قال قوام السنّة الأصبهاني ـ رحمه الله ـ :
" وينبغي للمرء أن يحذر محدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة والسنّة إنما هي التصديق لآثار رسول الله صلّى الله عليه وسلم وترك معارضتها بكيف ولم.
والكلام والخصومات في الدين والجدال؛ محدث، وهو يوقع الشّك في القلوب ويمنع معرفة الحق الصواب.
وليس العلم بكثرة الرواية وإنما هو الإتباع والإستعمال، يقتدى بالصحابة والتابعين وإن كان قليل العلم، ومن خالف الصحابة والتابعين فهو ضال وإن كان كثير العلم".
وقد ذكر ابن رجب ـ رحمه الله ـ موقف السلف من ذلك، فقال: " ومما أنكره أئمة السلف الجدال، والخصام، والمراء في مسائل الحلال والحرام أيضاً، ولم يكن ذلك طريقة أئمة الإسلام، وإنما أحدث ذلك كما أحدثه فقهاء العراقين في مسائل الخلاف بين الشافعيّة والحنفية، وصنّفوا كتب الخلاف ووسعوا البحث والجدال فيها، وكل ذلك محدث لا أصل له، وصار ذلك علمهم، حتّى شغلهم عن العلم النافع.
ثمّ قال ـ رحمه الله ـ : " وقد ورد النّهي عن عن كثرة المسائل، وعن أغلوطات المسائل، وعن المسائل قبل وقوع الحوادث، وفي ذلك ما يطول ذكره.
ومع هذا ففي كلام السّلف والأئمة كمالك والشافعي و أحمد وإسحاق، التنبيه؛ على مأخذ الفقه ومدارك الأحكام بكلام وجيز مختصر يفهم به المقصود من غير إطالة، ولا إسهاب، وفي كلامهم من ردّ الأقوال المخالفة للسنّة بألطف إشارة وأحسن عبارة، بحيث يغني ذلك من فهمه عن إطالة المتكلمين في ذلك بعدهم، بل ربما لم يتضمن تطويل كلام من بعدهم من الصواب في ذلك ما تضمنه كلام السلف والائمة مع إختصاره وإيجازه.
فما سكت من سكت عن كثرة الخصام والجدال من سلف الأمّة جهلاً ولا عجزاً، ولكن سكتوا عن علم وخشية الله.
وما تكلّم من تكلّم، وتوسّع من توسّع بعدهم باختصاصه، بعلم دونهم، ولكن حباً للكلام وقلة ورع، كما قال الحسن ـ وسمع قوماً يتجادلون ـ : هؤلاء قوم ملّوا العبادة، وخفّ عليهم القول، وقلّ ورعهم فتكلّموا " .
ثم قال : " وقد فتن كثير من المتأخرين بهذا، وظنّوا من كثر كلامه جداله وخصامه؛ في مسائل الدين فهو أعلم ممن ليس كذلك، وهذاجهل محض، وانظروا إلى أكابر الصّحابة وعلمائهم كأبي بكر وعمر، وعلي ومعاذ، وابن مسعود، وزيد بن ثابت كيف كانوا؟ كلامهم أقل من كلام ابن عباس وهم أعلم منه.
وكذلك كلام التّابعين أكثر من كلام الصّحابة والصحابة أعلم منهم.
وكذلك تابعوا التّابعين كلامهم أكثر من كلام التّابعين، والتّابعون أعلم منهم .
فليس العلم بكثرة الرواية، ولا بكثرة المقال، ولكنّه نور يقذف في القلب يفهم به العبد الحق، ويميّز به بينه وبين الباطل، ويعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصّلة للمقصد.
وفد كان النبي صلّى الله عليه وسلّم أوتي جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصاراً، ولهذا ورد النّهي عن كثرة الكلام، والتّوسع في القيل والقال، فيجب أن يعتقد أنه ليس كل من كثر بسطه للقول، وكلامه في العلم كان أعلم ممن ليس كذلك، قد ابتلينا بجهلة من النّاس يعتقدون في بعض من توسّع في القول من المتأخرين أنّه أعلم ممن تقدم فمنهم:
من يظنّ في شخص أنّه أعلم من كل من تقدّم من الصّحابة ومن بعدهم
لكثرة بيانه وفعاله ومنهم من يقول : هو أعلم من الفقهاء المشهورين المتبوعين وهذا يلزم منه ما قبله لأنّ هؤلاء الفقهاء المشهورين المتبوعين أكثر قولاً ممن كان قبلهم، فمن كان من بعدهم أعلم منهم لاتساع قوله كان أعلم ممن كان أقل منهم قولاً بطريق الأولى، كالثوري والأوزاعي والليث وابن المبارك وطبقتهم، ومن قبلهم من التّابعين والصّحابة أيضاً، فإنّ هؤلاء كلهم أقلّ كلاماً ممن جاء بعدهم!!
وهذا تنقّص عظيم بالسلف الصّالح، وإساءة ظنّ بهم، ونسبة لهم إلى الجهل وقصور العلم، ولا حول ولا قوّة إلا بالله، وقد صدق ابن مسعود في قوله في الصحابة : إنّهم أبرّ قلوباً وأعمقها علوماً، وأقلّها تكلّفاً، وروي نحوه عن ابن عمر أيضاً .
وفي هذا إشارة إلى أنّ من بعدهم أقل علوماّ وأكثر تكلّفاً.
وقال ابن مسعود أيضاً: إنّكم في زمان كثير علماؤه، قليل خطباؤه، وسيأتي بعدكم زمان قليل علماؤه كثير خطباؤه، فمن كثر علمه وقلّ قوله فهو الممدوح، ومن كان بالعكس فهو مذموم"
والكلام والخصومات في الدين والجدال؛ محدث، وهو يوقع الشّك في القلوب ويمنع معرفة الحق الصواب.
