بسم الله الرحمن الرحيم
حَادِيَةُ أُولِي الفَهْمِ فِي نَظْمِ ( حِلْيَةِ طَالِبِ العِلْمِ )
للشيخ بكر أبو زيد
ذات الوشاح تغنت وانثنت طربا *** وأشغلتك بلحظ يشتكي التعبا
فبت تشرب من كأس الهوى جذلا *** حتى سكرت فجزت النجم والشهبا
في سكرة العشق لم تبرح تغوص بها *** فأسلمتك بواد الخزي منقلبا
لم تعشق المجد لم تكلف بطلبته *** ولو فعلت لحزت العز والحسبا
والعلم أثمن شيء أنت حامله *** لو كنت تنصف فاق الدر والذهبا
وهذه حلية قد جئت أنظمها *** قد سقتها بلطيف القول محتسبا
في ثوب منتظم عن خير منتثر *** مما تتبعه الشيخ الذي نجبا
فصل في أدب الطالب في نفسه
أصل الأصول هو الإخلاص فاجتهدن *** وجرد القلب للمولى تنل إربا
وعالج النفس واحملها وإن كرهت *** وابذل لنيل مقامات العلا سببا
لازم مراقبة المولى وخشيته *** وارجع لربك واستعصم به هربا
بل ( خشية الله أصل العلم ) قد أثرت *** هذي المقولة عمن أحرز الرتبا
هذي المقولة عمن أحرز الرتبا *** نجم السماء ونجم الشيخ ما غربا
واخفض جناحك وانبذ كل داعية *** للكبرياء وألزم نفسك الأدبا
والحلم والصبر مع حسن الوقار وكن *** مع التواضع للإخلاص منتسبا
ولتحذر العجب من أدنى دقائقه *** حتى من المشي أن ترمى به طربا
ولتحبس النفس عن حب الظهور فمن *** أصابه ذاك حاز الخزي والتعبا
والزهد فالزمه فالزهاد رايتهم *** خير البيارق إن كل لها نصبا
واترك مطاردة الدينار واعجبا *** ممن يتابع ما يرديه واعجبا
وكن على سمت أهل العلم مهتديا *** بهديهم واترك التضييع واللعبا
لا تدمنن مزاحا فهو منقصة *** فكم من الشر والأحزان قد جلبا
من يكثر الشيء يجعل من خصائصه *** بئس الذي لخصال السخف قد نسبا
وانما يستجاز المزح مقترنا *** بالسمت والظرف لا منهن قد سلبا
أفش السلام ولا تبطر وبش لمن *** تلقاه لا تمش بالوجه الذي شحبا
قف للحقوق ولا تأنف وكن رجلا *** في الحق لا تغش بعد العفة الريبا
واهجر تنعم أهل الزيف تلك حلى *** تؤنث الطبع ترخي الحس والعصبا
من اللباس تزين ولتكن وسطا *** جالبا سخطا لا مظهرا كذبا
تجلسن بناد فيه مفسدة *** وارفع مقامك أن تغشى به العطبا
صن ما اكتسبت عن الهبشات واجتهدن *** في حفظ نفسك عما يذهب الأدبا
تأمل الأمر تدرك لا تكن عجلا *** وللعبارة حرر ذاك قد وجبا
فصل كيفية الطلب والتلقي
يا من سلكت طريق العلم مجتهدا *** فلتستمع إن أردت البحث والطلبا
خذ بالأصول وأتقنها فإن ثبتت *** فقد ضربت بأطراف العلا طنبا
وابدأ بمختصر واحفظه معتنينا *** بضبطه عند شيخ في العلا رغبا
لا تشتغل بتفاريق مطولة *** وأنت لم تتقن الفن الذي وجبا
لا تنتقل دون ما يدعو لمختصر *** من بعد آخر لن تكسب سوى نصبا
قيد فوائد أهل العلم مقتنصا *** وبالضوابط فاجمع كل ما صعبا
