الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين، أما بعد
فالناظر في الشابكة العالمية يُلاحظ انتشار آفات كثيرة بين المتصفحين والكتاب، ولست هنا بصدد تتبع كل ذلك فهذا مما يصعب حصره ، ولكن هناك آفة اشترك فيها كثير من المتصفحين سواء كانوا من أهل الإسلام أو الكفر، من طلبة العلم الشرعي أو الدنيوي، وهذه الخصلة هي خصلة الكسل والتواكل، وضعف الهمة وترك العمل، ويهمني هنا طلبة العلم الشرعي، فأريد في هذه المناسبة لفت إخواني القراء إلى صورة من صور الكسل والتواكل وهي تتمثل في الإكثار من الأسئلة والطلبات دون بحث وتتبع .
وهذه الخصلة مُشعرة بـــــــــــــ :
1- ضعف الهمة.
2- قلة الإخلاص.
ثم هي :
1- تكشف مقدار السائل ومنزلته.
2- تورث ضعف الفهم وبلادة الذهن.
فأما إشعارها بضعف الهمة:
فلأنّ كثيرًا من الأسئلة التي تُوضع في هذه المنتديات والشبكات ممَن نحسبهم (طلبة العلم) يُمكن الوقوف على حلّها وما يزيل الخفاء فيها بأدنى همة وبأقل حركة، كأن يكون السؤال عن شرح عبارة في حديث، فلو رجع لشرح ذلك الكتاب كشرح مسلم للنووي ، أو شرح أبي داود..الخ لوجد جواب إشكاله مباشرة..وهكذا في المسائل الفقهية أو العقدية، يكون التقصير في التفتيش ظاهر جدًا، ولسنا في زمان نعتذر فيه عن السائل بقلة المصادر فالآن الشابكة العالمية هذه فيها آلاف بل مئات الآلاف من الكتب، ومواقع تيسر التصفح المباشر للكتب، وبإمكان الطالب الرجوع دائما في آخر المطاف للمصدر للتوثيق.
وأما إشعارها بقلة الإخلاص:
فلأنّ من الناس مَن يسأل ليُظهر اطلاعه أو أنّه يقرأ في مسائل دقيقة، أو أنّه مُقبل على بحوث وكتابات ..الخ.
وأما كونها تكشف عن حقيقة السائل:
فهذه هي الطامة عليه، ومن عجائب قدر الله! ، وهي من باب معاملة المتعجل و الخاطئ بنقيض قصدهما، فهو يريد أن يرفع نفسه فيضعه الله من أعين خلقه، فمن الأسئلة ما تفضح السائل، فيكون معظما لنفسه ، مفاخرًا بها، مترفعًا في شأنه جدًا، فتأتي قاصمة الظهر فيسأل سؤال الطفل الصغير، وفي هذا أسند الخطيب في "نصيحته لأهل الحديث"إلى : أحمد بن حرب الموصلي قال سمعت محمد بن عبيد يقول: جاء رجل وافر اللحية الى الأعمش فسأله عن مسألة من مسائل الصبيان يحفظها الصبيان، فالتفت إلينا الأعمش فقال: انظروا الى لحيته تحتمل حفظ أربعة ألآف حديث ومسألته مسألة الصبيان ا.هــ
فتجد فلانًا من الناس يتصدر للكتابة في العقيدة وهو يجهل أصول ومسائل مهمة فيها، وهكذا في بقية أصناف العلم الشرعي، ولن أُبالغ وأقول كما يقول كثيرون: يجهل (أصول) و(مبادئ) هذا العلم...لا! فكثير ما يتحامل الناس !! لكن يجهل مسائل لا تخفى على مَن يريد التصدر للكتابة في هذا الشأن، والطالب الصغير والعامي يُحتمل منه ما لا يُحتمل من المدرس فضلا عمّن يريد الكتابة في ذلك الباب من العلم ورحم الله مَن قال:
وأما كونها تُورث البلادة:
فلأنه يعتاد الكسل ؛ فلو أنّ المدرس والشيخ كلّما سأل التلميذ أجاباه لَمَا انقدح زناد ذهنه ولما انطلقت خلايا بدنه تشوفًا واشتياقا للعلم وحل مشكلاته، ومَن عانى البحث علم كم يستفيد الباحث في خلال تتبعه لمسألة من مسائل العلم، فيُقيد الفوائد الجمة والمتنوعة ، فكأنه يرتاع في حقول العلم ويقتطف زهور الفكر التي دونتها أقلام العلماء، أما مَن كان شأنه كثرة السؤال فيقل تأمله وتدبره وبحثه مما يورثه البلادة، وقلة الفهم، وجمود الفكر وقل أن يُفلح مثل هذا في العلم، ولا يستقيم عوده فهو يحتاج في كل صغيرة وكبيرة لفلان أو فلان ليفهمه إياها والله المستعان!
