السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
العلم بصحيح الشرع ، يورث خير الدين الورع
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى ، والصلاة والسلام على إمام المتقين ، وسيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
إن أعظم ما تكرس في الأوقات ، وتحبس فيه الأنفاس ، وتصرف فيه الأعمار هو العلم بالله وبدينه ونبيه صلى الله عليه وسلم ،
فالعلم ما ظفر به أحد إلا سما ... وبأسباب العلى ظفرا ...
لا سيما أصل علم الدين إن به ... سعادة العبد والمنجي إذا حشرا...
ولقد أثنى الله عز وجل على العلم والعلماء وكفى بثناء الله سبحانه وتعالى ثناء ، وكفى بفضيلة رفع الله من قدرها وشأنها فضيلة ، لذلك تنافس فيه الأبرار ، وتقربوا به إلى العلي الغفار ، فأثمر لهم خوفا وطعما.. ورجاء وورعا . .
ساروا بهما إلى مرضاته في دار القرار ، فذلكم هو العلم الذي ينفع صاحبه يوم لا ينفع مال ولا بنون ، و ليس كل علم ينفع صاحبه ، فالعلم الذي لا يثمر الخشية والتقوى والورع ولا يدفع إلى العمل بصحيح الشرع ليس بعلم حتى لو عده من عده علما ..
ولذلك قال بعض الحكماء : وَقِيلَ إذَا كَانَتْ الْخَشْيَةُ مِنْ لَوَازِمِ الْعِلْمِ فَإِذَا انْتَفَى اللَّازِمُ أَيْ الْخَشْيَةُ انْتَفَى الْمَلْزُومُ أَيْ الْعِلْمُ؛ فَالْعِلْمُ مَا يَكُون سَبَبًا لِلْخَشْيَةِ ، وَمَا عَدَاهُ لَيْسَ بِعِلْمٍ وَإِنْ عَدُّوهُ عِلْمًا .
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ:مَنْ لَمْ يُؤْتَ مِنْ الْعِلْمِ مَا يَقْمَعُهُ ، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ لَا يَنْفَعُهُ .
ومن المعلوم أن علم الدين واسع سعة البحور تمد إلى سبعة أبحر ، وكثير كثرة ما في الأرض من أشجار ، وهو درجات ، بعضها أفضل من بعض ، كما قال تعالى : يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - : العلم كثير ، ولن تعيه قلوبكم ، ولكن اتبعوا أحسنه ألم تسمعوا قوله تعالى :((الذين يستمعون القول فيتبعون...))
وصدق من قال :
ما أكثر العلم وما أوسعه- - - من ذا الذي يقدر أن يجمعه
إن كنت لابد له طالبا - - - محاولا فالتمس أنفعه
قال صالح بن عبد القدوس -رحمه الله -:
إذا طلبت العلم فاعلم أنه --- حمل ، فأبصر أي شيء تحمل
وإذا علمت بأنه متفاضل ---فاشغل فؤادك بالذي هو أفضل
فأفضل العلم وأحسنه وأعلى درجاته أوجبه ، وهو العلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته ، ومعرفة دينه الذي بعث به رسله ، وتعبد به عباده ، ومعرفة نبيه الهادي إليه ، الذي بعثه الله يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم ..فلم يترك خيرا قط إلا دل الأمة عليه ، ولم يترك فضلا قط إلى أرشدها إليه ورغبها فيه ، وأفضل ما بينه هو أفضل العلم وخير الدين المبني على الورع والتقوى ..
فقد روي عنه أنه قال :((أفضل العلم لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الاستغفار)) ( فر ) عن ابن عمر .قال الشيخ الألباني : ( ضعيف ) انظر حديث رقم : (102في ضعيف الجامع .
وقال الحسن البصري -رحمه الله – ( أفضل العلم الورع والتفكر )أخرجه أبو خيثمة في كتاب العلم: (ج1/ص29 )(ح119).
وتعلم أوجب العلم وأفضله أفضل من تعلم أوجب العبادات ، لأنه لا يمكن لأحد لأن يتعبد لله بما يحبه والله ويرضاه من العبادات الظاهرة والباطنة إلا بعد العلم بها ، وتعلم مستحبه أفضل من المستحبات ، وأفضل من ذلك من بنى دينه على العلم المؤصل المبني على التقوى والتجرد من الذات ، وصدق اللجوء ، وتجريد الاتباع ، بحرص شديد على التدرج فيه والتحصيل المثمر للورع والخشية بالعمل به .