على طريقة أهل العلم فاعن بها *** فهي الصراط لباغي العلم قد ضربا
فقد تدرج أهل العلم في كتب *** فخذ بما درسوا أنعم بها كتبا
ففي البداية في التوحيد خذ مثلا *** متن الأصول لشيخ أحرز الرتبا
ثم القواعد ثم الكشف بعدهما *** خذ من نصيبك في التوحيد ما وجبا
وفي الصفات فخذ عقيدة كتبت *** لأهل واسط فهي العذب منسكبا
ثم استمر بكتب الشيخ في صعد *** مستبطئا لا تكن في العلم مضطربا
والنحو من ملحة الإعراب تبدأه *** وقد يريد فتى للفهم منتدبا
والقطر لابن هشام والشروح على *** ألفية سلكت في بابها سربا
قوم لسانك بالإعراب واجتهدن *** فاللحن يشبه في إعداءه الجربا
وفي الحديث بمتن الأربعين فإن *** حفظتها فاملأن بالعمدة السغبا
أما البلوغ فأتقن حفظه أبدا *** واملأ أيا صاحبي من فقهه القربا
والمنتقى ثم في الست التى اشتهرت *** وهكذا سر لنيل المبتغى خببا
وفي اصطلاحاته خذ نخبة حسنت *** من بعدها خذ من الألفية الاربا
والفقه فلتدرس الآداب مبتدئا *** والزاد إن من استقصاه قد قربا
وعمدة الفقه ثم المقنع اكتملت *** ثلاثة من حواها أدرك اللقبا
ولتعقبن ذاك بالمغني فإن به *** فقه الخلاف فتجني منه ما غلبا
وفي الأصول فخذ متن الجويني ما *** قد خط من ورقات متنها عذبا
من بعدها روضة للناظر اكتملت *** فاجن العناقيد منها واقطف العنبا
وفي المواريث خذ ما خطه الرحبي *** والق الفرائض بالصدر الذي رحبا
كرر مسائلها واحفظ أدلتها *** ولتعرف الجمع والأجزاء والنسبا
واحفظ من الشعر ما يعطيك مقدرة *** تحسن بها النطق والتأليف والخطبا
أكثر مراجعة القاموس واستفته *** فإنه الركن يقضي الفصل إن طلبا
وهكذا تصبح الأوقات عامرة *** بالعلم تسبر في إدراكه الكتبا
والأصل في ذاك أن تأخذ على رجل *** يفري بحنكته الشيء الذي صعبا
فصل في أدب الطالب مع شيخه
ولترع شيخك بالتقدير واستمعن *** إليه ولتجمع التحصيل والأدبا
لا.. لا تقاطعه في درس فتقطعه *** عن المراد وكن للغو مجتنبا
لا.. لا تقل يا فلانا فهي منقصة *** بل قل أيا شيخنا إن كنت منتدبا
وإن بدا لك شيء فانصحن له *** لا تظهر الحقد عند النصح والغضبا
وإن اردت انتقالا عن مجالسه *** فكن _هديت_ لإذن الشيخ مصطحبا
فإنه ناصح يعطيك خبرته *** من نصحه تقطف الرمان والعنبا
ولتستزد منه ولتطلب فوائده *** فالشيخ يخرج در العلم إن طلبا
ولتكتب الدرس ولتعلمه في أدب *** فربما احتجت يوما للذي كتبا
واحذر مجالسة الشخص الذي انحرفت *** به الطرائق عن درب الهدى نكبا
لا يؤخذ العلم عن أهل الهوى فإذا *** جانبتهم كنت من أهل الهدى الغربا
فصل في أدب الزمالة
احذر معاشرة النفعي واجتنبن *** من يبتغي لذة إن كنت مصطحبا
وذا الفضيلة صاحب إذ بصحبته *** تلقى المكارم والأخلاق والدأبا
والناس مثل القطا كل فمكتسب *** لاقى مثيلا له فارتاح واكتسبا