فنصيحتي لإخواني الاجتهاد في البحث والاطلاع قبل وضع أسئلتهم واستشكالاتهم، وإلا فكم هي سعادة المسلم بنفع إخوانه، وتفهيمهم فهذا من زكاة العلم، لكن أين هي تلك الإشكالات والأسئلة التي تنُم عن اجتهاد في الطلب وجد في العلم؟! فالإشكال إذا كان هكذا فهو علم، قال القرافي في "أنوار البروق":فَإِنَّ مَعْرِفَةَ الْإِشْكَالِ عِلْمٌ فِي نَفْسِهِ وَفَتْحٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى"
ثم إني لست أعني بكلامي هذا فقط الكتابة في الشابكة، لا! بل عمومًا سواء السؤال المباشر للشيخ في الدرس أو في الجامعة أو غير ذلك بالمكاتبات ونحوها ، فمتى ماورد عليك إشكال في كلام الشيخ أو الكاتب، فانظر وارجع للمراجع التي هي من مظان المسألة، ولا تتعجل بالسؤال فهذه سيما الكسول، وعلى المدرسين حث الطلبة على القراءة ، وإحالتهم إلى المراجع التي يجدون فيها جواب مسألتهم، وكان المحدث المربي الشيخ مقبل -رحمه الله- يفعل هذا كثيرًا جدًا، فيُحيل السائل إلى عدد من المراجع حتى يكمُل انتفاعه..فهذه مسئولية مشتركة بين العالم والمتعلم، والمدرس والتلميذ!
وأستغرب جدًا من بعض الإخوان من جهة تعجلهم بوضع الأسئلة المتكررة والمشهورة، فكنّا نعاني من الاعتماد على العلامة (جوجل)! في البحوث، وصرنا نجد كسالى لا يريدون الاستفادة حتى من هذه الوسيلة التي لا تتطلب جهدًا، فتكون المسألة مثلا قد أجاب عنها العلماء في مواطن متعددة في مواقعهم ، ولكن يأبى السائل وضع تلك الكلمات في محرك البحث وينظر، ولا أقول : اعتمد عليه، لكن خذ المصادر وارجع لها إلا أن يكون المرجع معتمدًا فلا بأس حينها ، فهذه وسيلة سخرها الله لنا، توفر لك الكثير من الوقت، فلماذا الكسل؟، فنحن بين غال وجاف وخير الأمور أوسطها.
ثم أُنبه أخيرًا أني أريد بهذه المقالة طلبة العلم وأما العامي -وإن أحببنا له الاهتمام بالعلم والقراء- فإنّ له سؤال غيره عما يُشكل عليه صغر أم كبر! كما هو حال العالم مع الطبيب والمهندس..الخ، فليس في هذا إثم ولا عيب عليه، فكل ميسر لما خُلق له، وهكذا أُنبه إلى أنّي حين كتبت هذا لم أنس بأنّ مدارك الطلبة تتفاوت وفهمهم يختلف، وما يكون إشكالا في مرحلة من مراحل الطلب يكون من أوضح الواضحات عند من هو أرفع منه، لكن كلامي على ترك البحث في أقرب المصادر وأدناها..وأما الإشكالات التي قد لا يحيط التلميذ بمظانها أو يخفى عليه وجه استنباطها فهذه لا حرج فيها والله تعالى أعلى وأعلم والحمدلله رب العالمين
فالناظر في الشابكة العالمية يُلاحظ انتشار آفات كثيرة بين المتصفحين والكتاب، ولست هنا بصدد تتبع كل ذلك فهذا مما يصعب حصره ، ولكن هناك آفة اشترك فيها كثير من المتصفحين سواء كانوا من أهل الإسلام أو الكفر، من طلبة العلم الشرعي أو الدنيوي، وهذه الخصلة هي خصلة الكسل والتواكل، وضعف الهمة وترك العمل، ويهمني هنا طلبة العلم الشرعي، فأريد في هذه المناسبة لفت إخواني القراء إلى صورة من صور الكسل والتواكل وهي تتمثل في الإكثار من الأسئلة والطلبات دون بحث وتتبع .
