْ يكون جاء الأمرُ عن طريق خبرٍ واحدٍ هو ثقة عند أحد المشايخ، غير ثقة عند الآخَر؛ فيختلِفون في هذا، وقد يختلِفون في فهْمِ الكلام، وقد يختلِفون في وزن الكلام.
هُنا أنا أُشير إلى قضيَّةٍ يا إخوة هو أنَّ الخِلاف بين المشايخ المُعتبَرين ليس خِلاف هوى، وليس خِلاف رغبات دُنيويَّة، وإنَّما هو دين، ويعود إلى ثلاثةِ أسبابٍ لا بُدَّ مِنها:
إمَّا اختِلاف في الطَّريق، وإمَّا اختِلاف في فهمِ الكلام، وإمَّا اختِلاف في وزن الكلام.
بمعنى: قد يختلِفُ المشايخ في الطَّريق، فيكون هذا الشَّيخ بلَغَهُ الخبرُ عن طريق رجُلٍ يثقُ به؛ فيأخذُ بقوله، وهذا الشَّرع، ولكنَّ الشَّيخَ الآخَر لا يثقُ بهذا، ويرى فيه جارِحًا، فهذا اختِلاف في الطَّريق.
وقد يكون الاختِلاف في فهمِ الكلام، بمعنى أنَّه ثابتٌ، موجودٌ في الأشرِطةِ، وموجودٌ في الكُتب، حتَّى المُخبِر ثقة عند الجميع، ولكن يختلِفون في فهم هذا الكلام؛ فيفهمُهُ بعضُهم على وجه يكون قادِحًا فعلا، ويفهمُهُ بعضُهم على وجهٍ لا يكون قادِحًا.
والأمرُ الثالث أنَّه قد يكون الاختِلاف في وزن الكلام، يتَّفِقون على فهمِهِ، وأنَّ معناهُ واحدٌ، ولكن هل هذا الكلام خطأٌ أو بدعةٌ؟ هذا شيءٌ آخر! هم كُلُّهم يتَّفِقون أنَّه خطأ، لكن هل هو خطأ؟ أو خطأ يصِلُ إلى درجة أنَّه بدعة؟ فيختلِفون في هذا؛ فيختلِفون في الرَّجل.
أقول هذا ونبَّهتُ عليه لِمَ؟
لأنَّ بعضَ النَّاس لَمَّا سمع هذا الكلام، أخذ يُردِّدُ ويقول: إنيِّ أقول إنَّ المشايخ الّذين يقدحُون في رجُلٍ، إنَّما يعتمِدون على خبر الواحد فقط!
وهذا ـ والله ـ ما قُلتُهُ، ولكن أقول: قد يكون سببُ الخِلاف هذا، وقد لا يكون، بل يكون الجميع يتَّفقون على ثُبوت الكلام، موجودٌ كما قُلتُ في الأشرطة وكذا، فننتقلُ إلى السَّبب الثَّاني وهو الاختِلاف في فهم الكلام.
وأمَّا أنْ يتَّفِقَ العُلماء المُعتبَرون مشايخ أهل السُّنَّة على الثُّبوت، وعلى الفهم، وعلى الوزن؛ ثُمَّ يختلِفون لهوى في قُلُوبهم؛ فـ ـ والله ـ ما نعرفه في المشايخ، ولا نعرفُهُ في العُلماء المُعتبَرين؛ ولذلك ثِقْ تمامًا، ثِقْ تمامًا إذا وجدتَ خِلافًا بين شيخيْن مِن شُيوخ أهل السُّنَّة المعروفِين في رجُلٍ أنَّه لا بُدَّ مِن واحدٍ مِن هذه الثلاثة ـ يقينًا ـ، لا بُدَّ مِن واحدٍ مِن هذه الثلاثة:
إمَّا اختِلاف في الطَّريق، وإمَّا اختِلاف في الفهمِ، وإمَّا اختِلاف في الوزنِ.
هذا لايعني أنْ لا تُرجِّح! يُمكن أنْ تُرجِّح، لكن يجبُ أنْ تعرفَ هذا السَّببَ حتَّى لا يُبْغَ على أهل العلم، ولا يُبْغَ على المشايخ، وحتَّى لا تتفرَّق القُلوب حيثُ لا يجوز أنْ تتفرَّق، ويكون الموقفُ شرعيًّا، نعم.
جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم، وأحسن اللهُ إليكم، هل نستطيعُ أنْ نقول: أنَّ الاحتِمال أو كوْن الأدِلَّة مُحتمِلةٌ معيار لِكوْن المسائل اجتِهاديَّة؟
نعم، هو المقصود هو تقاربُ الأدِلَّة بشتَّى أنواع التَّقارب، مثل ـ مثلا ـ أنْ يكون الحديثَ الّذي يستنِدُ إليه هذا القول فيه ضَعف، والحديث الّذي يستنِدُ إليه فيه ضّعف؛ هُنا مُتقارب، أو يكون احتِمال دلالة هذا الحديث فيها ضَعف، واحتِمال دلالة هذا الحديث على القول فيها ضَعف؛ فتكون مُتقاربة، تكون هُناك أدِلَّة، وهذه الأدِلَّة مُتقاربة.
أمَّا إذا كان أحدُ الجانبيْن فيه دليل مُعتبَرٌ، والآخر فيه دليل لا يقتربْ مِنه؛ فهذه ليستْ مسألةً اجتِهاديَّة وإنْ كانتْ مسألةً خِلافيَّة، نعم.
أحسن اللهُ إليكم، بعد هذا الكلام الطَّيِّب المُبارك لو عرَّجتُم على الفرق بين الخطأ في التَّقعيد والخطأ في التَّنزيل.
هو على كُلِّ هذه مسألة أنا كما قُلتُ تحتاجُ إلى مُحاضرةٍ يُفصَّل فيها، يعني لا شكَّ أنَّ هُناك فرقًا بين الخِلاف في الأُصول والخِلاف في تنزيل الأُصول.
يعني الّذي يُخالِفُ في الأصل؛ هذا مُفارقٌ، لكن الّذي يتَّفقُ معك على الأصل، ويقول به، ولكنَّه خالَف في تنزيلِه في واقع؛ فهذا ليس مُفارِقًا، وإنْ كان قد يكون مُخطئًا؛ فهُناك فرقٌ كبير في الخِلاف في الأُصول نفسِها وبين الخِلاف في تنزيل الأُصول في بعضِ الوقائع، لا في كُلِّ الوقائع؛ لأنَّ الخِلاف في كُلِّ الوقائع كالخِلاف في الأصلِ.
بعضُ النَّاس يُموِّهُ يقول: أنا ما أُخالِف، لكن لا يُنزِّل الأصلَ على شيءٍ؛ هذا في الحقيقة كالخِلاف في الأصلِ، لكن إذا كان الخِلافُ في واقع، يعني ما رأى تنزيل هذا الأصل على هذه الواقعة؛ لأنَّه رأى أنَّه لاينطبقُ عليها؛ فقد يكون مُخطئًا، لكنَّه لا يكون مُفارِقًا، نعم.
جزاكم الله خيرًا، وبارك فيكم، ذكرتُم مسألةَ المُضبَّب بالفضَّة.
نعم.
بالنَّسبة لمسألةِ المُموَّهِ، ضابط المُموَّه مِن حيثُ التَّحريم وعدم التَّحريم؟
المُموَّهُ إذا كان موضوعًا على الإناء، إذا كان هُناك شيئًا وُضِع على الإناء مِن الفِضَّة والذَّهب، إنْ كان مِن عيْن الذَّهب والفِضَّة؛ فإنَّ الصَّحيح أنَّه لا يجوز استِعمالُهُ. وإنْ كان مِن ماء الذَّهب والفِضَّة؛ فهو في الحقيقة لون، وليس له ذات، نعم أصلُهُ مِن الذَّهب، ولكنَّه الآن أصبح لونًا، ليس ذهبًا، لو ذهبتَ إلى الصَّائغ، وقُلتَ: الذَّهب الّذي في هذا الفنجان بكم؟ يضحك عليك؛ فهذا يجوز استِعمالُه.
الآن فيه ـ مثلا ـ فيه فناجين فيه كذا مُموَّهةٌ بماء الذَّهب، وليس بالذَّهبُ، فليس فيها مِن الذَّهب مِن شيءٍ؛ فهذه يجوز استِعمالُها، أمَّا المُموَّه بذات الذَّهب والمُموَّه بذات الفِضَّة فالصَّحيح مِن أقوال أهل العلم أنَّه لا يجوز استِعمالُه، والله تعالى أعلى وأعلم.
وصلَّى الله على نبيِّنا وسلَّم.
تعليق