قال صلى الله عليه وسلم :((فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة و خير دينكم الورع)) .أخرجه البزار ، والطبراني في الأوسط والحاكم ) عن حذيفة وعن سعد ، والبيهقي في الزهد الكبير (831) عن سعد.قال الشيخ الألباني : صحيح ، انظر حديث رقم : (4214) في صحيح الجامع .
توضيح واهتداء : إن تعقيب النبي - صلى الله عليه وسلم – الورع على فضل العلم الذي هو أحب إليه من فضل العبادة ، والذي جعله من خير الدين لدليل على أن العلم من أعظم الأسباب التي تحض وتحث على الورع ، قال تعالى :(( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)).
قال الطبراني –رحمه الله - في التفسير المنسوب إليه في تفسيرها : قال مقاتلُ : (أشَدُّ الناسِ للهِ خِشْيَةً أعْلَمُهُمْ بهِ) ، وقال مسروقُ : (كَفَى بخِشْيَةِ اللهِ عِلْماً ، وَكَفَى بالاغْتِرَار باللهِ جَهْلاً).
قال ابن كثير -رحمه الله -(6/544) أي: إنما يخاف الله فيتقي عقابه بطاعته ويخشاه حق خشيته العلماء العارفون به؛ الموقنون بعقابه على معصيته لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى والجلال والكمال ، كلما كانت المعرفة به أتمّ والعلم به أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر. نقلته بتصرف .وقال بعض الحكماء : وَقِيلَ إذَا كَانَتْ الْخَشْيَةُ مِنْ لَوَازِمِ الْعِلْمِ فَإِذَا انْتَفَى اللَّازِمُ أَيْ الْخَشْيَةُ انْتَفَى الْمَلْزُومُ أَيْ الْعِلْمُ؛ فَالْعِلْمُ مَا يَكُون سَبَبًا لِلْخَشْيَةِ ، وَمَا عَدَاهُ لَيْسَ بِعِلْمٍ وَإِنْ عَدُّوهُ عِلْمًا .قِيلَ وَمَا يُقَالُ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَشْيَةَ فِي الْعُلَمَاءِ ، وَلَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ عَالِمٍ فِيهِ خَشْيَةٌ فَمَدْفُوعٌ بِأَنَّ مَأْخَذَ الِاشْتِقَاقِ يُفِيدُ الْعِلِّيَّةَ وَذَكَرَ الْخَشْيَةَ ؛ لِأَنَّهَا مِلَاكُ الْأُمُورِ إذْ الْخَشْيَةُ جَالِبَةٌ لِكُلِّ خَيْرٍ وَعَدَمُهَا لِكُلِّ مَكْرُوهٍ . قَالُوا الرِّعَةُ ، وَالْفِقْهُ ، وَالِاسْتِقَامَةُ ، وَالتُّقَى كُلُّهَا مُسَخَّرَةٌ لِلْخَشْيَةِ فَمَنْ رُزِقَ لَهُ الْخَشْيَةُ مَلَكَ كُلَّ شَيْءٍ فَإِذَا حُصِرَ ذَلِكَ بِالْعُلَمَاءِ لَزِمَ اخْتِصَاصُ الْفَضْلِ بِهِمْ ضَرُورَةً .
لأنهم طلبوا العلم بالتقى فأورثهم علم النبوة وحسن الفهم للكف والامتناع عن خوارم المروءة ، وصغار الخسة إلى ترك المباح وما ليس به بأس فألبسهم ثوب الروع الذي اتقوا به الشبهات أي كانت ، فكانوا أفضل الناس مراقبة لربهم وأحسنهم أدبا مع من حولهم من أهل الإيمان والإحسان والسنة والقرآن ..
وهذا لا يعني أنه لا يوجد في غيرهم الورع بل هناك من عوام المسلمين من هم اتقى وأرعى لله من كثير ممن ينتسب لطلب العلم اليوم ، يشهد لهذا ما قاله أبو العلاء المعري في ديوانه ( 1/363) قصيدة بعنوان : اللَّهُ يَشهدُ أني جاهلٌ وَرعُ.قال فيها :
اللَّهُ يَشهدُ أني جاهلٌ وَرعُ...فليحضُرِ الناسُ إقراري وإشهادي
هذا وإن خير الدين الورع ، كما قال - صلى الله عليه وسلم -(( وإن خير دينكم الروع)) أخرجه أبو الشيخ في الثواب عن سعد . قال الشيخ الألباني : صحيح ، انظر حديث رقم : ( 330 في صحيح الجامع .
