بسم الله الرحمن الرحيم
طلب الأدب
(بتقديم الشيخ الفاضل خالد العكاري حفظه الله)
قال الشيخ حفظه الله: ((الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد خاتم النبيين إمام المتقين وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فقد اطلعت على مقال للأخ الفاضل والصديق العزيز عزالدين أبوزخار - وفقه الله لمراضيه - الموسوم بـ (طلب الأدب) فوجدته قد حوى دررًا ونفائس من نصوص الوحيين وآثار السلف الصالح مما يكون مذكرًا لطلبة العلم أن لا يهملوا هذا الجانب فالأدب قبل العلم وبعده ومعه، وعلم بلا أدب لا بركة فيه وقد ترك كثير من العلماء كتب بعض أهل العلم لفظاظة وغلظة في كتاباتهم مما قد يكون سببًا لنزع البركة من العلم، وقد قال من قال من السلف: (ليكن أدبك دقيقًا وعلمك ملحًا) – أي ليكن أدبك كثيرًا كالدقيق ولو كان علمك قليلًا كالملح -.
وقد قيل:
يا معشر القراء يا ملح البلد *** ما يصلح الملح إن الملح فسد
ويوجد صنف من طلبة العلم يتصنع الأدب كما تتصنع جماعة التبليغ الخلق ولكنه سرعان ما ينكشف حاله بأول امتحان فتكشفهم الفتن.
ومن تزيا بغير ما هو فيه *** فضحته شواهد الامتحان
فعليك يا طالب العلم بمراعاة الإخلاص في طلبك للعلم وفي كل شيء أمورك وإلا فلا تتعن، وعليك بمراعاة الأدب مع العلماء ومع طلبة العلم ومع عامة الناس، {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159] ، وكم نفرت الغلظة والجفوة الناس عن الدعوة والرفق لا يأتي إلا بخير ولا تنزع الرحمة إلا من شقي.
وأسأل الله تعالى أن يوفق أخي عزالدين للاستمرار في الذب عن الدين وأن ينفع بمقاله هذا وسائر كتاباته إنه جواد كريم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتبه ذلكم أبو ريحانة خالد بن نوري بن محمد العكاري الطرابلسي كان الله له)) .
المقال
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فالأدب اسم جامع لفعل الجميل وترك القبيح.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ((فتح الباري)) (10/ 400): ((والأدب استعمال ما يحمد قولا وفعلا وعبر بعضهم عنه بأنه الأخذ بمكارم الأخلاق وقيل الوقوف مع المستحسنات وقيل هو تعظيم من فوقك والرفق بمن دونك وقيل إنه مأخوذ من المأدبة وهي الدعوة إلى الطعام سمي بذلك لأنه يدعى إليه)) اهـ.
وحاجة الناس عامة وطلاب العلم خاصة لحسن الأدب وجميل الخلق أشد من حاجتهم للطعام والشراب بل والهواء، لأن الطعام والشراب والنفس لحياة البدن وفي حسن الخلق
ورفيع الأدب حياة القلب والروح والسعادة في الدنيا والآخرة.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله في ((مدارج السالكين)) (2/ 36: ((وأدب المرء: عنوان سعادته وفلاحه. وقلة أدبه: عنوان شقاوته وبواره.
فما استجلب خير الدنيا والآخرة بمثل الأدب، ولا استجلب حرمانهما بمثل قلة الأدب)) اهـ.
وبحسن الأدب وجميل الخلق ينال أرفع الدرجات وأعلى مراتب الجنان.
عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا زعيم ببيت في ربضِ الجنةِ لمن ترك المراء، وإن كان مُحقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه)).
أخرجه أبو داود في ((السنن)) وحسنه الألباني.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون)).
قالوا: يا رسول الله، قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟
قال: ((المتكبرون)).
أخرجه الترمذي في ((الجامع)) وصححه الألباني.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح رياض الصالحين)) (3/ 571): ((من أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاسنهم أخلاقاً، فكلما كنت أحسن خلقاً؛ كنت أقرب إلى الله ورسوله من غيرك، وأبعد الناس منزلة من رسول الله صلى الله عليه وسلم الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون)) اهـ.
ولهذا كانت عناية أهل العلم بحسن الأدب عناية كبيرة فصنفوا فيه الكتب وألفوا فيه المؤلفات الكثيرة ما بين مختصرة ومطولة، ومنظوم ومنثور.