فصل في آداب الطالب في حياته العلمية
كن في مجال الهدى ذو همة طمحت *** نحو العلا اجتازت الآفاق والسحبا
وانهل من العلم فالماضون قد تركوا *** للآخرين مجالا فاسبر الكتبا
وارحل لتأخذ عن شيخ تلازمه *** فإنما أبرك الأعمال ما طلبا
واجعل لنفسك للأبحاث تذكرة *** واحفظ كتابك مما يجلب العطبا
فإن جمعت أخي ما تستعين به *** على العلوم فرتب كل ما كتبا
واحفظ من العلم شيئا تستدل به *** فإنما العلم حفظ فافهم الطلبا
تعهد الحفظ من وقت لآخر إذ *** بعض المسائل إن أهملته ذهبا
وكن فقيها بارجاع الفروع إلى *** أصولها فحري منك أن تثبا
واعرف قواعد شرع الله عن نظر *** إلى العمومات فالوحيان ما نضبا
لا تفزعن إذا فاتتك مسألة *** ولتدع ربك _ ترجو حلها _ رغبا
وفي التحمل والإبلاغ فاصطحبن *** أمانة العلم ولتستهجن الكذبا
تعلم الصدق قبل العلم تطلبه *** فصاحب الكذب عن نيل المنى حجبا
ونصف علمك ( لا أدري ) فإن فقدت *** فأنت نحو هلاك تسحب الذنبا
حافظ على الوقت للتحصيل وانقطعن *** ولتثن عند أساطين الهدى الركبا
لا سيما قبل أن تصرفك مشغلة *** ولتغتنم قبل فوت عودك الرطبا
وخذ لنفسك وقتا تستجم به *** من اللطائف شيئا يطرد التعبا
واعرض على الشيخ أجزاءا لتضبطها *** كما الأئمة ممن للعلا وثبا
وإن سألت فسل من غير ما عنت *** فإن أجابك فالزم عنده الأدبا
لا.. لا تقل إن ذاك الشيخ خالفكم *** وكن لأخلاق أهل العلم منتسبا
واترك مجادلة يحتفها لغط *** أهل السفاهة جروا وسطها ذنبا
ناظر إلى الحق من يبغيه مجتهدا *** وانصحه باللطف كن في ذاك محتسبا
اكثر مذاكرة عند الجلوس إلى *** أهل البصائر ممن أدمنوا الكتبا
ففي المطارحة استحضار ذاكرة *** إذا تجنبتم الإسفاف والشغبا
واستكملن أدوات العلم فهي خطى *** من غيرها لن يكون الفن مقتربا
فصل في التحلي بالعمل
العلم يهتف بالأعمال فالتزمن *** ما يقتضي العلم نهيا كان أو طلبا
وللخطيب كتاب قد حوى دررا *** في ذاك فاقرأه كي تروي به الجدبا
أد الزكاة ببذل العلم تزكية *** لا تكتم العلم واصدع بالذي وجبا
صن عزة النفس واحم العلم من سفه *** فإن من صانه يرقى به الرتبا
واحذر مسالك من راموا المناصب لم *** يحموا الولاية أن يغشوا بها الريبا
واحذر مداهنة ترجو بها عرضا *** قل ما بدا لك لا تستعمل الكذبا
ولتجمع الكتب ولتختر أحاسنها *** لا.. لا تطع في شراء الكتب من عتبا
خذ من رسائل أهل العلم ما نسجت *** على التعمق فيما غاص واحتجبا
إذا اشتريت كتابا فلتطف عجلا *** على الذي فيه ولتستخبر الكتبا
ولتعرف الاصطلاحات التي وردت *** عند المؤلف تستثمر بذا التعبا
وإن كتبت فاعجم ذاك معتنيا *** بالنقط والشكل واضبط كل ما صعبا
فصل في المحاذير
إياك أن تدعي ما أنت فاقده *** كلابس ثوب زور يدعي العجبا