وكلما ازداد ورعُ العبد كلما ازدادت عبادته لربه وخشيته له ويدل عليه وقوله – صلى الله عليه وسلم - لأبي هريرة -رضي الله عنه-:(( كن ورعا)) وفي رواية المحاربي :(( يا أبا هريرة كن ورعا تكن أعبد الناس وكن قنعا تكن أشكر الناس وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا..)) أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"( 252) والبيهقي في الزهد الكبير (832) قال الشيخ الألباني: صحيح انظر حديث رقم:(4580)في صحيح الجامع،وصحيح ابن ماجة(339والصحيحة(506- 927-2046)
وهذا يعني أن : العلم لا ينال بالكسل والدَّلع ، ولكن ينال بالجد والورع ، ولا يناله متكبر ولا عاص ، ولكن يناله التقي بالإخلاص
قال الشافعي – رحمه الله - في ديوانه (1/61):
شَكَوْتُ إلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي ... فَأرْشَدَنِي إلَى تَرْكِ المعَاصي
وَأخْبَرَنِي بأَنَّ العِلْمَ نُورٌ ... ونورُ الله لا يهدى لعاصي
تعريف الورع:الوَرَعُ ، مُحَرَّكَةٌ : التَّقْوَى ، والتَّحَرُّجُ ، والكَفُّ عن المَحَارِمِ ، وقد!وَرِعَ الرَّجُلُ ، كوَرِثَ . وأصْلُ الوَرَعِ : الكَفُّ عن المَحَارِمِ ، ثم استُعِيرَ للكَفِّ عن الحَلالِ والمُباحِ . تاج العروس وجواهر القاموس (22/31 المعجم الوسيط (2/1025).والوَرِعُ بكسر الراء: الرجل التقيّ. وقد وَرِعَ يَرِعُ بالكسر فيهما وَرِعاً ورِعَةً. يقال: فلان سيِّء الرِعَةِ، أي قليل الوَرَع. وتَوَرَّعَ من كذا، أي تحرَّج. الصحاح في اللغة (2/275) .
والرِّعَةُ ، بالكَسْرِ : الهَدْيُ ، وحُسْنُ الهَيْئَةِ ، أو سُوءُهَا قالَهُ الأصْمَعِيُّ ، وهُوَ ضِدٌّيبينها قوله صلى الله عليه وسلم(( ... أنا قاسم والله يعطى ، فمن جاءه منا شيء بحسن هدى وحسن رعة فذلك الذي يبارك له فيه ، ومن جاءه منا شيء بسوء هدى وسوء رعة فذلك الذي يأكل ولا يشبع)) أخرجه الطبرانى (19/389) رقم (914) .قال عبد المجيد السلفي وأخرجه أيضا في مسند الشاميين (1124). قال الهيثمى (8/263) : رواه الطبرانى بإسنادين أحدهما حسن .
وفي تاج العروس وجواهر القاموس (22/31 قال : وفي حديثِ الحَسَنِ البَصري :((ازْدَحَمُوا علَيْهِ ، فرَأى مِنْهُمْ ))رِعَةً سَيِّئَةً ، فقالَ : اللَّهُمَّ إليْكَ ، يُرِيدُ بالرِّعَةِ هُنَا : الاحْتِشَامَ والكَفَّ عنْ سُوءِ الأدَبِ ، أي : لَمْ يُحْسِنوا ذلكَ ، وفي حديثِ الدُّعَاءِ : وأعِذْنِي منْ سُوءِ الرِّعَةِ . أي : منْ سُوءِ الكَفِّ عَمّا لا يَنْبَغِي . النهاية في غريب الأثر - ابن الأثير(5/385).
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ : مَنْ لَمْ يُؤْتَ مِنْ الْعِلْمِ مَا يَقْمَعُهُ ، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ لَا يَنْفَعُهُ .وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : الْفَقِيهُ بِغَيْرِ وَرَعٍ كَالسِّرَاجِ يُضِيءُ الْبَيْتَ وَيُحْرِقُ نَفْسَهُ .
وقال الغزالي في الإحياء : وأما الحلال والحرام فالورع عن الحرام من الدين ولكن الورع له أربع مراتب .
الأولى : الورع الذي يشترط في عدالة الشهادة وهو الذي يخرج بتركه الإنسان عن أهلية الشهادة والقضاء والولاية وهو الاحتراز عن الحرام الظاهر.
