بسم الله الرحمن الرحيم
التوجيهات السلفية لطلاب العلوم الشرعية (1):
وصايا مهمــة لطالب العلم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبيِّه محمَّد وآله وصحبه أجمعين
أمابعد؛ فعلى طالب العلم وطالبته:
(1) شُكْر الله وحده أنْ وَفَّقهم بفضله ومِنَّتِه لطلب العلم النَّافع الذي لا محلَّ له مطلقاً إلا في ظلال الدَّعوة السَّلفيَّة ومنابعها الأصيلة الصَّافية.
(2) أنْ يعلم (وهي) أنَّ أوجبَ ما عليهما تحقيق الإخلاص لله في هذا الطَّلب وتحقيق المنهج العلمي السَّلفي في تحصيله، والذي
يحمل على تحقيق أمرين:
• فرائض وأركان الإسلام الواجبة الاعتقاديَّة والعمليَّة والقوليَّة.
• ونوافله وتطوُّعاته المبنيَّة على ذلك.
وهذا وذاك هو تطبيقُ الإيمان والإسلام عند السَّلف القائلين: «الإيمان قولٌ واعتقادٌ وعملٌ، يزيد بالطَّاعة وينقص بالمعصية» هذه حقيقة العلم النَّافع المثمر لكلِّ نافعٍ في الدُّنيا والآخرة، وأساسه وأسُّه علم الاعتقاد والتَّوحيد السَّلفي؛ لذا يُقَال: «الاعتقاد والتَّوحيد أوَّلاً».
(3) أَنْ يَعْلَمَا أنَّ السَّلف الذين كان فيهم النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ومن بعدهم من القرون المفضَّلة فيهم بفضل الله عليهم ما ليس فينا:
1- فطرة المعرفة وسليقتها.
2- صفاء العقول.
3- صفاء الحياة.
4- سعة الإدراك.
5- سعة الفهم وعمقه ودقَّته.
6- أصالة العربية كأصالة فطرتهم وصفائهم.
7- سلامة الأخلاق وتمام المروءة، هذا كلُّه وغيره تُوِّجَ بــ:
8- معايشتهم له -صلَّى الله عليه وسلَّم- المعلِّم الأعظم والمربِّي الأكبر أو لصحابته -رضي الله عنهم- وتابعيهم.
9- شهودهم نزول الوحي وتطبيقاته قرآناً وسنَّة وتفهيماته ومعرفة أسراره ومعانيه وتوجيهاته.
10- سلامتهم من تيَّارات فرق البدع والضَّلال وفساد مناهجهم. وحين ظهرت في أواخر عهد الصحابة بوادرُها وأصولها بالخواراج والرافضة الشيعة والقدرية وقفوا في وجهها دحضاً وصدَّاً وكشفاً وعداءً وتحذيراً، وكذا فعل أتباعهم وتبعهم ومن سار ويسير على طريقتهم الرَّضيَّة إلى يوم الدِّين.
11- صِدْقهم الظاهر وقوة العزائم وعلو الهمَّة وصدق العمل... إلخ؛ فكان السَّلف -رحمهم الله- خيار الخلق بعد الرُّسل والأنبياء.
هذا سُقْتُه لنعرف البون الشَّاسع بيننا وبينهم كطلاب علمٍ نسير على منهجهم إن شاء الله.
فــ: أُولَئِكَ آبَائِي فَجِئْنِي بِمِثْلِهِمْ *** إِذَا جَمَعَتْنَا يَا جَرِير المَحَافِلُ!
عليه:
(4) نحن إن شاء الله الآن نتشبَّه ونتأسَّى بهم ولن ندرك فضلهم ومنزلتهم وإنما نرجو من الله الرحمن معيَّتهم العلمية وصحبتهم في الآخرة في جنَّات النَّعيم و«المرء مع من أحبَّ» كما في السُّنَّة.