واخش التصدر قبل الفقه واشتغلن *** بالضبط والبحث واستذكار ما طلبا
لا.. لا تثر شبهات في إثارتها *** ما يقدح الشك يشعل بالجوى الحطبا
ولتحذر اللحن في الألفاظ واجتهدن *** في النحو لا.. لا تعب في ذلك العربا
فإنما القوم قد أرسوا قواعده *** وهذبوه إلى أن للورى هذبا
واحذر نكاية أعداء لنا نصبوا *** عبر الثقافة فخا يحمل العطبا
ولتحذر الجدل المردي لأودية *** من الضلال ومما يورث الشجبا
لا.. لا تحزب في الإسلام لا سمة *** غير التي اعتادها أسلافنا حقبا
فإنما تلك أحزاب تتبعها *** يردي قواك فلا تنعب كمن نعبا
الله يعصمنا من فتنة عبثت *** بالناس فاستعجلوا الأموال والنشبا
إن حزت ذلك فاعلم أن أعظم ما *** يردي ببنيانك العالي الذي انتصبا
إفشاء سرك أو نقل الكلام وأن *** تجلس لمبتدع في السوء قد رغبا
أو أن تكون حسودا حاقدا لسنا *** أو تكثر المزح بين الناس واللعبا
واقصر خطاك عن الممنوع وانصرفن *** عن المحارم كي تستكمل الأدبا
واخش الظنون ولا تجلس مجالس من *** إتيانهم يجلب الآثام والريبا
تمت وفي ختمها أوصيك فاستمعن *** لما أقول _ وقيت _ المقت والغضبا
فلتدع ربك يعتق وجه ناظمها *** وأن يجنبه النيران واللهبا
نظمها
سلطان بن محمد بن سبهان الشمري
26/7/1417هـ
قال الشيخ بكر أبو زيد بعد قراءته للمنظومة :
(( هذه المنظومة تميزت :
1/ أنها سلسة عذبة ولا إشكال فيها
2/ أنها أتت على المطلوب من الكتاب
وفقك الله ... بكر أبو زيد ))
ذات الوشاح تغنت وانثنت طربا *** وأشغلتك بلحظ يشتكي التعبا
فبت تشرب من كأس الهوى جذلا *** حتى سكرت فجزت النجم والشهبا
في سكرة العشق لم تبرح تغوص بها *** فأسلمتك بواد الخزي منقلبا
لم تعشق المجد لم تكلف بطلبته *** ولو فعلت لحزت العز والحسبا
والعلم أثمن شيء أنت حامله *** لو كنت تنصف فاق الدر والذهبا
وهذه حلية قد جئت أنظمها *** قد سقتها بلطيف القول محتسبا
في ثوب منتظم عن خير منتثر *** مما تتبعه الشيخ الذي نجبا
فصل في أدب الطالب في نفسه
أصل الأصول هو الإخلاص فاجتهدن *** وجرد القلب للمولى تنل إربا
وعالج النفس واحملها وإن كرهت *** وابذل لنيل مقامات العلا سببا
لازم مراقبة المولى وخشيته *** وارجع لربك واستعصم به هربا
بل ( خشية الله أصل العلم ) قد أثرت *** هذي المقولة عمن أحرز الرتبا
هذي المقولة عمن أحرز الرتبا *** نجم السماء ونجم الشيخ ما غربا
واخفض جناحك وانبذ كل داعية *** للكبرياء وألزم نفسك الأدبا
والحلم والصبر مع حسن الوقار وكن *** مع التواضع للإخلاص منتسبا
ولتحذر العجب من أدنى دقائقه *** حتى من المشي أن ترمى به طربا
ولتحبس النفس عن حب الظهور فمن *** أصابه ذاك حاز الخزي والتعبا
والزهد فالزمه فالزهاد رايتهم *** خير البيارق إن كل لها نصبا
واترك مطاردة الدينار واعجبا *** ممن يتابع ما يرديه واعجبا