الثانية ورع الصالحين : وهو التوقي من الشبهات التي يتقابل فيها الاحتمالات قال صلى الله عليه و سلم :(( دع ما يريبك إلى مالا يريبك)) أخرجه الترمذي وصححه والنسائي وابن حبان من حديث الحسن بن علي. وقال صلى الله عليه و سلم:((الإثم حزاز القلوب)) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان من حديث ابن مسعود ورواه العدني في مسنده موقوفا عليه .
الثالثة ورع المتقين: وهو ترك الحلال المحض الذي يخاف منه أداؤه إلى الحرام قال صلى الله عليه و سلم:(( لا يكون الرجل من المتقين حتى يدع ما لا بأس به مخافة مما به بأس ))أخرجه الترمذي وحسنه وابن ماجه والحاكم وصححه من حديث عطية السعدي . وذلك مثل التورع عن التحدث بأحوال الناس خيفة من الانجرار إلى الغيبة والتورع عن أكل الشهوات خيفة من هيجان النشاط والبطر المؤدي إلى مقارفة المحظورات .
الرابعة ورع الصديقين: وهو الإعراض عما سوى الله تعالى خوفا من صرف ساعة من العمر إلى ما لا يفيد زيادة قرب عند الله عز و جل وإن كان يعلم ويتحقق أنه لا يفضي إلى حرام فهذه الدرجات كلها خارجة عن نظر الفقيه إلا الدرجة الأولى وهو ورع الشهود والقضاء ، وما يقدح في العدالة والقيام بذلك لا ينفي الإثم في الآخرة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لوابصة :(( استفت قلبك وإن أفتوك وإن أفتوك ..)) أخرجه أحمد . من إحياء علوم الدين بتخريج العراقي رحمه الله .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَعْرُوفُ بِمِرْبَعٍ : كُنْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَبَيْنَ يَدَيْهِ مِحْبَرَةٌ فَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثًا فَاسْتَأْذَنْتُهُ بِأَنْ أَكْتُبَ مِنْ مِحْبَرَتِهِ ، فَقَالَ : اُكْتُبْ يَا هَذَا فَهَذَا وَرَعٌ مُظْلِمٌ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَارِقٍ الْبَغْدَادِيُّ : كُنْتُ جَالِسًا إلَى جَانِبِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَسْتَمِدُّ مِنْ مِحْبَرَتِك ؟ فَنَظَرَ إلَيَّ وَقَالَ : لَمْ يَبْلُغْ وَرَعِي وَرَعَك هَذَا .وَعَنْ وَكِيعٍ وَجَاءَ إلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ : إنِّي أَمُتُّ إلَيْكَ بِحُرْمَةٍ قَالَ : وَمَا حُرْمَتُكَ قَالَ : كُنْتَ تَكْتُبُ مِنْ مِحْبَرَتِي فِي مَجْلِسِ الْأَعْمَشِ ، فَوَثَبَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَأَخْرَجَ صُرَّةً فِيهَا دَنَانِيرُ وَقَالَ لَهُ : اُعْذُرْنِي فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ غَيْرَهَا . الآداب لابن مفلح 2/246).
قلت: ما أعظم ورع السلف ، واتقاهم لربهم في الدنيا ويوم يلقونه ، وما ذلك إلا لأنهم كانوا بالله أعرف وله أطوع وأخوف..
وصدق فيهم قول القائل:
جَلْدٌ جَمَيلُ المُحيّا كَامِلٌ وَرِعٌ ... عالمٌ مخبتٌ للرسول متبعٌ .
وقول الآخر :
هم الأئمة من زهدٍ ومن ورعٍ -- لو كان ينخدع السني اللبق
وما كنت أعلم أن يقضي الله لنا-- يوماً فتختلف الأهواء والطرق
هل عق منهجه أو خان أمته-- إلا امرؤٌ ماله دينٌ ولا خلق
وهذا وإني لا أدع العلم ولا التقدم فيه حاشا وكلا ، فأنا أعرف نفسي والله أعلم مني بها ، ولذلك أكرر هنا ما قاله أبو العلا المعري حقيقة وليس تواضعا كما قد يدعيه البعض :
اللَّهُ يَشهدُ أني جاهلٌ وَرعُ...فليحضُرِ الناسُ إقراري وإشهادي
نسأل الله تعالى أن يرزقنا العلم النافع والورع والتقوى ، وأن يهدينا للطريق الأقوم والأقوى ، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير .والصلاة والسلام على البشير النذير .