إذا تقرَّر ذا فإنَّ
(5) سعي الطلاب للعلم لابدَّ أن يكون على ضوء هذه الفروق بمعرفة قدرنا وضعفنا وسوء حال واقع أمَّتنا اليوم إلا من عَصَمَ ربُّنا؛ فِطَرٌ تَبَدَّلَتْ، وعقائد شركٍ، وبدعٌ فاسدةٌ متفشيَّةٌ، فرقٌ وطوائف، أهواءٌ، وكثرة الجهل والجهلاء، ولغةٌ متدنِّيةٌ، وفهومٌ ضعيفة... إلخ، وأخطر هذه الشُّرور: فساد العقائد وخرابها، لذا كان واجب طلاب العلم أوَّلاً:
(6) معرفة العقيدة السَّلفيَّة الصَّحيحة أوَّلاً وتصحيح فاسدها -مما يخالفها- وتجلية غبشها بسبب هذا الواقع الكدر بالرجوع إلى علماء السَّلفيَّة وكتب عقائدهم قديماً وحديثاً دراسةً وفهماً وشرحاً علميَّاً إجمالاً وتفصيلاً، يُقَدَّمُ هذا العلم على كل علوم الشَّريعة لأنَّه أساسها وأصلها ومصحِّحها علماً وعملاً، ثُمَّ علم أركان الإسلام الواجبة.
وهنا يقال: يُقَدَّم الاعتقاد علماً على حفظ كل القرآن والسُّنَّة ومتون العلم ووسائله.
والاعتقاد والمنهج السَّلفي متلازمان لاينفكَّان، وبالاعتقاد الصحيح يُفْهَم القرآن والسُّنَّة ويأتي العمل بهما لأنه منهما أصلاً نَبَعَ وأَيْنَعَ، لكن لِـمَا مَرَّ من أسبابٍ حَصَلَ الجهلُ به بل العداوة والخصومة، بل تجد كثيراً من حفظة القرآن اليومَ لا يعرفون عقيدته فيخالفونه بالشِّرك والبدع والطَّائفيَّة والجهل والهوى والاتِّـجار به!
وأدلَّة هذه النُّقطة الشَّرعيَّة لا تُعَدُّ وتحصى، يكفنا منها هاهنا قولُه
تعالى: ((لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)) وقولُه في أوَّل وَحْيِه وكلامه لموسى –عليه الصلاة والسلام-: ((إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)) فالآيتان تشيران إلى الاعتقاد والتَّوحيد أوَّلاً كما هو ظاهرٌ الحمد لله..
(7) وصدق النَّوايا والتَّوجُّهات لنيل العلم والعمل به سبيله ذاك الاعتقاد السَّلفي؛ لأنَّ الصِّدق مع الله من أعظم أسبابه: معرفة الله والخوف والرجاء منه، وهذا لا يكون بعد الله إلا بعلم الاعتقاد، لذا قال تعالى: ((إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ)) وقال السَّلف: «العلم الخشية» وهذا وَصْفُ رسل الله ((الذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدَاً إِلاَّ اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيبَاً)).
( حينئذٍ -وبفضل الله وحده- يكون رسوخ الطالب وقوَّته وثباته وبصيرته وفرقانه بين الحقِّ والباطل، واليقين والشَّك، والخاطر النَّافع والوسواس الفاسد، والصَّديق الموافِق والعَدُوِّ المخَالِف.
(9) ويقتُل حينها -بحول الله- طالبُ العلم عُجْبَه وزهوه وكِبْرَه وتَصَدُّرَه ورياءه وتقدُّمَه وإقدامَه حين يجب تأخُّرُه وعدم
إقباله؛ لأنَّه عَلِمَ قَدْرَه ومراقبة الله له في سِرِّه وعلنه وسكنه وحراكه ((إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)) و((اللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)).
(10) فيثمر ذلك في قلوب طلاب العلم -بِـمَنِّ الله عليهم- السعادةَ والفرحَ بدينه وخفَّةَ النَّفس والرُّوح كخفَّة الطَّير في سماه، وتحصل لذَّةٌ ونهمةٌ وشوقٌ وإقبالٌ على العلم من جديدٍ كأنَّه أوَّل علمٍ جديد، ليعود التَّحليق من جديدٍ في تلك الآفاق الإيمانيَّة والفتوحات الرَّحمانيَّة.. لذا قال- صلَّى الله عليه وسلَّم-: «منهومان لا يشبعان: طالب علمٍ وطالب دنيا» وأَنْعِمْ بدنيا العلم مِنْ دنيا تربط صاحبها وتصله بالله وآخرته إيماناً ويقيناً وعملاً ((فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحَاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً)).
وهذا ختام جواب السُّؤال، وبالله التوفيق.