وخصص العلماء والمحدثون كتبا تهتم بآداب طلب العلم، بل وصنفوا في آداب العالم والمفتي والقاضي وبينوا فيها جملة من الآداب ومن هذه المؤلفات.
* أدب القاضي للخصاف، ت 261 هـ.
* آداب المعلمين، لمحمد بن سحنون ت 265 هـ.
* أدب القاضي، لابن القاص ظ£ظ£ظ¥ ﻫ.
* آداب حملة القرآن، للآجري ت 360 هـ.
* أدب المفتي والمستفتي للصيمري، ت 386 هـ.
* الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين لأبي الحسن علي القابسي، ت 403 هـ.
* الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي، ت 463 هـ.
* الفقيه والمتفقه الخطيب للبغدادي، له أيضًا.
* أدب المجالسة وحمد اللسان لابن عبد البر، ت 463 هـ.
* أدب الإملاء والإستملاء، للسمعاني ت 489 هـ.
* أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ت سنة 643 هـ.
* التبان في آداب حملة القرآن، للنووي ت سنة 676هـ.
* آداب الفتوى والمفتي والمستفتي له أيضًا.
* صفة المفتي والمستفتي لأحمد بن حمدان بن شبيب بن حمدان الحراني الحنبلي ت 695 هـ.
* تذكرة السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم، ابن جماعة الكناني ت ظ§ظ£ظ£ هـ.
* أدب الطلب ومنتهى الأدب للشوكاني ت1250 هـ.
والمؤلفات في هذا الباب كثيرة ولعله يصعب استقصاؤها وتتبعها ولو جمعت لخرجت في كراس، ولكن كما يقال: يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.
وإن القلب يعتصر ألما على حال بعض طلبة العلم وهو قليل الأدب ويسيء لمن حوله مع فجور في الخصومة وتبرير لمخالفاته بالكذب.
عليك يصيبنا الأسف *** ومنا الدمع ينذرف
على علم بلا أدب *** وعقل حشوه خرف
فثوبك كله رقع *** وشعرك كله حشف
وبيتك مثل بيت العن *** كبوت هوت به السقف
ومهما قلت من كلم *** فقدرك دون ما أصف
ولو صورت من ذهب *** فقد أزرى بك الصلف
وسوف تظل محتقرا *** وإن نشرت لك الصحف
ولست أقول من أعني *** فكل الناس قد عرفوا
فلهذا يجب على طالب العلم أن يعنى بطلب الأدب، فالسلفي الحق الذي يهتم بتصحيح اعتقاده والاصابة في منهجه وحسن عمله ورفيع أدبه.
قال الخطيب البغدادي رحمه الله في ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)) (1/ 7: ((والواجب أن يكون طلبة الحديث أكمل الناس أدبا، وأشد الخلق تواضعا، وأعظمهم نزاهة وتدينا، وأقلهم طيشا وغضبا، لدوام قرع أسماعهم بالأخبار المشتملة على محاسن أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وآدابه، وسيرة السلف الأخيار من أهل بيته وأصحابه، وطرائق المحدثين، ومآثر الماضين، فيأخذوا بأجملها وأحسنها، ويصدفوا عن أرذلها وأدونها)) اهـ.
ومن نِعم الله تعالى على الحدث إذا استقام أن يسدد لصالح الأدب ويوفق لكريم الخلق.
والأدب على قسمين: أدب مع الخالق وأدب مع المخلوق.
والناس في هذين القسمين على أربعة أصناف:
الأول: جميل الأدب مع الله ومع عباد الله.
الثاني: جميل الأدب مع الله وسيء الأدب مع عباد الله.
الثالث: سيء الأدب مع الله وجميل الأدب مع عباد الله.
الرابع: سيء الأدب مع الله ومع عباد الله.
والرتبة العالية المنزلة الرفعية لمن جمل أدبه وحسن خلقه مع الخالق والمخلوق، وهذه منزلة الأنبياء والصدقين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال الله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم} [القلم: 4].
عن سعد بن هشام بن عامر، قلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت عائشة رضي الله عنها: (ألست تقرأ القرآن؟) قلت: بلى، قالت: (فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن).
أخرجه مسلم.
قال عطية العوفي رحمه الله كما في ((تفسير ابن كثير)) (8/ 18: لعلى أدب عظيم.
وقال العلامة ابن رجب رحمه الله في ((جامع العلوم والحكم)) : ((يعني: أنه يتأدب بآدابه، فيفعل أوامره، ويتجنب نواهيه، فصار العمل بالقرآن له خلقا كالجبلة والطبيعة لا يفارقه، وهذا أحسن الأخلاق وأشرفها وأجملها)) اهـ.