كتبه /أبو بكر يوسف لعويسي وفقه الله
المصدر: منتديات نور اليقين
بسم الله الرحمن الرحيم
العلم بصحيح الشرع ، يورث خير الدين الورع
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى ، والصلاة والسلام على إمام المتقين ، وسيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
إن أعظم ما تكرس في الأوقات ، وتحبس فيه الأنفاس ، وتصرف فيه الأعمار هو العلم بالله وبدينه ونبيه صلى الله عليه وسلم ،
فالعلم ما ظفر به أحد إلا سما ... وبأسباب العلى ظفرا ...
لا سيما أصل علم الدين إن به ... سعادة العبد والمنجي إذا حشرا...
ولقد أثنى الله عز وجل على العلم والعلماء وكفى بثناء الله سبحانه وتعالى ثناء ، وكفى بفضيلة رفع الله من قدرها وشأنها فضيلة ، لذلك تنافس فيه الأبرار ، وتقربوا به إلى العلي الغفار ، فأثمر لهم خوفا وطعما.. ورجاء وورعا . .
ساروا بهما إلى مرضاته في دار القرار ، فذلكم هو العلم الذي ينفع صاحبه يوم لا ينفع مال ولا بنون ، و ليس كل علم ينفع صاحبه ، فالعلم الذي لا يثمر الخشية والتقوى والورع ولا يدفع إلى العمل بصحيح الشرع ليس بعلم حتى لو عده من عده علما ..
ولذلك قال بعض الحكماء : وَقِيلَ إذَا كَانَتْ الْخَشْيَةُ مِنْ لَوَازِمِ الْعِلْمِ فَإِذَا انْتَفَى اللَّازِمُ أَيْ الْخَشْيَةُ انْتَفَى الْمَلْزُومُ أَيْ الْعِلْمُ؛ فَالْعِلْمُ مَا يَكُون سَبَبًا لِلْخَشْيَةِ ، وَمَا عَدَاهُ لَيْسَ بِعِلْمٍ وَإِنْ عَدُّوهُ عِلْمًا .
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ:مَنْ لَمْ يُؤْتَ مِنْ الْعِلْمِ مَا يَقْمَعُهُ ، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ لَا يَنْفَعُهُ .
ومن المعلوم أن علم الدين واسع سعة البحور تمد إلى سبعة أبحر ، وكثير كثرة ما في الأرض من أشجار ، وهو درجات ، بعضها أفضل من بعض ، كما قال تعالى : يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - : العلم كثير ، ولن تعيه قلوبكم ، ولكن اتبعوا أحسنه ألم تسمعوا قوله تعالى :((الذين يستمعون القول فيتبعون...))
وصدق من قال :
ما أكثر العلم وما أوسعه- - - من ذا الذي يقدر أن يجمعه
إن كنت لابد له طالبا - - - محاولا فالتمس أنفعه
قال صالح بن عبد القدوس -رحمه الله -:
إذا طلبت العلم فاعلم أنه --- حمل ، فأبصر أي شيء تحمل
وإذا علمت بأنه متفاضل ---فاشغل فؤادك بالذي هو أفضل
فأفضل العلم وأحسنه وأعلى درجاته أوجبه ، وهو العلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته ، ومعرفة دينه الذي بعث به رسله ، وتعبد به عباده ، ومعرفة نبيه الهادي إليه ، الذي بعثه الله يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم ..فلم يترك خيرا قط إلا دل الأمة عليه ، ولم يترك فضلا قط إلى أرشدها إليه ورغبها فيه ، وأفضل ما بينه هو أفضل العلم وخير الدين المبني على الورع والتقوى ..
فقد روي عنه أنه قال :((أفضل العلم لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الاستغفار)) ( فر ) عن ابن عمر .قال الشيخ الألباني : ( ضعيف ) انظر حديث رقم : (102في ضعيف الجامع .
وقال الحسن البصري -رحمه الله – ( أفضل العلم الورع والتفكر )أخرجه أبو خيثمة في كتاب العلم: (ج1/ص29 )(ح119).
وتعلم أوجب العلم وأفضله أفضل من تعلم أوجب العبادات ، لأنه لا يمكن لأحد لأن يتعبد لله بما يحبه والله ويرضاه من العبادات الظاهرة والباطنة إلا بعد العلم بها ، وتعلم مستحبه أفضل من المستحبات ، وأفضل من ذلك من بنى دينه على العلم المؤصل المبني على التقوى والتجرد من الذات ، وصدق اللجوء ، وتجريد الاتباع ، بحرص شديد على التدرج فيه والتحصيل المثمر للورع والخشية بالعمل به .
