تفريـــغ رقم:3
فضــلُ العِلــم
بســـــم الله الرحمن الرحيـــــم
هذه محاضَرةٌ قيمةٌ ألقاها الشيخ العلامَة المُحدث رَبيع ابن هادي ابن عمير المَدخلي ـ حفظه الله تعالى ـ والتي قمتُ بفضل الله تعالى على تفريغها .
يجِبُ عليك الالتفات للنقاط التالِية :
1ـ حذفُ بعضَ الكلِمات ، مِثل المكرّرة.
2 ـ تَشكِيل النَّص أو بعضهُ ( لما تقتضيه الحاجة ) كما سمعتهُ مِن الشيخ ـ حفظه الله ـ
3 ـ مراجعة الآيات وكتابتها كما هي مَرسُومة في المصحف
أمّا الأحاديث فأنقُلها كما سمعتها ولا أزيد عليها ولا أنقص ( هذا خاص بِصاحب علم ).
4 ـ يبقَى أن أُشِير إلى :
. أنَّ الكَلِمة التي تحتهَا خَط ( ؟؟؟؟؟ ) فهي مكتُوبة كما فهِمتُها أنا وعلى القارئ أن يتأكد مِنها
. أنّ الكلِمة المُلونة بالأحمر (؟؟؟؟؟) فهي إضافة من عندي مثل (و ، مع ، ال ، في..)
. أنّ مايوجد بين قوسين ( ..... ) فهي كلمة غير مفهومة .
5 ـ أحيانا الشيخ يخرج عن الموضوع أو يشرح كلمة قالها أو سؤال وجواب فمثلُ هذا أخرجتُهُ من الموضوع وجعلتهُ في الهامِش
مع الترقيم مثل (1)
6 ـ وأخيرًا لا أقبل أن يُعتمد على هذا التفريغ إلا ومعهُ المادة الصوتية أو أن يأذن الشيخ ـ حفظه الله ـ أو أحدا من طلابِهِ .
هذا وأرجوا من الله سبحانه وتعالى أنْ يَكتُب لي الأجرَ قَدرَ ما يستفِيدُ وينتفع به المسلمون مِن هذا العمل ، ومَن سَاهمَ أيضًا فينشرِه .
عنــوان المحاضرة : فضــــلُ العِلــــم
الشـيخ : رَبيع ابن هادي ابن عمير المَدخلي ـ حفظه الله تعالى ـ
مكــان وزمن المحاضرة : ليلة الجُمعة المُوافِق لليلة السادِسة مِن شهرِ ذي القِعدة عام ثمانية وعشرين وأربع مائةَ وألف
وقــت المحاضرة : ساعة و 17 دقائق
حجم المحاضرة : 11.364
لتحميل المحاضرة :
التفريـــــــغ:
المُقدِم : الحَمدُ لله ربِ العالمين والصلاةُ والسلامُ على نبينَا محمد وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِهِ بإحسانٍ إلى يومِ الدّين أمّا بعد :
فَيَسُرُّنا في هذِه الليلَةِ المُباركة أن نُرحِّب بكم باسم مَركز الدَعوةِ والإرشاد بالمدِينةِ النبوية ، وباسمِكُم جميعًا نرحِبُ بفضيلة شيخِنا ووالدِنا العلامة
المحَدّث الشيخ رَبيع ابن هادي ابن عُمير المَدخلي ـ حفظه الله تعالى ـ ونفَعَ بعِلمِهِ ، نُرحِبُ به باسمِكُم جميعًا وقبلَ ذلك باسمِ مركز الدعوةِ والإرشاد
بالمدينةِ النبوية ، ونشكُرُ لهُ تفضلَهُ بإجابة دعوَة أبنائِهِ لإلقاءِ هذه الكلمة في هذه الليلة ليلة الجُمعة المُوافِق لليلة السادِسة مِن شهرِ ذي القِعدة عام
ثمانية وعشرين وأربع مائةَ وألف حسبَ تقويم أم القرى وهذِهِ الكلِمة كما رأيتُم عِنوانها تتكَلمُ عن أمرٍ مهمٍ في حياتِنا جميعًا ألا وهو ( فضلُ العِلم )
ونسألُ الله سبحانهُ وتعالى أن يجزِيهُ خيرًا وأن يُبارِك في عُمره وعلمِه وعملِه وأن ينفعنا وإيّاكُم جميعًا بما نقُولُ ونَعلَم ونسأل الله سُبحانه أنْ يَرزُقنا
وإيّاكُم جمِيعًا الفِقهَ في الدّين والبَصِيرة فيه والإتّباعَ لنبيه محمد ـ صلى الله عليهِ وسلم ـ وليتفَضّل فضيلة شيخِنا ووالدِنا جزاه اللهُ خيرًا سائِلين الله
سُبحانهُ وتعالى أنْ يفتَحَ عليه .
السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ تعالى وبركاتُه
إنّ الحَمدَ لله ، نحمَدُه ونستعِينُهُ ونستغفِرُهُ ، ونَعُوذُ باللهِ مِن شُرُورِ أنفُسِنا ومِن سّيِئَاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِهِ الله فَلا مُضِّلَلهُ ومن يُضْلِل فلا هاديَ لَه ،
وأشهَدُ أن لا إلهَ إلا الله وَحدَه لا شرِيك له وأشهدُ أنَّ محمدً عبدُه ورسُولُه .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي َتسَاءلُونَ بِهِ
وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾
أمَّا بعدُ :
فإنَّ أصدَقُ الحديثِ كَلامُ الله وخيرُ الهديِ هَديُ محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشرّ الأمورِ محدَثاتها وكلّ مُحدَثةٍ بِدعة وكل بِدعةٍ ضَلالة وكل
ضلالةٍ في النار.
ثم أمّا بعد :
فيَسُرُّني هذا اللِقاء معَ أبنائنا وأحِبّتِنا وإخوانِنا مِن طلابِ العِلم ـ العِلم الشرعي ، العلم النبوي ـ الذي جاءَ بِهِ محمد ـ صلى الله عليهِ وسلم ـ
وحدِيثُنا معهُم في ( فضلِ العِلم ) فنتحدّث بما يَمنّ الله بِهِ علينا مِن بيانِ هذا العِلمِ ومِيزاتِهِ وميزات أهلِهِ وماذا يَلزمُهُم من هذا العِلم الذي أكرمَ اللهُ
به هذِه الأمة ورفعَ مِن شأنِها وجعَلها خير أمةٍ أُخرِجت للناس يأمُرون بالمعرُوفِ وينهون عن المُنكر ، تَتَأتّى هذِهِ الخيرِية لهذه الأُمة ولا أن يتسلّموا
مرتبة الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المُنكر إلا عن طريقِ العِلم ، العِلم بكتاب الله وبسنةِ رسُولِ الله ـ صلى الله عليهِ وسلم ـ واقتِفاء آثارِ السلف في
تعَلّمِ كتاب الله وحِفظِهِ وتَعلّم سنة رسول الله ـ صلى الله عليهِ وسلم ـ وحِفظها ونشرِ معاني القرآنِ والسنة .
فنحنُ إن شاء الله نقتَفي آثارَهُم في دِراسةِ كِتابِ الله والتفَقُّهُ فيه وفي دِراسة سنة رسولِ الله ـ صلى الله عليهِ وسلم ـ والتَفَقُّهُ فيها والعمَل بما حثَّ
عليهِ القرآن والسنّة ، العمل بِهِ على الوجهِ المُطابِق لمُرادِ الله ولِمُرادِ رسولِهِ ـ صلى الله عليهِ وسلم ـ لا بِحسبِ الأهواء وإنّما على الفهمِ الصحِيح
المُوافِق لمُرادِ الله تبَاركَ و تعالى ولِمُراد هذا الرسول .
منزِلةُ العلم رفيعَة وأهلُهُ رُفَعاء ولهُم درجاتٍ رفيعَة ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ العلم ليسَ بالسهل ولا بالهَيِّن ،
العلم منزِلة عظيمة ، العلمُ وِراثةُ النُبوّة فحملةُ العلم هُم ورّاثُ الأنبياء ـ عليهِم الصلاة والسلام ـ في فهمِ الرسالات التي أوحاها الله إلى هؤلاءِ
الرُسُل الكِرام ـ عليهِم الصلاة والسلام ـ وفي التَمسّكِ بها وتطبيقِها على الوجهِ الذي يرضاهُ الله ويحِبُّه سُبحانه وتعالى .
هذا العِلم هو الذي يمدَحُهُ الله ويُثني على أهلِهِ ويَعِدُهُم بِرِفعَةِ الدرجاتِ عندَهُ سُبحانهُ وتعالى ، فلنَحرِص أنْ نكونَ مِن وُرَّاثِ الأنبِياء عِلمًا وعملَا ،
واعتِقاداً ومنهَجَا ، لا مُجرّد حمل العِلم وإنّما العلم والعمَل بِهِ على مُرادِ ربنا سبحانه وتعالى .
والعلمُ كما يقُول الإمامُ البخاري ﴿ بابُ العلم قبلَ القولِ والعمَل ﴾ فالعلمُ أساس للأقوال والأعمَال ، فيَجِب أنْ تُراعِيَ في كلِّ ما تتَفوّه به وتقُولُه
أنْ تُراعيَ فيهِ العِلم ﴿ مَن كانَ يُؤمِن باللهِ واليَومِ الآخِر فليقُل خيراً أو يَصمِت ﴾لا يتَكلم المُؤمِن العالِم الذي يحتَرِمُ العِلم ويحتَرِم الرسالَة التي حملَت
في طيّاتِها هذا العلم ، يتحلى بهذا الأدَب العَالي أنهُ لا يقُولُ إلا خيرا ، فإذا لم يَجِد مجالا لكلِمة الحق فعليهِ أنْ يصمِت ولا يتكلم بالفُحش ولا يتكَلم
بالباطِل ولا يتَكلم في الغِيبة ولا في النّمِيمة ولا في الإشاعَات الظالمِة الفاسِدة .