فمن جعل القرآن حاكما له حسن خلقه وأدبه بل حسن دينه كله.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله في ((مدارج السالكين)) (2/ 294): ((الدين كله خلق. فمن زاد عليك في الخلق: زاد عليك في الدين)) اهـ.
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا، وكان يقول: ((إن من خياركم أحسنكم أخلاقا)).
أخرجه البخاري.
فالزيادة في الأدب زيادة في الدين والنقص في الأدب نقص في الدين.
وهذه الحقيقة عرفها سلفنا الكرام والسابقين بإحسان، فجلسوا في حلق العلم لتعلم الأدب، ومنهم من قدم طلب الأدب على طلب العلم، فالذي يسيء لشيخه ولا يحسن معاملته يحرم من علمه.
عن الزهري: (كان أبو سلمة يماري ابن عباس فحرم بذلك علما كثيرا).
أخرجه ابن عبد البر في ((جامع بيان العلم وفضله)).
وقال ابن عبد البر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (1/ 520): وروينا من وجوه كثيرة عن أبي سلمة، أنه قال: (لو رفقت بابن عباس لاستخرجت منه علما كثيرا).
وقال عبد الله بن المبارك رحمه الله: (من تهاون بالأدب عوقب بحرمان السنن ومن تهاون بالسنن عوقب بحرمان الفرائض ومن تهاون بالفرائض عوقب بحرمان المعرفة)
أخرجه الهروي في ((ذم الكلام وأهله)) والبيهقي في ((الشعب)).
وعن الشافعي أنه قال: (العلم حر وطالب العلم عبد، فأنْ خدم العلمَ ملك العلم وإن تجبّر عليه فالعلم أشد تجبُّراً من أن يخضع لمن لا يخضع له).
أخرجه البيهقي في ((مناقب الشافعي)).
ولسلفنا الصالح جمل من الوصايا في الأدب قبل العلم ومع العلم.
قال ابن سيرين: (كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم).
(وبعث ابن سيرين رجلا فنظر كيف هدي القاسم وحاله).
أخرجه الخطيب البغدادي في ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)).
وعن الحسن البصري قال: (قد كان الرجل يطلب العلم، فلا يلبث أن يرى ذلك في تخشعه وهديه وفي لسانه وبصره وبره).
أخرجه أحمد في ((الزهد)) والبيهقي في ((الشعب)) ((المدخل إلى السنن الكبرى)) والخطيب البغدادي في ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)).
والهدي منه الأداب.
وقال الإمام مالك بن أنس رحمه الله: (كانت أمي تلبسني الثياب وتعممني وأنا صبي وتوجهني إلى ربيعة بن أبي عبد الرحمن وتقول يا بني ائت مجلس ربيعة فتعلم من سمته وأدبه قبل أن تتعلم من حديثه وفقهه).
أخرجه ابن عبد البر في ((التمهيد لما في الموطإِ من المعاني والأسانيد)).
وقال مالك بن أنس رحمه الله لفتى من قريش: (يا ابن أخي تعلم الأدب قبل أن تتعلم العلم).
أخرجه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)).
وعن مالك، قال: (إن حقا على من طلب العلم أن يكون له وقار وسكينة وخشية وأن يكون متبعا لأثر من مضى قبله).
أخرجه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) والخطيب البغدادي في ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)).
وقد أشرف الليث بن سعد على أصحاب الحديث، فرأى منهم شيئا فقال: (ما هذا؟ أنتم إلى يسير من الأدب أحوج منكم إلى كثير من العلم).
أخرجه الخطيب البغدادي في ((شرف أصحاب الحديث)) و ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)).
وقال ابن المبارك رحمه الله كما في ((غاية النهاية في طبقات القراء)) (1/ 446): (طلبت الأدب ثلاثين سنة، وطلبت العلم عشرين سنة، وكانوا يطلبون الأدب ثم العلم).
وقال ابن المبارك رحمه الله كما في ((صفة الصفوة)) (4/ 120): (كاد الأدب يكون ثلثي العلم).
وقال ابن مفلح رحمه الله في ((الآداب الشرعية)) (2/ 12): (كان يحضر مجلس أحمد زهاء خمسة آلاف أو يزيدون، أقلّ من خمسمائة يكتبون، والباقي يتعلّمون منه حسن الأدب وحسن السّمت).