وليس العلم بكثرة الرواية وإنما هو الإتباع والإستعمال، يقتدى بالصحابة والتابعين وإن كان قليل العلم، ومن خالف الصحابة والتابعين فهو ضال وإن كان كثير العلم".
وقد ذكر ابن رجب ـ رحمه الله ـ موقف السلف من ذلك، فقال: " ومما أنكره أئمة السلف الجدال، والخصام، والمراء في مسائل الحلال والحرام أيضاً، ولم يكن ذلك طريقة أئمة الإسلام، وإنما أحدث ذلك كما أحدثه فقهاء العراقين في مسائل الخلاف بين الشافعيّة والحنفية، وصنّفوا كتب الخلاف ووسعوا البحث والجدال فيها، وكل ذلك محدث لا أصل له، وصار ذلك علمهم، حتّى شغلهم عن العلم النافع.
ثمّ قال ـ رحمه الله ـ : " وقد ورد النّهي عن عن كثرة المسائل، وعن أغلوطات المسائل، وعن المسائل قبل وقوع الحوادث، وفي ذلك ما يطول ذكره.
ومع هذا ففي كلام السّلف والأئمة كمالك والشافعي و أحمد وإسحاق، التنبيه؛ على مأخذ الفقه ومدارك الأحكام بكلام وجيز مختصر يفهم به المقصود من غير إطالة، ولا إسهاب، وفي كلامهم من ردّ الأقوال المخالفة للسنّة بألطف إشارة وأحسن عبارة، بحيث يغني ذلك من فهمه عن إطالة المتكلمين في ذلك بعدهم، بل ربما لم يتضمن تطويل كلام من بعدهم من الصواب في ذلك ما تضمنه كلام السلف والائمة مع إختصاره وإيجازه.
فما سكت من سكت عن كثرة الخصام والجدال من سلف الأمّة جهلاً ولا عجزاً، ولكن سكتوا عن علم وخشية الله.
وما تكلّم من تكلّم، وتوسّع من توسّع بعدهم باختصاصه، بعلم دونهم، ولكن حباً للكلام وقلة ورع، كما قال الحسن ـ وسمع قوماً يتجادلون ـ : هؤلاء قوم ملّوا العبادة، وخفّ عليهم القول، وقلّ ورعهم فتكلّموا " .
ثم قال : " وقد فتن كثير من المتأخرين بهذا، وظنّوا من كثر كلامه جداله وخصامه؛ في مسائل الدين فهو أعلم ممن ليس كذلك، وهذاجهل محض، وانظروا إلى أكابر الصّحابة وعلمائهم كأبي بكر وعمر، وعلي ومعاذ، وابن مسعود، وزيد بن ثابت كيف كانوا؟ كلامهم أقل من كلام ابن عباس وهم أعلم منه.
وكذلك كلام التّابعين أكثر من كلام الصّحابة والصحابة أعلم منهم.
وكذلك تابعوا التّابعين كلامهم أكثر من كلام التّابعين، والتّابعون أعلم منهم .
فليس العلم بكثرة الرواية، ولا بكثرة المقال، ولكنّه نور يقذف في القلب يفهم به العبد الحق، ويميّز به بينه وبين الباطل، ويعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصّلة للمقصد.
وفد كان النبي صلّى الله عليه وسلّم أوتي جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصاراً، ولهذا ورد النّهي عن كثرة الكلام، والتّوسع في القيل والقال، فيجب أن يعتقد أنه ليس كل من كثر بسطه للقول، وكلامه في العلم كان أعلم ممن ليس كذلك، قد ابتلينا بجهلة من النّاس يعتقدون في بعض من توسّع في القول من المتأخرين أنّه أعلم ممن تقدم فمنهم:
من يظنّ في شخص أنّه أعلم من كل من تقدّم من الصّحابة ومن بعدهم
لكثرة بيانه وفعاله ومنهم من يقول : هو أعلم من الفقهاء المشهورين المتبوعين وهذا يلزم منه ما قبله لأنّ هؤلاء الفقهاء المشهورين المتبوعين أكثر قولاً ممن كان قبلهم، فمن كان من بعدهم أعلم منهم لاتساع قوله كان أعلم ممن كان أقل منهم قولاً بطريق الأولى، كالثوري والأوزاعي والليث وابن المبارك وطبقتهم، ومن قبلهم من التّابعين والصّحابة أيضاً، فإنّ هؤلاء كلهم أقلّ كلاماً ممن جاء بعدهم!!
وهذا تنقّص عظيم بالسلف الصّالح، وإساءة ظنّ بهم، ونسبة لهم إلى الجهل وقصور العلم، ولا حول ولا قوّة إلا بالله، وقد صدق ابن مسعود في قوله في الصحابة : إنّهم أبرّ قلوباً وأعمقها علوماً، وأقلّها تكلّفاً، وروي نحوه عن ابن عمر أيضاً .
وفي هذا إشارة إلى أنّ من بعدهم أقل علوماّ وأكثر تكلّفاً.
وقال ابن مسعود أيضاً: إنّكم في زمان كثير علماؤه، قليل خطباؤه، وسيأتي بعدكم زمان قليل علماؤه كثير خطباؤه، فمن كثر علمه وقلّ قوله فهو الممدوح، ومن كان بالعكس فهو مذموم"
المصدر: الإنتصار لأهل الحديث للشيخ محمد بن عمر بازمول ط ـ دار الإمام أحمد.