وصلَّى الله على نبيِّه محمَّد وآله وصحبه وسلَّم
كتَبَه
نزار بن هاشم العبَّاس
خرِّيج الجامعة الإسلاميَّة بالمدينة النَّبويَّة
والمشرف على موقع راية السَّلف بالسُّودان
ليلة 27/ رمضان/ 1434هـ
التوجيهات السلفية لطلاب العلوم الشرعية (1):
وصايا مهمــة لطالب العلم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبيِّه محمَّد وآله وصحبه أجمعين
أمابعد؛ فعلى طالب العلم وطالبته:
(1) شُكْر الله وحده أنْ وَفَّقهم بفضله ومِنَّتِه لطلب العلم النَّافع الذي لا محلَّ له مطلقاً إلا في ظلال الدَّعوة السَّلفيَّة ومنابعها الأصيلة الصَّافية.
(2) أنْ يعلم (وهي) أنَّ أوجبَ ما عليهما تحقيق الإخلاص لله في هذا الطَّلب وتحقيق المنهج العلمي السَّلفي في تحصيله، والذي
يحمل على تحقيق أمرين:
• فرائض وأركان الإسلام الواجبة الاعتقاديَّة والعمليَّة والقوليَّة.
• ونوافله وتطوُّعاته المبنيَّة على ذلك.
وهذا وذاك هو تطبيقُ الإيمان والإسلام عند السَّلف القائلين: «الإيمان قولٌ واعتقادٌ وعملٌ، يزيد بالطَّاعة وينقص بالمعصية» هذه حقيقة العلم النَّافع المثمر لكلِّ نافعٍ في الدُّنيا والآخرة، وأساسه وأسُّه علم الاعتقاد والتَّوحيد السَّلفي؛ لذا يُقَال: «الاعتقاد والتَّوحيد أوَّلاً».
(3) أَنْ يَعْلَمَا أنَّ السَّلف الذين كان فيهم النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ومن بعدهم من القرون المفضَّلة فيهم بفضل الله عليهم ما ليس فينا:
1- فطرة المعرفة وسليقتها.
2- صفاء العقول.
3- صفاء الحياة.
4- سعة الإدراك.
5- سعة الفهم وعمقه ودقَّته.
6- أصالة العربية كأصالة فطرتهم وصفائهم.
7- سلامة الأخلاق وتمام المروءة، هذا كلُّه وغيره تُوِّجَ بــ:
8- معايشتهم له -صلَّى الله عليه وسلَّم- المعلِّم الأعظم والمربِّي الأكبر أو لصحابته -رضي الله عنهم- وتابعيهم.
9- شهودهم نزول الوحي وتطبيقاته قرآناً وسنَّة وتفهيماته ومعرفة أسراره ومعانيه وتوجيهاته.
10- سلامتهم من تيَّارات فرق البدع والضَّلال وفساد مناهجهم. وحين ظهرت في أواخر عهد الصحابة بوادرُها وأصولها بالخواراج والرافضة الشيعة والقدرية وقفوا في وجهها دحضاً وصدَّاً وكشفاً وعداءً وتحذيراً، وكذا فعل أتباعهم وتبعهم ومن سار ويسير على طريقتهم الرَّضيَّة إلى يوم الدِّين.
11- صِدْقهم الظاهر وقوة العزائم وعلو الهمَّة وصدق العمل... إلخ؛ فكان السَّلف -رحمهم الله- خيار الخلق بعد الرُّسل والأنبياء.
هذا سُقْتُه لنعرف البون الشَّاسع بيننا وبينهم كطلاب علمٍ نسير على منهجهم إن شاء الله.
فــ: أُولَئِكَ آبَائِي فَجِئْنِي بِمِثْلِهِمْ *** إِذَا جَمَعَتْنَا يَا جَرِير المَحَافِلُ!
عليه:
(4) نحن إن شاء الله الآن نتشبَّه ونتأسَّى بهم ولن ندرك فضلهم ومنزلتهم وإنما نرجو من الله الرحمن معيَّتهم العلمية وصحبتهم في الآخرة في جنَّات النَّعيم و«المرء مع من أحبَّ» كما في السُّنَّة.