وقال عبد الرحمن بن مهدي: (كان عليّ بن المدينيّ وغير واحد يحضرون عند يحيى بن سعيد القطّان ما يريدون أن يسمعوا شيئا إلّا أن ينظروا إلى هديه وسمته» ).
ذكره ابن مفلح في ((الآداب الشرعية والمنح المرعية)) (2/ 149).
وقال مخلد بن الحسين رحمه الله: (نحن إلى كثير من الأدب أحوج منا إلى كثير من الحديث).
أخرجه الخطيب البغدادي في ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)).
وعن سفيان الثوري، قال: (كان الرجل إذا أراد أن يكتب الحديث تأدب وتعبد قبل ذلك بعشرين سنة).
أخرجه أبو نعيم في ((حلية الأولياء وطبقات الأصفياء)) والخطيب البغدادي في ((الكفاية في علم الرواية)) والسلفي في ((الطيوريات)) والشجري في ((الأمالي)).
وعن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال: قال لي أبي: (يا بني إيت الفقهاء والعلماء، وتعلم منهم، وخذ من أدبهم وأخلاقهم وهديهم، فإن ذاك أحب إليَّ لك من كثير من الحديث).
أخرجه الخطيب البغدادي في ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)).
وقال أبو عبد الله البوشنجى: (من أراد العلم والفقه بغير أدب فقد اقتحم أن يكذب على الله ورسوله).
أخرجه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)).
وعن أبي زكريا العنبري، قال: (علم بلا أدب كنار بلا حطب، وأدب بلا علم كروح بلا جسم، وإنما شبهت العلم بالنار لما روينا عن سفيان بن عيينة أنه قال: ما وجدت للعلم شبها إلا النار، نقتبس منها ولا ننتقص عنها).
أخرجه الخطيب البغدادي في ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)) والسمعاني في ((أدب الإملاء والاستملاء)).
وعن الحجاج بن أرطاة، قال: (إن أحدكم إلى أدب حسن أحوج منه إلى خمسين حديثا).
أخرجه الخطيب البغدادي في ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)) والسمعاني في ((أدب الإملاء والاستملاء)).
وقال بعضهم لابنه: (يا بني! لأن تتعلم بابًا من الأدب، أحبُّ إليَّ من أن تتعلم سبعين بابًا من أبواب العلم).
ذكره ابن جماعة في ((تذكرة السامع والمتكلم)).
وجاء عن السلف الصالح الرحلة في طلب الأدب.
قال أبو عبيد- رحمه الله تعالى-: (كان أصحاب عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- يرحلون إلى عمر- رضي الله عنه- فينظرون إلى سمته وهديه ودلّه فيتشبّهون به).
ذكره أبو عبيدة القاسم بن سلام في ((غريب الحديث)).
وعن محمد بن عيسى قال: قدم ابن المبارك قدمة فقيل له: إلى أين تريد؟ قال: إلى البصرة. قيل له: من بقي؟ قال: ابن عون آخذ من أخلاقه، آخذ من آدابه.
ذكره ابن الجوزي في ((صفة الصفوة)) (2/ 184).
وقال عبد الرحمن بن مهدي: كنا نأتي الرجل ما نريد علمه ليس إلا أن نتعلم من هديه وسمته ودله، وكان علي بن المديني وغير واحد يحضرون عند يحيى بن سعيد القطان ما يريدون أن يسمعوا شيئا إلا ينظروا إلى هديه وسمته.
ذكره ابن مفلح في ((الآداب الشرعية والمنح المرعية)) (2/ 149).
وقال ابن الجوزي رحمه الله في ((صيد الخاطر)): (قد كان جماعة من السّلف يقصدون العبد الصّالح للنّظر إلى سمته وهديه، لا لاقتباس علمه، وذلك أنّ ثمرة علمه هديه وسمته).
وقد قيل: طلب الأدب أولى من طلب الذهب.
لهذا كانت الآداب الرفيعة العالية قد اختلطت بدمهم ولحمهم، وفي دعوتهم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق)).
أخرجه أحمد في ((المسند)) وصححه الألباني.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
???? كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
شحات ليبيا: يوم الأربعاء 14 ربيع الأول سنة 1443 هـ
الموافق لـ: 20 أكتوبر سنة 2021 ف
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
شحات ليبيا: يوم الأربعاء 14 ربيع الأول سنة 1443 هـ
الموافق لـ: 20 أكتوبر سنة 2021 ف