وصيّة مُختصرة في منهج طلب العلم
كلمة ألقاها فضيلته ليلة الأربعاء الموافق 17 ربيع الثاني عام 1434هـ
في منزله على مجموعة من طلبة العلم من دولة الكويت
كلمة ألقاها فضيلته ليلة الأربعاء الموافق 17 ربيع الثاني عام 1434هـ
في منزله على مجموعة من طلبة العلم من دولة الكويت
نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع بها الجميع
التفريغ
ففيما يتعلّق بالوصيّة في هذا الباب، الّذي أوصي به نفسي وإخوتي وأبنائي: أوّلا: الحرص على الوقت، فإنّ الوقت هو عمر الإنسان، وعمره نفيس عنده؛ فلا يُذهبُ هذا النّفيس إلاّ في النّفيس الّذي يستحقُّهُ، وأغلى ما يستحقّ أنْ يُنفَقَ في هذا النّفيس وأعزّ ما ينبغي أن يُذهَبْ فيه هذا النّفيس ويُنفق هو العلم، ولا شكّ أنّ طلب العلم قد تيسّر كثيرًا -ولله الحمد- في هذه الآونة، والكلام فيه كثير، ولكن الّذي يظهر لي مناسبا لهذا الوقت هو الوصيّة بعدة أمور:
الأوّل أنْ يعتني الإنسان بالحفظ، فإنّ الحفظ هو الّذي يبقى وينتفع به صاحبه في أيِّ مكان، فهو مثل المال الّذي يكون في الجيب للنّفقة، متى ما احتجتَ تأخذ منه؛ ولهذا قالوا: "اجعل محفوظك بمنزلة المال الّذي في جيبك للنّفقة"، والّذي في الكتب كالمال في الخزائن ترجع إليه إذا احتجت إلى المال الكثير، والّذي في الكتب يُرجع إليه عند الحاجة إلى نقل النُّصوص بحروفها، وعند تثبيت الحفظ وضبط ما نقله الإنسان؛ يخشى أنْ يكون قد زلّ في عبارة، أخطأ في حرف ونحو ذلك في النقل، فيُريد أنْ يُوثِّقه وينقله عمّن قاله نقلا دقيقًا هذا يرجع فيه إلى هذه الخزائن إلى ما في الخزائن: والمُراد بها هنا المكتبات، أمّا الأصل الّذي معه للنّفقة دائمًا وأبدًا فهو محفوظُهُ، فلا بدّ أنْ يعتني بالحفظ، والله جلّ وعلا قد مدح هذه الأمّة به، قال جلّ وعلا مُخبرًا عن كتابه: "بل هو آيات بيِّنات في صُدور الّذين أوتوا العلم"[العنكبوت: 49]، فمدحهم بحفظهم للكتاب وأنّه في صُدورهم، والنّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم دعا أيضا لأصحاب الحفظ قال: " نظّر اللهُ امرءا سمع منّا حديثًا فحفظه فبلّغه كما سمعه فربّ حامل فقه ليس بفقيه، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه"[ رواه ابن مسعود رضي الله عنه وغيره وهو عند أحمد (4157)، والترمذي (2657)، وابن ماجه (232) ]، فهذا الحديث فيه دعاء بالنّضارة: وهي البهاء والحُسن في الوجوه لحفاظ السُّنّة - سُنّة النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم-، فتَوافَقَ الكتاب والسُّنّة على الإشادة بمن يحفظ هذين الأصلين الكتاب والسُّنّة إذْ هما منبع الأحكام.
وبعد إنّ العلم خيرُ مُقتنى *** والفقه أَولى ما به العبد اِعتنى
حضّ عليه الله والرّسول *** في جُمل شروحها تطول فدونه لا يُمكن اتِّباع-يعني الفقه- *** أمرٍ ولا بالعظة انتفاع
من لم يكن يفقه كيف يعمل *** بموجب الشّرع الّذي لا يعقل
من لم يكن يفقه كيف يعمل *** بموجب الأمر الّذي لا يعقل
وسيلة الحصول إلى مهمّات الأصول
أدلّة الشّرع الشّريف أربعهْ *** مُحكم آيٍ سُنّة متَّبعه
والثالث الإجماع حيث ينجلي *** والرّابع القياس واخصص الجليّ لا رأي في الدِّين ولا استحسانا *** فالله قد أكمله بيانا
فالشِّرك في التّشريع منه ينفجر *** شرك العباد بالإله المُقتدِر ولا رأي في الدِّين ولا استحسانا *** فالله قد أكمله تِبيانا
فالشِّرك في التّشريع منه ينفجر *** شرك العباد بالعزيز المُقتدِر
وسيلة الحصول إلى مهمّات الأصول
والسُّنّة حفظها يحتاج فيه الإنسان إلى وقت؛ وذلك لأنّها ليست كالقُرآن في نقلها إلينا، فقد دخل فيها الضّعيف ودخل فيها الموضوع وكذب الكذّابين، لكن الله حفظها بما هيّأ لها من أئمّة الهدى حيث بيّنوا الثّابت المقبول من الضّعيف المعلول المردود.
وإذا كان كذلك فلا بدّ أنْ يعتني الإنسان بحفظ هذين الأصلين فإنّ الحفظ يرفع صاحبه كما قال الرّحبيُّ في أصحاب الفروق:
والثُّلثان وهما التّمام *** فاحفظ فكلُّ حافظ إمام
فما حوى الغاية في ألف سنه *** شخص وخُذ من كلِّ فن أحسنه
لحفظ متن جامع للرّاجح *** تأخذه على مفيد ناصحِ
فلا بدّ أنْ يكون المأخوذ عليه مُفيدًا، يُفيدك، ناصح، يبتدئك وإنْ لم تسأله إذا رأى حاجتك، بل ويُوجّهك قبل أنْ يُوجّهك من لا يُحسن فتضيع، فلا بدّ من اختيار الشّيخ، فلا بدّ من أنْ يكون الشّيخ -كما قُلنا هكذا- مُفيدًا، إذا جلستَ إليه؛ تستفيد منه، مُتمكِّن في فنِّه، في العلم مُتمكِّن فيه، مأمون في دين الله تبارك وتعالى مُستقيمًا على سُنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فهذا الّذي يجبّ أنْ يُؤخذ عليه؛ لأنّ المُعلِّم أب الرّوح، والنّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: "إنّما أنا لكم بمنزلة الوالد أُعلِّمكم"[أخرجه أبو داود ( والنسائي (40) وابن ماجه (313) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه]، والعلماء هم ورثة الأنبياء فقاموا مقام النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في هذّا الباب، فهذا الّذي أنا أوصي به والوقت يضيق ولعلّنا نكتفي بهذا القدر والله أعلم وصلّى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم. لحفظ متن جامع للرّاجح *** تأخذه على مفيد ناصحِ
الصوتية مُستفادة من مشاركة الأخ عبدالصمد الهولندي أثابه الله في سحاب
يمكنكم تحميل هذه المادة القيمة من موقع:
أو من المرفقات
♦ فهرس المقاطع الصوتيِّة المتميِّزة : http://www.ajurry.com/vb/tags.php?tag=soundcloud
أو من المرفقات
♦ فهرس المقاطع الصوتيِّة المتميِّزة : http://www.ajurry.com/vb/tags.php?tag=soundcloud