وكن على سمت أهل العلم مهتديا *** بهديهم واترك التضييع واللعبا
لا تدمنن مزاحا فهو منقصة *** فكم من الشر والأحزان قد جلبا
من يكثر الشيء يجعل من خصائصه *** بئس الذي لخصال السخف قد نسبا
وانما يستجاز المزح مقترنا *** بالسمت والظرف لا منهن قد سلبا
أفش السلام ولا تبطر وبش لمن *** تلقاه لا تمش بالوجه الذي شحبا
قف للحقوق ولا تأنف وكن رجلا *** في الحق لا تغش بعد العفة الريبا
واهجر تنعم أهل الزيف تلك حلى *** تؤنث الطبع ترخي الحس والعصبا
من اللباس تزين ولتكن وسطا *** جالبا سخطا لا مظهرا كذبا
تجلسن بناد فيه مفسدة *** وارفع مقامك أن تغشى به العطبا
صن ما اكتسبت عن الهبشات واجتهدن *** في حفظ نفسك عما يذهب الأدبا
تأمل الأمر تدرك لا تكن عجلا *** وللعبارة حرر ذاك قد وجبا
فصل كيفية الطلب والتلقي
يا من سلكت طريق العلم مجتهدا *** فلتستمع إن أردت البحث والطلبا
خذ بالأصول وأتقنها فإن ثبتت *** فقد ضربت بأطراف العلا طنبا
وابدأ بمختصر واحفظه معتنينا *** بضبطه عند شيخ في العلا رغبا
لا تشتغل بتفاريق مطولة *** وأنت لم تتقن الفن الذي وجبا
لا تنتقل دون ما يدعو لمختصر *** من بعد آخر لن تكسب سوى نصبا
قيد فوائد أهل العلم مقتنصا *** وبالضوابط فاجمع كل ما صعبا
على طريقة أهل العلم فاعن بها *** فهي الصراط لباغي العلم قد ضربا
فقد تدرج أهل العلم في كتب *** فخذ بما درسوا أنعم بها كتبا
ففي البداية في التوحيد خذ مثلا *** متن الأصول لشيخ أحرز الرتبا
ثم القواعد ثم الكشف بعدهما *** خذ من نصيبك في التوحيد ما وجبا
وفي الصفات فخذ عقيدة كتبت *** لأهل واسط فهي العذب منسكبا
ثم استمر بكتب الشيخ في صعد *** مستبطئا لا تكن في العلم مضطربا
والنحو من ملحة الإعراب تبدأه *** وقد يريد فتى للفهم منتدبا
والقطر لابن هشام والشروح على *** ألفية سلكت في بابها سربا
قوم لسانك بالإعراب واجتهدن *** فاللحن يشبه في إعداءه الجربا
وفي الحديث بمتن الأربعين فإن *** حفظتها فاملأن بالعمدة السغبا
أما البلوغ فأتقن حفظه أبدا *** واملأ أيا صاحبي من فقهه القربا
والمنتقى ثم في الست التى اشتهرت *** وهكذا سر لنيل المبتغى خببا
وفي اصطلاحاته خذ نخبة حسنت *** من بعدها خذ من الألفية الاربا
والفقه فلتدرس الآداب مبتدئا *** والزاد إن من استقصاه قد قربا
وعمدة الفقه ثم المقنع اكتملت *** ثلاثة من حواها أدرك اللقبا
ولتعقبن ذاك بالمغني فإن به *** فقه الخلاف فتجني منه ما غلبا
وفي الأصول فخذ متن الجويني ما *** قد خط من ورقات متنها عذبا
من بعدها روضة للناظر اكتملت *** فاجن العناقيد منها واقطف العنبا
وفي المواريث خذ ما خطه الرحبي *** والق الفرائض بالصدر الذي رحبا
كرر مسائلها واحفظ أدلتها *** ولتعرف الجمع والأجزاء والنسبا