إذا تقرَّر ذا فإنَّ
(5) سعي الطلاب للعلم لابدَّ أن يكون على ضوء هذه الفروق بمعرفة قدرنا وضعفنا وسوء حال واقع أمَّتنا اليوم إلا من عَصَمَ ربُّنا؛ فِطَرٌ تَبَدَّلَتْ، وعقائد شركٍ، وبدعٌ فاسدةٌ متفشيَّةٌ، فرقٌ وطوائف، أهواءٌ، وكثرة الجهل والجهلاء، ولغةٌ متدنِّيةٌ، وفهومٌ ضعيفة... إلخ، وأخطر هذه الشُّرور: فساد العقائد وخرابها، لذا كان واجب طلاب العلم أوَّلاً:
(6) معرفة العقيدة السَّلفيَّة الصَّحيحة أوَّلاً وتصحيح فاسدها -مما يخالفها- وتجلية غبشها بسبب هذا الواقع الكدر بالرجوع إلى علماء السَّلفيَّة وكتب عقائدهم قديماً وحديثاً دراسةً وفهماً وشرحاً علميَّاً إجمالاً وتفصيلاً، يُقَدَّمُ هذا العلم على كل علوم الشَّريعة لأنَّه أساسها وأصلها ومصحِّحها علماً وعملاً، ثُمَّ علم أركان الإسلام الواجبة.
وهنا يقال: يُقَدَّم الاعتقاد علماً على حفظ كل القرآن والسُّنَّة ومتون العلم ووسائله.
والاعتقاد والمنهج السَّلفي متلازمان لاينفكَّان، وبالاعتقاد الصحيح يُفْهَم القرآن والسُّنَّة ويأتي العمل بهما لأنه منهما أصلاً نَبَعَ وأَيْنَعَ، لكن لِـمَا مَرَّ من أسبابٍ حَصَلَ الجهلُ به بل العداوة والخصومة، بل تجد كثيراً من حفظة القرآن اليومَ لا يعرفون عقيدته فيخالفونه بالشِّرك والبدع والطَّائفيَّة والجهل والهوى والاتِّـجار به!
وأدلَّة هذه النُّقطة الشَّرعيَّة لا تُعَدُّ وتحصى، يكفنا منها هاهنا قولُه
تعالى: ((لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)) وقولُه في أوَّل وَحْيِه وكلامه لموسى –عليه الصلاة والسلام-: ((إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)) فالآيتان تشيران إلى الاعتقاد والتَّوحيد أوَّلاً كما هو ظاهرٌ الحمد لله..
(7) وصدق النَّوايا والتَّوجُّهات لنيل العلم والعمل به سبيله ذاك الاعتقاد السَّلفي؛ لأنَّ الصِّدق مع الله من أعظم أسبابه: معرفة الله والخوف والرجاء منه، وهذا لا يكون بعد الله إلا بعلم الاعتقاد، لذا قال تعالى: ((إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ)) وقال السَّلف: «العلم الخشية» وهذا وَصْفُ رسل الله ((الذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدَاً إِلاَّ اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيبَاً)).
( حينئذٍ -وبفضل الله وحده- يكون رسوخ الطالب وقوَّته وثباته وبصيرته وفرقانه بين الحقِّ والباطل، واليقين والشَّك، والخاطر النَّافع والوسواس الفاسد، والصَّديق الموافِق والعَدُوِّ المخَالِف.
(9) ويقتُل حينها -بحول الله- طالبُ العلم عُجْبَه وزهوه وكِبْرَه وتَصَدُّرَه ورياءه وتقدُّمَه وإقدامَه حين يجب تأخُّرُه وعدم
إقباله؛ لأنَّه عَلِمَ قَدْرَه ومراقبة الله له في سِرِّه وعلنه وسكنه وحراكه ((إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)) و((اللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)).
(10) فيثمر ذلك في قلوب طلاب العلم -بِـمَنِّ الله عليهم- السعادةَ والفرحَ بدينه وخفَّةَ النَّفس والرُّوح كخفَّة الطَّير في سماه، وتحصل لذَّةٌ ونهمةٌ وشوقٌ وإقبالٌ على العلم من جديدٍ كأنَّه أوَّل علمٍ جديد، ليعود التَّحليق من جديدٍ في تلك الآفاق الإيمانيَّة والفتوحات الرَّحمانيَّة.. لذا قال- صلَّى الله عليه وسلَّم-: «منهومان لا يشبعان: طالب علمٍ وطالب دنيا» وأَنْعِمْ بدنيا العلم مِنْ دنيا تربط صاحبها وتصله بالله وآخرته إيماناً ويقيناً وعملاً ((فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحَاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً)).
وهذا ختام جواب السُّؤال، وبالله التوفيق.
وصلَّى الله على نبيِّه محمَّد وآله وصحبه وسلَّم
كتَبَه
نزار بن هاشم العبَّاس
خرِّيج الجامعة الإسلاميَّة بالمدينة النَّبويَّة
والمشرف على موقع راية السَّلف بالسُّودان
ليلة 27/ رمضان/ 1434هـ