قال صلى الله عليه وسلم :((فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة و خير دينكم الورع)) .أخرجه البزار ، والطبراني في الأوسط والحاكم ) عن حذيفة وعن سعد ، والبيهقي في الزهد الكبير (831) عن سعد.قال الشيخ الألباني : صحيح ، انظر حديث رقم : (4214) في صحيح الجامع .
توضيح واهتداء : إن تعقيب النبي - صلى الله عليه وسلم – الورع على فضل العلم الذي هو أحب إليه من فضل العبادة ، والذي جعله من خير الدين لدليل على أن العلم من أعظم الأسباب التي تحض وتحث على الورع ، قال تعالى :(( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)).
قال الطبراني –رحمه الله - في التفسير المنسوب إليه في تفسيرها : قال مقاتلُ : (أشَدُّ الناسِ للهِ خِشْيَةً أعْلَمُهُمْ بهِ) ، وقال مسروقُ : (كَفَى بخِشْيَةِ اللهِ عِلْماً ، وَكَفَى بالاغْتِرَار باللهِ جَهْلاً).
قال ابن كثير -رحمه الله -(6/544) أي: إنما يخاف الله فيتقي عقابه بطاعته ويخشاه حق خشيته العلماء العارفون به؛ الموقنون بعقابه على معصيته لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى والجلال والكمال ، كلما كانت المعرفة به أتمّ والعلم به أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر. نقلته بتصرف .وقال بعض الحكماء : وَقِيلَ إذَا كَانَتْ الْخَشْيَةُ مِنْ لَوَازِمِ الْعِلْمِ فَإِذَا انْتَفَى اللَّازِمُ أَيْ الْخَشْيَةُ انْتَفَى الْمَلْزُومُ أَيْ الْعِلْمُ؛ فَالْعِلْمُ مَا يَكُون سَبَبًا لِلْخَشْيَةِ ، وَمَا عَدَاهُ لَيْسَ بِعِلْمٍ وَإِنْ عَدُّوهُ عِلْمًا .قِيلَ وَمَا يُقَالُ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَشْيَةَ فِي الْعُلَمَاءِ ، وَلَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ عَالِمٍ فِيهِ خَشْيَةٌ فَمَدْفُوعٌ بِأَنَّ مَأْخَذَ الِاشْتِقَاقِ يُفِيدُ الْعِلِّيَّةَ وَذَكَرَ الْخَشْيَةَ ؛ لِأَنَّهَا مِلَاكُ الْأُمُورِ إذْ الْخَشْيَةُ جَالِبَةٌ لِكُلِّ خَيْرٍ وَعَدَمُهَا لِكُلِّ مَكْرُوهٍ . قَالُوا الرِّعَةُ ، وَالْفِقْهُ ، وَالِاسْتِقَامَةُ ، وَالتُّقَى كُلُّهَا مُسَخَّرَةٌ لِلْخَشْيَةِ فَمَنْ رُزِقَ لَهُ الْخَشْيَةُ مَلَكَ كُلَّ شَيْءٍ فَإِذَا حُصِرَ ذَلِكَ بِالْعُلَمَاءِ لَزِمَ اخْتِصَاصُ الْفَضْلِ بِهِمْ ضَرُورَةً .
لأنهم طلبوا العلم بالتقى فأورثهم علم النبوة وحسن الفهم للكف والامتناع عن خوارم المروءة ، وصغار الخسة إلى ترك المباح وما ليس به بأس فألبسهم ثوب الروع الذي اتقوا به الشبهات أي كانت ، فكانوا أفضل الناس مراقبة لربهم وأحسنهم أدبا مع من حولهم من أهل الإيمان والإحسان والسنة والقرآن ..
وهذا لا يعني أنه لا يوجد في غيرهم الورع بل هناك من عوام المسلمين من هم اتقى وأرعى لله من كثير ممن ينتسب لطلب العلم اليوم ، يشهد لهذا ما قاله أبو العلاء المعري في ديوانه ( 1/363) قصيدة بعنوان : اللَّهُ يَشهدُ أني جاهلٌ وَرعُ.قال فيها :
اللَّهُ يَشهدُ أني جاهلٌ وَرعُ...فليحضُرِ الناسُ إقراري وإشهادي
هذا وإن خير الدين الورع ، كما قال - صلى الله عليه وسلم -(( وإن خير دينكم الروع)) أخرجه أبو الشيخ في الثواب عن سعد . قال الشيخ الألباني : صحيح ، انظر حديث رقم : ( 330 في صحيح الجامع .