المُؤمِن التقي العالِم يُراعي العِلمَ والتَوجِيهات الربّانِية في هذا العِلم مِن الكِتابِ والسُنة ، يُراعي حركاتِهِ وسكناتهِ وأقولهُ وأفعالهُ لأنَهُ يشعُر بأنهُ ﴿ مَا
يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ هذا هو العِلم النافِع المحمُود عند الله تبارك وتعالى ، والمحمُود أهلُه ، أنهُ يُراقِبُ الله تبارك وتعالى في أقوالِهِ وفي
أفعالِهِ وفي عِبادتِهِ يُخلِصُ فيها لله ويعبُدُ الله كأنَهُ يراه فإِن لم يَكُن يراه فإنهُ يعتَقِد أنّ الله تبارك وتعالى يراه ويَعلم حركات نفسِهِ وحركات وخرجات
قلبِهِ ، يُدرِك هذا لأنهُ مُرهَبُ الحِسّ شدِيدُ المُراقبة في عِبادتِهِ وفي سائرِ شؤونِ حياتِهِ .
العِلم ليسَ المفصُود منهُ مُجرد الدِراسة وحَمل الشهادات إنما المقصُود منهُ الفِقهُ فيهِ ، الفِقهُ لِعقائِدِهِ وعِباداتِهِ وأخلاقِهِ وآدابِهِ وكلُ ما يتعلق بحياة
المُؤمِن ، يجب أن يُقِيمَها المُؤمِنون في ضوءِ كِتابِ الله و سُنة رسول الله ـ صلى الله عليهِ وسلم ـ فعِبادتُهُ يُخلِصُ فيها لله لأنّ الله أمرَهُ بالإخلاص
﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ يجبُ أن نُربِّيَ أنفُسَنا وأبنائنا وطُلابنا ومَن
يُمكن أن يصل إليهِ صوتُنا وكلِمَتُنا ، فلنُربيهُم على احتِرامِ العِلم وعلى تقوى الله ، تِلك الأوامِر بتقوى الله في كِتاب الله وسنة رسولِ الله
ـ صلى الله عليهِ وسلم ـ .
المقصُود مِن العِلمِ طاعةَ الله تبارك وتعالى وطاعةُ رسولِهِ وتَصدِيقُ أخبار الله وتصديقُ أخبارِ الرسول ـ عليهِ الصلاة والسلام ـ فلا يصِلُنا خبرٌ مِن
القرآن أو مِن السنة الصحيحة عن رسول الله إلا ونُؤمِنُ بِهِ ونُكِلُّ له كلّ احتِرام وتعظيمٍ وإجلال ، وهذا كان حالُ الصحابة الكِرام والسلفُ
الصالِح فإنهُم كانوا يُقدّرون هذا العِلم ويُقدرون العُلماء ، ومِن تقدِيرهِم للعِلم أنَّ الرجُلَ كان يَرحَل مِن مشارِق الأرضِ إلى مغارِبِها ومِن شمالِها إلى
جَنُوبِها لأجلِ حديثِ رسولِ الله عليهِ الصلاة والسلام والتفقُه في القُرآن الكريم بل كان الرَجُل في عهدِ الرسول عليه الصلاة والسلام يرحَل مِن
أنحاءِ الجزِيرة إلى رسُولِ الله عليهِ الصلاة والسلام ليتعلّموا منه أمُورَ دينِهِم فيُصبِحُون عُلماء ومِن الدُعاةِ إلى اللهِ تبارك وتعالى وكان التابِعُون يرحَلوا
بلِ الصحابة رحَلوا بعدَ النبي عليهِ الصلاة والسلام ، رحلَ جابِر من المدينة إلى الشام مِن أجل حديثٍ واحِد ورحل أبو أيوب ـ رضي اللهُ عنهُ ـ مِن
المدينة إلى مِصر مِن أجلِ حديثٍ واحِد ولمّا سمِع هذا الحديث الذي يَنشُدُه لوا زِمَامَ ناقَتِهِ وعاد إلى المدينة لم يقَر لهُ قرَار مع العلمِ والإيمان ، وهكذا
كان أئمةُ الحديث والتفسِير والفقه يرحَلُون من مشارِقِ الأرضِ إلى مغارِبِها لتعلُمِ هذا العِلم ، لماذا ؟ لأنهُم عرفوا قدرَ و منزلةَ و شرفَ العِلم في
الدُنيا والآخرة وأنَّ الله يرفعُ أهلهُ درجات ، ومِن شرفِ العِلم أنَّ الله سُبحانه وتعالى لم يأمُر رسولهُ أنْ يطلُب الدنيا وإنما أمَرَهُ أن يطلُبَ المزيدَ مِن
العِلم ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾ ما قال زِدني مالا ولا دُنيا ولا سلطانا ـ عليهِ الصلاة والسلام ـ ، هذا مِن أوضحِ الأدِلة على شَرفِ العِلم ومكانَتِهِ
عِندَ الله ورسُولُ الله أعلم العُلَماء ـ عليهِ الصلاة والسلام ـ ومعَ ذلِك يُرشِدُهُ ربُّه أنْ يطلُبَ الازدِيادَ مِن العِلم .
تعليق