واحفظ من الشعر ما يعطيك مقدرة *** تحسن بها النطق والتأليف والخطبا
أكثر مراجعة القاموس واستفته *** فإنه الركن يقضي الفصل إن طلبا
وهكذا تصبح الأوقات عامرة *** بالعلم تسبر في إدراكه الكتبا
والأصل في ذاك أن تأخذ على رجل *** يفري بحنكته الشيء الذي صعبا
فصل في أدب الطالب مع شيخه
ولترع شيخك بالتقدير واستمعن *** إليه ولتجمع التحصيل والأدبا
لا.. لا تقاطعه في درس فتقطعه *** عن المراد وكن للغو مجتنبا
لا.. لا تقل يا فلانا فهي منقصة *** بل قل أيا شيخنا إن كنت منتدبا
وإن بدا لك شيء فانصحن له *** لا تظهر الحقد عند النصح والغضبا
وإن اردت انتقالا عن مجالسه *** فكن _هديت_ لإذن الشيخ مصطحبا
فإنه ناصح يعطيك خبرته *** من نصحه تقطف الرمان والعنبا
ولتستزد منه ولتطلب فوائده *** فالشيخ يخرج در العلم إن طلبا
ولتكتب الدرس ولتعلمه في أدب *** فربما احتجت يوما للذي كتبا
واحذر مجالسة الشخص الذي انحرفت *** به الطرائق عن درب الهدى نكبا
لا يؤخذ العلم عن أهل الهوى فإذا *** جانبتهم كنت من أهل الهدى الغربا
فصل في أدب الزمالة
احذر معاشرة النفعي واجتنبن *** من يبتغي لذة إن كنت مصطحبا
وذا الفضيلة صاحب إذ بصحبته *** تلقى المكارم والأخلاق والدأبا
والناس مثل القطا كل فمكتسب *** لاقى مثيلا له فارتاح واكتسبا
فصل في آداب الطالب في حياته العلمية
كن في مجال الهدى ذو همة طمحت *** نحو العلا اجتازت الآفاق والسحبا
وانهل من العلم فالماضون قد تركوا *** للآخرين مجالا فاسبر الكتبا
وارحل لتأخذ عن شيخ تلازمه *** فإنما أبرك الأعمال ما طلبا
واجعل لنفسك للأبحاث تذكرة *** واحفظ كتابك مما يجلب العطبا
فإن جمعت أخي ما تستعين به *** على العلوم فرتب كل ما كتبا
واحفظ من العلم شيئا تستدل به *** فإنما العلم حفظ فافهم الطلبا
تعهد الحفظ من وقت لآخر إذ *** بعض المسائل إن أهملته ذهبا
وكن فقيها بارجاع الفروع إلى *** أصولها فحري منك أن تثبا
واعرف قواعد شرع الله عن نظر *** إلى العمومات فالوحيان ما نضبا
لا تفزعن إذا فاتتك مسألة *** ولتدع ربك _ ترجو حلها _ رغبا
وفي التحمل والإبلاغ فاصطحبن *** أمانة العلم ولتستهجن الكذبا
تعلم الصدق قبل العلم تطلبه *** فصاحب الكذب عن نيل المنى حجبا
ونصف علمك ( لا أدري ) فإن فقدت *** فأنت نحو هلاك تسحب الذنبا
حافظ على الوقت للتحصيل وانقطعن *** ولتثن عند أساطين الهدى الركبا
لا سيما قبل أن تصرفك مشغلة *** ولتغتنم قبل فوت عودك الرطبا
وخذ لنفسك وقتا تستجم به *** من اللطائف شيئا يطرد التعبا
واعرض على الشيخ أجزاءا لتضبطها *** كما الأئمة ممن للعلا وثبا
وإن سألت فسل من غير ما عنت *** فإن أجابك فالزم عنده الأدبا
لا.. لا تقل إن ذاك الشيخ خالفكم *** وكن لأخلاق أهل العلم منتسبا
واترك مجادلة يحتفها لغط *** أهل السفاهة جروا وسطها ذنبا
