يا أيها المتسرع المتعجل في التصنيف والتأليف... على مهلك !
قال الأستاذ الكبير محمود محمد شاكر -رحمة الله عليه- في كتابه الفذ «رسالة في الطريق إلى ثقافتنا» (ط شركة القدس، ص 22):
((...ولفظ «المنهج» يحتاج مني هنا إلى الإبانة، وإن كنت لا أريد به الآن ما اصطلح عليه المتكلمون في مثل هذا الشأن، بل أريد به «ما قبل المنهج»، أي الأساس الذي لا يقوم «المنهج» إلا عليه.
فهذا الذي يسمى «منهجًا» ينقسم إلى شطريْن: شطر في تناول المادة، وشطر في معالجة التطبيق.
«فشطر المادة يتطلب قبل كل شيء، جمعها من مظانها على وجه الاستيعاب المتيسر، ثم تصنيف هذا المجموع، ثم تمحيص مفرداته تمحيصا دقيقًا، وذلك بتحليل أجزائها بدقة متناهية، وبمهارة وحذق وحذر، حتى يتيسر للدارس أن يرى ما هو زيف جليا واضحا، وما هو صحيح مستبينا ظاهرا، بلا غفلة، وبلا هوى، وبلا تسرع.
أما شطر التطبيق، فيقتضي ترتيب المادة بعد نفي زيفها وتمحيص جيدها، باستيعاب أيضا لكل احتمال للخطأ أو الهوى أو التسرع. ثم على الدارس أن يتحرى لكل حقيقة من الحقائق موضعا هو حق موضعها، لأن أخفى إساءة في وضع إحدى الحقائق في غير موضعها، خليق أن يشوه عمود الصورة تشويها بالغ القبح والشناعة.»))
___________________________
حمل كتاب «رسالة في الطريق إلى ثقافتنا» وتعليق الشيخ محمد سعيد رسلان عليه من هنا:
سلسلة: رسالة في الطريق إلى ثقافتنا للشيخ محمد سعيد الرسلان [9 محاضرات]
تعليق