وكلما ازداد ورعُ العبد كلما ازدادت عبادته لربه وخشيته له ويدل عليه وقوله – صلى الله عليه وسلم - لأبي هريرة -رضي الله عنه-:(( كن ورعا)) وفي رواية المحاربي :(( يا أبا هريرة كن ورعا تكن أعبد الناس وكن قنعا تكن أشكر الناس وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا..)) أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"( 252) والبيهقي في الزهد الكبير (832) قال الشيخ الألباني: صحيح انظر حديث رقم:(4580)في صحيح الجامع،وصحيح ابن ماجة(339والصحيحة(506- 927-2046)
وهذا يعني أن : العلم لا ينال بالكسل والدَّلع ، ولكن ينال بالجد والورع ، ولا يناله متكبر ولا عاص ، ولكن يناله التقي بالإخلاص
قال الشافعي – رحمه الله - في ديوانه (1/61):
شَكَوْتُ إلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي ... فَأرْشَدَنِي إلَى تَرْكِ المعَاصي
وَأخْبَرَنِي بأَنَّ العِلْمَ نُورٌ ... ونورُ الله لا يهدى لعاصي
تعريف الورع:الوَرَعُ ، مُحَرَّكَةٌ : التَّقْوَى ، والتَّحَرُّجُ ، والكَفُّ عن المَحَارِمِ ، وقد!وَرِعَ الرَّجُلُ ، كوَرِثَ . وأصْلُ الوَرَعِ : الكَفُّ عن المَحَارِمِ ، ثم استُعِيرَ للكَفِّ عن الحَلالِ والمُباحِ . تاج العروس وجواهر القاموس (22/31 المعجم الوسيط (2/1025).والوَرِعُ بكسر الراء: الرجل التقيّ. وقد وَرِعَ يَرِعُ بالكسر فيهما وَرِعاً ورِعَةً. يقال: فلان سيِّء الرِعَةِ، أي قليل الوَرَع. وتَوَرَّعَ من كذا، أي تحرَّج. الصحاح في اللغة (2/275) .
والرِّعَةُ ، بالكَسْرِ : الهَدْيُ ، وحُسْنُ الهَيْئَةِ ، أو سُوءُهَا قالَهُ الأصْمَعِيُّ ، وهُوَ ضِدٌّيبينها قوله صلى الله عليه وسلم(( ... أنا قاسم والله يعطى ، فمن جاءه منا شيء بحسن هدى وحسن رعة فذلك الذي يبارك له فيه ، ومن جاءه منا شيء بسوء هدى وسوء رعة فذلك الذي يأكل ولا يشبع)) أخرجه الطبرانى (19/389) رقم (914) .قال عبد المجيد السلفي وأخرجه أيضا في مسند الشاميين (1124). قال الهيثمى (8/263) : رواه الطبرانى بإسنادين أحدهما حسن .
وفي تاج العروس وجواهر القاموس (22/31 قال : وفي حديثِ الحَسَنِ البَصري :((ازْدَحَمُوا علَيْهِ ، فرَأى مِنْهُمْ ))رِعَةً سَيِّئَةً ، فقالَ : اللَّهُمَّ إليْكَ ، يُرِيدُ بالرِّعَةِ هُنَا : الاحْتِشَامَ والكَفَّ عنْ سُوءِ الأدَبِ ، أي : لَمْ يُحْسِنوا ذلكَ ، وفي حديثِ الدُّعَاءِ : وأعِذْنِي منْ سُوءِ الرِّعَةِ . أي : منْ سُوءِ الكَفِّ عَمّا لا يَنْبَغِي . النهاية في غريب الأثر - ابن الأثير(5/385).
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ : مَنْ لَمْ يُؤْتَ مِنْ الْعِلْمِ مَا يَقْمَعُهُ ، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ لَا يَنْفَعُهُ .وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : الْفَقِيهُ بِغَيْرِ وَرَعٍ كَالسِّرَاجِ يُضِيءُ الْبَيْتَ وَيُحْرِقُ نَفْسَهُ .
وقال الغزالي في الإحياء : وأما الحلال والحرام فالورع عن الحرام من الدين ولكن الورع له أربع مراتب .
الأولى : الورع الذي يشترط في عدالة الشهادة وهو الذي يخرج بتركه الإنسان عن أهلية الشهادة والقضاء والولاية وهو الاحتراز عن الحرام الظاهر.