ناظر إلى الحق من يبغيه مجتهدا *** وانصحه باللطف كن في ذاك محتسبا
اكثر مذاكرة عند الجلوس إلى *** أهل البصائر ممن أدمنوا الكتبا
ففي المطارحة استحضار ذاكرة *** إذا تجنبتم الإسفاف والشغبا
واستكملن أدوات العلم فهي خطى *** من غيرها لن يكون الفن مقتربا
فصل في التحلي بالعمل
العلم يهتف بالأعمال فالتزمن *** ما يقتضي العلم نهيا كان أو طلبا
وللخطيب كتاب قد حوى دررا *** في ذاك فاقرأه كي تروي به الجدبا
أد الزكاة ببذل العلم تزكية *** لا تكتم العلم واصدع بالذي وجبا
صن عزة النفس واحم العلم من سفه *** فإن من صانه يرقى به الرتبا
واحذر مسالك من راموا المناصب لم *** يحموا الولاية أن يغشوا بها الريبا
واحذر مداهنة ترجو بها عرضا *** قل ما بدا لك لا تستعمل الكذبا
ولتجمع الكتب ولتختر أحاسنها *** لا.. لا تطع في شراء الكتب من عتبا
خذ من رسائل أهل العلم ما نسجت *** على التعمق فيما غاص واحتجبا
إذا اشتريت كتابا فلتطف عجلا *** على الذي فيه ولتستخبر الكتبا
ولتعرف الاصطلاحات التي وردت *** عند المؤلف تستثمر بذا التعبا
وإن كتبت فاعجم ذاك معتنيا *** بالنقط والشكل واضبط كل ما صعبا
فصل في المحاذير
إياك أن تدعي ما أنت فاقده *** كلابس ثوب زور يدعي العجبا
واخش التصدر قبل الفقه واشتغلن *** بالضبط والبحث واستذكار ما طلبا
لا.. لا تثر شبهات في إثارتها *** ما يقدح الشك يشعل بالجوى الحطبا
ولتحذر اللحن في الألفاظ واجتهدن *** في النحو لا.. لا تعب في ذلك العربا
فإنما القوم قد أرسوا قواعده *** وهذبوه إلى أن للورى هذبا
واحذر نكاية أعداء لنا نصبوا *** عبر الثقافة فخا يحمل العطبا
ولتحذر الجدل المردي لأودية *** من الضلال ومما يورث الشجبا
لا.. لا تحزب في الإسلام لا سمة *** غير التي اعتادها أسلافنا حقبا
فإنما تلك أحزاب تتبعها *** يردي قواك فلا تنعب كمن نعبا
الله يعصمنا من فتنة عبثت *** بالناس فاستعجلوا الأموال والنشبا
إن حزت ذلك فاعلم أن أعظم ما *** يردي ببنيانك العالي الذي انتصبا
إفشاء سرك أو نقل الكلام وأن *** تجلس لمبتدع في السوء قد رغبا
أو أن تكون حسودا حاقدا لسنا *** أو تكثر المزح بين الناس واللعبا
واقصر خطاك عن الممنوع وانصرفن *** عن المحارم كي تستكمل الأدبا
واخش الظنون ولا تجلس مجالس من *** إتيانهم يجلب الآثام والريبا
تمت وفي ختمها أوصيك فاستمعن *** لما أقول _ وقيت _ المقت والغضبا
فلتدع ربك يعتق وجه ناظمها *** وأن يجنبه النيران واللهبا
نظمها
سلطان بن محمد بن سبهان الشمري
26/7/1417هـ
قال الشيخ بكر أبو زيد بعد قراءته للمنظومة :
(( هذه المنظومة تميزت :
1/ أنها سلسة عذبة ولا إشكال فيها
2/ أنها أتت على المطلوب من الكتاب
وفقك الله ... بكر أبو زيد ))
النظم منسق على المرفقات