وهذه الخصلة مُشعرة بـــــــــــــ :
1- ضعف الهمة.
2- قلة الإخلاص.
ثم هي :
1- تكشف مقدار السائل ومنزلته.
2- تورث ضعف الفهم وبلادة الذهن.
فأما إشعارها بضعف الهمة:
فلأنّ كثيرًا من الأسئلة التي تُوضع في هذه المنتديات والشبكات ممَن نحسبهم (طلبة العلم) يُمكن الوقوف على حلّها وما يزيل الخفاء فيها بأدنى همة وبأقل حركة، كأن يكون السؤال عن شرح عبارة في حديث، فلو رجع لشرح ذلك الكتاب كشرح مسلم للنووي ، أو شرح أبي داود..الخ لوجد جواب إشكاله مباشرة..وهكذا في المسائل الفقهية أو العقدية، يكون التقصير في التفتيش ظاهر جدًا، ولسنا في زمان نعتذر فيه عن السائل بقلة المصادر فالآن الشابكة العالمية هذه فيها آلاف بل مئات الآلاف من الكتب، ومواقع تيسر التصفح المباشر للكتب، وبإمكان الطالب الرجوع دائما في آخر المطاف للمصدر للتوثيق.
وأما إشعارها بقلة الإخلاص:
فلأنّ من الناس مَن يسأل ليُظهر اطلاعه أو أنّه يقرأ في مسائل دقيقة، أو أنّه مُقبل على بحوث وكتابات ..الخ.
وأما كونها تكشف عن حقيقة السائل:
فهذه هي الطامة عليه، ومن عجائب قدر الله! ، وهي من باب معاملة المتعجل و الخاطئ بنقيض قصدهما، فهو يريد أن يرفع نفسه فيضعه الله من أعين خلقه، فمن الأسئلة ما تفضح السائل، فيكون معظما لنفسه ، مفاخرًا بها، مترفعًا في شأنه جدًا، فتأتي قاصمة الظهر فيسأل سؤال الطفل الصغير، وفي هذا أسند الخطيب في "نصيحته لأهل الحديث"إلى : أحمد بن حرب الموصلي قال سمعت محمد بن عبيد يقول: جاء رجل وافر اللحية الى الأعمش فسأله عن مسألة من مسائل الصبيان يحفظها الصبيان، فالتفت إلينا الأعمش فقال: انظروا الى لحيته تحتمل حفظ أربعة ألآف حديث ومسألته مسألة الصبيان ا.هــ
فتجد فلانًا من الناس يتصدر للكتابة في العقيدة وهو يجهل أصول ومسائل مهمة فيها، وهكذا في بقية أصناف العلم الشرعي، ولن أُبالغ وأقول كما يقول كثيرون: يجهل (أصول) و(مبادئ) هذا العلم...لا! فكثير ما يتحامل الناس !! لكن يجهل مسائل لا تخفى على مَن يريد التصدر للكتابة في هذا الشأن، والطالب الصغير والعامي يُحتمل منه ما لا يُحتمل من المدرس فضلا عمّن يريد الكتابة في ذلك الباب من العلم ورحم الله مَن قال:
تصدر للتدريس كل مهوسٍ ... بليدٍ يسمى بالفقيه المدرس
فحق لأهل العلم أن يتمثلوا ... ببيتٍ قديمٍ شاع في كل مجلسٍ
لقد هزلت حتى بدا من هزالها ... كلاهما وحتى سامها كل مفلس
فحق لأهل العلم أن يتمثلوا ... ببيتٍ قديمٍ شاع في كل مجلسٍ
لقد هزلت حتى بدا من هزالها ... كلاهما وحتى سامها كل مفلس
وأما كونها تُورث البلادة:
فلأنه يعتاد الكسل ؛ فلو أنّ المدرس والشيخ كلّما سأل التلميذ أجاباه لَمَا انقدح زناد ذهنه ولما انطلقت خلايا بدنه تشوفًا واشتياقا للعلم وحل مشكلاته، ومَن عانى البحث علم كم يستفيد الباحث في خلال تتبعه لمسألة من مسائل العلم، فيُقيد الفوائد الجمة والمتنوعة ، فكأنه يرتاع في حقول العلم ويقتطف زهور الفكر التي دونتها أقلام العلماء، أما مَن كان شأنه كثرة السؤال فيقل تأمله وتدبره وبحثه مما يورثه البلادة، وقلة الفهم، وجمود الفكر وقل أن يُفلح مثل هذا في العلم، ولا يستقيم عوده فهو يحتاج في كل صغيرة وكبيرة لفلان أو فلان ليفهمه إياها والله المستعان!