الثانية ورع الصالحين : وهو التوقي من الشبهات التي يتقابل فيها الاحتمالات قال صلى الله عليه و سلم :(( دع ما يريبك إلى مالا يريبك)) أخرجه الترمذي وصححه والنسائي وابن حبان من حديث الحسن بن علي. وقال صلى الله عليه و سلم:((الإثم حزاز القلوب)) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان من حديث ابن مسعود ورواه العدني في مسنده موقوفا عليه .
الثالثة ورع المتقين: وهو ترك الحلال المحض الذي يخاف منه أداؤه إلى الحرام قال صلى الله عليه و سلم:(( لا يكون الرجل من المتقين حتى يدع ما لا بأس به مخافة مما به بأس ))أخرجه الترمذي وحسنه وابن ماجه والحاكم وصححه من حديث عطية السعدي . وذلك مثل التورع عن التحدث بأحوال الناس خيفة من الانجرار إلى الغيبة والتورع عن أكل الشهوات خيفة من هيجان النشاط والبطر المؤدي إلى مقارفة المحظورات .
الرابعة ورع الصديقين: وهو الإعراض عما سوى الله تعالى خوفا من صرف ساعة من العمر إلى ما لا يفيد زيادة قرب عند الله عز و جل وإن كان يعلم ويتحقق أنه لا يفضي إلى حرام فهذه الدرجات كلها خارجة عن نظر الفقيه إلا الدرجة الأولى وهو ورع الشهود والقضاء ، وما يقدح في العدالة والقيام بذلك لا ينفي الإثم في الآخرة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لوابصة :(( استفت قلبك وإن أفتوك وإن أفتوك ..)) أخرجه أحمد . من إحياء علوم الدين بتخريج العراقي رحمه الله .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَعْرُوفُ بِمِرْبَعٍ : كُنْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَبَيْنَ يَدَيْهِ مِحْبَرَةٌ فَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثًا فَاسْتَأْذَنْتُهُ بِأَنْ أَكْتُبَ مِنْ مِحْبَرَتِهِ ، فَقَالَ : اُكْتُبْ يَا هَذَا فَهَذَا وَرَعٌ مُظْلِمٌ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَارِقٍ الْبَغْدَادِيُّ : كُنْتُ جَالِسًا إلَى جَانِبِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَسْتَمِدُّ مِنْ مِحْبَرَتِك ؟ فَنَظَرَ إلَيَّ وَقَالَ : لَمْ يَبْلُغْ وَرَعِي وَرَعَك هَذَا .وَعَنْ وَكِيعٍ وَجَاءَ إلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ : إنِّي أَمُتُّ إلَيْكَ بِحُرْمَةٍ قَالَ : وَمَا حُرْمَتُكَ قَالَ : كُنْتَ تَكْتُبُ مِنْ مِحْبَرَتِي فِي مَجْلِسِ الْأَعْمَشِ ، فَوَثَبَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَأَخْرَجَ صُرَّةً فِيهَا دَنَانِيرُ وَقَالَ لَهُ : اُعْذُرْنِي فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ غَيْرَهَا . الآداب لابن مفلح 2/246).
قلت: ما أعظم ورع السلف ، واتقاهم لربهم في الدنيا ويوم يلقونه ، وما ذلك إلا لأنهم كانوا بالله أعرف وله أطوع وأخوف..
وصدق فيهم قول القائل:
جَلْدٌ جَمَيلُ المُحيّا كَامِلٌ وَرِعٌ ... عالمٌ مخبتٌ للرسول متبعٌ .
وقول الآخر :
هم الأئمة من زهدٍ ومن ورعٍ -- لو كان ينخدع السني اللبق
وما كنت أعلم أن يقضي الله لنا-- يوماً فتختلف الأهواء والطرق
هل عق منهجه أو خان أمته-- إلا امرؤٌ ماله دينٌ ولا خلق
وهذا وإني لا أدع العلم ولا التقدم فيه حاشا وكلا ، فأنا أعرف نفسي والله أعلم مني بها ، ولذلك أكرر هنا ما قاله أبو العلا المعري حقيقة وليس تواضعا كما قد يدعيه البعض :
اللَّهُ يَشهدُ أني جاهلٌ وَرعُ...فليحضُرِ الناسُ إقراري وإشهادي
نسأل الله تعالى أن يرزقنا العلم النافع والورع والتقوى ، وأن يهدينا للطريق الأقوم والأقوى ، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير .والصلاة والسلام على البشير النذير .
كتبه /أبو بكر يوسف لعويسي وفقه الله
المصدر: منتديات نور اليقين