سئل العلَّامة زيدُ بنُ محمدٍ المدخلي رحمه اللهُ تعالىٰ:
"ما رأيكم فيمن يربّي الناشئين في الطَّلَب علىٰ كتبٍ فيها بدع وضلالات؟"
فأجاب:
"والنُّصـــــــــحُ لِلخَلْقِ وُجوبُه ثَبَتْ * في سُنَّةِ الهادي ثقاتٌ قد رَوَتْ
كما أتىٰ موضَّحًا في مُسْلمِ * اقرأْ بفَهْمٍ مُخلِصًا واستقِمِ
يا مَن يُربِّي الناشِئين في الطَّلَبْ * بِكُتُبِ التضليلِ لُقِّيتَ العَطَبْ
ماذا تريدُ بانتشــــــــــــــــــــارِ المنكَرِ * لِتَحْمِلَ الوِزْرَ وتَظْلِمَ البَري
وتَبْذُرَ السُّـــــــــــــــوءَ جِهارًا في الوَرىٰ * وتُهْلِكَ النَّسْلَ بخُبْثٍ وافْتِرا
وتَتْرُكَ النَّهْجَ القويمَ والسُّنَنْ * وكُتُبَ العِــــــــــــلمِ عظيمةَ الثَّمَنْ
مُســــــــــــتَبْدِلَ الأدنىٰ بنهْجٍ قد سَما * أَنْزله رَبِّي قَويمًا مُحْــــــــــــكَما
عَظَّمَهُ قومٌ كِــــــــــرامٌ كُمَّـــــــــــلُ * فجاهَدوا فيه وخـــــــــــــــــــــاب الْمُبْطِلُ
وحارَبوا الشَّـــــرَّ وما القَلْبُ حَوىٰ * وجـــــــــــــاهَدوا النَّفْسَ أسيرةَ الهوىٰ
يَرْحَمُهُم رَبِّي تَعــــــــــــــــــالىٰ جَدُّهُ * عَزَّ وَجَلَّ قد تَسَـــــــــامَىٰ مَجْدُهُ
شَــــــــــــــرُّ الأُمورِ مُحْدَثاتٌ قد وَرَدْ * في مُحْكَمِ النَّصِّ بِلفظٍ لا يُرَدْ
إذْ حَــــــــــــذَّر الرســـــــــــــولُ منها مُطْلَقا * لِسُــــــــــــــــوئها وشُؤمِها حُزْتَ التُّقىٰ
وكلُّ مَن دعا إليـــــــــــــــها يُهجَرُ * حتىٰ يَفِـــــــــــــيء صادِقًا فيُعذَرُ
كعادةِ الأســـــــــــــلافِ مع أهلِ البِدَعْ * مَن جانبوا الرُّشْدَ ووالَوا مَن خَدَعْ
إنَّ دُعــــــــــــــــــاةَ الشَّرِّ يَهْوَون الضَّرَرْ * فاحذَرْهُمُ و يا صاحِ تَنْجُ مِن سَقَرْ
واسْــــــــــــلُكْ سبيلَ السَّائرين في هُدىٰ * ومنهجَ الحقِّ الشـــــــــــــريفِ والندىٰ
وأُمَّةُ الهـــــــــــــادي كثيرةُ الفِـــــــــرَقْ * وكلُّهُم هَلْكَىٰ ولِلْخِزْيِ استَحَقْ
وفِرقــــــــــــــــــــــــــةٌ منها يقـــــــــــــينًا تُنصَرُ * صفـــــــــــــــــــــاتُها جُـــــــــلَّىٰ كذاك تَظْهَرُ
لأنهم كـــــــــــــــانوا على الحقِّ الجَلِي * وشِـــــرعةِ الهــــــــــــــــادي النَّبيِّ المُرسَلِ
ولم تَزِغْ قلــــــــــــوبُهم عنِ الهُدىٰ * كمِثْلِ مَن ضَلَّ وزاغ واعتدىٰ
بل لازَموا هَــــــــدْيًا وخُلْقًا لِلنَّبِي * ولم يُخِلُّوا باتِّبــــــــــــــاعٍ فارْغَبِ
وبعد هٰــــــــــــــــــــــــــــذا إننا لَنَعْــــــــــــــــلَمُ * أنَّ رجالَ العِـــــــــلمِ بالعِــــــــــــلمِ سَمُوا
لٰكنهمْ في عِلمـــــــــــــــــــهم أقسامُ * بحَسَـــــــــــــــــــبِ الفَـــــــهْمِ أيا إمـــــــــــــامُ
فلْيَحْذَرِ الجميعُ ما فيه هَوىٰ * مِن كُتُبِ الفِكرِ وما الفِكرُ حَوىٰ
إذْ عندهم مِن كُتُبِ الأســــلافِ * ما يُكْسِبُ النفْسَ البيانَ الشَّافِي
فمَن عليها نَفْسَــــــــــــــــهُ قدْ رَبَّىٰ * يَمْنَحُهُ رَبِّي تَعــــــــــــــالىٰ حُـــــــــــــــــبًّا
ومَن لِغَيرهِ يُرَبِّي كــــــــــــــــــــــــــــادِحًا * بِكُتُبِ الأسلافِ يُدْعىٰ ناصِحًا
لا سيِّما صِنْفَ الشبابِ المسلمِ * فإنَّهُم بحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا جةٍ فَلْتَعْلَمِ
ومَن يُمَجِّدْ كُتُبَ الأهـــــــــــــواءِ * فذاك مَغــــــــــــــــــــــرورٌ وذُو الْتِـــــــــــــــــــــوَاءِ
ومَن يَقُلْ عنــــــــها نِضَالًا تَربيهْ * فذاك جــــــــــاهلٌ بشــــــرطِ التزكيهْ
بل كُتُبُ الأســـلافِ كُلُّها عِبَرْ * والخــــيرُ فيها ظـــــــــاهِرٌ ومُسْــتَطَرْ
ومَن يَقُلْ لِلناسِ إنِّي سَـــــــــــــــــــــــــــلَفِي * ويَنْهَج المغـــــــــــــــــــــرورُ نَهْجَ الخلَفِ
فذا تنـــــــاقُضٌ وسَــــــــــــعْيٌ مختلِفْ * لا حبَّذا السَّـــــــــــعْيُ إذا لم يَأْتَلِفْ
هٰـــــذي قُطُـــوفٌ مِن بُحوثٍ غالِيهْ * صِيْغَتْ جـــــــــــــــــوابًا لِقلوبٍ واعيهْ
فاقْبَلْها مِنِّي يا أخــا التَّكليفِ * يَرْعـاكَ رَبِّي عَزَّ مِن لَطِيفِ"
مِن "المنظومات الحِسان في العقائد والمناهج وقطوف من علوم القرآن"
(ص115 و116، ط1، 1433هـ، الميراث النبوي).