فنصيحتي لإخواني الاجتهاد في البحث والاطلاع قبل وضع أسئلتهم واستشكالاتهم، وإلا فكم هي سعادة المسلم بنفع إخوانه، وتفهيمهم فهذا من زكاة العلم، لكن أين هي تلك الإشكالات والأسئلة التي تنُم عن اجتهاد في الطلب وجد في العلم؟! فالإشكال إذا كان هكذا فهو علم، قال القرافي في "أنوار البروق":فَإِنَّ مَعْرِفَةَ الْإِشْكَالِ عِلْمٌ فِي نَفْسِهِ وَفَتْحٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى"
ثم إني لست أعني بكلامي هذا فقط الكتابة في الشابكة، لا! بل عمومًا سواء السؤال المباشر للشيخ في الدرس أو في الجامعة أو غير ذلك بالمكاتبات ونحوها ، فمتى ماورد عليك إشكال في كلام الشيخ أو الكاتب، فانظر وارجع للمراجع التي هي من مظان المسألة، ولا تتعجل بالسؤال فهذه سيما الكسول، وعلى المدرسين حث الطلبة على القراءة ، وإحالتهم إلى المراجع التي يجدون فيها جواب مسألتهم، وكان المحدث المربي الشيخ مقبل -رحمه الله- يفعل هذا كثيرًا جدًا، فيُحيل السائل إلى عدد من المراجع حتى يكمُل انتفاعه..فهذه مسئولية مشتركة بين العالم والمتعلم، والمدرس والتلميذ!
وأستغرب جدًا من بعض الإخوان من جهة تعجلهم بوضع الأسئلة المتكررة والمشهورة، فكنّا نعاني من الاعتماد على العلامة (جوجل)! في البحوث، وصرنا نجد كسالى لا يريدون الاستفادة حتى من هذه الوسيلة التي لا تتطلب جهدًا، فتكون المسألة مثلا قد أجاب عنها العلماء في مواطن متعددة في مواقعهم ، ولكن يأبى السائل وضع تلك الكلمات في محرك البحث وينظر، ولا أقول : اعتمد عليه، لكن خذ المصادر وارجع لها إلا أن يكون المرجع معتمدًا فلا بأس حينها ، فهذه وسيلة سخرها الله لنا، توفر لك الكثير من الوقت، فلماذا الكسل؟، فنحن بين غال وجاف وخير الأمور أوسطها.
ثم أُنبه أخيرًا أني أريد بهذه المقالة طلبة العلم وأما العامي -وإن أحببنا له الاهتمام بالعلم والقراء- فإنّ له سؤال غيره عما يُشكل عليه صغر أم كبر! كما هو حال العالم مع الطبيب والمهندس..الخ، فليس في هذا إثم ولا عيب عليه، فكل ميسر لما خُلق له، وهكذا أُنبه إلى أنّي حين كتبت هذا لم أنس بأنّ مدارك الطلبة تتفاوت وفهمهم يختلف، وما يكون إشكالا في مرحلة من مراحل الطلب يكون من أوضح الواضحات عند من هو أرفع منه، لكن كلامي على ترك البحث في أقرب المصادر وأدناها..وأما الإشكالات التي قد لا يحيط التلميذ بمظانها أو يخفى عليه وجه استنباطها فهذه لا حرج فيها والله تعالى أعلى وأعلم والحمدلله رب العالمين
تعليق